الأسلحة السويسرية في المستنقع اليمني
بقلم: مانون شيك*
ترجمة: أسماء بجاش-سبأ:
إنه لمن العار أن لا تستطيع سويسرا منع تصدير الأسلحة إلى البلدان التي تعيش حالة حرب أهلية, فقد كانت هذه القضية موضع تساؤل منذ أسابيع، إن لم تكن أيام أن صح القول، إلى أن وجدنا أسلحة سويسرية الصنع تم استخدامها في حرب اليمن.
ففي 10 من فبراير الحالي, كشفت إذاعة دويتشه فيله الألمانية عن وجود قنابل يدوية سويسرية الصنع تم استخدامها في الصراع المحتدم في اليمن.
وفي الأسبوع الماضي، نشرت منظمة العفو الدولية نتائج تحقيق جديد, سلطت الضوء فيه عن أن دولة الإمارات العربية المتحدة تنقل باستمرار الأسلحة التي يتم شراؤها من الدول الغربية إلى الميليشيات التي تقاتل في اليمن, حيث تعد سويسرا واحدة من الدول المصدرة للأسلحة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة.
لم يكن هذا الخبر مفاجئاً ولكنه كان بمثابة سابقة خطيرة, حيث لم يكن من المستغرب أن يتم استخدام الأسلحة السويسرية كبقية الأسلحة الأوربية والأمريكية ضد السكان المدنيين في اليمن.
يجب على السلطات السويسرية أن تتحرى بشأن الأسلحة المصدرة من أراضيها ولأي أيادي تم تسليمها وفيما يستخدمها المستورد وبالتأكيد بأن المقصود هنا هي دولة الإمارات العربية المتحدة، ويجب عدم تصدير مثل هذه الأسلحة مرة أخرى إلى تلك الأيادي.
لكن سويسرا ليست دائما قادرة على منع سوء استخدام أسلحتها من قبل المستورد, وبالتالي، فان هذه القنابل التي تم العثور عليها في اليمن تأتي من نفس الدفعة التي تم تصديرها إلى دولة الامارات في الفترة ما بين عامي 2003- 2004. كما تم تحديد استخدام هذه القنابل بالفعل في كلاً من سوريا وليبيا, وهذا يدل على عدم موثوقية عقود التصدير مع هذا البلد.
“إن الشعب السويسري لا يريد صادرات الأسلحة هذه وأين كان ثمنها, خاصة وأنها ستكون على حساب أرواح السكان المدنيين”
من الواضح أن سويسرا لم تكن البلد الوحيد الذي استفاد من الحرب التي يصطلي بنيرانها اليمن, حيث تعمل على بيع الأسلحة إلى المتحاربين أو إلى الدول التي تزودهم بالسلاح.
ووفقا للبيانات العامة، فمنذ بدء الصراع قبل أربع سنوات، قامت الدول الغربية, منها ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية ببيع أسلحة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة بمبلغ 3.5 مليار دولار على أقل تقدير.
والحاصل الآن, أن جزء من هذه المواد الحربية اصبح في متناول يد الميليشيات في اليمن, المذنبة بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وجرائم حرب.
أصبح اليمن اليوم بيئة خصبة لانتشار الميليشيات, حيث اصبحت هذه المليشيات بمثابة آفة حقيقية القت بظلالها على سكان المدنيين, إذ لقي الالاف منهم مصرعهم على ايدي تلك المليشيات, بينما يصارع الملايين من الشعب اليمني شبح انعدام الامن الغذائي, فكل ما يمر به اليمن اليوم هو نتيجة مباشرة لهذه الحرب.
إن الطريقة الوحيدة والمثلى لضمان عدم إيصال الأسلحة السويسرية إلى تلك المليشيات, تكمن في إيقاف صادرات الاسلحة إلى دولة الإمارات على الفور, وانتهاج ذات النهج الذي ينتهجه نظرائها في القارة الاوروبية مثل: الدنمارك, وفنلندا, والنرويج وهولندا.
وهذا ما قد تضطر سويسرا في يوم من الأيام إلى فعله والالتزام به, في حال نجحت المبادرة التي تسعى إلى الحد من تصدير المواد الحربية إلى بلدان التي تخوض صراعات أو حروب أهلية.
ولحسن الحظ, فقد لاقت هذه المبادرة اقبالاً كبيراً, حيث تجاوزت هذه المبادرة بالفعل 100 ألف توقيع تم جمعها بعد شهرين فقط منذ بدء انطلاقتها.
فهذه المبادرة تعتبر بمثابة دليل قاطع على أن الشعب السويسري لا يريد تصدير الأسلحة بأي ثمن وخاصة إن كانت على حساب أرواح السكان المدنيين.
* مدير منظمة العفو الدولية بسويسرا.
(صحيفة” 24 heures”السويسرية الناطقة بالفرنسية)