الحرب في اليمن: شباب اضناه البؤس
بقلم: ايمانويل حداد
ترجمة: أسماء بجاش-سبأ
إن حلم الشباب اليمني بالحرية الذي صنعه في “ساحات التغيير” انكسر وذهب ادراج الرياح مع الواقع المرير للصراع الدامي الذي يعيشه البلد, والذي نتج عنه الوقوع في شرك اسوأ أزمة إنسانية.
في مدينة تعز الواقعة في الجهة الجنوبية الغربية للبلد, صور يحيى السواري، وهو مصور شاب من العاصمة صنعاء، الاشتباكات العنيفة بين القوات التابعة للجان المقاومة الشعبية المدافعة عن مدينتهم وبين المتمردين الحوثيين الذين يحاصرونها وذلك في العام 2016, وعلى حين غرة, سقط إلى جانب يحيى, زميله ورفيق دربه محمد اليمني، الذي ارتقت روحه إلى سماء بفعل رصاصة طائشة.
أصبح مشوار الحياة قصير بالنسبة للشباب في هذا البلد, فعندما قتل محمد، تم تداول صورة له على موقع التواصل الاجتماعي “Facebook” وبعد ذلك، سرعان ما سقط في غياهب النسيان، يسرد يحيى هذه القصة وهو جالس في احد مقاهي العاصمة بيروت في منتصف يناير المنصرم، بعد ان نجى بنفسه إلى هناك.
توقف يحيى عن تصديق قوة سلطة وسائل الإعلام, لذا قرر إنشاء لواء يحمل اسم صديقه للدفاع عن السلطة الشرعية في اليمن …
بين عشية وضحاها، تخلى يحيى عن عمل التصوير، حيث وضع سلاحه الاعلامي جانباً -الكاميرا- وتم منحه راتباً جيداً وانضم للتدريب في أحدى كتائب المقاتلين في محافظة مأرب، على أمل دمجه ضمن الجيش اليمني في نهاية المطاف.
كان يحيى البالغ من العمر 27 ربيعاً عميق التفكير وغير متهاون، شكلته وبلورته مظاهرات التغيير في العام 2011 في الساحة الأمامية لجامعة صنعاء الجديدة، المكان الذي اعيد تسميته “ساحة التغيير”، المكان الذي تذوق فيه الشباب طعم العدالة.
ما لا يقل عن 1500 جندي من الأطفال:
كان يقول:”أنا احد الشباب الأنقياء من ساحة التغيير, فقبل ذلك، كانت حياتي مقصورة على ورشة عمل المولد الكهربائي التي يملكها والدي حيث عملت فيها منذ أن كان عمري 15 عاماً.
ففي كل شهر كان احد الجنود يهدد والدي بإرسالي إلى السجن, وذلك من أجل الحصول على رشوة, وبالرغم من ذلك, فقد وجدت هذا التصرف عادياً.
وفي العام 2011، أثناء بدء مخاض الثورة اليمنية، استمع يحيى لأفكار الشباب والمستوحاة من انتفاضات الربيع العربي في تونس ومصر وهم يهتفون: “الشعب يريد اسقاط النظام”, حينها قرر ترك ورشة والده والانضمام إلى “ساحة التغيير”.
ولمدة ثلاث سنوات، تدرب على العمل الصحفي وبدأ بمتابعة التعليم السياسي المتسارع, وبسرعة، فهم أن الابتزاز المالي الشهري بالنسبة للجندي لم يكن “طبيعياً”، حينها قرر الاعتماد على الكاميرا لتغطية الأحداث التي ستؤدي إلى استقالة الرئيس السابق علي عبد الله صالح في العام 2012.
توالت الاحداث في اليمن, حيث اخذت منحى مغاير لما كان مخطط لها, وذلك عندما تحولت الانتفاضة الشعبية إلى صراع اهلي بين التمرد الحوثي والجيش اليمني الذي سرعان ما تلقى الدعم في العام 2015 من قبل قوات التحالف العربي المنضوية تحت راية المملكة العربية السعودية، حينها وجد جيل يحيى نفسه ينجذب نحو دائرة العنف.
ومن جانبها, أشارت الناشطة الحقوقية “داليا محمد” من مدينة تعز والتي لاجئة إلى بيروت, إلى أن المدارس في اليمن اصبحت اما مراكز للنازحين أو ثكنات عسكرية, كما أصبح الأطفال لقمة سائغة للميليشيات المسلحة التي تعيث في الارض الفساد, حيث تعمل على ازج بهؤلاء الاطفال في ساحات القتال.
ففي اليمن، يوجد أكثر من 8 مليون شخص معرضون للوقوع في شرك المجاعة، في حين اضطر مليوني طفل إلى ترك المدرسة, من بينهم، حددت الأمم المتحدة وجود 1500 من الجنود الأطفال حسب تقديرات العام 2017, كحد الأدنى.
المجندين المسلحين على مواقع التواصل:
فر العديد من الشباب المثقف الذي خرج إلى ساحات التغيير من البلد, لتعرضهم للاضطهاد وإجبارهم لقوانين الحرب الظالمة. ويرى فارع المسلمي المؤسس المشارك لمركز ابحاث صنعاء, “أن العاصمة صنعاء، التي كانت في يوم من الأيام المدينة الأكثر ثقافة وعلماً في البلد، تسيطر عليها اليوم الميليشيات الحوثية المسلحة كما يغلب عليها مبدأ الإفلات من العقاب, وإذا كنت تبلغ من العمر 25 عاماً, فإن روحك المليئة بالحياة والمحبة تتحول إلى إجرام وعنف بسبب الحروب، إلى درجة عدم إيجاد أي مخرج آخر.
لم يحمل يحيى السلاح يأساً ولكنه حمله بالمثالية, حيث أرد خلق نموذجاً للواء مثالي، لأنة رأى أن الأشخاص الذين كانوا يقاتلون جماعة الحوثي, ما هم إلا مجرد مرتزقة يعملون لحساب الرياض.
دعوة بسيطة سمحت له على صفحته على ” facebook”بتجنيد 24 جندي, ” فقد كان مصمم داخلي سابق، بالإضافة إلى كونه مهندس طيران سابق… فالشيء الأسهل في اليمن هو تجنيد الناس للقتال.
الجدير بالذكر أنه في العام 2012، شكلا عدد الشباب اليمني العاطل عن العمل نسبة 60٪ , في بلداً يمثل فيه الشباب ما دون سن 25, ما يقرب من 75٪ من اجمالي عدد السكان, وذلك وفقًا لتقارير الصادرة عن البنك الدولي.
وبعد مرور شهر على انضمام يحيي لجبهات القتال, والتي رأى فيها “أسوأ فترة من حياته, امضي ثمانية أشهر في جحيم سجن حوثي في صنعاء, وعند مغادرته، أخذ سلاحه الاعلامي “الكاميرا” مرة أخرى, وندد هذه المرة بالانتهاكات التي يقترفها التحالف العربي بحق هذا البلد، فهو يعتبر هذا العمل لا يقل شأناً من الاعمال التي تسعى إلى مساعدة اليمن”.
في خضم خيبة أمل، يحظى يحيى بمصدر أمل واحد: “لم نقم ببناء اليمن من أحلامنا، لكننا تجنبنا تحويل هذا الصراع إلى مواجهة طائفية”. وهذا ما يعزي به أنفسهم شباب جيل التغيير.
معايير عملية التفاوض الهشة
اتفاق فوضوي:
في 13 ديسمبر الماضي, وبعد محادثات للسلام التي بآت بالفشل بصورة متكررة, توصلت الحكومة اليمنية والتمرد الحوثي إلى اتفاق تحت رعاية الأمم المتحدة في السويد, والذي نص على الانسحاب التدريجي لقوات جماعة الحوثي من ميناء الحديدة، الذي يعتبر نقطة دخول المساعدات الإنسانية والتي اصبحت مهددة بفعل العمليات القتالية العنيفة التي تصطلي بنيرانها المدينة, وذلك بالرغم من دخول هذا الاتفاق حيز التنفيذ.
هدنة محطمة:
هيئت الامم المتحدة في 3 فبراير اجتماعاً جمع بين الأطراف المتحاربة على متن احدى القوارب الراسية قبالة ميناء الحديدة، لإنقاذ اتفاق السويد, وهذه هي المرة الثالثة منذ ديسمبر الماضي التي تعقد فيها “لجنة المتابعة” التي أعلن فيها المتمردين المقاطعة منذ 13 يناير.
دعوة البابا:
الدعوة التي وجهها البابا, قبل مغادرته إلى دولة الإمارات العربية المتحدة في 3 من شهر فبراير, والتي دعا من خلالها إلى “تعزيز احترام اتفاق السويد القائم بشكل عاجل”.
صحيفة ” la-croix” الفرنسية