انهيار القطب الواحد .. حتمية تاريخية
السياسية:
كتب: المحرر السياسي
من المفارقات العجيبة أن الإعلان عن بروز نظام القطب الواحد كان من موسكو عاصمة الاتحاد السوفيتي الذي انهار في العام 1990م، ليأتي الإعلان عن انهيار القطب الواحد وبروز عالم متعدد الأقطاب من العاصمة الروسية موسكو أيضا في عام 2022م، والذي تجاهد أمريكا ودول الناتو بكل ما أُوتيت من قوة عسكرية واقتصادية وسياسية لتفادي ذلك الانهيار المروع الذي سيغلق حقبة استعمارية مؤلمة في تاريخ البشرية.
وفي حقيقة الأمر فإن هذا يخضع لمنطق التطور التاريخي، فكما كانت الظروف الموضوعية والذاتية قد سهلت وساعدت أمريكا ومنظومة دول الناتو في تسيّد العالم هي ذاتها وفق منطق التطور التاريخي من ستزيح أمريكا من مكانتها كقائد للعالم حسب مفهوم سياساتها.
لقد تحولت أمريكا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي إلى شرطي عالمي وشرعت تُملي على مختلف دول العالم ما يجب أن يكون أو لا يكون ونوعية الأنظمة السياسية التي يجب أن تسود العالم وأسس ما أسمته بالعمل الديمقراطي وقضايا حقوق الإنسان وحرية الرأي، كل ذلك من وجهة النظر الأمريكية.
تدّخلت أمريكا وفرضت أجندتها ووجهة نظرها في كل شيء معتقدة أن وجهة النظر الأمريكية هي الرؤية المثالية التي يجب أن تسود العالم وطبّقت تلك السياسة حتى على أقرب حلفائها في أوروبا الغربية.
ساد السياسة الأمريكية نوعا قاتلاً من الغرور ولم تعمل في حسابها يوماً أنه سيأتي لتزاح من مكانتها على يد قوى دولية صاعدة “روسيا والصين” لتقول لا لأمريكا حان الوقت للذهاب من هذا المكان، هذا منطق التطور التاريخي الذي لا يرحم لأن الولايات المتحدة لم تحسن الاستفادة المثلى منه والحفاظ عليه.
ستجاهد أمريكا معتِمدة على حلفائها في الناتو بكل ما لديهم من قوة للحفاظ على مكانتهم في ريادة العالم لكن ذلك دخل في إطار المستحيل لأن حركة التاريخ قد بدأت تنفيذ عملية الإزالة لأمريكا من القمة التي وصلت إليها بالدم والنار.
سبأ