السياسية -رصد:

 

تستمر المعارك في شبوة، في ظل مخاوف متزايدة من انتقالها إلى جبهات أخرى. وما يزيد الأمر تعقيداً، ان المسؤول عن وقف حمام الدم هذا -مجلس القيادة الرئاسي الذي يجمع قادة الميليشيات المتناحرة-، لا يملك الصلاحيات اللازمة ولا “الضوء الأخضر” للتدخل. إذ ان قرار تصفية حزب الإصلاح، قد جاء من إحدى الغرف المغلقة في البلاط الاماراتي وبدعم سعودي مطلق.

علاقة جدلية جمعت ما بين حزب الإصلاح والسعودية طيلة عقود. فعلى الرغم من اختلاف المشروع والعقيدة الأيديولوجية، التي تحكم رؤية الاخوان المسلمين وبين الخلفية الوهابية التي تقوم عليها المملكة، استطاعت الرياض نسج علاقة تستطيع من خلالها وضع يدها على قرار الدولة اليمنية، بكافة مؤسساتها السياسية والعسكرية والاقتصادية. إلا ان “الرمال المتحركة” التي غمرت دعامات هذا البناء منذ اللحظة الأولى، لم تستقر يوماً، وما الصراعات التي شهدتها المحاور ما بين مأرب وحضرموت والساحل الغربي وأخيراً في شبوة، إلا نتيجة متوقعة بل ومنتظرة أيضاً.

لجهة ما يسمى “مجلس القيادة الرئاسي”، فحجم التباين الذي بات يفرّق أعضاءه، أكبر بكثير من بعض المصالح التي قد تجمعهم تحت رعاية سعودية- إماراتية. وهنا، لا نتحدث عن رؤية كل فصيل ومصالحه ونفوذه، بل ان انغماسهم بالتبعية لأبو ظبي والرياض، جعل من “قوات حرس الجمهورية” التي ترفع شعار الوحدة، مثلاً، تقاتل إلى جانب المجلس الانتقالي الجنوبي وألوية العمالقة، الذين مزقوا علم الوحدة فور سيطرتهم على شبوة.

بالنسبة لحركة أنصار الله، فلم يكن موقفها مستغرباً، خاصة وأنها كانت قد أبدت غير مرة، استعدادها لمد اليد مجدداً لحزب الإصلاح، لما تعتبره موافقاً لعقيدتها بحفظ دماء اليمنيين من الفتنة، وتجريد كل من أبو ظبي والرياض من وكلائها في الداخل، إضافة لسياستها التي تتوافق مع مسار الاخوان المسلمين في الدول العربية خاصة حركة “حماس”، من جهة، وإيمان الحزب بوحدة اليمن من جهة أخرى. إذ أعربت أخيراً، على لسان عضو المكتب السياسي لحركة أنصار الله، محمد البخيتي، عن دعمها لحزب الإصلاح عسكرياً فيما لو طلب ذلك صراحة وعلانية، حيث أكد ان “لا مبرر لبقاء حزب الإصلاح في تحالف العدوان بعد اليوم، صحيح أنه سيكون هدف سهل لطيران العدوان، ولكن بانضمامه لصف الوطن سيدخل في نطاق حمايتنا قواتنا الصاروخية والجوية وسنتمكن من حسم المعركة سريعاً، وإذا ما تأخر في اتخاذ هذا القرار وفقد مناطق سيطرته المحاذية لنا فهذا يعني خسارته لآخر فرصة”.

تعرض حزب الإصلاح، إلى محاولات اقصاء متعددة خاصة منذ بداية الحرب، بعدما باتت الرياض تعتبره مصدر استنزاف سياسي ومالي دون نتائج فعلية يعوّل عليها على الأرض. وعلى ما يبدو، ان الحزب يخوض اليوم معركة وجودية، قد يرى نفسه مضطراً للتخلي عن حلفاء الأمس لأجل بدء مرحلة أخرى هو امتداد لمسار الاخوان المسلمين في المنطقة، وقد يجد بحكومة صنعاء يداً يمكن مصافحتها، بعد ان أبدت الأخيرة استعدادها لذلك. خاصة وان التسوية السياسية التي ستنتهي إليها الحرب، بغض النظر عن طول المدة المتبقية، ستكون قائمة على حجم الوجود والتأثير الفعلي للقوى على الأرض.

 

  • المصدر: “الخنادق” اللبناني
  • المادة الصحفية تم نقلها من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع