السياسية:

عندما هبطت طائرة سلاح الجو الأميركي في مطار تايبيه سونغشان في تايوان، وعلى متنها رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، أصبحت المسؤولة الأميركية الأعلى منصباً التي تزور الجزيرة منذ نيوت غينغريتش في عام 1997.

وفي مقال رأي نشرته صحيفة “واشنطن بوست” بعد وصولها مباشرةً، قالت بيلوسي إن الهدف من الرحلة هو إظهار التزام الولايات المتحدة بالدفاع عن الجزيرة، وهي تعتبر ثامن أكبر شريك تجاري لأميركا ومصنعاً رئيساً لأشباه الموصلات التي تزود كل شيء بالطاقة من أجهزة “آي فون” إلى صواريخ “جافلين” المضادة للدبابات المستخدمة ضد القوات الروسية في أوكرانيا.

ولكن خلافاً للبلدان الأخرى في المنطقة التي تربطها علاقات راسخة مع الولايات المتحدة، على غرار فيتنام وكوريا الجنوبية واليابان، استضافت تايوان مرة واحدة وحيدة زيارةً قام بها رئيس أميركي، عندما سافر آنذاك الرئيس دوايت أيزنهاور إلى هناك في يونيو (حزيران) 1960.

وعلى الرغم من أن زيارة بيلوسي لا تحمل الوجاهة التي قد تتميز بها زيارة رئاسية، فإن الحكومة الصينية دقت ناقوس الخطر حيال ذهابها إلى الجزيرة، التي تزعم بكين أنها تشكل جزءاً من أراضيها.

في الواقع، تدعي كل من الحكومة التايوانية والحكومة الصينية أن دولتها هي الوحيدة التي تحمل اسم “الصين”.

في 1 يناير (كانون الثاني) 1979 توقفت الولايات المتحدة عن الاعتراف بـ”جمهورية الصين” (وهو الاسم الذي تستخدمه تايوان لوصف نفسها) وللمرة الأولى اعترفت رسمياً بالحكومة الشيوعية في البر الصيني الرئيس، “جمهورية الصين الشعبية”.

وقد حكمت جمهورية الصين الشعبية ما يعتبره معظم دول الغرب “الصين” منذ عام 1949، عندما أجبر الشيوعيون، بقيادة ماو تسي تونغ، القوميين الذين كانوا يسيطرون سابقاً على الصين على الفرار إلى تايوان. ويستمر الخلاف عبر المضيق إلى اليوم على الرغم من عقود من التهديدات التي أطلقتها جمهورية الصين الشعبية، باستعادة تايوان بالقوة، بيد أن أحد آثار اعتراف الولايات المتحدة بجمهورية الصين الشعبية هو أن أعضاء الكونغرس أقروا قانون العلاقات مع تايوان (Taiwan Relations Act)، الذي يمنح الحكومة التايوانية فوائد الاعتراف الأميركي من دون الاعتراف بها فعلياً.

وفي ذلك الإطار، تواصل الولايات المتحدة بيع المعدات العسكرية لتايوان، وتصر على وجوب احترام الاستقلال الفعلي للجزيرة وعدم تغييره بالقوة، لكنها حافظت في الوقت نفسه على موقف من الغموض الاستراتيجي في شأن مسألة ما إذا كانت ستدافع عن تايبيه في حال شنت بكين عليها غزواً.

وفي سياق متصل، كانت بيلوسي نفسها تنتقد بكين على مدى عقود. منذ أكثر من 30 عاماً، أثارت غضب الحكومة الصينية من خلال الظهور في ميدان تيانانمين رافعةً لافتة تكرم المعارضين الذين قتلوا في احتجاجات عام 1989.

وفي عام 2015 اصطحبت مجموعة من أعضاء مجلس النواب الديمقراطيين إلى التيبت، وهي أول زيارة من نوعها منذ الاضطرابات واسعة النطاق في عام 2008، إضافة إلى ذلك، تحدثت بيلوسي بانتظام عن قضايا حقوق الإنسان في التيبت والتقت بالدالاي لاما الذي تشجبه بكين باعتباره انفصالياً عنيفاً.

وبغض النظر عمن يشغل البيت الأبيض، فقد اتخذ الكونغرس منذ فترة طويلة موقفاً أكثر تشدداً في شأن تايوان، كذلك، دعم الجمهوريون الرئيسون رحلة بيلوسي، حتى بعد أن شكك بايدن علناً في الحكمة وراء تلك الزيارة الشهر الماضي.

بقلم:أندرو فاينبيرغ صحافي
المادة الصحفية نقلت حرفيا من موقع اندبندنت عربية وتعبر عن راي الكاتب