بقلم: شون ماثيوز
ترجمة: أسماء بجاش – الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”

حاول الرئيس الأمريكي جو بايدن تحقيق بعض الانتصارات والمكاسب الدبلوماسية خلال زيارته المثيرة للجدل إلى المملكة العربية السعودية، معلنا عن سلسلة من الصفقات مع المملكة، من طرح لشبكة 5G، إلى خطط لزيادة إمدادات النفط، غير أن أحد أكثر الاتفاقات المتوقعة يتعلق بجزيرتين في البحر الأحمر.

منذ شهور، انتشرت شائعات بأن الولايات المتحدة سوف تتفاوض على اتفاق لنقل جزيرتي تيران وصنافير، الواقعة في البحر الأحمر، من الحضيرة المصرية إلى السعودية، وقال الرئيس بايدن يوم الجمعة إن قوات حفظ السلام الدولية، بما في ذلك القوات الأمريكية، سوف تغادر جزيرة تيران بحلول نهاية العام.

أزال هذا الإعلان عقبة أمام الاتفاق، الذي يعتقد المحللون أنه يمكن أن يمهد الطريق أمام إقامة علاقات رسمية في نهاية المطاف بين السعودية و”إسرائيل”، اللتين يلزم تفويضهما لأي تغيير في وضع القوات الدولية في الجزر.

وفي مقابل الموافقة “الإسرائيلية” على نقل قوات حفظ السلام المتعددة الجنسيات، فتحت السعودية مجالها الجوي أمام جميع الرحلات الملاحة الجوية الإسرائيلية.

يقول عادل حميزية، العضو المشارك في معهد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا “تشاتام هاوس” ومقره في لندن «سنرى كيف يتم دمج القضية الفلسطينية في المفاوضات المستقبلية، ولكن سوف يتم النظر إلى هذه التبادلات على أنها إجراءات وجهود إضافية لبناء الثقة في خريطة الطريق نحو التطبيع».

وفي حديثه للصحفيين يوم الجمعة، أشاد الرئيس بايدن بـ «بالانفراج» وقال إن الولايات المتحدة والسعودية «توصلتا إلى اتفاق تاريخي لتحويل نقطة ساخنة في حروب الشرق الأوسط إلى منطقة سلام».

ومع ذلك، كان التاريخ الحديث للجزيرتين أكثر هدوءً قليلاً مما تشير إليه هذه البيانات.

 

«جسر بعيد جدا»

احتلت إ”سرائيل” الجزيرتين خلال حرب الأيام الستة في العام 1967، وتم تجريدها من السلاح في العام 1979، بعد أن وقعت مصر و”إسرائيل” معاهدة كامب ديفيد للسلام، ومنذ ذلك الحين، كانت التوترات حول هذه الجزر محدودة.

وبحسب المحللين، توقفت إسرائيل منذ فترة طويلة عن اعتبار السيطرة المحتملة على الجزر من قبل المملكة العربية السعودية بمثابة تهديداً لها، خاصة في السنوات الأخيرة التي تميزت بتحالف البلدين ضد إيران، خاصة في منطقة البحر الأحمر، حيث يشاركان في مناورات بحرية مشتركة مع الولايات المتحدة الأمريكية.

قال جيرالد فيرستين، السفير الأمريكي المتقاعد والمساعد الأول السابق لوكيل وزارة الخارجية لشؤون منطقة الشرق الأوسط، وهو الآن نائب رئيس معهد الشرق الأوسط: «لا أتذكر أن هذا النقل يمثل مشكلة للإسرائيليين».

تقع تيران وصنافير في مضيق تيران بين شبه جزيرة سيناء المصرية والمملكة العربية السعودية/ وكالة الصحافة الفرنسية

«في كل مرة يقوم فيها [البيت الأبيض] بزيارة كهذه، فأنت تريد تحسين صحيفة الوقائع الخاصة بك ووضع أكبر عدد ممكن من القطع الصغيرة فيها، لذا، أعتقد أن هذه الزيارة واحدة منها».

كانت تيران وصنافير تسيطر عليهما الحكومة السعودية تاريخيا حتى العام 1950، عندما نقلت الرياض الوصاية إلى القاهرة.

في ذلك الوقت، كانت مصر القوة الاقتصادية والعسكرية المهيمنة في العالم العربي، وكان ينظر إليها على أنها الحامي الأفضل لهذه الممتلكات ضد “إسرائيل”.

الموقع الجغرافي للجزر عند مدخل خليج العقبة جعلها عنق الزجاجة الاستراتيجي، عندما دخلت الدول العربية في حرب مع الدولة اليهودية.

في العام 1967، أغلق الرئيس المصري جمال عبد الناصر مضيق تيران، وقطع الطريق البحري المؤدي إلى ميناء إيلات “الإسرائيلي”.

ومع ذلك، فإن السلام بين مصر و”إسرائيل”، وكذلك في الآونة الأخيرة التطبيع الناشئ للعلاقات مع الرياض، وضع هذه الجزر في منطقة صديقة.

قال ديفيد شينكر، الدبلوماسي السابق لشؤون الشرق الأوسط تحت إدارة ترامب والباحث حالياً في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، لـ ” “MEEلا أعتقد أن تيران وصنافير في حد ذاتهما مهمتان استراتيجياً في الوقت الحالي، باستخدام التقنيات الجديدة، يمكن لقوة حفظ السلام مراقبة المضائق من البر الرئيسي».

في العام 2017، وافقت مصر على التنازل عن السيطرة على الجزر للسعودية، وفي ذلك الوقت، توترت العلاقات الثنائية بسبب إحجام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن الالتزام بخطط الحرب السعودية في اليمن ودعمه للمقاتلين الذين يقاتلون للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد.

على الرغم من احتجاجات العديد من المصريين الذين اعتبروا الجزر رمزاً للفخر الوطني، فقد أتى الاتفاق ثماره.

ضخت الحكومة السعودية مليارات الدولارات في الاقتصاد المصري المتعثر ورافق التحويل وعد بمزيد من السخاء، بما في ذلك جسر بقيمة 4 مليارات دولار لربط شبه جزيرة سيناء بمشاريع التنمية السعودية في منطقة البحر الأحمر.

 

التنمية والتطور السياحي:

قال روبرت موجيلنيكي، كبير الباحثين المقيمين في معهد دول الخليج العربي، لـ “MEE” كانت هناك وعود بالتكامل الإقليمي والصلات بين السعودية ومراكز السياحة المصرية، واليوم، تحرك السعودية خططها التنموية إلى الداخل، وقد تلاشى هذا الخطاب».

ووفقاً للبيت الأبيض، كجزء من اتفاقية سحب قوات حفظ السلام، سوف تكون الجزر موضوع تنمية سياحية ومشاريع اقتصادية أخرى.

على الرغم من أن المملكة العربية السعودية تتابع مشاريعها التنموية السياحية على ساحل البحر الأحمر من أجل تنويع اقتصادها بما يتجاوز البترودولار، إلا أن المحللين متشككون في التأثير الحقيقي للاستحواذ على هذه الجزر غير المأهولة والنائية.

كما أشار روبرت موجيلنيكي إلى أن: «هذا ليس شيئاً له فوائد اقتصادية واضحة للمملكة».

يرى عادل حميزية من تشاتام هاوس: «الجزر هي جزئيا مسألة هيبة للرياض، هذا مؤشر آخر يصدق ضمنياً على مكانة السعودية كلاعب رئيسي في العالم العربي».

وبهذا المعنى، كان للجزيرتين مكانهما في سياق هذه الزيارة الرئاسية الغنية بالرموز، وصل بايدن إلى السعودية، بالرغم من كونه قد تعهد سابقا بجعل المملكة العربية السعودية دولة منبوذة بشأن قضايا متصلة بحقوق الإنسان.

دفع ارتفاع أسعار الطاقة على الأراضي الأمريكية و التوغلات الأخيرة للصين وروسيا في المملكة، إلى مراجعة حساباته.

كانت علامات العداء بين الرئيس بايدن والزعيم السعودي الفعلي، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، واضحة في المؤتمر الصحفي الذي عقد يوم الجمعة، عندما قال الرئيس بايدن إنه لم يندم على التزامه السابق بعزل المملكة وكرر أنه لم يأت إلى المملكة العربية السعودية للقاء ولي العهد.

في الوقت نفسه، تعرضت زيارة الرئيس بايدن لانتقادات من قبل التقدميين في حزبه، حيث أدان آدم شيف، العضو الديمقراطي في الكونجرس، بشكل خاص «الشيك» بين الرئيس الأمريكي وولي العهد عند وصوله.

في حين أن الزيارة كانت لحظة غير مريحة للرئيس بايدن، إلا أنها كانت نقطة تحول للزعيم السعودي البالغ من العمر 36 عاماً في جهوده لعزله، حيث يسعى لتأكيد قوة المملكة على المسرح العالمي.

تمثل الاتفاقية الخاصة بجزر البحر الأحمر كذلك، بداية عملية توحيد بين المملكة العربية السعودية و”إسرائيل”.

قال الدبلوماسي السابق ديفيد شنكر «انها نقطة اتصال جديدة لإسرائيل مع السعودية وتقربها من إقامة علاقات رسمية».

 

  • موقع “ميدل ايست أي- Middle East Eye ” البريطاني
  • المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع