السياسية:

في الاتصال الهاتفي الذي جرى يوم امس الجمعة بين وزيري الخارجية الايراني “حسين امير عبداللهيان” ونظيره المجري “بيتر سيارتو” ابلغ الوزير امير عبداللهيان نظيره بان طهران قد اجرت اتصالات مع الروس والاوكرانيين لدعم المسار السياسي وامن الطاقة والغذاء العالمي، وقد قالت وسائل الاعلام الايرانية ان هذا الاتصال كان محوره الازمة الاوكرانية رغم ما احتوى من مناقشة للعلاقات الثنائية بين ايران والمجر.

وقد اكد امير عبداللهيان على الموقف المبدئي لطهران في رفض الحرب والعقوبات قائلا ان ايران تدعو الى التركيز على الحل السياسي للازمة الاوكرانية وستواصل مشاوراتها وجهودها بين روسيا واوكرانيا لدعم المسار السياسي لحل هذه الازمة والمساعدة على حفظ امن الطاقة والامن الغذائي و”قد اجرينا محادثات بهذا الصدد مع المسؤولين الروس والاوكرانيين”.

وفي المقابل ثمن وزير الخارجية المجري الجهود الايرانية لارساء الاستقرار في المنطقة والعالم قائلا ان المجر تدعو للسلام في اوكرانيا والاستقرار في الشرق الاوسط وتثمن الدور الايراني الداعم للاستقرار في المنطقة واستضافة قمة مسار استانا في طهران.

كما ثمن وزير الخارجية المجري اهتمام ايران بموضوع امن الطاقة مؤكدا ان قضية الطاقة هي مصيرية لاوروبا والعالم قائلا ان دخول ايران بشكل اوسع واقوى لسوق الطاقة العالمي يؤمن مصلحة كافة دول وشعوب العالم

ومن الملفت ان هذا الاتصال الهاتفي بين وزيري الخارجية الايراني والمجري يأتي بعد قمة مسار أستانا في طهران والتي حضرها الرئيسان الروسي والتركي الى جانب الرئيس الايراني، وقد رأينا بعد انتهاء قمة طهران تطورات هامة فيما يتعلق بالازمة الاوكرانية ومنها الاتفاق بين روسيا واوكرانيا على نزول القمح الاوكراني الى الاسواق الدولية تفاديا لأزمة غذاء عالمية، وقد استضافت تركيا بعد قمة طهران اجتماعا للتوقيع على تسوية قضية الحبوب بين روسيا واوكرانيا في اعقاب لقاء الرئيس الروسي بنظيره التركي في طهران.

ومن المعلوم ان المجر لها موقف متمايز عن موقف الدول الاكثر تقاربا من اميركا في الاتحاد الاوروبي، ازاء الحرب في اوكرانيا، فرئيس وزراء المجر انتقد كثيرا السياسات الاميركية والاوروبية وسياسات حلف الناتو تجاه روسيا وعارض العقوبات الغربية على موسكو وحافظ على العلاقات الاقتصادية بين بلاده وروسيا من شراء حاملات الطاقة وغيرها.

وليس من المستبعد ان تبدأ طهران تحركها في اوروبا بشأن المسار السياسي المساهم لتخفيف حدة الازمة في اوكرانيا، من البوابة المجرية نظرا لمواقف بودابست المتوازنة اكثر قياسا مع باقي العواصم الاوروبية.

وهنا يمكن الاشارة الى ما كشف عنه السفير الايراني كاظم جلالي في مقابلة اعلامية نشرت يوم امس الجمعة في طهران بان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شرح لقائد الثورة الاسلامية آية الله العظمى السيد علي الخامنئي اثناء اللقاء الذي عقد في طهران بأن زعماء اوروبيين ابلغوه بانهم يعارضون توسع الناتو شرقا، وحينما يسألون لماذا يتم هذا التوسع رغم معارضتهم يقولون بأن هذا مطلب اميركي.

كلام هؤلاء الزعماء الاوروبيون للرئيس الروسي فلاديمير بوتين يكشف واضحا بأن من يريد افتعال الحرب والمواجهة في اوروبا هي واشنطن التي تدفع بشتى الاشكال نحو المواجهة مع روسيا، وذلك وسط عجز اوروبي عن معارضة السياسة الاميركية للصدام مع روسيا ما يضع مستقبل الشعوب الاوروبية في مهب الريح.

واذا نظرنا الى اختلاق الاميركيين لقصة تزويد ايران لروسيا بالطائرات المسيرة لاستخدامها في حرب اوكرانيا قبل فترة وجيزة، (وهي ما نفته طهران وسخرت منه موسكو) فيمكن للمرء ان يستنتج أو يظن بأن اختلاق هذه الكذبة من قبل المسؤولين الاميركيين، ربما جاء لقطع الطريق امام أي تحرك ايراني نحو دفع المسار السلمي في ازمة اوكرانيا الى الامام عبر تعكير العلاقات بين ايران واوكرانيا، لكي تستمر الاوضاع في اوكرانيا كما هي ليستمر الاميركيون في اصطيادهم في المياه التي يعكرونها دوما في انحاء مختلفة العالم.

اذا كانت هناك فعلا وساطة ايرانية ما تجاه دعم المسار السلمي لأزمة اوكرانيا فهذا يسجل للايرانيين بأنهم يبحثون عن حلول للمآسي الانسانية حتى وان كانت الازمة الاوكرانية ساهمت في تخفيف الضغوط الاميركية الغربية على ايران، فطهران لا تبحث عن فوائد من مصائب الآخرين على العكس من المتغطرس الاميركي الذي يفتعل الازمات والحروب التي يذهب ضحيتها الملايين فداء لمصالح الاميركيين.

بقلم: فريد عبدالله
*المادة الصحفية نقلت حرفيا من موقع وكالة انباء فارس الايرانية ولا تعبر عن راي الموقع