كيف أقضّت السفن الحربية الإيرانية مضاجع الکيان الإسرائيلي؟
خوف الصهاينة من القوة البحرية الإيرانية
السياسية :
بينما يلجأ الکيان الصهيوني إلى كل تكتيك لمنع إيران من الاقتراب من الأراضي المحتلة، لم تسفر هذه التحركات عن أي نتائج، ونفوذ إيران يتزايد في إطار تطوير القوة الاستراتيجية خارج الحدود الإقليمية.
استشهد مسؤولون إسرائيليون مؤخرًا بصور الأقمار الصناعية، وقالوا إن أربع سفن عسكرية إيرانية كانت تقوم بدوريات في البحر الأحمر في الأسابيع الأخيرة.
كانت هذه الصور كافيةً لملء وجود الصهاينة كله بالخوف والرعب، إلى الحد الذي ادعى فيه بيني غانتس، وزير الحرب في الکيان، أن وجود القوات العسكرية الإيرانية في البحر الأحمر هو موضوع مهم للغاية في العقد الماضي، وأنه يشكل تهديدًا مباشرًا للتجارة والطاقة والاقتصاد العالمي.
كالعادة، حاول غانتس تقديم هذا الإجراء الإيراني، وهو برنامج تقليدي من قبل الدول، باعتباره تهديدًا للمجتمع الدولي، وزعم أن إسرائيل ستعمل بما يتماشى مع الدفاع عن مواطنيها ومصالحها، ومستعدة للعمل مع الشركاء لإرساء الاستقرار والنجاح في المنطقة.
على الرغم من أن وجود إيران في البحر الأحمر يستند إلى عقيدة الأمن القومي وأنشطة الدفاع في المياه خارج الحدود الإقليمية، وهي تتخذ هذه الإجراءات منذ سنوات للتعامل مع التهديدات الخارجية والدفاع عن المصالح الوطنية، لكن مع تصاعد التوترات بين طهران وتل أبيب، يشعر الصهاينة بالتهديد من هذه القضية، ويعتبرون اقتراب السفن الحربية الإيرانية في هذه المنطقة تهديدًا خطيرًا لهم.
وباعتبار أن إسرائيل محاطة بحدود برية بين دول مصر والأردن وسوريا، والطريقة الوحيدة لتواصلها مع العالم الخارجي هي عبر البحر، لذلك يصف الصهاينة وجود عدوهم من الدرجة الأولى في البحر الأحمر جنوبي الأراضي المحتلة بأنه خطير.
ديفيد بن غوريون، أول رئيس وزراء لإسرائيل، قال عام 1949 عن نوايا الکيان للسيطرة على البحر الأحمر: “نحن محاصرون برياً، والبحر هو الطريق الوحيد لنا للتواصل مع العالم والوصول إلى القارات”.
وحسب هذه التصريحات، يمكن القول إن أمن البحار يعتبر شريانًا حيويًا للاقتصاد الإسرائيلي، وتتم جميع أعمال الکيان التجارية عن طريق البحر.
وفي هذا الإطار، للبحر الأحمر أهمية استراتيجية كبيرة لأنه يضم طرق نقل عالمية رئيسية، بما في ذلك قناة السويس ومضيق باب المندب. ويتم تنفيذ جميع واردات الکيان الإسرائيلي تقريبًا عن طريق البحر، والبحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط هما طريق إسرائيل الوحيد للتجارة مع العالم الخارجي.
تتم التجارة عبر البحر الأبيض المتوسط فقط لتصدير البضائع إلى أوروبا، ويقوم الکيان بنقل جزء من صادراته عبر البحر الأحمر، وإذا تعرض أمن السفن الصهيونية للخطر في هذه المنطقة، فسيواجه الکيان مشاكل خطيرة في نقل البضائع عبر طريق البحر الأبيض المتوسط.
لأنه من أجل نقل البضائع إلى دول آسيا والمحيط الهادئ، عليه أن يلفّ القارة الأفريقية وعليه أن يدفع الكثير من التکاليف حيث الزمان والمكان. وهکذا، فإن الأمن في البحر الأحمر مهم جدًا لإسرائيل، وقد يتحول وجود إيران إلى كابوس لسلطات تل أبيب.
حركة السفن الإيرانية في البحر الأحمر في وقت بلغ فيه مستوى التوتر بين تل أبيب وطهران أعلى مستوياته، وحذرت السلطات الإيرانية مرارًا من أنها ستنتقم لاغتيال قادتها، أصبحت أكثر خطورةً على الصهاينة.
يشعر الکيان الإسرائيلي بالقلق من أن إيران ستستهدف السفن التجارية الإسرائيلية في إطار مشروعها الانتقامي، وتتسبب هذه القضية في عدم تمكن التجار الصهاينة من تصدير بضائعهم عبر البحر الأحمر إلى مناطق أخرى، خوفًا من ردود فعل إيران.
حاولت إسرائيل تعزيز وجودها في البحر الأحمر في السنوات الأخيرة، بعد تطبيع العلاقات مع المشيخات العربية في الخليج الفارسي. من ناحية أخرى، تقع اليمن في الجزء الجنوبي من البحر الأحمر وبجوار مضيق باب المندب، وبعد حرب السعودية وحلفائها ضد أنصار الله، ازدادت الحساسية العسكرية والسياسية لهذه المياه.
لذلك، فإن وجود السفن الإيرانية يمكن أن يزعج العلاقات العبرية العربية، وسلطات تل أبيب قلقة من هذا الموضوع. وبالنظر إلى هيمنة أنصار الله على مضيق باب المندب، فإن هذه القضية تعني، من وجهة نظر الصهاينة، زيادة قوة إيران في البحر الأحمر، ويمكن أن تشكل تهديدات متزايدة لأمن إسرائيل.
من أجل تطبيع العلاقات مع العرب، يحاول الکيان الصهيوني تعزيز موقعه الجيوسياسي في الشرق الأوسط وعلاقاته مع الدول الخليجية، ويلعب أمن البحر الأحمر وباب المندب دورًا مهمًا في ذلك.
الإسرائيليون، الذين حتى وقت قريب لم يكن لديهم أي تفاعل مع أي دولة إسلامية، كانوا دائمًا قلقين بشأن سيطرة الدول العربية على المضائق البحرية وفرض القيود على الحركة البحرية الإسرائيلية، وبالتالي، من خلال الإجراءات التي اتخذوها في العقود الأخيرة، تمكنوا من نقل جزء من بضائعهم عن طريق البحر الأحمر.
کما أقامت إسرائيل قواعد جوية بالقرب من هذا المضيق الاستراتيجي، لضمان سلامة سفنها في البحر الأحمر، وخاصةً مضيق باب المندب.
وحسب تقرير المكتب المركزي للإحصاء الإسرائيلي، بلغت قيمة التجارة البحرية للکيان الصهيوني مع آسيا والمحيط الهادي في عام 2017 نحو 15 مليار دولار، معظمها صادرات من إسرائيل. وتظهر هذه الأرقام أن البحر الأحمر هو طريق عبور سريع للصهاينة.
بلغ إجمالي تجارة إسرائيل السلعية في عام 2017 نحو 130 مليار دولار، منها 69 مليارا من الواردات و61 مليار دولار حصة الصادرات. وعليه، فإن 18٪ من إجمالي واردات إسرائيل و 5٪ من إجمالي صادراتها، تعتمد على مضيق باب المندب.
ويمكن رؤية أهمية باب المندب بوضوح في تصريحات مسؤولي تل أبيب. حيث ادعى بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، في عام 2017 أنه إذا حاولت إيران إغلاق مضيق باب المندب، فإن إسرائيل ستنضم إلى تحالف دولي ضد إيران.
ونظرًا لأن باب المندب هو مدخل البحر الأحمر إلى المحيط الهندي، فهو ذو أهمية خاصة لتل أبيب، والوجود القوي لإيران وأنصار الله في باب المندب، يمكن أن يسبب العديد من المشاكل للسفن الإسرائيلية التي تمر عبر هذا المضيق.
بينما يحاول الکيان الصهيوني تشكيل تحالف مناهض لإيران بمساعدة العرب وتضييق الخناق علی إيران ومحور المقاومة، لكن إيران، بوجودها القوي في البحر الأحمر، تنقل هذه الرسالة إلى القادة الصهاينة بأنها تراقب تحركاتهم عن كثب، وإذا ارتكبوا أي خطأ فإن عواقب وخيمة ستنتظر هذا الکيان.
* المصدر :الوقت التحليلي
* المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع