علي ظافر —–

 

 

 

الولايات المتحدة والغرب، والأمم المتحدة تحاول القفز إلى الحديث عن مفاوضات سياسية، لم تتوفر لها أبسط الشروط في ما يخص إجراءات بناء الثقة.

تسعى الولايات المتحدة الأميركية، دبلوماسياً، إلى تثبيت الهدنة الهشة في اليمن، بل وتطمح لتحويلها إلى “وقف دائم لإطلاق النار وعملية سياسية”، وفق ما صرح به المبعوث الأميركي تيم ليندر كينغ مؤخراً، في حين تعترض صنعاء على عدم تنفيذ أطراف العدوان، بشكل كامل، قرارات الهدنة.

ورغم تأرجح الهدنة على حبل مماطلات الطرف الآخر، ترجح بعض الأوساط عدم قبول صنعاء بالتمديد مجدداً، ما لم يلتزم الطرف الآخر بتنفيذ تعهداته كاملة غير منقوصة، مع تحسينات إضافية تتعلق بإدارة الإيرادات النفطية وغير النفطية، و “إحراز تقدم في ملف المرتبات وصرفها، وتوسيع عدد الرحلات التجارية”، وفق نائب وزير الخارجية في حكومة الإنقاذ الوطني حسين العزي، الذي عبّر عن أسفه لعدم التزام الطرف الآخر بعدد الرحلات خلال الشهرين الماضيين (أبريل ومايو) أي ما قبل التمديد، واعتبر ذلك إخلالاً واضحاً وجسيماً، قد يدفع صنعاء إلى مراجعة حسابها.

وبموازاة ذلك، فإن أوساطاً دبلوماسية في صنعاء، باتت ترى هانس غراند برغ وسيطاً غير نزيه ومحايد، باعتباره يتبنى وجهة الطرف الآخر ويتجاهل مقاربات صنعاء ومبادراتها المحقة والعادلة، وهذا قد يقود إلى المقاطعة مجدداً كما كان قبل إعلان الهدنة.

ويأتي هذا التقويم بعد مرور قرابة 80 يوماً أو تزيد على الهدنة، اتضح فيها أن قوى العدوان تناور على مسألة الوقت مع الإخلال وعدم الالتزام بمقرراتها، وعقب إحاطة الممثل الأممي هانس غراندبرغ أمام مجلس الأمن، التي استعرض فيها ما وصفه بـ “الإنجازات”، واستطرد في موضوع طرق تعز دون غيره من الملفات، متبنّياً موقف الطرف الآخر، داعياً أنصار الله إلى الاستجابة لمقترحه بفتح طريق الحوبان تعز من دون تأخير”، علماً بأن الطريق الخط يقع في منطقة تماس عسكرية، وفي الضفة الأخرى منه، يمنع المرتزقة سكان منطقة الحوبان من الدخول الى المدينة، وبالتالي لا يوفر الحماية للمدنيين، فضلاً عن تجاهل المبعوث لما قدمته صنعاء من مقترح عقلاني منطقي أكثر أمناً وسلامة للمواطنين وبما يخفف من معاناتهم.

رغم ذلك، فإن الممثل الأممي، لا يزال يخطط خلال الأسابيع الستة المتبقية من الهدنة للعمل على خطين متوازيين، بحسب ما جاء في إحاطته الأخيرة:

أولاً: “ضمان تنفيذ عناصر الهدنة وتمتينها، بما في ذلك فتح طرق في تعز وفي محافظات أخرى”.

ثانياً:  “تحقيق حلول أكثر استدامة للاحتياجات الاقتصادية والأمنية المُلحّة، والشروع في مفاوضات على المسارين الاقتصادي والأمني، مع تركيز العمل على سياق سياسي والتوجه نحو تسوية سياسية”.

يتقاطع توجه الممثل الأممي مع عمل بعض المؤسسات الأوروبية، والمراكز البحثية المموّلة أميركياً خلال الأسبوع المنصرم، إذ نظمت مؤسسة برجهوف الألمانية نقاشات يمنية بمشاركة ممثلين عن كل الأطراف، تهدف إلى “تمديد الهدنة السارية وبناء الثقة بين الأطراف؛ تمهيداً لإطلاق عملية سياسية شاملة في البلاد”. وكشفت شخصيات شاركت في النقاشات أن مرتزقة العدوان غير راضين عن الهدنة، وهو ما يؤكد حقيقة أنهم (أي المرتزقة) مجرد أتباع لا قرار لهم، وأن القرار بيد أسيادهم في واشنطن والرياض.

وبالتزامن مع ذلك، نظم “مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية” المدعوم أميركياً نقاشات في العاصمة السويدية ستوكهولم شارك فيها قرابة 200 شخصية، “لبحث عدد من القضايا من بينها جهود السلام وإيقاف الحرب والحياة السياسية في اليمن”، وفق ما أعلنه المركز نفسه بمشاركة وزراء وسفراء غربيين وخليجيين، وبحضور المبعوث الأميركي تيم ليندر كينغ والممثل الأممي هانس غراند برغ، ما يعكس الرغبة الأميركية الجامحة في تمديد الهدنة في ظل ما تعيشه من تضخم هو الأكبر خلال 40 عاماً، وفي ظل المتغير الدولي المرتبط بالأزمة الأوكرانية، وما ترتب عليها في أسواق الطاقة.

والملاحظ أن الولايات المتحدة والغرب، والأمم المتحدة تحاول القفز إلى الحديث عن مفاوضات سياسية، لم تتوفر لها أبسط الشروط في ما يخص إجراءات بناء الثقة، ما يعني أن لا أرضية صلبة للذهاب إلى مفاوضات سياسية في ظل هدنة هشة ومهددة، وفي واقع كهذا، فإن صنعاء تعكف حالياً على دراسة التمديد من عدمه، ما لم تقدم قوى العدوان على خطوات عملية لتنفيذ الهدنة وتحسين الشروط الإنسانية، وبما يشمل المرتبات والإيرادات وتوسيع الرحلات وتدفق سفن النفط وغيرها من الملفات الملحّة.

المصدر : الميادين