السياسية:

أثارت مشكلة تصدير الحبوب من أوكرانيا مخاوف من “مجاعة عالمية”، وخلافا دبلوماسيا حادا بين روسيا والغرب، فيما ترى موسكو أن هذه المشكلة تم تضخيمها مع وجود 5 اتجاهات لتصدير تلك الحبوب.

وكانت الاتهامات الغربية لروسيا بابتزاز العالم في إزمة الغذاء من خلال إغلاق الموانئ الأوكرانية وعرقلة توريدات الأغذية عبرها، قد دفعت مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا للانسحاب من اجتماع لمجلس الأمن الدولي أمس الاثنين.

تعتبر موسكو هذه الاتهامات باطلة وليست سوى “خدعة”، لا سيما بعد أن أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استعداد بلاده لضمان تصدير الحبوب دون عوائق من موانئ أوكرانيا حال قيام كييف بإزالة الألغام من مياهها، كما تعهد بعدم استغلال إزالة الألغام لـ”شن أي هجمات من البحر”.

وأشار بوتين إلى وجود أربعة مسارات أخرى لتصدير الحبوب الأوكرانية، وهي:

عبر الموانئ الخاضعة لسيطرة روسيا في بحر آزوف والبحر الأسود (ماريوبول، بيرديانسك وخيرسون)، وهذا المسار مفتوح دون أي شروط
عبر نهر الدانوب وبالطرق البرية إلى موانئ رومانيا على البحر الأسود
عبر بولندا بسكك الحديد إلى موانئ بحر البلطيق
عبر بيلاروس إلى ليتوانيا، وهو أبسط وأرخص طريق، لكنه يتطلب رفع العقوبات الغربية عن مينسك

ورفضت أوكرانيا خيار استخدام الموانئ الخاضعة للسيطرة الروسية متهمة موسكو بـ”سرقة الحبوب”.

أما مسار الدانوب، فطاقاته محدودة وأكدت السلطات الرومانية الشهر الماضي أنه نقل عبره نحو 240 ألف طن من الحبوب فقط، علما بأن إجمالي صادرات الحبوب من أوكرانيا قبل النزاع الأخير بلغت ما بين 5 و6 ملايين طن شهريا.

ومشكلة “المسار البولندي” تتمثل بالدرجة الأولى في الاختلاف بين عرض السكة الحديد في أوكرانيا وبولندا، إذ أن السكة في أوكرانيا، كما في غيرها من الجمهوريات السوفيتية السابقة، أوسع بـ10 سنتيمترات منها في بولندا والدول الأوروبية، ما يتطلب إما إعادة تحميل العربات على الحدود، أو نقلها إلى العجلات الأخرى.

ويشيرمسؤولون بولنديون إلى أن الإمكانات التقنية للمعابر الحدودية لا تسمح بمرور أكثر من مليون أو مليوني طن من الحبوب شهريا.

وإذا كان “المسار البولندي” يلبي احتياجات توريد أسلحة غربية إلى كييف، فإنه لا يعوض عن خسارة “المسار البحري”، الذي كانت نحو 90% من الصادرات الغذائية الأوكرانية تمر عبره قبل الأزمة الأخيرة.

يعتبر “المسار البلاروسي” الطريق الأفضل لنقل الحبوب في الظروف الراهنة، نظر لخلوه من مشكلة “عرض السكة”، لكن الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي أكد مؤخرا أن بلاده ليست مستعدة الآن لتصدير الحبوب عبر بيلاروس، وأيده الرئيس الليتواني غيتاغاس نوسيدا في هذا الموقف قائلا إن نقل الحبوب الأوكرانية عبر بيلاروس إلى ميناء كلايبيدا غير مقبول لاعتبارات سياسية وبسبب عقوبات الاتحاد الأوروبي.

والنقطة الأكثر “سخونة” هي التصدير عبر موانئ مقاطعتي أوديسا ونيكولايف الأوكرانيتين في شواطئ البحر الأسود، والتي تحتوي مخازنها على معظم المحاصيل الأوكرانية من الحبوب المخصصة للتصدير والبالغ وزنها نحو 22 مليون طن، حسب الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي.

ورفض زيلينسكي اقتراح روسيا بإزالة الألغام من الموانئ مقابل تعهد بعدم شن هجوم عبر هذا “الممر الآمن”، وأصر على أن تسليم قواته أنظمة مضادة للسفن، “أفضل ضمان” لفتح الموانئ الأوكرانية التي يحاصرها الجيش الروسي.

في ظل هذا المأزق، أفادت تقارير بأن تركيا وأوكرانيا والأمم المتحدة أعدوا خارطة طريق بالتنسيق مع روسيا لإطلاق ممر آمن لتصدير الحبوب من الموانئ الأوكرانية تحت رعاية أممية.

والأنظار الآن متجهة إلى أنقرة حيث تبدأ مشاورات روسية تركية، سينضم إليها وفد روسي برئاسة وزير الخارجية سيرغي لافروف، الذي ينطلق في زيارة إلى تركيا اليوم الثلاثاء، لمواصلة بحث الآليات المحتملة لتصدير الحبوب الأوكرانية.

المصدر: RT