33 عامًا على رحيل الإمام الخميني.. أبرز المواقف والمحطات
السياسية – رصد:
33 عامًا على ذكرى رحيل الإمام روح الله الخميني، القائد الذي غيّر مسار أمة بأكملها، والذي قدّم للعالم بأسره نموذجًا للثورة لا تغيّر مصير شعب أو بلد وحسب، بل تغيّر وجه المنطقة، فما هي ملامح سيرته الشخصية؟ وما هي أبرز محطات نضاله وجهاده؟
ولد الإمام روح الله الموسوي الخميني في 24 أيلول عام 1902، في مدينة خمين الإيرانية، استشهد والده ولم يكن قد تجاوز 5 أشهر من العمر، فخبر اليتم من صغره.
التحق السيد الإمام بالحوزة العلمية في أراك عام 1921، لينتقل بعدها إلى قم ويهتم بدراسة الفلسفة والرياضيات، فضلًا عن مشاركته في دروس العرفان بشقيه النظري والعملي، والأخلاق والمنطق وغيرها من العلوم، في كنف السيد العالم علي شاه آبادي طيلة 6 سنوات.
بدأ التدريس وهو في سن السابعة والعشرين، ومع تعليمه لدروس الفلسفة الإسلامية وأصول الفقه والأخلاق والعرفان، استخدم الإمام أساليب مختلفة لمقارعة المفاسد الاجتماعية والانحرافات الفكرية التي كانت تتسم بها تلك الفترة في عهد الملكية الحاكمة، حيث نشر عام 1943 كتاب “كشف الأسرار” قام من خلاله بفضح الجرائم التي ارتكبها رضا شاه -والد محمد رضا بهلوي- طيلة عشرين عامًا، كما تناول فيه فكرة الحكومة الإسلامية وضرورة إقامتها.
عام 1962 انطلق الإمام الخميني في نضاله العلني ضد الشاه، مع وقوفه بقوّة ضد لائحة “مجالس المدن والأقاليم” التي كانت تتمحور حول حذف الإسلام كشرط من شروط الترشيح أو الانتخاب وبالتالي استبدال اليمين الدستورية في الكتاب السماوي بدلًا من القرآن، والتي أثارت وقتها احتجاجات شعبية واسعة بدفع من الإمام.
الاعتقال الأول للإمام الخميني
عصر العاشر من شهر محرم/ حزيران 1963، خطب الإمام روح الله خطابًا فضح فيه العلاقات السرية بين “إسرائيل” والشاه ومصالحهما المشتركة، ليُعتقل بعد 24 ساعة، بعدما حاصرت قوات حكومية منزله وأخذته مكبّلًا إلى طهران.
بعد 10 أشهر من المظاهرات والقمع الدموي الذي أسفر عن مذبحة 5 حزيران 1963، واستسلامًا لضغط الراي العام، أطلق سراح الإمام ليواصل ما بدأ به.
نفي الإمام إلى خارج البلاد
على خلفية خطاب السيد الامام الذي هاجم فيه مصادقة الحكومة على لائحة “الحصانة القضائية” التي تنص على منح المستشارين العسكريين والسياسيين الأميركيين الحصانة القضائية، وحملته القوية على الرئيس الأميركي، رأى نظام الشاه أن الحل هو في نفي الإمام الخميني خارج البلاد، حيث اعتقل وأجبر على السفر من مطار مهر آباد في طهران إلى أنقرة ثم بورساي فجر 3 تشرين الثاني 1964.
استغرقت إقامته 11 شهرًا في تركيا منع خلالها من ممارسة أي نشاط اجتماعي أو سياسي، استغلها الإمام في كتابة “تحرير الوسيلة” الذي تناول فيه الأحكام المتعلقة بالجهاد والدفاع والمسائل المعاصرة، في الوقت الذي كان الشاه يمعن في تصفية ما تبقى من أشكال المقاومة في إيران.
نُقل بعدها إلى مقر منفاه الثاني في العراق في 5-10-1965، حيث اقام في مدينة النجف الاشرف، انشغل بوضع الأسس الأولى لنظرية “الولي الفقيه” ومبدأ الحكومة الإسلامية، إضافة لمتابعته الدقيقة لما يجري في إيران والعالم، حيث استطاع رغم كل الصعوبات بإيجاد قنوات اتصال مع الثوريين في بلاده، إضافة لتواصله المباشر مع الطلبة في العراق.
الإمام الخميني والثورة الإسلامية
كان استشهاد الابن البكر للإمام وهو السيد مصطفى الخميني، نقطة التحوّل في مسار الأحداث، حيث كانت انطلاقة انتفاضة الحوزات العلمية والشعب الإيراني، والذي أثار دهشة العالم وقتها بان الامام وصف هذا الحادث الأليم بأنه “من الألطاف الإلهية الخفية”، ربما مع علمه انها الشرارة الأولى للثورة التي انتصرت في النهاية.
بعد الأحداث المتسارعة التي شهدتها الساحة الإيرانية، وعجز سلطة الشاه عن اخماد الاحتجاجات الشعبية الواسعة رغم لجوئها لارتكاب المجازر، جاء القرار بنقل الإمام روح الله من العراق إلى باريس، بعد إصراره على استكمال توجيهاته للشعب الإيراني، ليُجبر على ترك العراق بعد 13 عامًا متوجهًا إلى الكويت، الذي منع من الدخول إليها بأمر من الشاه، حيث قرر السفر ثم إلى باريس في 24-10-1978، إلى نوفل لوشاتو مع تحذيره من القيام بأي عمل سياسي، وبعد رفض الإمام ذلك مصممًا على إكمال العمل حتى النهاية، حتى لو اضطر إلى المغادرة، أصبحت هذه المدينة أهم مصدر خبري في العالم، حيث زارتها حشود غفيرة للتعرف على الإمام وآرائه خاصة فيما يتعلق بالثورة.
عودة الإمام وانتصار الثورة
مع إصرار وعزيمة ومقاومة الشعب الإيراني، وتوجيهات الإمام الخميني، وإدراك الشاه ان الأحداث المتسارعة والتطورات التي تجري على الأرض قد خرجت عن السيطرة قرر الخروج من البلاد بحجة المرض، وكان سفرًا دون عودة.
قرر الإمام حينها العودة إلى البلاد بعد 14 عامًا من النفي عام 1979، ليستقبله ما يقارب 6 ملايين شخص، في مشهد منقطع النظير. وبعد أشهر من عودته واستمرار الجهاد السياسي والمقاومة، أعلن الامام روح الله الموسوي الخميني انتصار الثورة الإسلامية في 11 شباط 1979.
رحيل الإمام الخميني
في الساعة العاشرة وعشرين دقيقة، مساء 3 حزيران 1989، رحل الامام الخميني، وهو على مشارف التسعين من عمره، بعد عمر قضاه في الجهاد والمقاومة، أثمر انتصارًا للشعب وحريةً للأمة، ونموذجًا لأحرار العالم.
وفي تشييع عظيم بحشود مليونية نادرة وغير مسبوقة وصلت إلى 17 مليون شخص، شُيّع قائد الثورة إلى مثواه الأخير في “جنة الزهراء”، أعلنت إيران عندها حدادًا لأربعين يومًا.
المصدر : الخنادق