السياسية:

تنفق الدول النووية التسع تريليونات الدولارات على الأسلحة على أساس الافتراض الوهمي بأنه فقط إذا امتلكناها فلن يتم استخدامها أبداً.

الكوكب ومؤسساته الوطنية والدولية ليست قريبة حتى من مواجهة الحقائق التي تواجهنا.

بدلاً من ذلك، نحن نعيش في أرض خيالية، أو ما قد تسميه غريتا تونبيرج أرض ذات غير معنى.

ولا أحد يضلل العقل بشكل جنوني أكثر من فلاديمير بوتين، الذي شن حرباً مروعة وغير ضرورية، حيث يمكن أن يقرر من جانب واحد استخدام الأسلحة النووية في أي لحظة، بناءً على الشكوى والحنين القديم للإمبراطورية.

الرجال والنساء الحقيقيون الذين هم على تواصل مع الواقع لا يقتلون الأطفال.

الواقع الذي يتضمن نزعات متزايدة نحو الحكم الاستبدادي, الطغاة، وبعضهم يمتلك أسلحة نووية، يحاولون تشتيت انتباه مواطنيهم عن فقدان الحرية من خلال جعل الأعداء خارجيين.

نحن نعتمد على نظام أمني قائم على الردع النووي، والذي يمكن أن ينهار في أي وقت عن قصد أو عن غير قصد.

ونحن نواجه مجموعة من التحديات مثل حالة الطوارئ المناخية العالمية، والتي لا يمكن حلها إلا من خلال مستوى جديد من التعاون الدولي.

الحروب بين الدول ليست فقط غير ذات صلة بهذه الحقائق بل هي نكسات مأساوية تحول دون الحركة إلى الأمام.

تشهد الهند موجات حرارة قاتلة، مما يمنحنا إحساساً بما سيأتي إذا فشلنا في توحيد جهودنا.

ففي سيبيريا تذوب التندرا المجمدة، وتطلق كميات كبيرة من الميثان, ومن المؤكد أن هذا سيكون محور ذا صلة اكثر باهتمام بوتين.

حتى مع استمرار الحروب في أوكرانيا أو اليمن أو جنوب السودان والعديد من الأماكن الأخرى، يمكننا إما أن نسلك الطريق المهلك ونقول الحمد لله أن لدينا أسلحة نووية لمنع الطغاة من القيام بأشياء أسوأ، حتى مع استمرارنا في الاعتماد على الأسلحة التي ستفعل ذلك.

يكاد يكون من الحتمي أن نفعل ذلك في مكان ما في المستقبل الزمني ما لم نتغير

أو يمكننا التفكير في الردع كجسر يعبر بنا الى الفكر الجديد الذي يؤدي إلى تجاوز العصر النووي.

تنفق الدول النووية التسع تريليونات الدولارات على الأسلحة على أساس الافتراض الوهمي بأنه إذا امتلكناها فلن يتم استخدامها أبداً, لكننا نرفض إنفاق جزء ضئيل من هذا المبلغ على مؤتمر دائم للمسؤولين رفيعي المستوى يتحدثون من خلاله عن حماقة النظام الحالي وتبادل الأفكار معاً حول كيفية تجاوزه.

إلى أي مدى يزيد نظام الردع من حدة التوترات بين القوى النووية العظمى؟ هل يمكن جعل القادة الوطنيين يرون إلى أي مدى من مصلحتهم إبرام معاهدات تبدأ دورة يمكن التحقق منها لتقليص الأسلحة النووية؟

يجب أن يشمل المؤتمر تلك الدول التي لا تمتلك أسلحة نووية ولكنها ترغب في ذلك، وكذلك تلك الدول التي توافق بالفعل على أن امتلاك الأسلحة النووية أسوأ من عدم امتلاكها.

وكخطوة أولى، تنتظر معاهدة الأمم المتحدة بشأن حظر الأسلحة النووية الموقع الأول من بين القوى النووية التسع.

قال جنرال روماني ذات مرة، “إذا كنت تريد السلام، فاستعد للحرب”, في العصر النووي، إذا أردنا السلام، فلا خيار أمامنا سوى الاستعداد بشكل وقائي للسلام.

يتطلب ذلك بناء اتفاق حول المبادئ الأساسية عبر الأنظمة السياسية المتنوعة.

كانت شبكة الإنترنت العالمية حتى الآن بمثابة سيف ذو حدين, بينما تنشر الكراهية والمعلومات المضللة، ويمكن أن تساعد أيضاً في بناء رؤية مشتركة قائمة على الحقيقة.

هناك إمكانات هائلة في الشبكات التي تربط جميع أنحاء العالم، والخلايا العصبية التي تربط نوعاً من الدماغ العالمي, يمكنه مشاركة المعرفة العلمية والحلول الإبداعية القابلة للتطبيق في العديد من المواقع.

قد تصبح هذه المشاركة، في يوم من الأيام، أقوى من الحكومات الوطنية، لأنها ستضخم كل ما يشترك فيه البشر، متجاوزاً الصور النمطية للأعداء المبتذلة والتي تمثل مخزون القومية الاستبدادية من البضائع وستتمكن الحقيقة دائماً من التسلل في النهاية إلى ما بعد عوامل التنقية الخاصة بهم.

تبقى بعض الحقائق الكبيرة نقطة انطلاق جيدة لبناء اتفاقية: لدينا الكثير من القواسم المشتركة أكثر مما يفرقنا.

نحن نتشارك في كوكب واحد ونظام واحد لدعم الحياة، وتاريخ تطوري مشترك، ورغبة جماعية ليعيش أطفالنا حياة أفضل من حياتنا، ومستقبل مترابط حيث يعتمد بقاءنا على بعضنا البعض.

إننا نرى هذا الترابط في البقاء على قيد الحياة بشكل أكثر حدة من انتشار أسلحة الدمار الشامل, ولكن حتى عندما تكون هذه الأمور غير مبنية على أسس سليمة، فإن الاعتماد المتبادل بين البشر فيما بينهم والمحيط الحيوي سيظل حالتنا التي لا مفر منها وهي حقيقة نبني عليها نظاماً أمنياً دولياً أكثر فاعلية.

* بقلم: وينسلو مايرز

*23 مايو 2022( موقع”LA Progressive” الأنجليزي- ترجمة: انيسة معيض, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)

* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع