ابن سلمان يعترف بهزيمته
السياسية – رصد :
الخبير في شؤون المنطقة السيد صباح زنكنة في مقابلة مع “الوقت”:
بعد انقطاع دام عدة أشهر في المفاوضات بين الوفدين المفاوضين الإيراني والسعودي، عقدت جولة جديدة وخامسة من المحادثات بين البلدين في 21 أبريل 2022، بحضور ممثل عن الحكومة العراقية في بغداد.
في هذه الجولة من المحادثات، قيَّمت مصادر مطلعة أجواء المحادثات بشكل إيجابي، وكشفت أنه تم التوصل إلى بعض بنود الاتفاق بين الجانبين.
يأتي عقد خمس جولات من المحادثات بين إيران والسعودية، في الوقت الذي أعلن فيه الرئيس العراقي برهم صالح لأول مرة في مايو 2021 أن العراق سيستضيف محادثات إيرانية سعودية ومحادثات مباشرة بين البلدين، بعد سنوات من العلاقات المتوترة.
ومن هذا المنطلق، فإن القضايا والمحاور المحتملة للمفاوضات بين إيران والسعودية، ومستوى تقدم المفاوضات وآفاق تقدمها، تعتبر قضيةً مهمةً. وفي هذا الصدد، تحدث موقع “الوقت” مع الخبير في شؤون المنطقة صباح زنكنة، لمتابعة مختلف جوانب هذا الاجتماع.
عاملان رئيسيان وضعا الأساس لبدء الجولة الخامسة من المفاوضات
فيما يتعلق بأسباب توجه السعودية لإجراء الجولة الخامسة من المحادثات مع إيران بعد توقف لبضعة أشهر، قال الخبير في الشؤون الإقليمية:
“هناك تطوران مهمان في هذا الصدد. على المستوى الابتدائي، هناك وقف لإطلاق النار في اليمن. حيث وافقت السعودية وحرکة أنصار الله اليمنية أخيرًا على وقف إطلاق النار بعد سنوات من الصراع المتصاعد. هذا التطور مهم للغاية، وهو أحد الأسس الرئيسية لبدء جولة جديدة من المحادثات بين البلدين. في الواقع، دخلت السعودية في مفاوضات مع إيران في أجواء الهدنة. فمن ناحية، تسعى الرياض إلى إنهاء هجمات أنصار الله على هذا البلد، ومن ناحية أخرى، تأمل إيران أيضًا أن تنهي الرياض الحصار الظالم لليمن والحرب ضد هذا البلد الذي بدأت في مارس 2015.”
وأضاف: “على المستوى الثاني، يبدو أن فريق محمد بن سلمان قد توصل إلى الاعتقاد بأن السياسة الخارجية المتوترة والتدخلية لهذا البلد في المنطقة قد فشلت، وأن العلاقات مع جارتها المهمة، أي إيران، يجب أن تميل إلى وقف التصعيد. وفي هذا الصدد، نرى أن ابن سلمان وصف إيران مؤخرًا بأنها صديقة وجارة”.
توترات إدارة بايدن مع الرياض كانت عاملاً في ميل الرياض إلى نزع فتيل التوترات مع طهران
وفي جانب آخر من تصريحاته حول دور التوترات بين السعودية والولايات المتحدة في إدارة بايدن، أكد الخبير في الشؤون الإقليمية استعداد السعودية للتفاوض مع إيران، وقال:
“في الأساس، يمكن تحليل السياسة الخارجية لإدارة بايدن تجاه السعودية، في سياق نهج السياسة الخارجية الكلية للحزب الديمقراطي. هناك وجهتا نظر داخل الحزب الديمقراطي؛ الأولی هي الحظر العسكري على السعودية بسبب قضايا حقوق الإنسان، والأخری استمرار العلاقات معها على شكل عهد ترامب. في الأساس، خلال العام الماضي، رأينا أن الطيف الذي يبدو مؤيدًا لحقوق الإنسان قد هيمن على سياسة البيت الأبيض تجاه السعودية. وكانت نتيجة هذه السياسة، تعليق إرسال المعدات العسكرية إلی السعودية وبرودة العلاقات بين البلدين”.
وتابع: “أدى مجموع هذا الاتجاه إلى تقليص العلاقات بين البلدين، واتخذ محمد بن سلمان أيضًا مواقف ضد الحكومة الأمريكية في بعض القضايا، مثل حرب أوكرانيا وزيادة إمداد السوق العالمية بالنفط. وفي مثل هذه الظروف، يبدو أن محمد بن سلمان، المحبط من الدعم الأمريكي، انتهج سياسة خفض التصعيد مع جيرانه، وخاصةً جمهورية إيران الإسلامية. کما أن هجمات أنصار الله على مجمع أرامكو النفطي وعدم دعم واشنطن لهذا البلد، جعلا مسألة التقارب بين طهران والرياض كضرورة. ولذلك، يمكن تقييم التوتر في علاقات واشنطن مع الرياض كعامل فعال في بدء الجولات الخمس الأخيرة من المحادثات بين إيران والسعودية”.
إدارة التوترات الإقليمية هي أهم تحدٍّ في المفاوضات بين البلدين
وفي جزء آخر من تصريحاته بخصوص أهم المعوقات في طريق محادثات السلام بين إيران والسعودية، قال زنکنة:
“بشكل أساسي، يمكن قراءة أهم قضية في الخلاف بين البلدين في شكل مفهوم مهم، وهو موضوع “إدارة التوترات والتهديدات الإقليمية”. لقد رسم كلا البلدين مستوى من التهديدات والفرص في التطورات التي حدثت في السنوات القليلة الماضية، ويجب على الجانبين الجلوس والتفاوض بشأن هذه القضايا في الوضع الجديد. ولا تقتصر مسألة “إدارة التوترات والتهديدات الإقليمية” على الأزمة اليمنية، بل تشمل أيضًا مجموعةً من الخلافات في دول أخرى في المنطقة، مثل لبنان والعراق وسوريا وفلسطين وغيرها.
هناك تقدم في المفاوضات وآفاق التوصل إلى اتفاق إيجابي
وشدد الخبير في الشؤون الإقليمية على أن القضايا بين إيران والسعودية ليست جديدةً وعميقةً للغاية، ويمكن حلها بسهولة إذا تحلی الطرفان بالمرونة. وفيما يتعلق بمستوى تقدم المفاوضات، قال:
“ما يتضح من الأدلة حتى الآن هو أنه تم وضع مذكرة تفاهم من 10 نقاط بين إيران والسعودية. وهناك اتفاق آخر محتمل، وهو أن الجولة القادمة من المحادثات الإيرانية السعودية ستجرى على المستوى الدبلوماسي. وهذا يعني أن الجولة القادمة من المحادثات في بغداد ربما يحضرها وزيرا خارجية البلدين”.
وبشأن آفاق المحادثات، أكد السيد زنکنة: “بالنظر إلى مستويات التقدم في المحادثات، يمكن رسم نظرة إيجابية فيما يتعلق بالمحادثات بين إيران والسعودية. في الواقع، بعد ما يقرب من عقد من العلاقات المتوترة، يبدو أن حكام الرياض قد قبلوا إرادة طهران الإيجابية لنزع فتيل التوترات والانخراط في حوار إقليمي، وقبول الواقع بالنهج الصحيح. وفي هذا الصدد، فإن إعادة فتح سفارتي البلدين في الرياض والعراق، يمكن أن تكون الخطوة الأولى في هذا الاتجاه”.
* المصدر :الوقت التحليلي
* المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع