الأجنة في خطر… “زيكا” يعود للمشهد
السياسية:
عاد الحديث مجدداً حول فيروس زيكا، بعدما حذر باحثون من إمكانية حدوث تفش كبير وظهور متحورات جديدة للفيروس الذي اكتشف للمرة الأولى في العام 1947 عند القردة في غابة زيكا بأوغندا، لكنه لم يكن معروفاً نسبياً حتى عام 2007، عندما حدثت أول إصابة واسعة النطاق في جزر جنوب المحيط الهادئ.
في مايو (أيار) 2015، أبلغ عن انتقال محلي في أميركا الجنوبية، ثم في أميركا الوسطى ومنطقة البحر الكاريبي، ووصل إلى المكسيك في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) 2015. ويعني الانتقال المحلي أن الأشخاص يلسعون من البعوض المصاب بالعدوى في أماكن عيشهم أو عملهم، بدلاً عن إصابتهم بالعدوى خلال سفرهم.
واعتباراً من مايو 2017، أبلغ عن حالات عدوى بفيروس زيكا، تنتقل محلياً في مقاطعة ميامى-داد في جنوب شرقي ولاية فلوريدا وبراونزفيل بولاية تكساس. وبداية من ديسمبر (كانون الأول) 2019، لم يجر الإبلاغ عن حالات جديدة لفيروس زيكا المنتقل محلياً في الولايات المتحدة. وجرى الإبلاغ عن عدوى الفيروس لدى المسافرين العائدين إلى أميركا بعد سفرهم إلى البلدان التي ينتقل فيها الفيروس محلياً.
بداية ظهوره وأعراضه
الاختصاصي في الأمراض الجرثومية والمعدية، الدكتور جاك مخباط، يوضح أن “فيروس زيكا ظهر في جنوب أميركا بين عامي 2015 – 2016 وانتشر بخاصة في البرازيل، ومنها إلى دول أخرى، ووصل إلى جنوب الولايات المتحدة وأوروبا الغربية وأفريقيا. وعلى الرغم من أن الإصابة بهذا الفيروس تحدث عوارض طفيفة كالزكام، لكن أهم التفاعلات الثانوية تحصل عندما يصيب هذا الفيروس المرأة الحامل، فتنجم عن ذلك تشوهات خلقية كثيرة، وأبرزها انكماش حجم الرأس والدماغ عند الجنين”.
ويشرح أن “الفيروس ينتقل بلسعة من بعوض من نوع (أيدس) وبخاصة النوع الذي ينقل فيروس الدنكة، وينتقل كذلك عبر علاقات جنسية، وقد توفر الإصابة بالدنكة نوعاً من المناعة ضد الزيكا”.
وبحسب الدراسات، لا تظهر أي أعراض على معظم الأشخاص المصابين بفيروس زيكا، ولا يعلم الكثيرون أنهم مصابون. وإذا ظهرت الأعراض، فإنها تكون خفيفة عادة، وحالات العدوى الشديدة التي تتطلب دخول المستشفى غير شائعة. كما أن الموت بسبب عدوى فيروس زيكا أمر نادر الحدوث.
وتشتمل أعراض الإصابة بفيروس زيكا على الحمى، والتهاب الملتحمة، وأوجاع المفاصل والعضلات، وآلام خلف العينين، والصداع، والطفح الجلدي الأحمر والمتكتل، وتستمر من 4 إلى 7 أيام. وفي حالات نادرة، تحدث متلازمة غيلان باريه بعد عدوى فيروس زيكا، وهي اضطراب عصبي يسبب ضعف العضلات والإحساس بالوخز أو نقص الإحساس الذي يستمر لفترة محدودة عادةً.
ويمكن أن تؤدي العدوى بفيروس زيكا خلال فترة الحمل إلى صغر رأس الطفل؛ لأن الدماغ لا يتطور بشكل طبيعي وهو صغير. ويمكن أن يعاني الأطفال المصابون بالعدوى قبل الولادة الكثير من المشكلات بالإضافة إلى صغر الرأس، حيث تنطوي في بعض الأحيان على الاختلاجات؛ إذ یواجه الأطفال مشكلات في الكلام، ويمكن أن يتأخر لديهم الجلوس والوقوف والمشي أكثر من المتوقع. وقد يواجهون الإعاقة الذهنية أو الفكرية، ومشكلات في الحركة والتوازن، مشكلات التغذية مثل صعوبة البلع، ونقص السمع، ومشكلة في الرؤية.
وجرى ربط الكثير من حالات صغر الرأس بفيروس زيكا في الولايات المتحدة، فمن المحتمل أن تكون أمهات هؤلاء الأطفال مصابات بالعدوى عندما سافرن إلى بلد تنتشر فيه فيروس زيكا. ويمكن أن تسبب العدوى تشوهات أخرى في الدماغ وفي العينين. وقد يعاني الأطفال المصابون ظهور جلد زائد على فروة الرأس.
اختبارات الدم أو البول يمكنها كشف الفيروس إذا أجريت في غضون أسبوع أو اثنين من بدء الأعراض. وقد تستخدم هذه الاختبارات تقنية تفاعل البوليميراز المتسلسل، والذي يزيد من كمية المادة الجينية للفيروس، وبذلك يسهل اكتشافه. كما تجرى الاختبارات للتحري عن وجود الأجسام المضادة لفيروس زيكا في الدم.
غياب العلاج والاعتماد على الوقاية
لا يوجد حالياً لقاح للوقاية من فيروس زيكا، على الرغم من أن البحوث الرامية إلى تطوير لقاح في حالة تقدم. لكن تلجأ بعض المناطق التي تشيع فيها العدوى إلى اعتماد الوقاية من خلال مكافحة البعوض، وعلى منع لدغات البعوض عند السفر إلى هذه المناطق، وذلك بارتداء قمصان طويلة الأكمام وسراويل طويلة، والإقامة في أماكن ذات تكييف للهواء أو التي تستخدم فيها ستائر على النوافذ والأبواب لمنع دخول البعوض، والنوم تحت شبكة للبعوض على الأسرة في الأماكن التي لا يوجد فيها ستائر أو تكييف للهواء بشكل كاف.
كذلك، يمكن استخدام طاردات الحشرات المسجلة أو المعتمدة من وكالة حماية البيئة، مع مكونات مثل ثنائي إيثيل تولواميد أو غيره من المكونات الفعالة المعتمدة، على سطوح الجلد المكشوفة، ومعالجة الملابس أو تشريبها بالمبيد الحشري “بيرميثرين” (لكن، لا يطبق ذلك على الجلد مباشرة). بالتالي، لا توجد معالجة محددة للعدوى بفيروس زيكا، ولكن يمكن أن تفيد الراحة وشرب الكثير من السوائل واستعمال الأسيتامينوفين لتخفيف شدة الحمى والألم.
أما ما يحصل أخيراً، فيوضحه مخباط بقوله “هو ظهور طفرات جينية قد تعطي زيكا قوة التغلب على المناعة المعطاة من الإصابة بالدنكة مما قد يزيد من عدد الإصابات بنسبة وبائية وربما بنسبة أخطر. هذه هي فقط بعد استنتاجات العلماء من دون ظهور أية حالات وبائية حتى الآن.
وعن الخوف الناجم عن انتشاره من جديد، يقول إن “الخوف ناجم عن خطر تغيير جيني في الفيروس يجعله أكثر انتقالاً”، لافتاً إلى أن “هناك عدداً من الحالات التي كشف عنها بالهند في نوفمبر 2021 وهي 89 حالة، وهناك تقرير ظهر في المجلة العلمية البريطانية Cell Reports منذ أقل من شهر”.
* المصدر: اندبندنت عربية