تفاقم أزمة سلسلة التوريد مع استمرار الحرب الروسية ضد أوكرانيا
السياسية:
بقلم: إدوارد سيغال
ترجمة: انيسة معيض-سبأ
مع تصاعد حرب روسيا ضد أوكرانيا وتكثيف العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة ودول أخرى، تلقي بضلالها على سلاسل التوريد في جميع أنحاء العالم.
“الغزو الروسي لأوكرانيا هو غزو لسلسلة التوريد العالمية”, وفقاً لجنيفر بيسجلي، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة Interos”” لإدارة مخاطر سلسلة التوريد.
“إن بيانات شركتها تظهر أن ما يقرب من 300 ألف شركة في الولايات المتحدة وأوروبا لديها موردون في روسيا وأوكرانيا، مما يعرض اقتصادهم الوطني للخطر, هذا هو مدى ترابط العالم اليوم”.
أكبر تحول في سلاسل التوريد
“أننا نشهد أكبر تحول في سلاسل التوريد منذ بدء عصر العولمة – التعطيل الدائم هو الوضع الطبيعي الجديد”.
الآن وفي المستقبل، ستكون المراقبة المستمرة في الوقت الفعلي لكل مستوى من مستويات سلسلة التوريد هي القاعدة لمساعدة الشركات على المضي قدماً في الأزمة التالية.
بالإضافة إلى ذلك، سيحتاج القادة إلى النظر في الاستثمار في استراتيجيات جديدة للتوريد البديل والتي قد تشمل مزيجاً من شركاء التوريد الإقليميين والعالميين.
من أن الضغط المستمر على سلاسل التوريد العالمية سيؤدي إلى تفاقم الاختلالات بين العرض والطلب، مما يؤدي إلى زيادة التضخم والركود المحتمل.
التأثير الفوري يختلف
تؤثر الضغوط المتزايدة على سلاسل التوريد على الأشخاص والصناعات بطرق مختلفة.
أشار ألكسندر توميك عميد مشارك للاستراتيجيات والابتكار والتكنولوجيا في كلية بوسطن إلى أن “تأثير الحرب على سلسلة التوريد قد اختلف بشكل كبير بناءً على الصناعة.
لقد أصبحت سلاسل الإمداد الغذائي معقدة للغاية بسبب عدم قدرة روسيا وأوكرانيا على توفير الأسمدة والسلع مثل القمح أو زيت عباد الشمس.
وفقاً لتوميك ” يتمثل أحد التأثيرات العامة في المعادن والخامات، حيث تعد روسيا وأوكرانيا منتجين مهمين لسلع مثل الألمنيوم والصلب والبلاتين.
يأتي أكبر تأثير واسع من ارتفاع أسعار النفط والذي يساهم بشكل أكبر في الضغوط التضخمية مما يؤثر على التسليم الفعلي للسلع.
تغيير الأولويات:
أشار سانغ كيم أستاذ إدارة العمليات في كلية ييل للإدارة, تشمل خبرته إدارة سلسلة التوريد وعمليات الخدمة, إلى أن الحرب تشير إلى حافز آخر للحركة نحو نزع عولمة سلاسل التوريد.
من خلال الأحداث الأخيرة مثل الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، والاضطرابات الناجمة عن فيروس كرونا، يليها الصراع المسلح الرئيسي، بدأت العديد من الشركات التي كانت متشككة في فكرة إعادة التوريد وتعدد المصادر في إعادة النظر في خياراتها “إن العيش في عصر عدم التوازن، وكل شيء يحدث فجأة تبعاً “فقط للحالة” ولا يبدو منطقياً أن يكون تبعاً “للوقت المناسب”.
واختتم كيم قائلاً: “بعد الصدمات من هذه الأحداث المتتالية، أظن أن الزخم سيتم بناؤه نحو نموذج لسلاسل التوريد الإقليمية، مع ضعف الروابط في بعض المناطق ولكن أيضاً تعزيزها في الزوايا الأخرى”.
زيادة الحذر:
توماس جولدسبي رئيس قسم اللوجستيات في هاسلام ماجستير العلوم في إدارة سلسلة التوريد بجامعة تينيسي, يرى إن الغزو الروسي لأوكرانيا أثار التحذير من مصنعي التكنولوجيا الفائقة الذين فشل توريد منتجاتهم في مواكبة الطلب منذ بداية الوباء, وضعت العديد من شركات التكنولوجيا الكبرى منشآت في بولندا والمجر، على سبيل المثال، وتلك قريبة جداً من منطقة القتال الآن.
ذلك يجبر تلك الشركات على تحويل السعة والحجم إلى مناطق أكثر أماناً, مثل أمريكا الشمالية والجنوبية, هذه الاعتبارات تدعم الحوار المستمر الذي نشهده حول البحث عن ملاذات أكثر أماناً وأكثر تأكيداً للإمداد, وهذا يشير إلى البحث عن مصادر محلية – وإن لم تكن محلية – قريبة من مواقع آمنة وموثوقة”.
“الأمور ستسوء”
ميكولا فولكيفسكي مستشار سابق لعضو في البرلمان الأوكراني, أشار إلى أن “أوروبا والعالم يواجهان اليوم ارتفاعاً حاداً في أسعار الغذاء والطاقة، لكن الأمور ستزداد سوءاً في المستقبل”.
ستضرب الحرب الروسية الأوكرانية المستهلكين في جميع أنحاء العالم وتبطئ تعافي الاقتصاد العالمي
نتوقع تعقيدات كبيرة مع ربحية الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، مع تفاقم الجوع وسوء التغذية، ومشاكل الإنتاج المستدام في الهندسة الميكانيكية، والبناء التقليدي والمزيد.
“تظل أوكرانيا مُصدِّراً رئيسياً للمنتجات المسطحة (المعادن)، والخامات، والسبائك الحديدية، والمعادن، والمنتجات الهندسية، وما إلى ذلك, ولا يلزم التذكير بواردات القمح والعسل وزيت عباد الشمس والذرة واللحوم- فهي ضخمة جداً”.
نصائح لقادة الأعمال:
قال توميك من كلية بوسطن: “ما يمكن أن تفعله الشركات هو الحد من تعرضها لروسيا و / أو أوكرانيا, هذا يعني إيجاد مصادر بديلة وموردين, في بعض الصناعات ليس من الصعب جدا تحقيقه.
في مناطق أخرى، مثل السلع الزراعية، قد تستغرق المناطق الأخرى بعض الوقت لزرع وتنمية السلع المتأثرة.
“بشكل عام، الطاقة الإنتاجية في الغرب مضغوطة بسبب قضايا مثل سوق العمل الضيق وعدم اليقين بشأن المدة التي ستستمر فيها الأسعار المرتفعة.
فكلما طالت مدة العقوبات المفروضة على روسيا، وكلما طالت مدة محدودية الطاقة الإنتاجية في أوكرانيا، زاد احتمال تطوير مصادر بديلة في الغرب.
ومع ذلك، يوجد الآن قدر كبير من عدم اليقين الذي يجعل الشركات الغربية متقلبة للاستثمار في القدرات اللازمة لتخفيف الضغوط الحالية.
خسارة الحياة:
في النهاية، تدور أزمة سلسلة التوريد حول كيفية تأثيرها على الناس, يرى مارك لوكوك هو وكيل الأمين العام السابق للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، وهو الآن أستاذ زائر في كلية لندن للاقتصاد, أن “اضطراب السوق وارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود والأسمدة سيزيد من عدد الأشخاص غير القادرين على تأمين ما يكفي من الغذاء للبقاء على قيد الحياة دون مساعدة الطوارئ الدولية.
وحذر من أن “حوالي 100 مليون شخص في دول من أفغانستان إلى القرن الأفريقي واليمن وأماكن أخرى معرضون للخطر لأنهم يحتاجون إلى كميات كبيرة من واردات الحبوب ولديهم قدرة قليلة على تمويلها بأنفسهم وبالتالي يعتمدون على وكالات الإغاثة الدولية”.
“يقوم المانحون بتحويل الموارد إلى أوكرانيا، لذلك هناك القليل بالنسبة للبلدان الأخرى، والمال المتاح يشتري أقل القليل مع ارتفاع الأسعار, وما لم يتم التعامل مع هذا الأمر، فمن المحتمل جداً أن أكبر خسارة في الأرواح التي تُعزى إلى الحرب لن تكون في أوكرانيا ولكن في أماكن أخرى حيث ملايين الناس بالفعل على وشك المجاعة”.
- المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع
- صحيفة”forbs –فوربز” الأمريكية-