السياسية:
صرح رئيس المركز الوطني لإدارة الدفاع، الفريق أول ميخائيل ميزينتسيف، بما يلي:

“بالنظر إلى الحالة الإنسانية الأليمة، (…) وكذلك إلى حقيقة أن الجماعات المتباينة من المقاتلين من التشكيلات القومية المتطرفة ليست خاضعة لسيطرة كييف الرسمية، فإن القوات المسلحة الروسية، واستنادا إلى أسباب إنسانية بحتة، تقترح على وحدات القوات المسلحة الأوكرانية، وكتائب الدفاع الإقليمي والمرتزقة الأجانب، وقفا للأعمال العدائية بدءا من الساعة 06:00 صباح 5 أبريل 2022 بتوقيت موسكو، وإلقاء الأسلحة والمغادرة على طول الطريق المتفق عليه مع الجانب الأوكراني في اتجاه مدينة “زابوروجيه” إلى الأراضي التي تسيطر عليها كييف، وذلك بغرض إنقاذ المدنيين”.

كان رد فعلي الأول على التصريح أن الرجل قد جن جنونه. أن يعرض على النازيين بعد تدمير ماريوبول المغادرة هكذا بلا استسلام إلى الأراضي التي تسيطر عليها كييف؟ ليست تلك سوى ذروة السخرية والجنون!!! من أجل ماذا وقعت كل تلك الضحايا؟

ومع ذلك، وبعد بعض التفكير، توصلت إلى الاستنتاجين التاليين:

الأول، أن تدمير الوحدات الأوكرانية الآن ومعهم النازيين الذين استقروا في وسط “ماريوبول”، سيؤدي إلى قتال الوحدات الأوكرانية عند تحرير مدن أخرى حتى النهاية، ويحكمون بذلك على المدن بالدمار الكامل.

لقد بدأ الجيش، كما كنت أظن، باستخدام التكتيكات التي كفلت له النصر في سوريا.

سيتم صنع نظير لإدلب السورية في غرب أوكرانيا، إلى حيث سيتدفق الإرهابيون والنازيون الأوكرانيون والمرتزقة الأجانب وما تبقى من الجيش الأوكراني. سيتم تطويق المدن، وتوفير ممرات إنسانية للسكان، وبعد ذلك، مع القصف العنيف، سيتم توجيه إنذارات مماثلة.

بصراحة، لدي شك في أن التجربة السورية ستنجح في هذه المرحلة، لأن النازية الأوكرانية شيء آخر أكثر لؤما حتى من تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق. أخشى أن يهدف النازيون عن عمد إلى تدمير المدن الناطقة بالروسية في جنوب وشرق أوكرانيا، ولا يتركونها إلا بعد تدميرها بالكامل. كما أنهم لن يطلقوا سراح المدنيين. وبالتالي، فإن التأثير الإيجابي سيكون ضئيلا.

إلا أنني مع ذلك أوافق على ضرورة التجربة على الأقل، فلا مخرج سوى ذلك.

الثاني، أن النازيين والقوات الأوكرانية تركوا في “ماريوبول” ليموتوا من قبل نظام زيلينسكي دون أمل في مساعدة الجيش الأوكراني، وقد حشد النازيون في بقية الأراضي الأوكرانية المؤيدين وضغطوا على زيلينسكي لإلغاء حصار ماريوبول، ولكن من دون أي نتيجة على ما يبدو.

وإذا وجدت القوات المحاصرة في “ماريوبول” ومعهم النازيون أنفسهم مرة أخرى على الأراضي الأوكرانية، فليس معروفا لمن سيكونون أكثر خطورة: للجيش الروسي أم لزيلينسكي.

لقد قلت في السابق إن زعزعة استقرار العدو في هذه الحرب قد يكون أكثر أهمية من كسب المعركة.

وبناء على مجموعة من العوامل، أميل إلى الموافقة على أن الأمر يستحق تجربة هذا التكتيك عدو مرات، ربما ينجح.

بالإضافة إلى ذلك، فقد اتضح لي أن الجيش الروسي إما كان يمتلك هذه الخطة من البداية أو توصل إليها أخيرا، والتي لا تقتصر على هزيمة الجيش الأوكراني، وإنما تشمل كذلك فرض السيطرة على المناطق والمدن الكبيرة، وهو ما ظل سؤالا مطروحا حتى اليوم.

يعني ذلك أيضا أن الحرب سوف تكون طويلة، وأن تدمير الاقتصاد الأوكراني سيكون هائلا. وأن روسيا لن تتسرع في تحمل عبء رعاية جميع سكان أوكرانيا. فقد كانت هذه الدولة الفاشلة دائما في حاجة إلى التمويل الخارجي، وهي الآن ستتطلب من الغرب عشرات المليارات من الدولارات شهريا. ولن يكون الغرب قادرا على حصر نفسه في إمداد أوكرانيا بالسلاح، وإلا ستبدأ المجاعة في البلاد، وسوف يكره الأوكرانيون أولئك الذين دفعوهم إلى الحرب مع روسيا.

أسلفت من قبل أن روسيا تحارب الولايات المتحدة الأمريكية في أوكرانيا، والأسلحة في هذه الحرب ليست الطائرات أو الدبابات، وإنما استنزاف الموارد وزعزعة الاستقرار الداخلي للعدو.

بطريقة أو بأخرى، فقد بدأت تكتيكات واستراتيجيات الجيش الروسي في أوكرانيا تتخذ شكلا أوضح. وفي رأيي المتواضع، وعلى الأقل من وجهة نظر الاقتصاد، فإن مثل هذه الاستراتيجية تبدو معقولة للغاية.

* بقلم المحلل السياسي: ألكسندر نازاروف

* المادة الصحفية نقلت حرفيا من موقع روسيا اليوم وتعبر عن راي الكاتب