أنتم مفضوحون ولا شيء يستركم
في شرم الشيخ، ومن حرارة اللقاء، شعر بينيت بأنه في بيته. لذا، بات ليلته هناك آمناً مطمئناً.
رشاد أبو شاور *
الذين ابْتَلَوْا مفضوحون، وهم يحاولون أن يستتروا، لكنّ أصابعهم لا تسترهم. فهذه ليست أول مرّة يحاولون أن يستتروا فيها، فهم مكشوفون وعراة تماماً أمام “شعوبهم”، أقصد شعوبنا؛ يعني أمتنا المقهورة بفساد حكمهم وظلمهم لها. الناس يرونهم، ويتابعون تحركاتهم وممارساتهم، وهي تقع على أبدان الناس وعقولهم وأرواحهم: تخلفاً، وجوعاً، وغربةً في الأوطان، وشعوراً بالمهانة. فقر وغلاء وجوع وذلّ طوال عقود، يتوارثها حاكم فاسد بعد آخر، ولا شيء يتغيًر إلاّ إلى الأسوأ. ما هذا التشاطر؟! نفتالي بينيت، المجرم، قاتل العرب الفلسطينيين، المتباهي بقتلهم كصهيوني أصيل منذ كان ضابطاً شرساً حتى صار رئيس وزراء، يصل إلى شرم الشيخ، ومتى؟ عندما يصل محمد بن زايد، بحجة زيارة مصر للقاء الرئيس المصري من أجل البحث في “أوضاع” المنطقة والعالم!
التقى الثلاثة في شرم الشيخ، ووجودهم لم يكن صدفة محضة. و”القائدان” العربيان ، السيسي وابن زايد، محرَجان، بينما بينيت فخور وفَرِح ومعنيّ بـ”فضح” اللقاء، ككل قادة الكيان الصهيوني، لأنه يريد مكاسب لنفسه وللكيان، وهو يعرف هشاشة كثيرين من “حكّام” العرب وضعفهم، وعدم شرعيتهم، وحاجتهم إلى الحماية، سواء من أميركا أو من “علاقة” بالكيان الصهيوني الوكيل في “المنطقة”، والسند في توسل الرضا الأميركي.
غالباً كانت علاقة حكام عرب، ضالّين بائعين لا يحظون بالشرعية، بالحركة الصهيونية والكيان الصهيوني سريّة، لكنها بعد مؤسس التطبيع والتبعية المعلنة لأميركا، منذ “كامب ديفيد” أنور السادات، باتت معلنة، وغير ملتبسة، وتكرست منذ اتفاقيتَي أوسلو ووادي عربة. وهي، بعد الاندفاع الخليجي الإماراتي البحريني، ومن قبلُ القطري، صارت نهجاً لا يخجل ناهجوه، وقد انتقلوا به إلى مراحل أداروا فيها ظهورهم لفلسطين، وللعروبة، وللإسلام، ولكل القيم الإنسانية، التي تتجلّى في مساندة فلسطين وشعبها ودعمهما. فالاحتلال وممارساته ترفضها شعوب ودول وتجمعات في العالم، لا هي عربية ولا هي إسلامية.
على من يدلس هؤلاء؟ وإعلامهم الأبله المتساذج يعلن عقد لقاءات ثنائية بين السيسي وابن زايد في شرم الشيخ، بينما بينيت يتمتع بدفء شرم الشيخ، ويتبادل “الأفكار” مع الرئيس السيسي وابن زايد؟ في لهجاتنا الشعبية العربية، وهي متشابهة، أمثلة “بذيئة” تنطبق على سلوك هؤلاء الحكام، لكنني لا أريد أن أخدش نظر القرّاء العرب. والأمثلة معروفة، وتنطبق على من اجتمعوا في شرم الشيخ، ولا عجب.
إنني أعود وأسأل بحرقة، مثل ملايين العرب، وفي مقدمتهم أهلنا في مصر المحروسة: ماذا حققت مصر منذ “كامب ديفيد” حتى يومنا؟ كانت مصر قائدة للأمة العربية، وديونها قليلة، وتعليمها أفضل، ومكانتها الأفريقية عالية وفاعلة. ومن دون شماتة، ومع محبة لمصر وتقدير لتاريخَيْها القريب والبعيد، أسأل: أين هي الآن؟ تحرص على رضا الكيان الصهيوني، ورضا أميركا وبركاتها! تتفرج على آلام فلسطين وشعبها، والعدوان على شعب اليمن، وتهديد لبنان، ونهب ثروات سوريا وعدوان أميركا عليها، واحتلال تركيا أجزاء منها، وتهديد الانفصاليين الكرد وحدتَها ونسيجها الاجتماعي، وقصفها باستمرار بالصواريخ المدمِّرة من كيان مجرم يقوده بينيت، ضيف مصر المُكرَّم!
أيُعقل أن السيسي وابن زايد التقيا ليبحثا في مجريات الحرب في أوكرانيا ومآلاتها، والعقوبات على روسيا، وما ستجرّ من ارتفاع في سعر كل من النفط والغاز؟ أهما قَلِقان على مصير البشرية إلى هذا الجد؟! هل خرجا بقرار أن يكونا وسيطين عند رئيس أوكرانيا الإسرائيلي الصهيوني – هذه ليست تهمة، لكنها حقيقة معروفة عنه وعن عدد من حكام أوكرانيا الصهاينة، الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية – علماً بأن بينيت الصهيوني يتمنى لو نجحت أوكرانيا في امتلاك السلاح النووي، ووقفت عند حدود روسيا متحدية. لكن روسيا، التي عرفت ما يُدبَّر لها، أرسلت جيشها إلى دحر العدوان قبل تحقيق أهدافه!
لماذا يتلطّى السيسي وابن زايد بقاتل الفلسطينيين، المتآمر على العرب كأُمة، والذي لم يجنِ المطبعون منه ومن كيانه سوى الخسائر والمصائب؟ باختصار، لأنهما ضعيفان، خائفان من شعبيهما، ومن أمتهما، ولأنهما، عبر مواصلة منافقة الكيان الصهيوني وقادته، كما يُخَيَّل إليهما، يضمنان حكمهما وكياناتهما الإقليمية، بدلاً من الاعتماد على شعوب أمتهما، وعلى شعوب يتحكّمان فيها.
وكلمة غير أخيرة للرئيس السيسي ولابن زايد، حاكم أبو ظبي: هل سمعتما أن الكيان الصهيوني أنشأ مراكز لاستدراج يهود أوكرانيا، تقدّم الإغراءت والامتيازات لكل من يحضر منهم إلى الكيان الصهيوني، ومنها التمتع بالجنسية منذ أن تطأ قدماه أرض المطار، لأنه يعود إلى “أرض الآباء والأجداد”، في حين تُهدَم بيوت العرب الفلسطينيين على رؤوسهم، أو يقتلعون ويُرْمَوْن خارجها وهي تُهْدَم أمامهم، وقد يفرض عليهم هدمها بأيديهم حتى لا يُغرَّموا بأموال طائلة لا يملكونها، في حال هدمها الاحتلال؟!
في شرم الشيخ، من حرارة اللقاء، شعر بينيت بأنه في بيته. لذا، بات ليلته في شرم الشيخ آمناً مطمئناً. وبهذا، فهو أول رئيس وزراء للعدو ينام في مصر منذ “كامب ديفيد”! أنتم مُبْتَلَوْن، ولا شيء يستركم، وفضائحكم تتوالى، وفلسطين وملايين العرب الغاضبون والمقهورون يرونكم، ويتراكم غضبهم وقهرهم، ولن يغفروا لكم، فأنتم تسلّمون حاضر الأمة ومستقبلها إلى العدو.
* المصدر : الميادين نت
* المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة عن رأي الموقع