ضربة أربيل.. رسالة إيرانية للأمريكي والصهيوني بأن مرحلة الصبر الإستراتيجي “انتهت”
السياسية : مرزاح العسل
مثلت الضربة القوية التي وجّهتها إيران للكيان الصهيوني ومن خلفه الولايات المتحدة الأمريكية في أربيل بمنطقة كردستان العراق والتي أسفرت عن مصرع 4 ضباط من الصهاينة صفعة مدوية، ورسالة مفادها “أن مرحلة الصبر الإستراتيجي الإيرانية انتهت” لترسم بذلك معادلة عسكرية جديدة في المنطقة.
وفي هذا الصدد.. قالت إيران على لسان المتحدث باسم خارجيتها، خطيب زادة: “ليس من المقبول إطلاقا أن يتحول أحد جيراننا التي تربطنا معه علاقات عميقة في مختلف المستويات إلى بؤرة لتهديد إيران”.
وأضاف: “إيران لن تتحمل أبدًا وجود بؤرة قرب حدودها تكون بؤرة تآمر وتخريب وإرسال زمر إرهابية إلى داخل أراضيها، سواء من قبل زمر إرهابية مناهضة للثورة أو زمر إرهابية أخرى أو من قبل الكيان الصهيوني انطلاقا من الإقليم”.
وتابع زادة: إن الحكومة العراقية المركزية يقع على عاتقها “مسؤولية حتمية” بأن لا تصبح العراق مكانا لتهديد إيران.
وذكر أن الحكومة العراقية تجاهلت رسائل طهران في هذا الشأن.. قائلاً: “نأمل بأن تكون الرسالة قد وصلت” بعد الضربات الإيرانية الأخيرة.. مشدداً على أن الضربات الإيرانية على إربيل كانت “رسالة دقيقة” و”صريحة” إلى الكيان الصهيوني.
الموقف الإيراني عبر عنه أيضاً، السفيرُ الايراني في بغداد ايرج مسجدي الذي أكد أنَّ بلاده تحترمُ سيادةَ الحكومةِ والشعب العراقيين.. مشيراً إلى أنَّ الهجومَ الصاروخي على أربيل لم يستهدفْ السيادةَ العراقية، وانما كان ردا على تحركاتِ الصهاينة وقاعدة التجسسِ التابعة للموساد.
وكانت السلطات في إقليم كردستان العراق أعلنت “سقوط 12 صاروخاً باليستياً بعيد المدى في مدينة أربيل بعد منتصف ليلة السبت الماضي.. أُطلقت من جهة الشرق خارج الحدود العراقية (في إشارة إلى إيران).
وأوضحت مصادر موثوقة للميادين، أنّ المقر الأمني الاستخباري الصهيوني الذي قُصف السبت في كردستان العراق هو مركز عمليات رئيسي وليس ثانوياً لجهاز الموساد “الإسرائيلي”.. مؤكدة “مصرع 4 ضباط “إسرائيليين” بينهم امرأة، إضافة إلى 7 جرحى بينهم 4 في حال خطرة”.
وقالت المصادر: إنّ “هذا المقر ذاته كان مسؤولاً عن عملية استخبارية وعدوانية ضد إيران في الآونة الأخيرة”.
وتبنى الحرس الثوري الإيراني الهجوم رسمياً، وقال في بيان له: إنه “أمطر بصواريخ قوية ودقيقة المركز الاستراتيجي للمؤامرات الصهيونية في أربيل”.. محذراً ما وصفه بـ “الكيان الصهيوني” من أن “تكرار أفعاله الشريرة سيقابل برد حازم ومدمر”.
وكتب المستشار في اللجنة الإيرانية للمفاوضات النووية سيد محمد مرداني معلقاً على تسجيل مصور للهجوم على “تويتر” الأحد، “هذا كان في أربيل الليلة الماضية.. هذه ليست سوى البداية”.
ويذكر أن الصواريخ التي دكت مركز الموساد كان من طراز “فاتح”، بنوعيه “فاتح 110″ والمدى 300 كلم، و”فاتح- 313 ” بالمدى 500 كم، ويُعد من أدقّ الصواريخ الباليستية النقطوية لإيران.
وأصدرت “العلاقات العامة للحرس الثورة الإيراني” بيانا، في أعقاب الاعمال الشريرة التي ارتكبها الكيان الصهيوني في الآونة الأخيرة، واستهداف “المركز الاستراتيجي للتآمر والشر الصهيوني” في أربيل.
وجاء في نص البيان الذي نشر الأحد: إنه “بعد الجرائم الأخيرة التي ارتكبها الكيان الصهيوني والإعلان السابق عن أن جرائم وشرور هذا النظام المشؤوم لن تمر دون رد، تم مساء أمس استهداف “المركز الاستراتيجي للتآمر والشر الصهيوني” بصواريخ قوية ونقطوية تابعة للحرس الثوري”.
وحذر البيان الكيان الصهيوني الاجرامي من أن “تكرار أي أعمال شريرة سيواجه بردود فعل قاسية وحاسمة ومدمرة”.. مضيفاً: كما نؤكد للشعب الإيراني العظيم أن أمن وسلام الوطن الإسلامي هو الخط الأحمر للقوات المسلحة للجمهورية الإسلامية الايرانية ولن يسمحوا لأحد بتهديده أو الهجوم عليه.
وعن رسائل طهران من وراء هذه الضربة.. قال عبدالباري عطوان في مقال له نشر على صحيفة “رأي اليوم”: إن هذه الصّواريخ في رأينا لم تُدمّر مقر الموساد الصهيوني في أربيل فقط، وإنّما دمّرت المُفاوضات النوويّة مع الدّول الـ6 الكُبرى في فيينا، وأعلنت وفاة الجولة الخامسة من المُفاوضات مع السعوديّة”.
واعتبر عطوان أن هذه الصّواريخ رسالةٌ قويّة ليس للكيان الصهيوني فقط، وإنّما لراعيتها الأمريكيّة أيضًا، فالصّواريخ الـ12 قصفت القنصليّة الأمريكيّة الجديدة أيضًا، إذا صحّت الرواية الرسميّة لحُكومة أربيل، وهي القنصليّة التي يُراد لها أن تكون بديلًا للسّفارة الأمريكيّة في بغداد بعد أن أصبحت غير أمنة، وباتت تحت رحمة صواريخ الحشد الشعبي، ولسان حال صواريخ الحرس الثوري، يقول سنُطاردكم، ونَصِل إليكُم في كُلّ مكانٍ تهربون إليه.
وفي هذا السياق أيضاً، نشرت الصحفية في صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية فارناز فصيحي عبر حسابها على “تويتر” تغريدة أشارت فيها الى أنّ مسؤولًا أمريكيًا رفيع المستوى مطّلع على هجوم أربيل أبلغ زميلها إريك شميت أن المبنى الذي دكّته الصواريخ الباليستية في أربيل يستخدم كمنشأة تدريب صهيونية.
وأضاف المسؤول الذي لم تكشف عن اسمه: “إنّ الحرس الثوري لم يستهدف القنصلية الأمريكية القريبة من المبنى لكنه لا يمانع في ذلك”.
ويرى خبراء ومراقبون أن ضرب المركز الاستراتيجي للتآمر والشر الصهيوني في أربيل، ينقل المواجهة الايرانية للانتهاكات الصهيونية إلى مرحلة المواجهات المباشرة.
وبعد إعلان الحرس الثوري عن قصفه “المركز الإستراتيجي للمؤامرات الصهيونية في أربيل” بصواريخ قوية ودقيقة على خلفية جريمة اغتياله الغاشم لـ2 من منتسبيه في سوريا، تجدر الاشارة إلى تصريحات قائد الثورة الاسلامية السيد على الخامنئي قبل عقد من الزمن، والتي قال فيها: “يتعين على أمريكا وحلفائها وكلب حراستها الكيان الصهيوني في المنطقة، أن يدركوا بان ردّ الشعب الايراني على إي اعتداء سيؤدي الى تدميرهم وانهيارهم من الصلب”.
ويقول باحثون سياسيون: إن إيران جربت في الفترة الماضية سياسية “الصبر الاستراتيجي” بسبب الضغوط الاقتصادية المفروضة عليها، ولم تبادر بالرد الفوري على جرائم “الكيان الصهيوني” لتفادي تأثيرها على الاقتصاد الإيراني، أما اليوم فقد تحسن الوضع الاقتصادي في إيران وطهران لا تخشى الرد المباشر على الانتهاكات الصهيونية.
وأوضح متابعون للشأن “الإسرائيلي” أن الكثير من المحللين كانوا قد أكدوا أن الأمور وصلت إلى ما كان يخشاه الصهاينة، ففي ظل الاعتداءات المتكررة الصهيونية من خلال تخريب المنشآت النووية أو استهداف العلماء النوويين، وصل الصبر الايراني إلى مرحلة الغليان.
واعتبر متابعون للشأن “الإسرائيلي” أن عملية الحرس الثوري في اربيل كانت عملية واضحة ومباشرة ولا تحتمل التأويل، عكس العمليات الصهيونية التي يرتكبها الكيان المحتل ولا يتبناها خوفاً من الرد.
وعن صدى هذه الضربة.. فقد تصدر وسم #اربيل_وكر_الصهاينة قي قائمة “ترند” لأعلى الوسوم تفاعلا في العراق، وكتب نشطاء مواقع التواصل تحت هذا الوسم العديد من التغريدات تأييدا لهذه العملية.
وطالبت قيادات عراقية بعد هذه الضربة القوية بإنهاء وجود القواعد العسكرية والاستخباراتية الأمريكية والتركية والصهيونية في هذا البلد.
وأعلن الأمين العام للمقاومة الاسلامية في العراق حركة النجباء “الشيخ أكرم الكعبي”، عن استعداده لتقديم وثائق بشأن نشاط الموساد وتواجده في اربيل بكردستان العراق.. مؤكدا أن القصف حصل على أوكار الصهاينة.
وقال الكعبي في بيان له: إن القصف حصل على أوكار الصهاينة في أربيل.. لافتا إلى أن إيواء مجاميع من الموساد الصهيوني المعادي للعراق وإيران وشعوب المنطقة في كردستان العراق يعطي الحق لأي طرف باستهدافهم وإنهاء وجودهم غير المشروع، والحديث ينبغي أن يكون عن وجودهم ومن يقف خلفهم لا عمن استهدفهم وإن كان لابد من الحديث عنه فلابد ألا يكون غير.
وأضاف: “بوركت أياديكم الحيدرية، فكما وقفتم مع العراق في دفع خطر داعش فأنتم اليوم تقفون معه لدفع خطر الصهاينة المحتلين وكشفتم وجودهم المخفي في بلدنا الحبيب فشكرا لكم”.
ورحب بالدعوة لتشكيل لجنة للتحقيق في تواجد الموساد بكردستان برعاية بارزانية.. مطالبا بأن تكون لجنة منصفة محايدة متعددة الأطياف وتدخل لأربيل رغما عن المتهمين وتفتش وتجمع الأدلة وتتخذ القرار المناسب الذي يليق بالعراق وفرض سيادته على جميع محافظاته.
وأعرب عن استعداده لتقديم الكثير من الأدلة والإثباتات والأسماء والمواقع لتواجد الموساد الإسرائيلي في أربيل، بل حتى التواجد البعثي الصدامي ومقارهم وأسمائهم وكل أعداء العراق وشعبه.
وباركت فصائل المقاومة الفلسطينية، هذه الضربة التي استهدفت مراكز الموساد في اربيل.. مؤكدة أنّ “كيان الاحتلال الإسرائيلي لا يفهم إلا لغة المقاومة والمواجهة والردع”.
وأصدر المكتب الإعلامي للجان المقاومة في فلسطين بیاناً في هذا الشأن أكد فيه أن الكيان المحتل كيان هش وضعيف ولا تلجمه وتردعه إلا المقاومة الحقيقية.
وقال البيان: “نبارك الرد الإيراني على العدوان الصهيوني الذي استهدف الحرس الثوري في سوريا وهو رد قوي ويشكل ضربة قوية للكيان الصهيوني”.. مضيفاً: “الرد الإيراني على العدوان الصهيوني يأتي في إطار الرد الطبيعي على جريمة الكيان الصهيوني التي استهدفت الحرس الثوري الإيراني في سوريا”.
وأكد البيان أن هذا الرد القوي جاء تنفيذاً للوعد والعهد الذي أخذه الحرس الثوري على نفسه بأن جرائم الكيان الصهيوني لن تمر دون رد.