الدكتور أوس نزار درويش

 

أنا كمواطن عربي بالدرجة الأولى عقيدتي الأساسية هي القومية العربية أشعر بكثير من الفخر بالشعب اليمني الذي يتعرض منذ حوالي ثماني سنوات لأكبر عدوان إرهابي صهيوني أمريكي وبتنفيذ سعودي إماراتي وأشعر بالخزي والعار من هذه الأنظمة العربية التي تحارب اليمن وسأشرح لماذا في مقالي هذا.

في البداية لابد من الإشارة إلى نقطة هامة جدا إن هذه الحرب العدوانية على الشعب اليمني هي حرب صهيونية أمريكية بالدرجة الأولى وبأدوات عربية عميلة فالسعودية هنا ليست إلا منفذ أساسي للسياسات والأجندات الصهيونية الأمريكية وهناك أكثر من دليل على هذا فقبل انطلاق الحرب العدوانية على اليمن بثلاثة أيام وبالتحديد في 22 مارس 2015 صرح المجرم بنيامين نتنياهو في كلمة له أمام الايباك وقال فيها :(بأن حركة أنصار الله الحوثيين تشكل خطرا كبيرا علينا ويجب القضاء عليها بالسرعة القصوى)،وبعد كلام نتنياهو بثلاثة أيام وبالتحديد  في 25 مارس 2015 بدأت الحرب الإرهابية على اليمن، والدليل الآخر على إن هذه الحرب بأوامر أمريكية بأن الإعلان عن هذه الحرب قد تم من الولايات المتحدة في  25 مارس 2015 على لسان عادل الجبير عندما كان يشغل منصب سفير السعودية لدى أمريكا وما الذرائع التي ادعت بها السعودية ودول العدوان بأنها جاءت بطلب من الرئيس الشرعي (عبد ربه منصور هادي) إلا ذرائع وحجج واهية لا أساس لها لأنه حتى (هادي) قد صرح بعد بدء العدوان وبالتحديد في 4 نيسان عام 2015 صرح لصحيفة وول ستريت جورنال بأنه لم يطلب من أي دولة من دول العدوان القيام بأي حرب ولم يؤخذ برأيه بهذا الموضوع وبأنه لم يسمع بالحرب على اليمن إلا عندما بدأت وعلى وسائل الإعلام، وهذا الكلام من أفواههم ندينهم فهم يدعون أنهم جاؤوا بطلب من الرئيس الشرعي للحرب على اليمن وعبد ربه منصور هادي نفسه صرح كما أسلفنا سابقا بأنه لم يسمع بهذا الأمر إلا عبر وسائل الإعلام.

هذه الحرب ورطت بها دول العدوان لأنها ظنت بها بحرب عابرة ستنتهي بظرف أسابيع وستقضي على أنصار الله وتعيد دميتها عبد ربه منصور هادي إلى الحكم وإذ بدول العدوان تتورط وتمتد هذه الحرب إلى سنوات ويحرر اليمنيون غالبية أراضيهم التي سيطر عليها عملاء العدوان لابل إن الصواريخ اليمنية بدأت تضرب دول العدوان وفي مقدمتها السعودية ومؤخرا الإمارات قبل أسبوعين عندما استهدف الجيش اليمني مدينتي أبو ظبي ودبي وقبل يومين أيضا عندما تم استهداف الإمارات بالصواريخ اليمنية مجددا، دول العدوان هي دول لاتعرف من هو الشعب اليمني ولم تتعلم من التاريخ وإن كثيرا من الدول والإمبراطوريات قد تحطمت على أسوار اليمن فاليمني بطبيعته يتميز بالصلابة وبالقوة وبالشجاعة وبالصبر وهذا ما رأيناه في هذه الحرب فرغم الحصار والجوع والأمراض المختلفة التي ضربت الشعب اليمني فإن هذا الشعب مازال صامدا ويحارب بشجاعة وبسالة قل نظيرها ويتطور شيئا فشيئا حتى وصل به الأمر لأن يصنع أسلحته بيديه فالشعب اليمني الآن وبعد سنوات من الحرب ورغم الحصار والجوع أصبح يصنع الأسلحة والصواريخ المتطورة والطائرات المسيرة ومنها الطائرات التي ضربت الإمارات قبل أسبوعين وعجزت الدفاعات الجوية الإماراتية عن إسقاطها والصواريخ البالستية التي تضرب المدن السعودية الحدودية وفشل الباتريوت على إسقاطها حتى وصل الأمر من كثرة الضربات اليمنية على الأراضي السعودية من محمد بن سلمان بأن يطلب المزيد من أنظمة الدفاع الجوي الباتريوت من أمريكا وعندما ماطلت إدارة بايدن بالرد على طلبه طلبها من قطر.

نعم نشعر بالفخر الكبير بالشعب اليمني العظيم وبالجيش اليمني وباللجان الشعبية ممثلة بحركة أنصار الله الحوثيين لأنه بالرغم من هذه الحرب العالمية العدوانية عليهم لم ينسوا القضية الأساسية للعرب ألا وهي القضية الفلسطينية ولم ينسوا العدو الأساسي للعرب وللإنسانية ألا وهو الكيان الصهيوني والكيان الصهيوني مرتعب وبشكل حقيقي من اليمن حاليا وخصوصا بعد التطور الكبير في الأسلحة اليمنية ويخاف من أن تصل الصواريخ اليمنية إلى الداخل الصهيوني لأن اليمنيين حاليا يفكرون وبشكل جدي بأن يضربوا رأس الأفعى أي الكيان الصهيوني وفي الفترة القادمة قد نرى الصواريخ اليمنية المباركة تضرب تل أبيب والمستوطنين يهرعون إلى الملاجئ كما جرى في معركة سيف القدس الأخيرة في غزة ،اليمنيون لم ينسوا فلسطين بالرغم من العدوان عليهم والدليل على هذا بأنه قبل عامين عرضت حركة أنصار الله المبادلة بين أسرى سعوديين لديها مع أسرى فلسطينيين من حركتي حماس والجهاد الإسلامي مسجونين في السجون السعودية.

نشعر بالفخر الكبير بالشعب اليمني لأن ما يجري في ظل هذه الحرب على اليمن يشكل معجزة يمانية بكل المقاييس أن يجترح هذا الشعب الأبي الذي يشكل أصل العرب ونسبهم الأول أدوات انتصاره من العدم وأن يرفع لواء فلسطين بيد جريحة مدماة ويشهر باليد الأخرى بندقيته في وجه جيوش ومرتزقة العدوان ويمضي إلى الأمام منتصرا ومنكلا بقوى العدوان.

مع شعورنا بالفخر والاعتزاز بالشعب اليمني والجيش اليمني واللجان الشعبية نشعر بالمقابل بالخزي والعار من هذه الأنظمة العربية التي شنت العدوان على الشعب اليمني لأن هذه الأنظمة قد افتقدت حتى للحد الأدنى من المروءة والشهامة العربية وأصبح ديدنها هو الخسة والعمالة فهذه الأنظمة لم تكتف بتطبيعها مع الكيان الصهيوني بل زادت في علاقتها مع هذا الكيان إلى درجة كبيرة من الوقاحة فقد وصل الأمر مثلا بدولة الإمارات بأن تعطي الجنسية الإماراتية للآلاف من الصهاينة ووصل الأمر بالصهاينة بان يتجولوا في بعض الدول الخليجية بكل أريحية لا بل أكثر من هذا وصل بهم الأمر بأن يذهبوا إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة  في تحد كبير لمشاعر المسلمين والدليل على هذا إن أحد الصحفيين الصهاينة واسمه يوسف زيتيتش قد ذهب في عام 2016 إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة وصور تقرير مفصل وفيلم قصير من هناك وقامت وقتها القناة الثانية الصهيونية بعرض هذا الفيلم.

السعودية تسمح للصهاينة بزيارة مكة والمدينة وبالمقابل تمنع الكثير من المسلمين من الحج على مزاجها فالسعودية منذ أكثر من عشرة أعوام تمنع السوريين من الحج بسسبب خلافها مع الحكومة السورية مثلما فعلت مع العراقيين في السابق وهذا الموقف لم يفعله حتى كفار قريش أنفسهم قبل فتح مكة فالحج هو حق لكل المسلمين ولا يحق لأحد أن يمنع أي مسلم منه لأي سبب وبالمناسبة الشيء بالشيء يذكر السعودية هي العراب الأساسي لكل عمليات التطبيع التي جرت مؤخرا مع الكيان الصهيوني وهي من شجعت على الانفتاح على هذا الكيان قبل الإمارات والبحرين والدول التي طبعت لم تقدم على هذا التصرف لو لم ترى تشجيعا سعوديا في مخالفة صريحة للمبادرة التي تم طرحها في قمة بيروت عام 2002 والتي طرحتها السعودية نفسها وصوتت عليها الدول العربية وقد يسأل سائل ويقول بأن السعودية وإلى الآن لم توقع اتفاقية سلام مع الكيان الصهيوني ونجيب بأنه نعم لم توقع اتفاقية سلام علنية وذلك بسبب الخوف من تداعيات هذا الأمر بسبب وضع السعودية المختلف عن وضع باقي الدول وهذا الكلام ليس كلامنا بل كلام الميلياردير الصهيوني المعروف حاييم سابان صديق محمد بن سلمان عندما صرح حاييم سابان قبل أكثر من عام في تصريح لصحيفة هآرتس الصهيونية عندما سأل محمد بن سلمان لماذا لا يقوم بالتطبيع العلني مع الكيان الصهيوني فأجابه بن سلمان بأني لا أستطيع  فعل هذا حاليا بسبب الخوف من قيام انقلاب أو أن يقوم الشعب السعودي باغتيالي هذا ماقاله حاييم سابان نقلا عن محمد بن سلمان.

إنني شعرت بكثير من الاشمئزاز عندما رأيت قبل ثلاثة أسابيع رئيس حكومة العدو الصهيوني نفتالى بينيت وهو يزور الإمارات وشعرت بالاشمئزاز مجددا عندما رأيت رئيس الكيان الصهيوني اسحاق هيرتسوغ يزور الإمارات ويتم الاحتفال به والاحتفال بالصهاينة بشكل عام والتسويق للكيان الصهيوني من قبل الكثير من الكتاب والمثقفين المحسوبين على الأنظمة الخليجية المطبعة في الوقت الذي تتم به شيطنة الفلسطينين على كثير من وسائل الإعلام المحسوبة على الأنظمة الخليجية المطبعة.

نعم إننا نشعر بالاشمئزاز من هذه الأنظمة العميلة عندما نذكر أفعالها وأدوارها الخبيثة في تدمير ليبيا وإشعال الحرب الطائفية في العراق في السابق ودورها الإجرامي في الحرب الكونية الإرهابية على سورية بفعل إرسال الإرهابيين إلى سورية وفتاوى الدم التي كان يفتيها المشايخ السعوديين المحسوبين على النظام وكل هذا بفعل الأوامر الأمريكية الصهيونية.

نعم إننا نشعر بالاشمئزاز من هذه الأنظمة العميلة عندما نراها  حاليا تتآمر على الشعب اللبناني وتحاول إشعال حرب أهلية في لبنان من خلال دعم السعودية لأحد أكبر الإرهابيين والمجرمين في لبنان والذي برقيته دماء كثيرة في الحرب الأهلية اللبنانية دعمت هذا المجرم بعد أن عجزت بفعل هذا الأمر عن طريق سعد الحريري والذي اعترف في كلمته قبل أسبوع عندما علق عمله السياسي بأنه كان مطلوب منه أن يشعل حرب أهلية لكنه منع هذا الأمر وسعد الحريري هذا بالمناسبة من أكثر الأشخاص ولاء للنظام السعودي ومع هذا قام النظام السعودي باستدعائه عام 2017 إلى السعودية وضربه وإهانته ولولا تدخل الرئيس ميشيل عون وقتها الذي ضغط على الرئيس الفرنسي الذي بدوره ضغط على محمد بن سلمان لكان مصير سعد الحريري مشابه ربما لمصير جمال الخاشقجي.

فالسعودية حاليا هي من تتسبب في الأزمة الاقتصادية الخانقة في لبنان وتدهور سعر صرف الليرة وتتعامل مع لبنان بفوقية وتعجرف ومن الأمور التي تدعو للسخرية عندما قامت السعودية وبعد الأنظمة الخليجية الأخرى بإعلان الحرب على لبنان وسحب سفرائهم بسبب تصريح لوزير الإعلام اللبناني الأسبق جورج قرداحي قال فيه بأن الحرب على اليمن عبثية ويجب إيقافها وهذا التصريح بالمناسبة قبل تسلمه منصبه ثم عاد وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان وقال لقناة العربية بأنه مشكلتنا ليست مع جورج قرداحي مشكلتنا الأساسية هي مع حزب الله وكلامه هنا كلام صادق فمشكلة السعودية والأنظمة العميلة الانبطاحية مع حزب الله هذا الحزب المقاوم البطل الشريف الذي حرر أرضه وانتصر على الكيان الصهيوني مجددا عام 2006 وهذا الحزب هو من أعطى لبنان العزة والكرامة فالكيان الصهيوني لا يجرؤ أن يعتدي ولا أن يقوم بأي ضربة عسكرية على لبنان بسبب حزب الله فالسعودية والأنظمة الخليجية المطبعة الأخرى يريدون تدمير حزب الله كرمى لعيون الكيان الصهيوني وإن لم يقدروا  فيكون افتعال الحرب أهلية في لبنان أو أزمة اقتصادية خانقة.

ونشعر أيضا بالخزي والعار من ما يطلق عليه زورا أسم الجامعة العربية هذه الجامعة التي لم نرى منها منذ تأسيسها إلا المواقف المخذية وقد زادت هذه المواقف بالفترة الأخيرة فهذه الجامعة هي من شرعنت تدخل حلف الناتو في ليبيا لتدميرها وهذه الجامعة هي من جمدت عضوية سورية وحاولت أيضا جلب التدخل العسكري على سورية وهذه الجامعة هي من صنفت كل حركات المقاومة كحركات إرهابية وهذه الجامعة لم تصدر ولا حتى بيان إدانة واحد لعمليات التطبيع التي قامت بها بعض الأنظمة مع الكيان الصهيوني وهذه الجامعة تشرعن وتبارك الحرب العدوانية على اليمن وقتل الشعب اليمني والأطفال والعجائز واستهداف الجوامع وحتى صالات العزاء وعندما يقوم اليمنيون بالدفاع عن أنفسهم واستهداف دول العدوان في ظل دفاعهم الشرعي عن النفس فورا تهرع هذه الجامعة للإدانة والاستنكار مع العلم إن كل الضربات اليمنية إن كانت على السعودية أو على الإمارات هي كلها ضربات للأماكن العسكرية أو الاقتصادية ولم تستهدف أي مكان مدني.

وفي النهاية سنوجه نصيحة للأنظمة العربية التي توالي أمريكا والكيان الصهيوني بأن يتعظوا من عبر التاريخ ويتعظوا من عملاء أمريكا والكيان الصهيوني السابقين وكيف كانت نهايتهم وشاه إيران محمد رضا بهلوي خير مثال على هذا فالشاه الإيراني قدم لأمريكا والكيان الصهيوني ما لم يقدمه أي رئيس أو ملك قط وفي النهاية عندما سقط وفر خارج إيران لم تسمح له أمريكا بأن ياتي إليها للعلاج وأيضا الرؤساء الآخرين عملاء الولايات المتحدة من نورييجا في بنما وماركوس في الفلبين وسوهارتو في إندونيسيا وبينوشيه في شيلي والذين قامت الولايات المتحدة بالتخلي عنهم بعد أن انتهت مهمتهم وأيضا ما رئيس أفغانستان المخلوع الهارب أشرف غني عنا ببعيد والذي تخلت عنه الولايات المتحدة وفر هاربا ذليلا وقبل شهر صرح بأنه غلطة عمري بأنني وثقت في أمريكا.

وفي أفغانستان نفسها في آب من العام المنصرم ذلك المنظر المعبر الذي رأيناه عند الانسحاب الأمريكي عندما رفضت الولايات المتحدة إخراج عملائها في الطائرة وقامت بإطلاق النار عليهم وفي الوقت نفسه قامت بإخراج كلابها البوليسية معها أي قيمة الكلب أهم من قيمة العميل عند أمريكا والرئيس الأمريكي السابق قالها وبمنتهى الوقاحة ولم تجرؤ القيادة السعودية على الرد عليه عندما قال بأن السعودية كالبقرة الحلوب وأنه متى جف حليبها سيتم ذبحها وعندما قال في تصريح آخر بأنني قلت للملك سلمان بأنه يجب عليكم أن تدفعوا لنا الأموال رغما عنكم لأنه إذا سحبنا أيدينا عنكم فقد يسقط نظامكم في خلال أسبوعين وهنا نتساءل هل يوجد للإهانة معنا أكثر من هذا.

فعلى هذه  الأنظمة أن تعيد حساباتها وأن تعلم بأن مصيرها سيكون في مذابل التاريخ إن بقيت تسير على هذا الطريق لأن العزة والكرامة والموءة والشهامة العربية تتجلى بمعاداة ومقاومة العدو الأساسي للعرب الكيان الصهيوني والخزي والعار بموالاة العدو الأساسي للعرب الكيان الصهيوني وبدعم قضيتنا الأساسية والمركزية ألا وهي القضية الفلسطينية

كاتب وباحث سياسي عربي سوري وأستاذ جامعي في القانون العام

 

* المصدر : رأي اليوم
* المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة عن رأي الموقع