ما هيَ دلالات زوال إسرائيل، وما هيَ ضمانات بقائها؟
د. إسماعيل النجار*
إسرائيل دولة مُصطَنَعَة لقيطة، جاءَ تأسيسها بقرار بريطاني تصَدَّرَ المشهَد، يقف خلفه الغرب بِرُمَّتِهِ، ومعهم الاتحاد السوفياتي السابق.
بعد إنعقاد المؤتمر الصهيوني العالمي، في الأول من العام 1897ميلادي، الذي يصادف في سنة (5657) عبرية، بدعوة من المُنَظِّر الأول والأب الروحي للدولة الصهيونية: “ثيودور هرتزل” جاءَ إعلان بولفور الشهير، بتاريخ 2تشرين الثاني عام 1917، ليؤكد أحقية اليهود بقيام دولة لهم على مااعتبروه أرض الميعاد!
بتاريخ 29 تشرين ثاني من العام1947، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً يدعو لإقامة دولة صهيونية على أرض فلسطين التاريخية، فتم إعلان قيام دولة إسرائيل بتاريخ 14 أيار 1948.
مَرَّ تأسيس هذا الكيان اللقيط المصطنع بمراحلٍ ثلاث.
المرحلة الأولى : كانت مرحلة إعلان الدولة على أرض فلسطين التاريخية، بعد التمهيد والتحضير لها لعقودٍ طويلة.
المرحلة الثانية:
كانت مرحلة تثبيت دعائم الدولة اللقيطة، اقتصادياً وسياسياَ.
والمرحلة الثالثة :
كانت مرحلة بناء هذه الدولة ومواجهة المخاطر والتحديات القادمة من المحيط العربي الرافض لأصل وجودِه.
في المرحلة الأولى من إعلان الدولة، كانَ قادةَ الكيان يركزون على تأمين كافة الِاحتياجات الأساسية والضرورية، لإكتمال الجنين الهجين،والتي يحتاجها الكيان للِانطلاق والصمود، وتطوير المؤسسات والإدارات، ورفع مستوى القدرات لِاستيعاب اللاجئين بعد الِاعتراف الأممي بها، فانكَبَّت لِجان كبيرة على دراسة وضع القوانين،وإقرار بنود الدستور الجديد للبلاد, لم تتمكن تلك اللجان من وضع دستور للكيان فاكتفت بوضع قوانين أساسية تتعلق بحقوق المستوطنين الصهاينة.
في المرحلة الثانية، التي كانت لأجل تثبيت دعائم الدولة، كانت الجهود تُبذَل على أكثر من صعيد، لدفع الِاقتصاد نحو نمو أعلىَ وأكبر، وتأمين القرارات والقوانين التي تضمن للكيان خطوط الملاحة الجوية والبحرية وحمايتها، وتأمين دعم المجتمع الدولي لها، بقرارات أممية لا رجوع عنها ولا تعديل فيها، مع زيادة عديد الجيش وقوته التسليحية، لكي يتمكن من صَد الهجمات الفلسطينيةوالعربية عليه.
وفي المرحلة الثالثة،كان التركيز الصهيوني يصب في خانة الِاهتمام الكبير بتوسعة جغرافيا الدولة، وتأمين عمق إستراتيجي لها، وضمان تأمين موارد مياه عذبَة للشرب والرَي.
في ٥حزيران عام ١٩٦٧،وبدعمٍ سعوديٍّ رسميّ، ماليٍّ وسياسيٍّ سِرِّيّ، شنَّت الجيوش الصهيونية هجوماً واسع النطاق،حيث احتَلَّت بنتيجته، كامل الضفة الغربية والقدس وشبه جزيرة سيناء، كما احتلت الجولان العربي السوري ووادي الأردن، وأجزاء من الأراضي اللبنانية.
واستَمَرَّت الغطرسَةالصهيونية،بدعمٍ أميركيٍّ أوروبيٍّ سوفياتيٍّ مُغَلَّفٍ بسياسة الِانفتاح.
بعد حرب تشرين 1973، واجتياح الجيش الصهيوني للبنان، واحتلال العاصمة بيروت،وما إن بدأت تل أبيب تشعرُ بالنشوة والعِزَّة،لعدم قدرة العرب على الوقوف بوجهها، وخروج مصر والأردن من ساحة الصراع معها،
كان شيءٌ ما يجري،بإرادة الله، لَم تَتَنَبَّه له تل أبيب، ألا وهوَ ولادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وبروز نجم المقاومة الإسلامية في لبنان(حزب الله)، الذي تصَدَّر مشهد المقاومة بوجه العدو الصهيوني، وأنزَلَ بها خسائرَ كبيرة بالأرواح والمُعدّات، وأجبرها على الإنسحاب من مناطق واسعةمن لبنان، وصولاِ إلى الخروج الكامل من الأراضي اللبنانية عام 2000.
قررت إسرائيل تدمير حزب الله وإنهاء المقاومة، والتخلُّصَ من تهديدٍ وخطرٍ مزعجٍ لها على حدودفلسطين الشمالية
فكانت حرب تموز 2006، هيَ الفرصة المتاحة للكيان،للقضاء على المقاومة، بعد عملية الأسر التي نفَّذها الشهيد الحاج عماد مغنية ورفاقه،لكنّ المفاجأة كانت بصمود حزب الله ودقَة تكتيكاته، وبسالة رجاله،التي وصلت إلى حَدِّ إنزال هزيمةٍ نكراءَ بوحدات مشاة قوات النخبة الصهيونية،وتدمير قوافل دباباته في وادي الحجير بجنوب لبنان، الأمر الذي أجبر تل أبيب على الموافقة على وقف إطلاق النار، والقبول بالهزيمة والفشل.
♦️ التَحَوُّلات…..
تصاعدت قوة حزب الله وحضوره في لبنان والمنطقة، حيث كان لدوره الفاعل في الحرب الكونية على سوريا أثر كبير في تعزيز حضوره، ليتجاوز الإقليم ويصل إلى المحافل الدولية،
كما لعبَ دوراً رئيسياً في التصدي لعصابات داعش التي اجتاحت الأراضي والمُدُن العراقية.
تنامت قدرات الحزب وإلى جانبها قدرات فصائل المقاومة العراقية المجاهدة،حتى بلغت من القوّة حَدَّ هزيمة أكبر قوة عسكرية مدعومة أميركياً وصهيونياً وخليجياً في المنطقة،
أيضاً بعد انكسار قِوَىَ العدوان في اليمن وانتصار سوريا وسحق داعش وتأديب تل أبيب في لبنان، وبلوغ الجمهورية الإسلامية الإيرانية حداً من القوة فاق قدرة أميركا وحلفائها على إلحاق الهزيمة بها، واندلاع الصراع بشكل جَدِّي، بين روسيا والولايات المتحدة، وبعد امتلاك قِوَىَ مِحوَر المقاومة لتقنيات الكترونية وعسكرية متطورة بالغة الدقة، كالطائرات المُسَيَّرَة وغيرها، أضِف إلى ذلك محاصرة الكيان في بقعة جغرافية محدودة وضَيِّقَة، وانكشاف الأنظمَة العربية، ووصول الأمر الى حَدِّ الإنقسام العامودي بين طرفين، أحدهما مقاوم وآخر مستسلم ومُطَبِّع ومتخاذل،
أصبَحت الأمور أكثر جِدِّيَّةً، بتهديد وجود الكيان الذي بدأ يفقد آماله الكبيرة بدعم الولايات المتحدة الأمريكية البعيد المدى، نتيجة أزمة الأخيرة الِاقتصادية الداخلية والسياسية الخارجية،وصراع الإثنيات الدينية والقومية داخل الولايات.
وَلولاا ستمرار دعم الصهيونية المسيحية داخل أمريكا لليهود الصهاينة، لكانت نتائج الدعم الأمريكي تختلف كلياً عما هو عليه الآن، لكنْ نتيجة التصاق البروتستانت باليهود، لا تزال الصهيونية العالمية، المتمثلة بالطرفين، تلعب دوراً مهماً بحماية ودعم الكيان الغاصب، رغم بروز وجوه وشخصيات وآراء ثقافية معارضة،داخل أمريكا وأوروبا، لأصل وجود هذا الكيان الذي يغتصب أرض فلسطين، ويُنَكِّل بأهلها، ويتدخل بشؤون دوَل العالم أجمَع، مُتَهِناً الفتنة والتخريب والتدمير الممنهج،والِاغتيالات عبر أذرُع موساده الخارجية.
♦️ إذاً،فإنّ مقومات بقاء الكيان، هي:
ا-الِاعتراف والدعم الدولي، وخصوصاً الأمريكي.
٢-القرارات الدولية التي تصدر لصالح أمن وبقاء اسرائيل، وعلى سبيل المثال 1701 و1559، اللّذين يخصان لبنان، وقرارات كثيرة (بالعشرات)، أقرتها الجمعية العمومية أو أصدرها مجلس الأمن الدولي، تصب جميعها في مصلحة أمن الكيان الغاصب.
٣- عدم تطبيق هذا الكيان اللاقانوني لمئات القرارات الدولية التي صدرت من الجمعية العمومية ومجلس الأمن التي تطالبه بالتزام القانون الدولي ولم يُذعن لها، ومن بينها اكثر من 75 قراراً تخص لبنان، أهمها القرار 425، الذي فرضت تنفيذه بندقية المقاومة بالقوة المسلحة.
لكن،إسرائيل اليوم محاصرة ومكشوفة لمسيَّرات وصواريخ قوَى المحوَر،
استعدادات حزب الله وحلفائه،بتجهيز قواهم البرية،اكتملت بخبرات وتقنيات عالية ومخيفة، جعلت الكيان اللقيط يعيش أزمة التهديد الوجودي، التي تتفاقم في ظل انكشاف الضعف والعجز الأمريكي، بوجه ايران وقوى المقاومة في الشرق الأوسط، التي باتت تُمسِك بالممرات البحرية الإستراتيجية دولياً، وتحاصر دوَل “الِاستحمار” المُستحمرة في الخليج، وبالِاستكبار العالمي.
كماأن عودة روسيا للعب دور المنافس الرئيس لها في المنطقة، بنَفَس يختلف عن النَفَس الذي تعاطَىَ فيه الِاتحاد السوفياتي السابق.
ولا ننسى أنّ الصين وكوريا الشمالية إنضمتا، كقوتين عُظمَيين إلى نادي الصراع مع أمريكا وأوروبا، إلى جانب ايران والمقاومة.
لكلِّ ذلك،وقبل حلول الكارثة المتوقعة على رأس تل أبيب، فإنّ مشروع مؤامرة جديداً وُضِعَت تفاصيله، ووُضِعَ على نارٍ متسارعة، يهدف إلى رفع الصوت الصهيوني، بلسانٍ عربيٍّ، بوجه حزب الله، ثم الذهاب إلى الجامعة المسمّاة “العربية”، لإستصدار قرارٍ بتجريدحزب الله من سلاحه، قرارٍ مَبني على أساس القرارين 1559/و 1701،ومن ثَمَّ تشكيل قوة عربية توكَل اليها مهمة تنفيذ هٰذين القرارين بالقوة، بعد إدراج هذه الجامعة “العبرية” اسم حزب الله على لوائح الإرهاب.
وما الورقة العربية التي حملها وَزير خارجية الكويت الى لبنان، إلَّا أولىَ سحابات الغيوم التي تُسَمَّىَ (عربية) والتي ستتجمع في سمائه، استعداداً للمطر الناريّ، الذي تخطط اسرائيل لِحصوله فوق لبنان بطائرات عربية، ضد مراكز وقواعد حزب الله.
وهذه الخطة الإجرامية، تُعتَبَرُ آخر الأوراق الصهيوعربية المحكومة بالفشل، بإذن الله، قبل الحرب الكبرى مع الكيان الغاصب.
رغم تصاعد وتيرة الكلام ضد الحزب، فإن الأمور باتت محسومة لصالح زوال الكيان، الذي يصمد إعلامياً، ولا يتجرَّأ أن يُقدِمَ على أي خطوة عسكرية جِدِّيّة على حدود غزة أو لبنان أو الجولان السوري المحتل، لأنه يعلم تمامَ العِلم ماذا ينتظره، إن وقعت الحرب، ورفعَ أبو هادي إصبعه، وأُعطيَت الأوامر.
* المصدر : موقع إضاءات الإخباري
* المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة عن رأي الموقع