رسائل هجمات “أنصار الله” اليمنية داخل العمق الاستراتيجي الإماراتي
السياسية :
يجب أن يُنظر إلى الضربة الصاروخية التي نفذها الجيش واللجان الشعبية اليمنية “أنصار الله” بالطائرات بدون طيار وبعدد من الصواريخ الباليستية أمس الأول على الإمارات العربية المتحدة فقط على أنها ضربة أولية خطط لها قادة صنعاء لإجبار قادة أبوظبي على إعادة النظر في سياساتهم الأخيرة المتمثلة في العودة إلى ساحة المعركة.
في الواقع، لقد كان الهدف الأساسي من هجوم يوم الأمس هو إرسال رسالة عن قدرة “أنصار الله” العالية على جر الحرب إلى عمق الأراضي الإماراتية، كما هو الحال في الهجمات المستمرة على المملكة العربية السعودية. فبعد عدة تحذيرات من مختلف المسؤولين اليمنيين للإمارات حول احتمال وقوع هجمات في عمق الأراضي الإماراتية إذا لم تنسحب أبوظبي بالكامل من الحرب ولم تأخذ التهديدات على محمل الجد، وأخيرًا أوفى أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية “أنصار الله” يوم أمس الإثنين تحذيراتهم وقاموا بتنفيذ هجوم على عدد من المناطق الحساسة في العاصمة الإماراتية.
ولقد أفادت شرطة أبوظبي، ووكالة الأنباء الإماراتية الرسمية، يوم أمس، عن وقوع انفجار ثم حريق بالقرب من مستودعات أدنوك في منطقة المصفة الصناعية بأبوظبي، وانفجار في مطار المدينة الدولي. وبحسب وكالة الأنباء الإماراتية، فقد كشفت التحقيقات الأولية عن رؤية أجسام طائرة، ربما كانت طائرات بدون طيار. وبعد وقت قصير من انتشار الخبر، انتقل العميد “يحيى سريع”، المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية، إلى تويتر ليعلن ضمنيا مسؤولية القوات اليمنية عن الهجوم على مطار أبوظبي، معلناً أنه سيعلن قريباً عن تفاصيل العملية الناجحة في عمق الإمارات.
رسالة الهجمات على الإمارات: هذه مجرد البداية
منذ الضربة المؤلمة الأولى لعمليات الردع اليمنية للسعودية في عام 2018، والتي عطلت جزءًا كبيرًا من صادرات البلاد النفطية، والتي تم تنفيذها داخل عمق الأراضي السعودية وتقريباً والتي جعلت المراكز العسكرية والاقتصادية الحساسة في البلاد ومنشآت النفط الاستراتيجية أمكان غير آمنة، فإن هجمات الأمس على أبو ظبي ودبي تعتبر بمثابة تحذير للشعب الإماراتي من مصير مماثل لمصير السعودية. وقد لوحظت هذه الرسالة مرارًا وتكرارًا في مواقف مختلف المسؤولين اليمنيين.
وحول هذا السياق، كتب المتحدث باسم جماعة “أنصار الله” ورئيس فريق صنعاء المفاوض “محمد عبد السلام” في رد على تويتر على عملية اليمن أمس: “محايد، لكن ثبت مؤخرًا أنه مخالف لما زُعم”.
ومضى “عبد السلام” محذرا أبو ظبي، إما ستتخلى عن أفعالها الفاشلة في اليمن، أو بقدرة الله سوف نقوم بقطع أيديها وأذرعها. وفي مقابلة مع قناة الجزيرة، قال “محمد البخيتي”، عضو المكتب السياسي لحركة أنصار الله اليمنية، إنه يمكن توقع المزيد من الهجمات المؤلمة إذا واصلت الإمارات هجماتها على اليمن. وأضاف البخيتي: “بالطبع سعت الإمارات قبل سنوات قليلة إلى وقف غزوها على اليمن. ولقد منحنا الإمارات فرصة وأوقفنا ضرباتنا على العمق الإماراتي”. واضاف “لكن لسوء الحظ أصبحت الامارات الان في حالة توتر مرة اخرى”. وفي مقابلة أخرى مع شبكة سبوتنيك الروسية، قال إن “الإمارات لا تزال أمامها فرصة لإعادة النظر في حساباتها”، مضيفًا أن السعودية هي العدو التاريخي لليمن وليست الإمارات. ومن جانبه، قال “عبد الملك العجري”، عضو آخر في الفريق التفاوضي لحكومة الإنقاذ الوطني اليمني، اتخذ موقفا مماثلا لعملية الأمس، مهددا بالقول: “لا يزال أمام القوات المسلحة اليمنية الكثير من المفاجآت لردع الإمارات”. وكان “المشاط” القائد العام للقوات المسلحة اليمنية عضوا بارزا آخر في جماعة أنصار الإسلام، قد هدد أبو ظبي بأنها “ستجلب الدمار لنفسها ولشركات الاستثمار المتواجدة في الإمارات اذا لم تتخلى أبوظبي عن هجماتها في اليمن”.
الانتقام الأعمى للعدو من المدنيين؛ رد “أنصار الله” في ساحة المعركة
لكن في أعقاب الهجوم الكبير على مراكز نفطية واقتصادية إماراتية رئيسية، استهدفت طائرات تحالف العدوان السعودي الإماراتي مراراً العاصمة اليمنية صنعاء بقصف عشوائي، مما أدى إلى وقوع أضرار مادية وبشرية جسيمة. وبحسب موقع المسيرة الإخباري، فإن “عدد ضحايا الهجوم الذي شنته مقاتلات تحالف العدوان السعودي الأمريكي ليل الاثنين على الحي الليبي في مديرية معين بمحافظة صنعاء، بلغ 12 شهيداً و 11 جريحاً، بعضهم من كبار السن ومنهم من النساء والأطفال . ومن المتوقع أن يرتفع عدد الضحايا خاصة وأن بعض الضحايا ما زالوا تحت الأنقاض وعمليات الإنقاذ مستمرة”. وبحسب التقرير، تقوم فرق الإنقاذ وبالتعاون مع أهالي المدينة بإخراج الضحايا من تحت الأنقاض، فيما دمرت هجمات الليلة الماضية خمسة منازل بالكامل وألحقت أضرارًا بالغة بعشرات المنازل المجاورة لها في هذه المنطقة السكنية.
هشاشة الاقتصاد الزجاجي للإمارات أمام الصواريخ اليمنية
كما أظهرت الهجمات القدرة الدفاعية الضعيفة لدولة الإمارات العربية المتحدة، على الرغم من إنفاق مليارات الدولارات سنويًا على شراء الأسلحة والمعدات العسكرية، وهذا الامر كشف الضعف الاقتصادي للدولة وأن تركيز أبطال الجيش واللجان الشعبية على هذا المجال في المستقبل سوف يكون جزء مهم آخر من الأهداف المخطط لها. وبالنظر إلى هذا المكون الاستراتيجي، فإن استمرار الضربات الصاروخية والطائرات بدون طيار في عمق الإمارات العربية المتحدة سيؤدي بلا شك إلى كارثة اقتصادية كبيرة لأبو ظبي. وفي هذا الصدد، ذكرت شبكة “روسيا اليوم” في تقرير عن أهمية منطقة المصفة الصناعية في أبو ظبي وكتبت أن هذه المنطقة بها عدد كبير من الشركات الصناعية وشركات السيارات. وتقع منطقة المصفاة الصناعية جنوب غرب أبو ظبي وهي واحدة من أهم المناطق الاقتصادية في دولة الإمارات العربية المتحدة. وتقع فيها العديد من الشركات الصناعية وشركات السيارات، بالإضافة إلى أقدم ميناء في الإمارات العربية المتحدة يقع ايضا في هذه المنطقة، والتي تضم العديد من العقارات التجارية والسكنية.
* المصدر : الوقت التحليلي