بسام أبو شريف*

لم يفي الرئيس اردوغان بتعهداته التي قطعها على نفسه وعلى تركيا في اجتماعات سوشي ولذلك لم نرى اية انسحابات من سوريا او اعادة نشر القوات التركية في شمال سوريا بشكل يوحي او يدل على انه ملتزم بالانسحاب من سوريا تدريجيا حسب ما وعد وتعهد في اجتماعات سوشي

ليس هذا فقط بل تابع اردوغان سياسته التوسعية باتجاهات متعددة يمكن ان نلخصها بالشكل التالي :

اولا – قامت طائرات الF16 التركية بالتحليق فوق اماكن في اليونان ماهولة بالسكان وهذا تحد واضح لفرنسا واوروبا والناتوالتي ينتمي اليها اردوغان في نفس الوقت مخالف لتعهداته بعدم المس بالسيادة اليونانية من خلال نشر قواته على الحدود او بحريته حول اليونان

ثانيا- قام اردوغان ببيع طائرات مسيرة متطورة لاوكرانيا متحديا بذلك روسيا التي وافقت على بيعه اس 400 هذه الصفقة التي سببت ارتباكا كبيرا في العلاقات الامريكية الروسية وقام باسناد حلفائه في اذربيجان ضد ارمينيا وارسل قواتا الى اذربيجان واعتبر ان اذربيجان هي اقليما تركيا يستطيع الاعتماد عليه كاقليم تركي حسب ما كان ايام الدوة العثمانية وفي هذا ايضا تحد كبير لروسيا التي سارعت لتقوم قواتها بفض الاشتباك ومراقبة الحدود بين ارمينيا واذربيجان بحيث لا تتصاعد الاشتباكات الى ما لا يحمد عليه وقام اردوغان بسلسلة من التحركات الدبلوماسية على راسها اتصالاته بالرئيس الاسرائيلي لتطبيع العلاقات بين اسرائيل وتركيا وتصعيد التعاون بين الدولتين كما قام بزيارات لدول في الخليج وافريقيا بهدف التمدد التركي وبهدف جني مساعدات لمخططاته التي يقوم بها في كل مكان من هذه المناطق التي يعتبرهااقاليم

لكن الحركة الخطيرة التي قام بها اردوغان والتي تنذر بما سيفعله هي ماجرى في كازاخستان

في ظل انهيار اقتصادي تركي ووصول سعر الليرة التركية الى ادنى مستوى لها منذ عقود ومنذ وعد اردوغان العلني بان الامور الاقتصادية ستعود الى طبيعتها وصحتها خلال ستة اشهر من خلال هذا الاعلان يمكننا ان نقول ان اردوغان اطلق هذا الوعد في مؤتمرلحزبه استنادا لما خططه هو اردوغان وطموحاته باعادة القوة للدولة التركية حيث تصبح دولة ذات اقاليم تابعة لها يجني من خلالها ارباحا طائلة

ويعتمد اردوغان اعتمادا كبيرا على ان سيطرته على بعض الدول كاذربيجان يستطيع من خلالها ان يساوم دولا تحتاج لاذربيجان في صراعاتها مع روسيا من اجل ابتزازها ودفع الثمن مقدما فاذربيجان مثلا سمحت لاسرائيل باستخدام مطاراتها وهي مطارات خلفية تستطيع اسرائيل ان تستند لها لتوجيه ضربات لايران وبذلك يكون اردوغان قد خان ايران التي ساعدته مساعدات كبيرة في فترات سابقة وحمت تركيا من مخاطر كبيرة

باختصار نستطيع ان نقول ان استراتيجية اردوغان وخططته التي يحاول تنفيذها تدمر تدريجيا علاقات تركيا التلريخية مع بعض الدول وتخلق مكانها توترات تكلف الدولة التركية مبالغ طائلة من خلال تمويلها وتدريبها وتسليحها لجيوش صغيرة ستقوم بالاعمال الارهابية في المناطق التي يطمح اردوغان لضمها للاقاليم التركية

ليس سرا ان نقول ان اردوغان انشا منظمة تسمى بالاقاليم التركية وذلك لتاسيس ما يريد بناءه من ضم كل هذه المناطق تحت عنوان اقاليم تركية

العملية الكبيرة التي بدأ فيها هي في كزاخستان

فما جرى في كزاخستان محير لكثير من المحللين ومحير كثير حتى للولايات المتحدة التي لها في كزاخستان ما لها اي ان الولايات المتحدة لم تكن بعيدة عن محاولة تاسيس جيوب لها في كزاخستان وهي الدولة الاكبر مساحة والاغنى في آسيا الوسطى فكزاخستان مصدر هام واساسي لكثير من المعادن الثمينة واهمها اليورانيوم وهذا ما يهم الولايات المتحدة ويهم دول الغرب ايضا ولقد سعت الولايات المتحدة اثناء احتلالها لافغانستان ان تقيم هذه الجيوب وهذه المجموعات الموالية لها في كزاخستان وليس واضحا مدى التعاون بين هذه المجموعات وما انشاه اردوغان داخل كزاخستان ولكنه من المعروف ان نشاطا واسعا قد جرى داخل كزاخستان في دعوة للاسلام والتمسك بالاسلام والعودة للاقاليم التي تخضع للدولة العثمانية في كزاخستان تم توزيع السلاح بشكل فوضوي وسريع ومفاجىء وراح الذين تسلحوا يطلقون النار في كل اتجاه حتى على البيوت الامنة لخلق حالة من الفوضى تمكن الجيوب التركية من السيطرة على الاوضاع في كزخستان اي محاولة انقلابية تنطلق من الشارع وتمتد للجيش في كزخستان لكن روسيا كانت واعية وصاحية لما يدور ولهذا اجرت منذ ان استولت طالبان على السلطة في افغانستان مناورات مكثفة مع الجيش الكاخستاني على الحدود مع افغانستان خشية التمدد من افغانستان الى كابخستان من قبل ارهابيين لكن الخطر جاء من داخل كزخستان من الجيوب التركية التي كانت قد هربت السلاح وخلقت حالة من الفوضى شبيهة بحالة انقلاب شارعي وسارعت روسيا باستخدام منظمة الامن الشاملة التي تتعهد فيها الدول بحماية بعضها في حالات الخطر وسارع رئيس كزخستان بطلب المساعدة فسارعت الدول الاعضاء في تلك المنظمة بارسال قواتها وكانت القوات الروسية اول القوات الواصلة لان الامر كان متوقعا وكان بوتين قد هيا الجيش لمثل هذه الحملة لمنع الانقلاب في كزاخستان وفي الوقت ذاته صعد اردوغان من عملياته العسكرية وقصفه بالمدفعية والطائرات مناطق عديدة في شمال سوريا مما يوحي او يقول غلانية لم يلتزم ولن يلتزم بما تم الاتفاق عليه في سوشي وهذا سيدخل تركيا في معركة شديدة وتناقض مع روسيا اصبح على اللائحة التي يتحدى فيها اردوغان روسيا ولا يفي بتعهداته التي قطعها على تركيا في مؤتمرات مشتركة لذلك يجب علينا ان نتوقع توترات شديدة بين روسيا وتركيا قد تعكس نفسها في عمليات للجيش السوري لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في سوشي ومن الملفت للنظر ان نلاحظ ان هذا التصعيد التركي في سوريا يرافقه تصعيد امريكي اذ عددت الولايات المتحدة قواتها في دفعات كبيرة من جنودها الذين عادوا من افغانستان الى العراق وكردستان العراق دفعت بعدد كبير من هذه القوات الى سوريا خاصة الى مناطق حقول النفط التي تنهبها الولايات المتحدة يوميا وفي الوقت ذاته صعدت المقاومة العربية السورية هجماتها على مواقع للجيش الاميركي خاصة في حقل عمر واجرت الولايات المتحدة عمليات انزال مباشرةعلى بعض القرى واختطفت كوادر للمقاومة من تلك القرى للتحقيق معها ومعرفة اماكن ومواقع تجمعات المقاومة السورية وعززت الولايات المتحدة وكثفت من تحرير داعش من سجون قصد ونقلها الى قاعدة النتف تهيئة لنشرها داخل سوريا بعد تزويدها باللازم لاثارة القلاقل وتفجيرالطاقات والعمليات الارهابية الاخرى في محاولة لخلق حالة حرب جديدة في سوربا تستند الى تصاعد في الضربات الجوية الاسرائيلية التي تستخدم فيها اسرائيل هذه الايام اسلحة تجريبية تحاول من خلالها منع الصواريخ الروسية من اصابة صواريخها او طائراتها المهاجمة لسورية

اذن نستطيع القول ان تركيا اردوغان تلعب دورا مزدوجا فهي من ناحية تقوم بعمليات من اجل تنفيذ خطة هي حلم اردوغان باعادة بناء الدولة العثمانية من ناحية وجني الارباح من خلالها ومن ناحية اخرى دور الحليف للولايات المتحدة واسرائيل في اخضاع ما عجزت عن اخضاعه تركيا مباشرة من كل هذه التحركات التركية نستطيع ان نقول ان سوريا ستصبح ساحة حرب مرة جديدة فالقوات الامريكية عززت وجودها بآلاف الجنود وارسلت لسوريا كل ما تجمع من سلاح متقدم الى مناطق حقول النفط وهي تطلق داعش لارتكاب عمليات اجرامية ضد المدنيين في سوريا وكذلك تقوم اسرائيل بتصعيد ضرباتها لموانىء سورية حتى القريبة منها من قاعدة حميميم الروسية

هذا يتطلب مراجعة سريعة من قبل روسيا وسوريا للوضع على الارض السورية من كل هذه التحركات التركية نستطيع ان نقول ان سوريا ستصبح ساحة حرب مرة جديدة فالولايات المتحدة عددت قواتها بآلاف الجنود ففتح معركة على الارض السورية سوف يشد روسيا كثيرا وبعيدا عن اماكن تحاول الولايات المتحدة وتركيا ان تلعب فيها لتثير لروسيا مشاكل شبيهة لمشكلة اوكرانيا وهي تسعى لفعل ذلك باسرع مما يتصور المرء لذلك ان القمة التي ستعقد بين روسيا وامريكا لبحث موضوع الاستقرار العالمي قد اقترب موعدها وتريد الولايات المتحدة ان تحضر تلك المفاوضات ولها اليد العليا التي من خلالها تستطيع الضغط على روسيا للموافقة على ما تريده الادارة الامريكية

ماذا يعني تحضير الساحة السورية

باختصار نقول ان تحضير الساحة السورية ممكن اذا تخلت موسكوالى حد ما من تعهداتها لاسرائيل حول وسائل الدفاع الجوي السورية اي ان على موسكو ان تثبت ان انظمتها للدفاع الجوي فاعلة وتستطيع ان تمنع صواريخ اسرائيل من اصابة اهدافها على الارض السورية والموانىء السورية وهذا يتطلب نشر نظام دفاعي جديد تستطيع روسيا ان تستخدمه كحقل تجارب لصواريخها الجديدة الاسرع من الصوت وتمنع اسرائيل من تحقيق اهدافها على الارض السورية التي هي جزء من اهدافها الشاملة في المنطقة والتي تحمل عنوانا هو توجيه الضربة للمؤسسات النووية الايرانية واذا كان المسئولون الاسرائيليون الذين صرحوا انهم ليسوا معارضين للوصول لاتفاق في فينا اذا كان ذلك صحيحا فان التركيز سيتم على الساحة السورية لاعادة سوريا الى حالة الحرب المدمرة التي شهدتها على مدى الخمسة عشر سنة الماضية هذا يحمل روسيا مسئولية كبيرة.

لقد آن الوان ان يستوعب بوتن ان اسرائيل تخدعه تماما كما يخدعه اردوغان وان حلفاءه الحقيقيين هو الرئيس بشار الاسد وسوريا التي تشعر بالامتنان للمساعدة الروسية لحماية سوريا ارضا وجوا وللحفاظ على وحدتها ووحدة اراضيها وسيادتها كما ان الامر يتطلب اسراعا في اتخاذ القراربارسال اسلحة دفاعية ارقى من التي سلمت حتى الان لسوريا كذلك من الضروري ان تزود سوريا الطيران السوري بعد ان تدرب الطيارون كثيرا واصبحوا يمتلكون القدرة على التعامل مع الطائرات الحديثة عليها ان تزود سوريا بطائرات ارقى مستوى ليكون التحدي متكافئا مع اسرائيل وعلى محور المقاومة مسئولية كبيرة جدا جدا فالتصعيد في اليمن هو جزء من الحرب على الامة العربية والتصعيد الحاصل الان يستهدف الغاء الانجازات التي حققها المقاومون اليمنيون ضد غزاة ارضهم وما حققوه من انتصارات في مارب لا بد من تدمير تلك القوى التي تسمى الوية العمالقة وتحرير شبوة تحريرا كاملا ومنعهم من الدخول الى البيضاء والوصول الى مارب من الباب الخلفي وهذا يتطلب ايضا ارتفاعا في مستوى السلاح الذي يستخدمه الابطال اليمنيون ضد الغزاة وضد من يحاولون غزو ارضهم مرة اخرى.

وفي هذا الاطارعلى ايران ان تراجع نفسها في ابقاء الامارات محيدة من المعركة فالامارات تخوض حربا ضد اليمن وبواخرها تهرب السلاح والعمالقة يتبعون لها وهي الان تلعب دورا اساسيا في انقاذ الانهيار الذي شهدته قوات التحالف وقوات هادي في اكثر من منطقة في اليمن والامر كذلك في لبنان وفلسطين وفي فلسطين نريد ان نوجه رسالة لاخواننا في قيادات منظمات المقاومة وهي ضرورة الكف عن التهديد الفارغ الذي يبدأ دائما ب سنحول الارض الى نار تحت اقدام المحتلين لتشعل النار تحت اقدامهم ولتتحدث النارعن نفسها دون ان نفقد ثقة الجماهير من كثرة ما هددنا ولم ننفذ تصعيد المقاومة في فلسطين ممكن باتخاذ قرار بمقاومة شعبية عارمة في كل انحاء فلسطين كل الوقت وفي كل مكان.

* المصدر : رأي اليوم
* المادة التحليلية تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع