بقلم: لورا كيلي

(صحيفة “ذا هيل” الامريكية- ترجمة: انيسة معيض, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)

عند تولى الرئيس بايدن منصبه وصف المملكة العربية السعودية بأنها “منبوذة” ووعد بوضع حقوق الإنسان على مقدمة سياسته الخارجية.

لكن المدافعين عن حقوق الإنسان والخبراء الإقليميين يقولون إن الرئيس فشل في فرض التزامات جسيمة على الرياض، بينما شجع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على التصرف دونما عقاب عندما يتعلق الأمر باحترام حقوق الإنسان، بما في ذلك استهداف المنشقين.

تؤكد الإدارة أنها تطرح قضية حقوق الإنسان في اجتماعاتها مع المسؤولين السعوديين، وتواصل إثارة قضية مقتل الصحفي المقيم في الولايات المتحدة جمال خاشقجي في 2018 على يد جماعة سعودية تعمل بموافقة ولي العهد.

لكنها تنظر أيضاً إلى العلاقة بين واشنطن والرياض على أنها حيوية.

قال وزير الخارجية أنتوني بلينكين الذي يقف إلى جانب وزير الخارجية السعودي في وزارة الخارجية, إن البلدين يعملان معاً فيما يخص “قضايا مهمة للغاية، تخص المناخ والطاقة واليمن و إيران”.

وأضاف الوزير أنه سيتحدث أيضاً “عن التقدم المستمر الذي نأمل أن نراه في المملكة العربية السعودية بشأن الحقوق”.

لكن النقاد يقولون بأن السعوديين يرفضون مثل هذا الخطاب من الإدارة.

يقول المدافعون إن اختفاء وسجن المعارضين مستمر ومزاعم التعذيب في السجن تنتشر والعقوبات التي تمتد لعقود لا تتناسب مع الجرائم التي يزعمونها.

قال بروس ريدل، الزميل البارز ومدير مشروع بروكينغز الاستخباراتي الذي تقلد منصب مستشار لشؤون الشرق الأوسط لأربعة رؤساء: “أعتقد أن السعوديين يظهرون ازدرائهم المطلق لسياسة جو بايدن في مجال حقوق الإنسان”.

لقد كان أمامهم أكثر من ثمانية أشهر الآن لرؤية ما مدى جدية الإدارة وتوصلوا إلى استنتاج مفاده أنها ليست جادة بشأن هذه القضية.

أريج السدحان التي حُكم على شقيقها عبد الرحمن بالسجن لمدة 20 عاماً وحظر للسفر لمدة 20 عاماً في المملكة العربية السعودية بسبب إدارته حساباً ساخراً على تويتر اعتُبر منتقداً للمملكة، ويطالب الرئيس بالقيام بمحاسبة الرياض بقوة أكبر.

إنه واحد من 89 شخصاً أمريكياً تقدر منظمة مبادرة الحرية غير الربحية اختفائهم أو احتجازهم أو حظر سفرهم في وقت ما في عام 2021 في السعودية، وفقاً لتقرير نشروه هذا الشهر.

أيدت محكمة استئناف سعودية الحكم بالسجن أربعة عقود على عبد الرحمن الأسبوع الماضي، مما أدى إلى إصدار بيان إدانة من وزارة الخارجية.

قال مسؤول كبير في الإدارة، رداً على استفسار من ذا هيل, إن كبار المسؤولين في الحكومة الأمريكية أثاروا قضية عبد الرحمن مباشرة مع كبار المسؤولين السعوديين, بما في ذلك الأمير محمد.

قال المسؤول أن مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، أثناء زيارته للسعودية الشهر الماضي، أثار أيضاً قضايا المواطنين الأمريكيين المحتجزين في البلد.

قالت السدحان أن هذا لا يكفي, وفي مقابلة مع صحيفة ذا هيل “من الواضح أنه لم تكن هناك مساءلة كافية عن القتل الوحشي للصحفي جمال خاشقجي وهذا بحد ذاته شجع المسؤولين السعوديين على الاستمرار في ارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان, أحد الأمثلة هو ما يحدث مع أخي وعائلتي بشكل مباشر”.

السدحان مواطنة أميركية وأحد أعضاء مجلس النواب التي ترئسه نانسي بيلوسي.

لقد كان رئيس مجلس النواب صريحاً بشأن المخاوف من تعرض عبد الرحمن للتعذيب أثناء وجوده في السجن ووصف الحكم الصادر عليه بأنه “اعتداء” على حرية التعبير.

وقالت السدحان: “أنا أقدر ما تفعله حكومتي، الحكومة الأمريكية ووزارة الخارجية وخاصة رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، لقد دعمت بشكل كبير للغاية”.

“لكن النقطة المهمة هي أننا نحتاج حقاً إلى المزيد، نحتاج إلى أن يدين البيت الأبيض ذلك علناً وأن يتخذ إجراءات حقيقية لوقف هذه الانتهاكات, إن خطاب بايدن الصارم بشأن السعودية خلال الحملة الرئاسية وخلال الأسابيع القليلة الأولى من توليه منصبه جلب الأمل في رفض قضايا السجناء السياسيين، مثل قضية شقيقها، أو تخفيف الأحكام، مع سعي الرياض لكسب ود واشنطن.

في الأسابيع التي سبقت، وبعد تنصيب بايدن، بدا أن السعودية اتخذت خطوات لمعالجة بعض سلوكياتها الأكثر عرضةً للانتقاد.

وشمل ذلك الإفراج في فبراير عن الناشطة البارزة في مجال حقوق المرأة لجين الهذلول التي حُكم عليها بالسجن قرابة ست سنوات بسبب احتجاجها على حظر قيادة المرأة للسيارة.

أجرى بايدن مكالمة هاتفية مع العاهل السعودي الملك سلمان في ذلك الوقت حيث “لاحظ بشكل إيجابي” إطلاق سراح الهذلول ونشطاء سعوديين أمريكيين آخرين.

في نفس الشهر، قالت السدحان إن عائلتها تلقت مكالمة مشجعة من شقيقها الذي قال إنه يتوقع إطلاق سراحه من السجن.

جاءت المكالمة قبل إصدار تقرير استخباراتي أمريكي رفعت عنه السرية في 26 فبراير، عن علاقة الأمير محمد بمقتل خاشقجي.

قالت السدحان إن الوضع مع شقيقها تغير بسرعة عندما لم يكن الأمير محمد مشمولا في حزمة عقوبات فرضتها الإدارة تستهدف مهاجمي خاشقجي, “في غضون أسبوع، عندما علم محمد بن سلمان أنه قد تخلص من المأزق، سرعان ما تغير ذلك، وتم جر أخي إلى جلسات استماع سرية ومحاكمات صورية وقائمة من الاتهامات الغامضة والسخيفة دون أي دليل حقيقي، وأخي حُكم عليه أساساً بالسجن لمدة 20 عاماً وحظر سفر لمدة 20 عاماً.

دافع البيت الأبيض عن قراره بتأجيل معاقبة ولي العهد، حيث قالت السكرتيرة الصحفية جين بساكي في ذلك الوقت إن حزمة العقوبات “تعالج من الناحية الهيكلية نمطاً غير مقبول من الاستهداف والمراقبة والمضايقة والتهديد للمعارضين والصحفيين.

لكن كاثرين جروث، الباحثة المشاركة في منظمة فريدوم هاوس التي تركز على حقوق الإنسان والديمقراطية، قالت إنهم يواصلون توثيق استهداف السلطات السعودية للنقاد والصحفيين الصريحين بالمراقبة والعقوبات الجنائية غير المتناسبة والمضايقات عبر الإنترنت وفي الواقع.

قالت جروث: “لا يزال هناك المئات من الصحفيين والنشطاء والمدونين ومنتقدي الحكومة الذين يتعرضون للمضايقة باستمرار, نعلم أيضاً، أعتقد أنه في العام الماضي فقط، كانت هناك تقارير عن تعذيب لا يصدق في السجون السعودية، وإساءة معاملة المحتجزين, كل هذا جملةً يرسم صورة قاتمة للغاية”.

وأضافت جروث أن قضية عبد الرحمن تبرز بشكل خاص فيما يتعلق بالسجن لمدة 40 عاماً، واصفةً إياها بأنها “واحدة من أطول القضايا التي شهدناها، وتحديداً جريمة عبر الإنترنت، على الأقل في السنوات القليلة الماضية”.

قالت فارشا كودوفايور، المحلل الجيوسياسي في شركة التحليل الأمني “Valens “Global ، إن تداعيات خروج إدارة بايدن الفوضوي من أفغانستان جعلها أكثر اعتماداً على الشركاء الإقليميين، مع إعطاء الأولوية للتعاون الوثيق للجهود المبذولة للضغط من أجل إصلاحات حقوق الإنسان.

وقالت: “لقد وضعت الإدارة نفسها في مأزق حيث لا يمكن أن تكون قوية في مجال حقوق الإنسان دون أن تخشى فقدان بعض التعاون مع السعودية أو تعطيل إستراتيجيتها الإقليمية”.

كان هناك مجال لمتابعة حقوق الإنسان مع الحفاظ على مجالات التعاون مع السعودية، لكن الإدارة لم تتابع ذلك بقوة كافية, إنه مأزق من صنعها، رغم ذلك”.

من غير المرجح أن تتعرض الإدارة لضغوط كبيرة من الكونجرس.

قال رايدل من معهد بروكينغز: “القلق حسب صحيفة ذا هيل حصرياً تقريباً في الحزب الديمقراطي، ولا أعتقد أن الجمهوريين، بشكل عام، يهتمون أبدا”.

وجه الديمقراطيون بعض الانتقادات للرئيس لرفضه معاقبة الأمير محمد، وقدموا تشريعات تهدف إلى معاقبة ومنع ولي العهد من دخول الولايات المتحدة.

نجح النائب جيري كونولي (ديمقراطي من فرجينيا) الذي يمثل المنطقة التي عاش فيها خاشقجي، في التمرير إلى مجلس النواب في أبريل مشروع  “قانون حماية المعارضين السعوديين”, وقد أحيل إلى لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ.

ومع ذلك، يبدو أن هذه الجهود قد تلاشت في خضم معارك حزبية مشحونة على أجندة السياسة الداخلية والتركيز على أهداف سياسية إقليمية أخرى تتعلق بالشرق الأوسط.

ويشمل ذلك إشراك الرياض في إنهاء الحرب الأهلية في اليمن، واتخاذ خطوات لتطبيع العلاقات مع إسرائيل وتعزيز حقوق الفلسطينيين، وعرقلة الصين عن المنطقة ومواجهة أعمال إيران المزعزعة للاستقرار في سوريا والعراق واليمن، فضلاً عن كبح جماح طموحاتها النووية.

ومع ذلك، تقول إدارة بايدن إنها تركز على حقوق الإنسان.

قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس رداً على سؤال من الصحيفة: “حقوق الإنسان هي عنصر أساسي في محادثاتنا مع شركائنا في جميع أنحاء العالم بمن فيهم  شركائنا السعوديين, لن نخجل من التحدث عندما يتعلق الأمر بأوجه القصور في هذا المجال … لقد أوضحنا أننا نشعر بخيبة أمل من التقارير التي تفيد بأن المحكمة السعودية أيدت حكم السجن وحظر السفر في حق عبد الرحمن السدحان”.

* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع