السياسية:

نيودلهي-سبأ:يُمارس تدليك الأطفال في جنوب آسيا منذ قرون، والآن يكتشف العلماء أنه قد ينقذ حياة الكثير من الأطفال.

وأظهرت دراسات أن هناك فوائد مدهشة لتدليك الأطفال ، بما في ذلك الأطفال الخدج (المولودون قبل الآوان).

وأوضحت الدراسات أن التدليك بالزيت، عند ممارسته بشكل صحيح، يمكن أن يزيد وزن الأطفال، ويمنع الالتهابات البكتيرية، ويقلل من وفيات الأطفال بنسبة تصل إلى 50 في المئة.

ومع ذلك، يجب على الآباء المهتمين بهذه الممارسة مناقشة الأمر مع مقدم الرعاية الصحية أولاً، للتأكد من أنها آمنة ومناسبة لأطفالهم.

وبالنسبة للعائلات التي تعتز بهذه الممارسة المتوارثة عبر الأجيال، تؤكد النتائج ملاحظاتها الخاصة.

ويقول باحثون ،بحسب ما أورده موقع هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” الالكتروني، إن تدليك الأطفال يمكن أن يمنحهم فوائد صحية تستمر حتى مرحلة البلوغ.

ويقول غاري دارمشتات، أستاذ طب حديثي الولادة وطب النمو في كلية الطب بجامعة ستانفورد: “الجلد هو أكبر عضو في الجسم، لكن غالبًا ما نقلل من أهمية العناية بالبشرة للصحة العامة”.

وفي رحلاته المبكرة عبر بنغلاديش والهند، لاحظ دارمشتات أن العائلات، وخاصة الأمهات والجدات، تقضي الكثير من الوقت في تدليك أطفالها حديثي الولادة.

ويقول عن ذلك: “شعرت بالذهول عندما علمت أن هذا الأمر يحدث منذ قرون، ثم بدأت في دراسته”.

وفي عام 2008، في دراسة أجريت على 497 طفلاً خديجا تلقوا تدليكًا يوميًا في مستشفى في بنغلاديش، أظهر دارمشتات ومعاونوه أن هذه الممارسة القديمة يمكن أن تنقذ أرواح الأطفال.

ويقول: “رأينا انخفاضًا بنسبة 40 في المئة في مخاطر العدوى، وانخفاضًا بنسبة تتراوح بين 25 في المئة و50 في المئة في خطر الوفاة، وهو ما يعد أمرا مهما للغاية”.

ومن خلال تجارب منفصلة، وجد الفريق الطبي أن التدليك المنتظم يساعد في بناء ميكروبيوم الطفل – طبقة البكتيريا الموجودة على الجلد وفي الأمعاء. ويلعب الميكروبيوم دورًا مهمًا للغاية في تعزيز المناعة، من خلال العمل كحاجز فعال يمكنه منع العدوى.

ويقول دارمشتات: “الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية والذين جري تدليكهم بالزيوت كان لديهم ميكروبيوم أكثر تنوعًا. لقد حسنت الزيوت وظيفة الجلد كحاجز لمنع العدوى، وهو ما يجعل من الصعب على البكتيريا اختراق الجلد والدخول إلى مجرى الدم والتسبب في التهابات تهدد الحياة”.

وكانت هذه النتائج حاسمة بشكل خاص لرعاية الأطفال الخدج. يقول دارمشتات عن ذلك: “في الأطفال المبتسرين، لا يعمل حاجز الجلد بشكل جيد، لذا يتعرض هؤلاء الأطفال لفقدان الماء من خلال الجلد. ويتبخر الماء من الجسم بسرعة كبيرة، وبالتالي تنخفض درجة حرارة الجسم. وعندما تنخفض درجة حرارة الجسم بشكل كبير، يمكن أن تهدد حياة الطفل”.

ويضيف دارمشتات: “يفقد الرضيع الكثير من الطاقة بسبب معاناته من هبوط درجة حرارة الجسم، وهي الطاقة التي كان يمكن أن تتجه إلى النمو وجوانب أخرى من وظائف الجسم”.

وفي دراسة لم تُنشر بعد من قبل دارمشتات وفريقه، تتبع الباحثون 26 ألف طفل، ليس فقط الخدج، في ولاية أوتار براديش شمالي الهند. وجرى تدليك نصفهم بزيت عباد الشمس والنصف الآخر بزيت الخردل. ولاحظ الباحثون تحسنًا في النمو لجميع الأطفال.

يقول دارمشتات: “وعلى الرغم من عدم وجود تأثير كبير على معدل وفيات الأطفال ذوي الوزن الطبيعي عند الولادة، إلا أنه بين الأطفال الأصغر حجمًا (الذين يقل وزنهم عند الولادة عن 1.5 كجم)، كان هناك انخفاض كبير بنسبة 52 في المئة في خطر الوفاة”.

ووجد باحثون آخرون فوائد مماثلة. وتشير إحدى الدراسات إلى أن التدليك يحفز العصب الحائر أو العصب المبهم، وهو عصب طويل يربط الدماغ بالبطن، وهو ما يؤدي إلى تحسين الهضم وامتصاص العناصر الغذائية، وهذا بدوره يمكن أن يساعد الأطفال على زيادة الوزن.

وعلاوة على ذلك، قد يؤدي تدليك البطن يوميا إلى تقليل التوتر والشعور بالألم، وهو ما يمكن أن يكون مهمًا بشكل خاص للأطفال الخدج الذين يقضون شهورًا في المستشفيات.

تقول تيفاني فيلد، أستاذة طب الأطفال وعلم النفس والطب النفسي في كلية الطب بجامعة ميامي والمتخصصة في تدليك الأطفال: “نقترح أن يبدأ الآباء في تدليك أطفالهم عند الولادة”.

وراجعت فيلد دراسات تدليك الأطفال الخدج من بلدان مختلفة، وتشجع هذه الممارسة، وتذكر الآباء والأمهات بأنه من المهم للغاية ممارسة التدليك بشكل صحيح.

كما يوصي دارمشتات باتباع نهج معتدل، ويقول: “ما لا نريد القيام به، خاصة عند الأطفال المبتسرين، هو التدليك بقوة، لأن ذلك يمكن أن يتلف حاجز الجلد ويمكن أن يكون ضارًا”.