لماذا منع بايدن شن حرب “إسرائيلية” على إيران من القوقاز؟
بسام أبو شريف*
لم تكن الحكومة الاسرائيلية هذه والتي يرأسها بينيت أصرح من أي حكومة اسرائيلية اخرى.
حكومة بينيت وضعت النقاط على الحروف دون تردد.
والسبب يعود الى ان هذه الحكومة ذات العقد النفسية التي تنم عن عدم الثقة بالنفس ، وتنم عن عدم القدرة على تنفيذ ما تهدد بتنفيذه وتشعر بأنها في خطر داخل بيتها ، هذه الحكومة اضطرت الى ان تكون أوضح من غيرها بوضع النقاط على الحروف ، كسباً لصفة القوي المفقودة لدى هذه الحكومة وكسباً للثقة بالنفس المفقودة لدى هذه الحكومة ، وكسباً لثقة الجمهور المفقودة حالياً والتي لا تتمتع بها حكومة بينيت.
هذه الحكومة كانت تعد العدة للقيام بعمليات خطيرة ، طابعها أمني وعسكري وتجسسي واجرامي ، ليس هذا فحسب ، بل كانت تحاول خوض معركة هي الأولى من نوعها وذلك باثارة القلاقل والفتن بين دول بأسرها في منطقة القوقاز ، لكن بايدن رغم تأييده الكامل لإسرائيل بسبب تأييده الكامل لإسرائيل ، وبسبب رغبته في حماية اسرائيل ، طالب من بينيت عدم القيام بمثل هذه العمليات وان المسار الدبلوماسي هو المسار الذي اختارته الإدارة الامريكية للقيام بمفاوضات مع ايران حتى تضمن عدم امتلاك ايران للسلاح النووي وان أي بديل للحل الدبلوماسي والمسار الدبلوماسي سوف يبحث حين يفشل الحل الدبلوماسي.
وهذا يعني… ان الرئيس بايدن طلب من بينيت في ما يتصل بالموضوع الايراني ان لا يقوم بعمليات خطيرة قد تؤدي الى اشتباكات أوسع ، وقد تفلت الزمام من يدي الولايات المتحدة وحلفائها وتعطي الزمام لإيران في المنطقة بأسرها.
طلب بايدن من بينيت عدم المس وعدم اللعب بالنار في تلك المنطقة ، حماية لإسرائيل وحماية للإسرائيليين وحماية للحكومة الاسرائيلية ، الا ان الادارة الامريكية …
في الوقت الذي أعلنت فيه لحكومة بينيت بضرورة عدم اللعب بالنار على الجبهة الايرانية وافساح المجال للحل الدبلوماسي ، أعلنت بوضوح وكأنما توصل رسالة لرئيس الحكومة الاسرائيلية الضعيف وفاقد الثقة بالنفس وغير المؤهل والغير متمتع بثقة الاسرائيليين به ، تترك له المجال للتصرف في الميادين الاخرى..
الادارة الامريكية أعلنت على لسان وزير خارجيتها بأنه رغم قناعة الولايات المتحدة بحل الدولتين الا انها ترى ان هذا الحل بعيد المنال ، وترى ان الوقت غير مناسب للإدارة الامريكية للشروع بأي خطوة تجاه عملية السلام في الشرق الأوسط.
هذا هو موقف الولايات المتحدة ، الإدارة الامريكية، الرئيس الأمريكي ، الذي أعلن كوجه أخر وملاصق لوجه الدعوة لإتباع مسار دبلوماسي لحل أزمة النووي الايراني.
وفي الوقت ذاته أرسلت الولايات المتحدة على عجل مبعوثيها الخاص الى اليمن والى ايران ولسوريا وللمنطقة لتسريع العمل ووضع الجهود من أجل بث شعور عام بأن الامور على هذه الجبهات الثلاث تسير للأمام باتجاهات كما يبدو ( متفق عليها بين روسيا والولايات المتحدة ).
ما يهمنا قوله هنا ان بينيت تسلم الرسالة من الادارة الامريكية .
وهذه الرسالة تعطيه كل المجال وتفتح له كل الافاق وتترك له كل الخيارات التي يريدها من اجل بسط سيادة اسرائيل والتهام الأرض الفلسطينية وتهويد القدس كما تريد الحكومة الاسرائيلية .
وهذا يعني ان الادارة الامريكية تعتبر ان كل هذه الجرائم التي ترتكبها اسرائيل ضد الشعب الفلسطيني ، قضايا يمكن غض النظر عنها وان كلمة حل الدولتين التي وصفها بلينكن بأنها بعيدة المنال لا تعني دولتين فعلاً بل تعني شكلين لا ثالث لهما والشكلين ينضويان تحت السيادة الأسرائيلية، اي صفقة القرن ، أي صفقة القرن.
واليوم تواجهنا قرارات غير مسبوقة لحكومة بينيت واقول حكومة بينيت لأنه لا محكمة في اسرائيل تستطيع ان تتخذ قرارات سياسية وذات بعد استراتيجي دون ان تكون قد أخذت ضوء أخضر من الحكومة الاسرائيلية ، فقرار المحكمة بأن لليهود الحق بالصلاة في المسجد الأقصى هو قرار حكومي وقرار محكمة يتحول الى قانون والقانون يحتاج الى دعم الجيش والشرطة والامن وكل المؤسسات الاسرائيلية وهذا يعني بداية تهويد الأقصى.
ام القرار الثاني فهو أخطر أو موازن له بالخطورة ، فقد اتخذ قرار ببناء عشرة الاف وحدة سكنية في الاراضي التي كانت قد صودرت سابقاً لإقامة مطار القدس اثناء حكم الأردن واضيفت اليها أراضي اخرى لتوسيع المطار وهي اراضي عربية تتبع أهالي كفر عقب وقلنديا.
هذه القرارات لن تكون الوحيدة ، بل هنالك قرارات باقتحام بلدات كبيرة فلسطينية وهذا خط سوف يتبع خلال الايام القادمة بشكل منهجي وتبدأ اليوم عملية اقتحام نابلس من عدة مداخل وذلك لاخضاع مدينة نابلس وكسر شوكتها في وجه الاحتلال والمستوطنات المحيطة بنابلس.
حكومة بينيت سوف تتبع استراتيجية الهجوم والاقتحام والتعذيب واطلاق الرصاص المعدني واطلاق الغاز والمهاجمة بعد منتصف الليل ، واغداق المناطق بالغاز السام ، هذه الاستراتيجية سوف تتبعها حكومة بينيت لأنها تخشى من تنامي المقاومة واتساعها واتصالها جغرافياُ وزمانياً ، تريد حكومة بينيت ان تحمي نفسها من احتمال اتساع المواجهة الفلسطينية مع هذا الحكم العنصري الدموي ،والاحتلال الدموي البطاش الذي يخرق كل القوانين والاتفاقات الدولية والقرارات الدولية المتعلقة بحقوق الانسان وحقوق الشعوب الواقعة تحت الاحتلال .
هذا ما نتوقعه ، ولكن ماذا علينا ان نتوقع من منظمة التحرير الفلسطينية ، وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية وقيادة السلطة والحكومة الفلسطينية ، لقد جبلت المواقع لدرجة ان الفلسطيني بات لا يعرف من يتخذ القرار ، هل هي منظمة التحرير ولجنتها التنفيذية ام السلطة الفلسطينية وحكومتها الغير قادرة على اتخاذ قرار مالي صغير، ام المقاطعة وما ادراك ما المقاطعة، اي الرئيس ومن يحيط بالرئيس هم أصحاب القرار، ولكن بغض النظر من هو صاحب القرار، سمعنا مواقف تقول:
ـ أولاً: لدينا بدائل، وحدد الذي قال ان لديه بدائل، قرار التقسيم وحدد الدولة الديمقراطية الفلسطينية ، هذا الكلام الذي قيل ، قيل بطريقة قد تبدو انها تقصد ان تفهم انها غير جدية ، اي نوع من التلويح او التشريح او التلقيح.
ـ ثانياً: المقاومة أعلنت ستستمر في المقاومة وستحاول التصعيد.
ـ ثالثاً: في القاهرة نسمع كلاماً حول تثبيت وقف اطلاق النار، وحول فتات تحاول ان ترمي بها وزارة المخابرات المصرية لحركة حماس من خلال الموافقة على مرور بعض البضائع من رفح الى غزة وحول وعود بتسريع اعادة البناء وادخال مواد بناء الى غزة، ومحاولة تعميق التهدئة بحيث ان اسرائيل تخفف الحصار عن قطاع غزة تدريجياً.
كل ما سمعناه لا يعني شيئاً للفلسطيني الذي يعاني من الاحتلال ومن اجباره على هدم بيته ومن مشاهدة الصهيوني وهو يصلي في أقدس مقدساته ومن مشاهدة أرضه تنهب ليبنى عليها مستوطنات ومن مصادرة اراضي سلوان والشيخ جراح وقلنديا وكفر عقب، وربما بعد قليل مصادرة أراضي تحيط بالمقاطعة في رام الله ، لا احد يدري، لكن العنوان هو ان الادارة الامريكية سمحت لبينيت بأن يثبت بأن السيادة هي لإسرائيل وان يتصرف دون ان تنتقد انتقاداً واحداً ودون ان تطلب طلباً واحداً ودون ان تفي بوعودها حتى بوعد واحد كما وعدت اثناء حرب سيف القدس.
ما يجري هو محاولة لضرب معنويات الفلسطيني وأمله وحلمه وقناعته ان المقاومة تدريجياً تستطيع ان تطرد الاحتلال من أرضنا، انهم يستهدفون الايمان الفلسطيني بأن المقاومة هي طريقة العودة لفلسطين وهي طريق تحرير أرض فلسطين ولذلك نقول لا يوجد شيء اسمه الشرعية الدولية ، لان الشرعية الدولية في ظل وضع الامم المتحدة الراهن ومنذ تأسيسها هي عملياً جوائز ترضية للضحايا الذين يقرر الأقوياء ان يبقوا ضحايا وان يسيموهم العذاب والشقاء وان يكونوا موضوع النهب والقتل والاجتثاث والطرد والترحيل وكلها معاكسة لميثاق الامم المتحدة الذي لا يحترمه ولا يلتزم به أحد من الاقوياء.
عندما امر بينيت بالتنقيب عن النفط في المياه اللبنانية ، قال ان لبنان تشكي، دعوها تشكي ، هي تشكي ونحن ننقب عن النفط والغاز في بحرنا ، لقد ضم بحر لبنان دون يعير اي اهتمام للقانون الدولي او للرأي الدولي وهذا تطبيق للقول الذي أطلقه نتنياهو، انه سلام القوة التي تغصب الاخرين على توقيع اتفاقيات كما تريدها اسرائيل.
السؤال يبقى موجهاً للفلسطيني الضحية ، هل تقبل ايها الفلسطيني بأن يبقى قرار فلسطين ضائعاً؟.
أيها الفلسطيني، هل تقبل بأن لا يكون لفلسطين موقف من قرار السماح لليهود بالصلاة في الأقصى وتحويل ذلك الى قانون ؟.
أيها الفلسطيني، هل تقبل بأن يكون القرار الفلسطيني حكراً على هذه المجموعة التي تخشى من عدم ثقتها بنفسها وعدم بثقتها بالشعب من أي خطوة مقاومة لإسرائيل ، أيها الفلسطيني لن يقبل بك أحد ، فالمقاطعة امامك واسرائيل ورائك ولا مجال أمامك سوى المقاومة ، والمقاومة ، والمقاومة.
ويا إبن فتح تذكر ما كنت تنشده سابقاً ، انا إبن فتح ما هتفت لغيرها ، إذا أردت ان تهتف لفتح اليوم فحدد ، أي فتح تقصد ؟.
رحم الله ياسر عرفات ورحم الله ابو جهاد وابو اياد وكمال عدوان وابو يوسف ورحم الله سعد صايل ، رحمهم جميعاً ، لنقول، لقد قالوا الكلمة وقاتلوا ، وقتلوا في سبيل الله.
يا إبن فتح أنت الآن، يحاولون شرائك بالوظيفة والمال، هل تقبل بهذا بديلاً للوطن الذي قامت فتح من أجل تحريره واستقلاله، هل استبدلت شعارات فتح بمال يقبض وبوظيفة تتبوأ بها ، لن يبقى مال ولن تبقى وظيفة، لكن الوطن محتل وسيبقى الشعب يقاتل من أجل تحرير هذا الوطن.
* المصدر : رأي اليوم
* المادة التحليلية تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع