تــفـاصـيــل لم تنشر عن :

جريمة اغتيال الرئيس الشهيد ابراهيم الحمدي                                  

  • امريكا خططت
  • روسيا باركت
  • السعودية مولت
  • العملاء من الداخل نفذوا                                                                                               الحلقة الخامسة

                                                                                                                                    أحمد يحيى الديلمي

 

 

الاغتيال هو الحل لكن !!؟

جاء في تقرير بعثة السفارة البريطانية بصنعاء الى وزارة الخارجية في لندن في الـ 15 /سبتمبر 1977م ونشرته صحيفة الصن البريطانية يوم 1/7/2000م ضمن بعض الوثائق المسربة من الخارجية البريطانية على لسان السفير جاء فيه “اصبحت كل الدول والقوى السياسية المتضررة من خطورة الحمدي التي لم يفصح عنها بعد لكنه يسعى اليها بعد اتفاقية مع سالم ربيع علي رئيس الجنوب في لقاء قعطبة وتلعب السعودية دورا

بارزا الافشال المسعى فقد وضعت العراقيل وزرعت الاشواك واقامت حواجز حسية داخل نفوس اكبر عدد ممكن من اليمنيين لكن شعبية الحمدي لم تتأثر بل ازدادت عنفوان وزاد تمسك اليمنيون به حتى في المحافظات الجنوبية مما يصعب المهمة  ويجعلها محفوفة بالمخاطر اذا حدثت التصفية في هذا  الصدد رأى السياسي المرموق والوزير المعروف عبدالله الاصنج ان التشكيك في اخلاقيات الرجل وربط المهمة بجريمة اخلاقية تخل بالشرف والآداب وحدها كفيلة بهز الثقة وقد نقلت المعلومة بنفسي الى الاطراف اليمنية المعنية بالامر بما في ذلك المقدم احمد الغشمي ، وفيما يتعلق بالغشمي بعد الاقتناع بان اغتيال الحمدي هو الحل الوحيد الا ان كل المؤشرات تدل على عدم رضا بان يكون الغشمي البديل لانه ضعيف ولن يسد الفراغ بعد الحمدي فالرجل لديه مشكلة في التفكيروالفهم وستؤثرهذه المثالب على ادارة الدولة عندما ينفرد  بالسلطة بينما يقول صالح الهديان الملحق السعودي بصنعاء ان المثالب هي المزايا التي جعلت السعودية تتمسك به اضافه الى جانب كونه الرجل القوي في الجيش وهذا هو منتهى تفكير الجانب السعودي تحبذ ان يكون الحاكم في اليمن تابع لها فاقد لإرادة الفعل لكن نرى ان افق التفكير السعودي ضيق جدا لاينظر الى العواقب ولاينظر الى المستقبل وهذا اسلوب انتهازي ضيق لايأخذ بعين الاعتبار طبيعة العلاقة المضطربة بين السعودية واليمن لأنها حساسة وغير مستقرة فأي رئيس لاينال رضا الشعب الا اذا وقف في وجه السعودية وحد من طموحاتها التوسعية في الارض اليمنية وهذا مبعث الخوف من الغشمي بالذات عندما يدرك ان بقائه في سدة الحكم اطول فترة سيتوقف على الفوز برضا اكبر عدد من ابناء الشعب والخشية ان تستغل القوى اليسارية مستوى التأهيل المتدني لديه فيندفع الى مواقف اكثر تطرف وينزلق الى اتجاهات اكثر خطورة من الحمدي او يتخذ مواقف متخاذلة يصر على جدوى الارتهان اليها لتبرير جهله وضعف قدراته .

للموضوع بقية لكنها تتعلق بتفاصيل اخرى لا تتصل بما نحن بصدده وقد تلقيت هذه التفاصيل من الصديق الصحفي المصري حسين عبد العزيز سكرتير اتحاد الصحفيين العرب في العاصمة البريطانية لندن التقيته في لندن عام 1984م  مع الصديق العزيز المهندس المرحوم  ابراهيم احمد الوريث الذي كان يدرس ويقيم في ليفربول وكان وصولي الى لندن متأخرا صحبه الاخ العزيز عبد الوهاب سنان ابو لحوم الذي كان قد حجز غرفة في فندق (كمبرلاند هتيل )وفشل في حجز غرفة اخرى لي  فأقترح المرحوم المهندس ابراهيم ان نقضي بقية الليلة في مقر الاتحاد فكانت صدفة عظيمة تعرفت فيها على الاستاذ حسين وتعددت اللقاءات بعد ذلك ومن نفس اللحظة وهو يرسل الي كل شيء يتعلق باليمن تنشره الصحف البريطانية يرسل المواضيع مترجمة مجانا بدافع الحب لليمن فله عظيم الشكر والامتنان وكم يحظى باحترام وتقدير المغتربين اليمنيين في المملكة المتحدة بالذات في مانشستر وليفربول  وشيلفدوبرمنجهام  وهي المدن التي اصطحبته معي اليهم وربط معهم علاقة قوية يساعدهم ويسهم في حل مشاكلهم فهو محامي الى جانب كونه كاتب ويعمل في مكتب محامي بريطاني مشهور مما اسلفت تتأكد معلومة هامة عن دور بريطانيا الاساسي في كل شيء يتعلق بالمنطقة .

وفق ما سارت عليه الاحداث واختلاف الروايات التي استمعت اليها يتضح ان الجميع اتفقوا على الخلاص من الحمدي وان الجانب اليمني كان يتلقى التعليمات وان السفارة  السعودية بصنعاء مثلت حجر الزاوية وان صالح الهديان الملحق العسكري مثل همزة الوصل كان يقوم بنقل كل جديد يتم الاتفاق عليه الى الجانب اليمني بلغة الامر وهو الذي يحدد المهام بحذر تام في الغالب لايخرج الموضوع عن اثنين او ثلاثة كما حدث في موضوع استقدام الفتيات الفرنسيات فقد طلب من الاصنج تكليف شخص يثق به لاستدراج المقدم عبدالله الحمدي شقيق الرئيس وقائد قوات العمالة ليكون طرف ويوجد مشروعيه لدخول الفتيات الى اليمن فاسند الاصنج المهمة الى محمد الشامي السكرتير الثاني في سفارة اليمن بباريس لاقناع عبدالله الحمدي باستقدام فتاتين فرنسيتين متواجدات مع والدهن في جيبوتي للعمل في المستوصف الصحي بمنطقة ثلا الذي كان يشرف عليه لان المستوصف كان في الاساس المنزل الخاص بالرئيس الحمدي واسرته وقد تبرع به ليصبح مستوصف يقدم الخدمات الصحية للمواطنين في ثلا والمناطق المحيطة بها وقد انطلت الحيلة على شقيق الرئيس وتم استقدام الفتيات تحت ذلك الغطاء الزائف .

 

  • التباين حول خطة الخلاص

كانت بريطانيا قد رأت الاستفادة من كون حراسة التلفزيون من اللواء الاول مدرع الذي يدين با لولاء للغشمي والقيام بمهمة الاغتيال اثناء صعود الحمدي الى محطة التلفزيون لاعلان الخطاب الذي اعتاد على القائه ليلة الاحتفال بعيد الثورة كما سارت عليه العادة من قبل الرؤساء الذين سبقوه والذي يوصف في الدول الملكية بخطاب عيد الجلوس والقاء التهمة على القوى الحاقدة المعادية للثورة الا ان الخطة قوبلت بالرفض لان الشق الثاني المكمل الخاص بتشويه صورة الرئيس غير مكتملة لعدم  وصول الفتيات كاهم وسيلة للتشويه فتم التغاضي عن الخطة والبحث عن خطة بديلة اكثر دقة مكتملة الاركان خالية من أي هفوه ورغم الانشغال باحتفلات العيد الخامس عشر لثورة سبتمبر الا ان حالات التواصل والبحث عن خطط بديلة ظلت قائمة خاصة ان الخطاب الوطني للرئيس الحمدي تضمن العديد من الرسائل الى الداخل والخارج واقتضى بتعيين الخلاص منه من قبل الاعداء   .

 

  • المكالمة القاتلة

هناك رواية لم اتكد من صحتها مع اني سمعتها من اكثر من شخص ومفادها ان شركة (الكيبل اند ورلس )البرق واللاسلكي بريطانية الجنسية كانت تتنصت على المكالمات الهامة  وتبلغ بها السفارة البريطانية في ذات السياق في الـ 28 سبتمبر 1977 تم التنصت على مكالمة هاتفية بين الرئيسين الحمدي وسالم ربيع علي جرى خلالها التطرق الى الخطوات العملية التي سيتم الاقدام عليها عند وصول الرئيس الحمدي الى عدن وطمأن الحمدي اخاه سالم ربيع بان الاجراءات الخاصة باعمال التقارب اصبحت جاهزة وطلب ان يظل كل شيء طي الكتمان قائلا :  يجب ان يتفاجأ العالم بما سنقدم عليه للاسف العملاء والخونة موجودين في الشمال والجنوب والذين في الجنوب يرفضون التقارب والوحدة بلبوس ثورية وتقدمية هما الاخطر على ما سنقدم عليه .

عقب اطلاع الاطراف المعنية على فحوى المكالمة زادت وتيرة اللقاءات والبحث بجدية عن انجح خطة للخلاص من الرئيس الحمدي ..وتعددت المقترحات التي  توصل معها الجميع الى قناعة تامة بضرورة التعجيل بالمهمة مع تكليف الهديان بالاستمرار في توزيع الاموال الكفيلة باستدراج المشائخ لضمان صمتهم وكبح جماح أي ردود شعبية في نطاق القبائل .

كما اسلفت هذه المعلومة لا اجزم بمصداقيتها الا ان سياقها ايدته الاحداث التي اعقبت الاغتيال وهو ما يؤكد مصداقيتها ولو بنسبة 70 %  هذا الافتراض دفعني الى الاسترشاد بها في ايضاح الحقيقة واستقصاء الظروف والملابسات التي احاطت بالقضية وجعلتها مثار اهتمام  الدول الكبرى ممثلة في امريكا والاتحاد السوفيتي قطبا العالم في زمن الحرب الباردة وحرص كل طرف على بقاء مواقع نفوذه في المنطقة كما هي عليه وعدم السماح لاي اختلال في التوازنات ومناطق النفوذ .

 

  • الحمدي في الحديدة ينعي نفسه الى الشعب

بعض وجهات النظر القاصرة فسرت خطاب الرئيس الحمدي في محافظة الحديدة على انه رد غير مباشر على رسالة الاستاذ احمد دهمش وهي تفسيرات قاصرة لم تصب كبد الحقيقة بينما اصاب من رأى ان الحمدي استأنس الى فلسفة المكان وطبائع وصفات الناس المجبولة على المحبة والصدق فكانت العبارات التي استهل بها خطابه واعقبها بتوجيه الرسائل للخارج والداخل فكانت تنطلق من اعماقه بالذات حينما ت تحدث عن الايادي التي تمتد من تحت الاسلاك الشائكة لتتسلم ثمن العمالة والخيانة وقال سيتم قطعها وحذر الدول من استمرار التآمر على اليمن لاجهاض تطلعات ابنائه في البناء والحرية والكرامة والاستقلال واستعادة وحدته وحماية السيادة الوطنية وختم خطابة بترديد بيت الشعر .

ولست ابالي حين أقتل مسلما        على أي جنب كان في الله مصرعي

اجمع المحللون والساسة ان الرجل انما كان ينعي نفسه الى الشعب بالمقابل تسارعت خطوات الحسم والخلاص سمعت انه تم الاتفاق على  سيناروهين  البديل الاول  هو خطة  الاغتيال في صنعاء .

والثاني عند فشل الخيار الاول يتم التنفيذ في مطار عدن لحظة الوصول بحيث يتم اغتيال الرئيسين الحمدي وسالم ربيع علي الا ان الظروف تهيئات ليتم التنفيذ في صنعاء باستغلال فكرة ان الغشمي سيتوجه لزيارة العراق وكان الحمدي يعتزم اصدار قرار تغييره وهو في العراق كما حدث مع اللواء مجاهد ابو شوارب فقد تم تغييره واستبداله بالغشمي وهو في الصين فأوكل الى الاخير منصب نائب القائد العام اضافه الى رئاسة هيئة الاركان وقد قوبل القرار باستياء وعدم رضا من كافة الاوساط العسكرية والمدينة  نظرا لان الغشمي غير مؤهل للمنصب  .

  • اللحظات الحاسمة :

قبل الاعلان عن زيارة الرئيس الحمدي الى الشطر الحنوبي من الوطن كان كل شئ شبه معد من خلال نقل دبابات واليات عسكرية الى المواضع الحساسة وتكليف فرق خاصة ضمت ضباط من داخل المعسكرات الخاضعة لقيادة المستهدفين تحت اشراف مباشر من المقدم علي عبدالله صالح في صباح  11 اكتوبر 1977م  تم اللقاء القبض على القادة الاقرب الى الحمدي من هم مصدر الخشية ولقادة هم  :

1 – المقدم عبدالله الحمدي قائد قوات العمالقة (شقيق الرئيس )

2 – المقدم على قناف زهرة قائد اللواء السابع مدرع

3 – المقدم عبدالله الشمسي قائد الحرس الجمهوري

في هذه النقطة بالذات تقول الروايات ان تصقيه القادة الثلاثة تمت قبل اغتيال الرئيس وانه تم اخذ جثماني زهرة والشمسي الى منزل الغشمي في ضلاع بينما تم الاحتفاظ بجثة عبدالله الحمدي في بدروم منزل الغشمي في الخط الدائري الجنوبي امام السفارة السعودية حاليا .

في ذات الوقت كان الغشمي قد اقام وليمة استدعى اليها كبار مسؤولي الدولة بحجة وداعه الا ان الرئيس الحمدي اعتذر عن الحضور وبالتالي كلف الغشمي كل من عبدالله الاصنج و محمد سالم باسندوه  واحمد عبده سعيد ، كونهم اصحاب دلال عليه لاقناعه بالحضور وبالفعل اقنعوه بضرورة الحضور لوداع الغشمي كونه سيغادر في اليوم التالي الى بغداد وتقول الرواية في جوهرها ان الحمدي اقتنع بالمبررات لكي يطمئن الغشمي وتتبدد الشكوك التي سبق ان ذكرها للرئيس في لقاء سابق وهي ان الحمدي سيتخلص منه وهو في بغداد وبعد ان ابلغ من حضروا اليه بان يسبقوا وهو سيلحق بهم اتصل بصديق عزيز كان قد اشار عليه ونصحه بعدم الذهاب الى مأدبة الغداء في منزل الغشمي فذكر له الاسماء التي حضرت اليه وقال : انت عارف انا غدا متجه الى عدن وقد يتوجس الغشمي من عدم حضوري  ويتوقف عن السفر الى بغداد  لتبديد أي مخاوف وشكوك المهم انت ابقى على اتصال بأخي عبدالله  وعلي قناف زهرة  ومجاهد القهالي وعبدالله الشمسي  ابلغهم اني في منزل الغشمي وتحرك الحمدي لتلبية الدعوة كما وعد من حضروا اليه وعرض عليه احد ضباط الحرس المناوب بمرافقته فرفض استغرب ذلك الشخص الذي كان اخر شخص اتصل به الحمدي وظل يتصل با لاشخاص الذين كلفه الحمدي بالتواصل معهم لم يظفر بأحد في المواقع الوظيفية ، او في المنازل قال لم اترك أي مكان توقعت ان اجدهم  فيه الا اتصلت به بلا جدوى  !!؟

بقية التفاصيل في الحلقة القادمة ان شاء الله