السياسية : المحرر السياسي

في خضم شهر واحد من القتال فقط ، باتت حركة طالبان حاليا تسيطر على كامل أراضي أفغانستان وذلك بعدما جلس الأمريكيون مع مفاوضي الحركة رسميا وجها لوجه على طاولة المفاوضات في الدوحة – في محادثات شاقة استمرت لأكثر من عام لتسهيل رحيل القوات الأمريكية والأجنبية من أفغانستان.

ورتبت واشنطن بعدها ايضا جلسات بين الفرقاء الأفغان لإنهاء ما يعد حاليا أكثر صراع دموي في العالم حيث كان على اثنين وأربعين مفاوض من الطرفين أن يقوموا بمهمة شاقة وهي طي صفحة الماضي ، بعدد سنوات الحرب الأليمة.

وكشفت اللقاءات الرسمية والمناقشات غير الرسمية في العاصمة القطرية الدوحة عن اختلافات جوهرية عسيرة بشأن الرؤى للمستقبل ما بعد الحرب بما يهدد الدفع باتجاه السلام.

وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن الخسائر في صفوف المدنيين وصلت حينها إلى أدني مستوى لها مقارنة بالسنوات الأخيرة.

وكانت المهمة الأولى على طاولة المفاوضات هي صياغة “مدونة لقواعد السلوك”، أو قواعد وضوابط قيادة هذه المحادثات.

وتم الاتفاق سريعاً على بعض من 23 نقطة أولية، مثل استهلال كل جلسة بتلاوة القرآن، واختتامها بالدعاء، والتعامل مع بعضهم البعض بإحترام، ودعا مفاوضو طالبان إلى ضم هذه الجولة من المحادثات إلى الاتفاق الذي تم توقيعه بين الولايات المتحدة وحركة طالبان في فبراير الماضي.

وخلال الأعوام الماضية شن مسلحو طالبان عددا من الهجمات المميتة على أهداف تابعة للقوات الأمريكية.

وفي اتفاق طالبان الموقع مع الولايات المتحدة، يلزم الاتفاق واشنطن بانسحاب تدريجي لقواتها مقابل ضمانات أمنية من جانب طالبان، والتزام بالتفاوض بشأن خارطة طريق للسلام.

وكان مسؤولو طالبان يتهمون أنصار الرئيس الأفغاني أشرف غني  بمحاولة تعطيل عملية المفاوضات أملاً في أن تتغير قواعد اللعبة في وجود الإدارة الأمريكية القادمة.

ووافقت الولايات المتحدة على سحب ما تبقى من قواتها من أفغانستان، وقالت طالبان إنها لن تسمح للقاعدة أو أي جماعة متطرفة أخرى بالعمل في المناطق التي تسيطر عليها.

كما ذُكر في حينه أنه سيتم تبادل 5 آلاف سجين من طالبان مقابل 1000 أسير من قوات الأمن الأفغانية، وسيتم رفع العقوبات ضد الحركة.

وشمل الاتفاق الولايات المتحدة وطالبان فقط، إذ كانت الخطة هي أن تتفاوض طالبان مع الحكومة الأفغانية بعد ذلك لتحديد كيف ومن سيحكم البلاد في المستقبل.

قوات الأمن الأفغانية، المدربة بتكلفة 88.32 مليار دولار وعددها أكثر من 300 ألف جندي نظريا، سيكون دورها الحفاظ على الوضع أثناء إجراء المحادثات.

والرئيس ترامب، الذي وصفها بأنها “صفقة رائعة” وفقا لمستشار الأمن القومي آنذاك جون بولتون، قال علنا إن الخطة لديها “فرصة حقيقية لتكون مثمرة لحد كبير”.

الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن، الذي على الرغم من اختلافه مع ترامب حول كل السياسات الأخرى تقريبا، واصل تنفيذ اتفاق سلفه مع طالبان، وقال للصحافة الشهر الماضي إنه لن “يرسل جيلاً آخر من الأمريكيين إلى الحرب في أفغانستان دون احتمالات معقولة بإمكانية تحقيق نتائج مختلفة”.

وأضاف أن “احتمال قيام طالبان باجتياح كافة المناطق والسيطرة على الدولة بأكملها أمر مستبعد للغاية”.

وعلى الرغم من أحداث الأيام الأخيرة، يبدو أن الرئيس بايدن ظل متمسكا بقراره.

وقال يوم الاثنين “إن التطورات التي حدثت في الأسبوع الماضي تعزز القناعة بأن إنهاء التدخل العسكري الأمريكي في أفغانستان الآن هو القرار الصحيح”.

لكن بالنسبة للكثير من المراقبين، فإن تصريحات حركة طالبان بعد توقيع الاتفاق مع أمريكا صاحبة أقوى جيش في العالم في سبتمبر الماضي، حين قال أحد قادة الحركة “ليس هناك أدنى شك في أننا انتصرنا في الحرب”، يبدو أكثر صحة وقدرة على توصيف الواقع.

طالبان: الكشف عن نظام حكم جديد لأفغانستان خلال أسابيع

بعد انسحاب القوات الأمريكية والأجنبية ، اجتاحت حركة طالبان أفغانستان، وسيطرت تقريبا على كل بلدة ومدينة بينما سعت الحركة إلى إظهار وجه أكثر اعتدالا منذ الاستيلاء السريع على السلطة الأسبوع الماضي.

وبهذا الصدد ،قال متحدث باسم “طالبان” إن الحركة ستكشف عن إطار حكم جديد لأفغانستان في الأسابيع القليلة المقبلة.

وقال المسؤول وفق وكالة “رويترز”، اليوم السبت:  “خبراء قانونيون ودينيون وخبراء في السياسة الخارجية في طالبان يعملون الآن على طرح إطار حكم جديد في الأسابيع القليلة المقبلة”.

وأضاف المسؤول أن نموذج طالبان الجديد للحكم في أفغانستان قد لا يكون ديمقراطيا بالتعريف الغربي الدقيق، ولكنه سيحمي حقوق الجميع، لافتا إلى أن قادة الحركة يواصلون إجراء المشاورات مع كبار الزعماء الأفغان السابقين، وقادة المليشيات الخاصة.

وأكد المسؤول أن الحركة ستحقق في المشاكل القانونية التي سببها بعض أعضائها، بعد علمها بارتكاب بعض الفظائع والجرائم ضد المدنيين،لافتا إلى أن قادة الحركة سيناقشون خلال محادثات كيفية ضمان مغادرة القوى الغربية لأفغانستان بشروط ودية.

يشار الى أن طالبان حكمت أفغانستان بقبضة من حديد من عام 1996 إلى عام 2001، قبل أن تطيح بها القوات الأجنبية التي قادتها الولايات المتحدة، بعد هجمات 11 سبتمبر.

وهنا تبقى هذه التساؤلات مطروحة:

لماذا وافقت الولايات المتحدة الأمريكية على الرحيل من أفغانستان مع بقية الدول الغربية المتواجدة هناك بعد 20 عاماً من القتال الدامي؟

وما هي الأسباب والأحداث التي أدت الى إبرام الاتفاقية التي تم توقيعها في عهد رئيس أمريكي وتم تنفيذها في عهد خلفه ،وأدت أيضا الى عودة قادة طالبان إلى العاصمة الأفغانية والسيطرة على الدولة بأكملها تقريبا وذلك بعد ما يقرب من عقدين من الزمان من القتال ؟

ولماذا أرادت الولايات المتحدة إبرام اتفاق مع طالبان ولماذا تخلت واشنطن عن حلفائها الأفغان وتركتهم عرضة لحكم طالبان ؟

وهل ستكون طالبان المتشددة فزاعة واشنطن لدول الجوار في المستقبل المنظور!!؟

الأيام المقبلة تواليا كفيلة بالكشف عن كل هذه التساؤلات وما ستؤول اليه الأوضاع.