السياسية :

في خطوة لافتة وبعد تصاعد حدة الخلاف بين الامارات والسعودية على حجم انتاج النفط، اعلن تحالف دول “أوبك+” المصدرة للنفط على زيادة إنتاج النفط تدريجياً حتى نهاية العام الجاري.

نزاع برائحة النفط هذا ما شهدته الايام الماضية من تصاعد حدة الاحتقان بين السعودية والامارات التي كان الخلاف النفطي المفجر له والكاشف لمدى عمق وتباين الاهداف والاجندات بين الطرفين.

ففي الاجتماع الأخير عارضت الإمارات بشدة اقتراحا سعوديا في تحالف “أوبك بلاس” حول تمديد استراتيجية خفض انتاج النفط، واصفة إيّاه بأنّه “غير عادل”، ما تسبب في تعثر تمرير الاتفاق. وهو ما شكل تحديا نادرا للسعودية في سوق النفط من حليف وثيق مثل الامارات.

اعقب هذا الخلاف مفاوضات مستمرة نتج عنها اعلان “اوبك+” في بيان لها انه ستتم زيادة إنتاج النفط شهرياً بواقع 400 ألف برميل يومياً؛ اعتباراً من أغسطس وحتى ديسمبر المقبل. كما انه تم التوافق على إنهاء تخفيض الإنتاج البالغ 5.8 ملايين برميل يومياً بحلول سبتمبر 2022، إن سمحت ظروف السوق، وتمديد سياسة تقييد الإنتاج حتى نهاية العام المقبل، ورفع خط الأساس لإنتاج النفط من 43.8 مليون برميل إلى 45.5، اعتباراً من مايو 2022″.

وشكر وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي السعودية على ما اسماه بـ”الحوار البناء” بخصوص الخلاف الذي اندلع مؤخرا بينها والإمارات، قائلا إن “العلاقات الأخوية بين الدولتين تمكنهما دائما من التوصل إلى اتفاق”، فيما اعتبر مراقبون هذا الاتفاق استسلاما سعوديا اخرا أمام الامارات في ظل الازمة المشتعلة بينهما حول عدة ملفات.

حيث ان الاتفاق جائت ثمرة مفاوضات كانت الطرف الاضعف فيها السعودية وقد اجبرت على القبول بشروط الامارات حيث كشفت مصادر ان ولي العهد محمد بن زايد وضع عدة اشتراطات من أجل الاتفاق مع السعودية على إنتاج النفط وتخفيف حدة الأزمة بين البلدين، فقد قال المصدر ل”إمارات ليكس”، إن ابن زايد مارس ابتزازا صريحا ضد السعودية ويريد منها تقديم تنازلات سياسية وإقليمية قبل إتمام أي اتفاق بشأن إنتاج النفط.

وبحسب المصدر فإن اشتراطات بن زايد تتضمن ملف اليمن وتوفير المزيد من الدعم لميليشيات أبوظبي المسلحة وتقليل دعم لحكومة الرئيس المستقيل هادي، وكذلك انخراط السعودية أكثر في ملف التطبيع مع كيان الاحتلال، ووقف تسريع إصلاح العلاقات مع قطر فضلا عن ملفات إقليمية أخرى. وعن الشروط الاقتصادية كشفت المصادر أن بن زايد يصر كذلك على ضرورة تراجع السعودية عن خطواتها الأخيرة ضد الإمارات خاصة وقف الامتيازات الجمركية التفضيلية لدول مجلس التعاون والذي يستهدف في الأساس الإمارات.

وما يرجح صحة هذه المعلومات الانباء عن زيارة ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان إلى السعودية الاثنين والتي تدوم يوما واحدا يلتقي خلالها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لمناقشة العديد من القضايا اهمها سياسة إنتاج النفط ضمن تحالف “أوبك+” و انعكاسات قرارات الاستيراد السعودي الأخيرة على اقتصاد دولة الإمارات العربية المتحدة. ما يعني ان هناك نية لانتزاع مكاسب جديدة تهدف لتراجع السعودية عن مواقفها.

الحقيقة ان الخلاف الذي نشب الان لم يكن وليد اللحظة بل هو متجذر منذ القدم وما اججه الان هو محاولة السعودية أن تصبح قوة استثمارية عالمية وتنوع مصادر اقتصادها وهو الامر الذي لا يعجب المسؤولين الإماراتيين لأنهم يخشون أن يؤدي إلى تجريد الإمارات من الاستثمارات وهز مكانتها الاقتصادية الاتي تعتبر نفسها قبلة الاقتصاد العالمي والتجارة الحرة.

اخيرا في حرب النفوذ والعلاقات تراجعت السعودية في هذه الجولة امام الامارات والصورة العامة ان العلاقات بين الرياض وابو ظبي على ما يرام لكن الحقيقة ان الخلاف المتجذر بين الطرفين سيسطع اكثر في الفترة المقبلة والامارات الطامحة بتحقيق انتصارا وتحقيق مكاسب والبحث عن دور ريادي اقليميا ودوليا سوف تسعى لكسب المزيد من الجولات وهو ما سيكشفه قادم الايام من سينتصر في حرب السياسة والاقتصاد؟ وهل ستقف السعودية عاجزه امام هذا التقدم الاماراتي ام سيكون لها كلمة اخرى؟.

* المصدر : الوقت التحليلي
* المادة التحليلية تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع