السياسية- متابعات:
دخلت منظمة البلدان المصدرة للنفط “أوبك” في أزمة تبدو معقدة حتى الآن، حيث أثار الخلاف الداخلي المرير بين السعودية والإمارات بشأن سياسة الإنتاج تساؤلات حول مستقبل تحالف الطاقة الأشهر في العالم والتاريخ.

تخلت “أوبك” وشركاؤها من خارج المنظمة، وهم مجموعة من أقوى منتجي النفط في العالم على رأسهم روسيا والسعودية، فجأة، عن خططهم للاجتماع مرة أخرى، يوم الاثنين، بعد أن فشلت اجتماعات الأسبوع الماضي بشكل غير متوقع في التوصل إلى اتفاق بشأن سياسة إنتاج النفط.

ولم تحدد المجموعة موعدا جديدا لاستئناف المحادثات، وهذا يعني أنه لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن زيادة محتملة في إنتاج الخام بعد نهاية يوليو/ تموز، مما يترك أسواق النفط في حالة من عدم اليقين تماما مع تعافي الطلب العالمي على الوقود.

وقالت حليمة كروفت، رئيسة استراتيجية السلع العالمية في “آر بي سي كابيتال ماركتس”، في مذكرة بحثية: “أوبك + تعرضت لأخطر أزمة منذ حرب الأسعار المشؤومة، العام الماضي، بين السعودية وروسيا”.

وبحسب ما ورد، تستمر المحادثات عبر القنوات الخلفية، لكن من المرجح أن تتزايد التساؤلات حول التزام الإمارات بالبقاء في “أوبك” في الأيام المقبلة، وفقا لما ذكره تقرير لشبكة “سي إن بي سي”.

عادة ما كانت تنشب الخلافات بين المنتجين الرئيسيين في المنظمة مثل السعودية والآخرين من خارجها مثل روسيا أو المكسيك، لكن صعود الخلاف الداخلي إلى الواجهة وخاصة بين اثنين من أبرز الحلفاء تاريخيا، يثير مزيدا من الشكوك.

وقالت كروفت إن الخلاف الإماراتي السعودي يبدو أكثر من مجرد سياسة نفطية، حيث يبدو أن أبوظبي “عازمة على الخروج من ظل المملكة العربية السعودية ورسم مسارها في الشؤون العالمية”.

وافقت “أوبك +”، التي يهيمن عليها منتجو النفط الخام في الشرق الأوسط، على تنفيذ تخفيضات هائلة في إنتاج الخام خلال عام 2020، في محاولة لدعم أسعار النفط عندما تزامنت جائحة فيروس كورونا مع صدمة تاريخية في الطلب على الوقود.

وتجتمع “أوبك +” شهريا بقيادة السعودية، الحليف الوثيق للإمارات، لاتخاذ قرار بشأن سياسة الإنتاج، بالإضافة طبعا للمنتجين غير الأعضاء في المنظمة وعلى رأسهم روسيا.

انفراط عقد “أوبك”
تأتي الفوضى بعد تصويت “أوبك +”، يوم الجمعة، على اقتراح لزيادة مستويات إنتاج النفط بنحو مليوني برميل يوميا بين أغسطس/ آب ونهاية العام على دفعات شهرية قدرها 400 ألف برميل يوميا. كما اقترحت تمديد العمل بالتخفيضات المتبقية في الإنتاج حتى نهاية عام 2022.

لكن الإمارات رفضت الخطط، وطالبت بخط أساس أعلى لحصتها، ما يسمح لها بمزيد من الإنتاج المحلي.
قال تاماس فارجا، محلل النفط في شركة “PVM Oil Associates”: “لم يتم التوصل إلى اتفاق، وكما نقف الآن، فإن تحالف “أوبك +”، إذا كان لا يزال هو الكلمة الصحيحة لوصف المجموعة، فسيكون إنتاجه على مستوى يوليو لبقية العام”.

وأضاف أن نتيجة الاجتماع تعيد كتابة مشهد العرض والطلب في المستقبل القريب وربما في المستقبل البعيد.
شهدت المواجهة العلنية النادرة بين الإمارات والسعودية انخراط وزيري الطاقة من كلا البلدين في تجادل إعلامي خلال عطلة نهاية الأسبوع لتحديد مواقفهما.

وقال وزير الطاقة والبنية التحتية الإماراتي سهيل المزروعي، يوم الأحد: “بالنسبة لنا، لم تكن صفقة جيدة”. وأضاف أنه “بينما كانت البلاد مستعدة لدعم زيادة قصيرة الأجل في إمدادات النفط، فإنها تريد شروطا أفضل حتى عام 2022”.

في حديث لقناة العربية، يوم الأحد، دعا وزير الطاقة السعودي عبد العزيز بن سلمان إلى “التسوية والعقلانية” من أجل التوصل إلى اتفاق يوم الاثنين.

وبشكل منفصل، قال متحدث باسم البيت الأبيض، يوم الاثنين، إن إدارة الرئيس جو بايدن كانت تضغط من أجل “حل وسط”. الولايات المتحدة ليست عضوًا في “أوبك”، لكنها تراقب عن كثب الجولة الأخيرة من المحادثات نظرا لتأثيرها المحتمل على أسواق الخام في العام المقبل.

وتعليقا على نبأ تأجيل اجتماع “أوبك +” دون اتفاق، قال جون كيلدوف، الشريك المؤسس في “أجين كابيتال”: “تضامن أوبك انتهى اليوم”.

وتابع: “الوباء جعلهم متماسكين والآن بعد الوباء يفككهم. الإمارات تتمسك بأسلحتها في رغبتها في رفع خط الأساس، إنهم يريدون أن يكونوا قادرين على إنتاج المزيد. تبدأ المتعة الآن فيما يتعلق بمن ينفصل، والإمارات يمكن أن تكون أول حجر دومينو يسقط”.

أسعار النفط
في غضون ذلك، ارتفعت أسعار النفط عند أعلى مستوياتها منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2014، قبل أن تقلل مكاسبها في وقت لاحق، لكن بشكل عام، لا زالت أسعار النفط مرتفعة بأكثر من 45 % خلال النصف الأول من هذا العام.

وقال صامويل بورمان، مساعد اقتصادي السلع في شركة “كابيتال إيكونوميكس”، إنه من المرجح أن يزيد منتجي “أوبك” إنتاج النفط فوق الحصة المقررة في الشهر المقبل، حيث تسعى الدول الأعضاء “للاستفادة” من ارتفاع أسعار النفط.

وأضاف: “نعتقد أن هذا الخلاف الذي يشمل الإمارات يزيد من فرص انهيار الاتفاقية بأكملها مما قد يشكل خطرا سلبيا على توقعاتنا للأسعار على المدى القريب”.

– المصدر: سبوتنيك
– المادة الصحفية تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع