السياسية – رصد:

ظلت الانقلابات العسكرية حدثا متكررا في إفريقيا في العقود التي تلت استقلال دولها.

والأحداث الأخيرة في مالي، مجرد مثال آخر على محاولة الجيش فرض تأثيره على مسار الأحداث. وهو التدخل الثاني للجيش هناك في أقل من عام.

وفي النيجر المجاورة، أُحبطت محاولة انقلابية في مارس/آذار قبل أيام فقط من تنصيب الرئيس.

إذاً، هل تحدث التدخلات العسكرية بوتيرة أكبر في القارة الإفريقية؟

متى يكون الانقلاب انقلاباً؟

يعرف أحد التعريفات المستخدمة الانقلاب بأنه: محاولة غير قانونية وعلنية يقوم بها الجيش (أو غيره من المسؤولين المدنيين) لعزل القادة الذين في سدة الحكم.

وحددت دراسة أجراها باحثان أمريكيان، جوناثان باول وكلايتون ثاين، أكثر من 200 محاولة من هذا القبيل في إفريقيا منذ أواخر الخمسينيات من القرن الماضي. كان نحو نصفها ناجحا – وعرف النجاح بأنها استمرت لأكثر من سبعة أيام.

وكانت بوركينا فاسو، الواقعة في غرب إفريقيا، هي الأكثر في عدد المحاولات الانقلابية الناجحة، حيث فشلت فيها محاولة واحدة فقط من أصل سبع محاولات انقلاب.

وفي بعض الأحيان، ينكر المشاركون في هكذا نوع من التدخل وصفه بأنه انقلاب.

وفي زيمبابوي، عام 2017 ، أدى انقلاب عسكري إلى إنهاء حكم روبرت موغابي الذي ظل يحكم البلاد لمدة 37 عاماً.

وظهر حينها على شاشة التلفزيون، اللواء سيبوسيسو مويو، أحد قادة العملية العسكرية، نافيا استيلاء الجيش على السلطة بشكل قاطع.

وفي أبريل / نيسان من العام الحالي، نصب الجيش بعد وفاة الزعيم التشادي إدريس ديبي، ابنه رئيساً مؤقتاً يقود مجلساً عسكرياً انتقالياً. أطلق عليه خصومه اسم “انقلاب الأسرة الحاكمة”.

ويقول جوناثان باول: “يُنكر قادة الانقلاب بشكل شبه دائم أن يكون ما قاموا به انقلاباً في محاولة لإظهار أن تسلمهم للحكم أمر شرعي”.

هل انخفض عدد الانقلابات في إفريقيا الآن؟

في العقود الأربعة بين عامي 1960 و 2000 ، ظل العدد الإجمالي لمحاولات الانقلاب في إفريقيا ثابتاً بشكل ملحوظ عند معدل حوالي أربع محاولات سنوياً.

بيد أن هذا المعدل قد انخفض بعد ذلك ليصبح نحو محاولتين انقلابيتين سنوياً خلال عقدين من الزمن حتى عام 2019.

ويرى جوناثان باول، أن ذلك ليس أمرا مستغربا عند الأخذ بنظر الاعتبار حالة عدم الاستقرار التي شهدتها البلدان الإفريقية في السنوات التي أعقبت الاستقلال.

ويقول: “إن البلدان الإفريقية لديها ظروف مشتركة تؤدي إلى الانقلابات، مثل الفقر وسوء الأداء الاقتصادي. وعندما يحصل انقلاب واحد في بلد ما، فغالباً ما ينذر ذلك بالمزيد من الانقلابات”.

ويقول ندوبيسي كريستيان أني، من جامعة “كوازولو ناتال”: إن الانتفاضات الشعبية ضد الحكام المستبدين الذين ظلوا في الحكم لفترة طويلة، وفرت فرصة لعودة الانقلابات في إفريقيا.

ويضيف: “على الرغم من أن الانتفاضات الشعبية شرعية ويقودها الناس، إلا أن نجاحها غالباً ما يتم بقرار من الجيش”.

ما هي الدول الإفريقية التي شهدت أكبر عدد من الانقلابات؟

كان للسودان النصيب الأكبر في الانقلابات، حيث وصل عددها إلى أكثر من 15 محاولة، نجحت منها خمس محاولات. وكان آخرها في عام 2019 والتي أدت إلى الإطاحة بالرئيس عمر البشير بعد أشهر من الاحتجاجات الشعبية.

وكان البشير نفسه قد تولى السلطة عن طريق انقلاب عسكري عام 1989.

واشتهرت نيجيريا بحدوث انقلابات عسكرية في السنوات التي أعقبت الاستقلال، فقد واجهت البلاد ثمانية انقلابات في الفترة الواقعة بين يناير/كانون الثاني 1966، واستيلاء الجنرال ساني أباتشا على السلطة عام 1993.

ولكن، منذ عام 1999، ظلت السلطة في أكبر الدول الأفريقية من حيث عدد السكان تتداول عن طريق الانتخابات الديمقراطية.

كما شهدت جمهورية بوروندي 11 انقلاباً منفصلاً، كانت في معظمها مدفوعة بالتوترات التي جرت بين جماعتي الهوتو والتوتسي.

أما جمهورية سيراليون الواقعة في غرب إفريقيا، فشهدت ثلاثة انقلابات بين عامي 1967 و 1968، وانقلاباً آخر في عام 1971. وفي الفترة الواقعة بين عامي 1992 و1997، واجهت الجمهورية خمس محاولات انقلابية أخرى.

وكان نصيب غانا من الانقلابات العسكرية ثمانية محاولات خلال عقدين من الزمن. وقعت الأولى في عام 1966، عندما أزيح كوامي نكروما من السلطة، وفي العام التالي، قامت مجموعة من صغار ضباط الجيش بمحاولة انقلابية أخرى فاشلة.

وهكذا نخلص إلى أن القارة الإفريقية، بشكل عام، قد شهدت انقلابات أكثر من أي قارة أخرى في العالم.

المصدر: بي بي سي نيوز