بسام أبو شريف

لم يكن الرئيس بايدن مهتما كثيرا بما يدور في القدس ، وما يرتكب من جرائم ضد أهلها والمصلين منهم في اولى القبلتين ، وثالث الحرمين الشريفين ، مسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، لم ينقل أي من مساعديه الخبر على حقيقته ، ولم يشر أي مستشار من مستشاريه الى فظائع الاحتلال الاسرائيلي ، والنتائج التي يمكن أن تترتب على هذه الفظائع .

وبقي الحال على هذا الى أن رفع نائب رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس صوته بانتقاد ما تفعله اسرائيل ، وترتكبه في القدس عندها رفع بايدن أذنيه ليسمع جيدا ما يقال واكتشف أن أمرا فظيعا يجري في القدس ، وأن اسرائيل ترتكب خطأ كبيرا قد يجر الى ويلات فبدأت الاتصالات ، مصادر رسمية اميركية قالت انه منذ تلك اللحظة ، وحتى وقف اطلاق النار أجرى مسؤولون اميركيون اتصالات مع مسؤولين اسرائيليين كما لم يسبق لهم أن فعلوا مطلقا ، فقد حدد الرئيس بايدن هدفه بوقف اطلاق النار ، وترك لموظفيه ترتيب ذلك ، وكان يمدد المهلة ، ويعطي اسرائيل مزيدا من الوقت لثقته بأن اسرائيل لن تتأثر ، وستقضي على “الارهاب ” ، حسب تعبيره .

يقول مسؤول اميركي أن عدد الاتصالات التليفونية بلغ 80 مكالمة ، وهو رقم غير عادي ، ولم تدرج العادة على اجراء هذا العدد من المكالمات حول موضوع واحد ، لكن السبب هو أن أزمة كانت تتنامى بسبب موقف نتنياهو الرافض لوقف اطلاق النار ….. بايدن أيقن بعد أن جمع مستشاريه ، وكبار ضباطه أن اسرائيل تتجه نحو حرب برية ، وأن هذا سيضعف اسرائيل كثيرا ، وسيلقي على أكتاف واشنطن اقامة جسر جوي لدعم اسرائيل بحرب برية ضد شعب في غزة ، وان كان الهدف تنظيمات ارهابية ، وأمر بايدن بوقف الحرب ، وذلك لانقاذ اسرائيل ، وانقاذ اميركا من الانغماس في حرب على بر فلسطين في الوقت الذي يسحب فيه بايدن قواته من افغانستان رغم الاشتباكات العنيفة بين طالبان وحكومة افغانستان ” الاميركية ” وأيقن بايدن أن الأمور تغيرت حتى داخل الكونغرس والولايات المتحدة ، فقد خرجت مظاهرات حاشدة تأييدا للفلسطينيين ، وتنديدا باسرائيل ، وان كانت مظاهرة نيويورك قد مثلت الواقع عند اصطدام مؤيدي فلسطين بمظاهرتهم بمؤيدي اسرائيل بمظاهرتهم .

نتنياهو شكر بايدن وأعلن بايدن انه تحدث مع نتنياهو ( وما نقل عن بايدن جاء على دفعتين ) أمام رئيس كوريا الجنوبية ، أعلن بايدن أنه يدعم اسرائيل ، ولن يتخلى عن التزام اميركا بأمنها ل، كنه قال أيضا انه لن يغير برنامج الدعم العسكري لاسرائيل ، وكلا الأمرين موجه لعدد من أعضاء الكونغرس من الديمقراطيين ” حزبه ” ، الذين طالبوا بايدن بوقف صفقة سلاح لاسرائيل بسبب تدميرها أبراجا ، ومنازل سكنية ، ورغم أنه لم يتحدث عما يقصده بحل الدولتين الا أنه أكد دعمه لهذا الحل ، وأنه الوحيد ، لكنه أضاف فورا ان ذلك يجب أن يعني بقاء محمود عباس رئيسا للسلطة وفصل في كلامه بين غزة والضفة الغربية !!

أما القدس ، فقد أتى على ذكرها ضمن حديثه عن ضرورة العيش المشترك بمساواة وديمقراطية ، وسلام بين عرب اسرائيل ، واليهود ، ومن ذلك عرب القدس ، أي أنه رغم كلامه ، واتصالاته مع الرئيس محمود عباس أصرعلى اعتبار القدس عاصمة لاسرائيل وتحكمها اسرائيل ، وهذا ما لايقبل به ابو مازن .

مما تقدم يظهر أن هنالك جهات تحاول اخفاء جرائم اسرائيل ، وقد قال أحد المسؤولين الذي نقل لبايدن خبر تدمير برجي الجلاء والجوهرة أن الفيديو لم يصلهم من وكالة المخابرات المركزية ، او الخارجية الاميركية ، بل من نشطاء على منصات التواصل الاجتماعي ، وان المنظر كان مروعا ، وطالب رئيس مجلس ادارة اسوشيتدبرس بتحقيق دولي ، وطالب الرئيس بايدن باثارة هذا الأمر ، فهو اعتداء مباشر على مؤسسة اميركية كان معلوما لدى اسرائيل ان مكاتبها تقع في ذلك البرج ، هنالك جهات تعمل لاسرائيل في البيت الأبيض ، وهنالك رئيس يساند الصهيونية ، وعلينا ألا نتوقع سوى بعض الاستعراضات كدفع الأمم المتحدة لارسال مساعدات عاجلة ، أما رصد مبالغ لاعادة بناء غزة ، فهذا أمر سيكون لبايدن شروطه عند التطبيق ، ومن هذه الشروط عدم تسليم أي مال لحماس ، بل لابو مازن ، وستطلب واشنطن من كل الدول التي أعلنت عن حملات جباية لاعادة البناية عدم تسليم المال لحماس لكن هذه التصرفات المتوقعة لن تكون عنوان المعركة ، فحسبما وصلنا من معلومات ، فان الرئيس محمود عباس طالب بحزم وقف الاعتداءات في القدس ، والغاء حصار الشيخ جراح والشروع الفوري في مفاوضات شاملة لانهاء الاحتلال ، وهنا المدخل لباين لشق الصف الفلسطيني وابقاء الوضع مكانك راوح .

حتى لانقع في أي مأزق ، أو خلاف نرى أن قرارات شباب فتح باستمرار التصدي لاعتداءات جيش الاحتلال في القدس ، والمستوطنين في الضفة ، هو الطريق السليم ، أي أن وقف اطلاق النار في غزة غير ساري المفعول في الضفة ، لقد أعطت الضفة خلال يومين اصابات من الجرحى توازي جرحى خمسة أيام في غزة ، وأعطت شهداء يوازون ذلك ، والقضية ليست المقارنة ، بل الاشارة الى زخم الضفة ، وتوزع المواقع وهم جنود الاحتلال ، وعدم وجود سلاح بيد المواطنين ، وقد يأتي يوم ينضم فيه رجال الأمن للشعب ، لكن حتى هذا لن يفي بالمطلوب للدفاع عن النفس ، دفاعنا عن نفسنا هو بحراسة أرضنا ، وعائلاتنا ، وطرد المستوطنين ، ومحاصرتهم ، والاشتباك معهم ، والسيطرة على مواقعهم .

وسيقع نتنياهو بخطأ التصعيد لأن ذلك سيلقي بثقل المسؤولية على خط حدود طويل بين الاردن والعدو المحتل.

* المصدر : رأي اليوم