السياسية:
تقرير: يحيى جارالله

فيما يحتدم الصراع بين فصائل المرتزقة متعددة الولاءات لدول العدوان على نهب إيرادات البلاد في المناطق المحتلة، تستنفر حكومة الإنقاذ الوطني جهود أجهزتها لصرف ما أمكن من رواتب الموظفين لتوفير الحد الأدنى من احتياجاتهم في ظل امتناع الطرف الآخر عن صرف الرواتب منذ نهاية 2016.

تعمل الحكومة في صنعاء، بكل جهدها لتسخير ما تبقى في متناولها من موارد رغم شحتها، في سبيل تخفيف معاناة الموظفين، بالتوازي مع تأمين متطلبات استمرار خدمات مؤسسات الدولة لأبناء الشعب كافة، على الرغم من الحرب الاقتصادية متعددة الأشكال التي يمارسها تحالف العدوان الأمريكي السعودي ومرتزقة ضد الشعب اليمني.

وعلى الرغم من سيطرة العدوان ومرتزقة على قرابة 90 بالمائة من إجمالي الموارد العامة للدولة واهمها عائدات النفط والغاز والموانئ والمنافذ البرية والمطارات والضرائب وغيرها، إلا أن الحكومة في صنعاء تمكنت من صرف نصف راتب لموظفي الدولة قبيل شهر رمضان المبارك، قبل أن تعاود صرف نصف آخر قبيل عيد الفطر حرصاً منها على تخفيف معاناة الموظفين نتيجة انقطاع الرواتب منذ إقدام العدوان ومرتزقة على نقل وظائف البنك المركزي إلى عدن في سبتمبر من العام 2016.

وبالتزامن مع نقل وظائف البنك، أطلقت حكومة المرتزقة وعوداً والتزامات للأمم المتحدة بالاستمرار في صرف المرتبات على اعتبار سيطرتها على البنك وإيرادات البلد السيادية، لاسيما والشعب يعيش ذروة معاناة الحصار ومخاطر الأوبئة، إلا أنّها سرعان ما تنصلت عن وعودها لموظفي الدولة وما قطعته من التزامات بهذا الخصوص على مرأى ومسمع من الأمم المتحدة.

استحوذ المرتزقة منذ نقل وظائف البنك على الجزء الأكبر من موارد الخزينة العامة والنقد الأجنبي، كما سيطروا على كل مصادر وعائدات الثروات والمنح والمساعدات الدولية وغيرها إلا أن الأمم المتحدة لم تحرك ساكنا إزاء ما سببه المرتزقة من معاناة لقرابة 30 مليون يمني في مقدمتهم موظفو الدولة الذين يمثلون شريحة هامة من الشعب ويعيلون نسبة كبيرة منه.

تجاهلت الأمم المتحدة أيضا ما أقدم عليه مرتزقة العدوان من تعطيل لما تم الاتفاق عليه في مشاورات ستوكهولم بشأن صرف الرواتب لكل موظفي الدولة، من خلال امتناعهم عن توريد ما يخصهم من التزامات مالية إلى حساب الرواتب في فرع البنك المركزي بمحافظة الحديدة، رغم التزام صنعاء بتوريد عائدات ميناء الحديدة إلى ذلك الحساب بناء على الاتفاق، وبإشراف مباشر من المبعوث الأممي ومكتبه في اليمن.

كما لم تتطرق الأمم المتحدة حتى الآن لعشرات المليارات التي تنهبها قيادات المرتزقة من أموال الشعب يومياً بحماية من المحتل المنهمك هو الأخر في تجريف ثروات اليمن منذ سنوات ما يجعلها شريكا أساسيا في مألات الأوضاع المعيشية والإنسانية الكارثية في اليمن.

وفي محاولة مكشوفة لعرقلة جهود صنعاء في صرف الرواتب وتقديم الخدمات للمواطنين لجأ تحالف العدوان الأمريكي السعودي منذ منتصف العام 2020 لممارسة القرصنة البحرية على سفن المشتقات النفطية ومنع دخولها إلى ميناء الحديدة، بهدف تعطيل الميناء وخلق المزيد من الأزمات اقتصادية والخدمية في المحافظات الحرة.

تسبب الحصار المفروض على موانئ الحديدة بإضافة أعباء اقتصادية على الشعب اليمني، وزاد من ذلك استمرار تحالف العدوان في احتجاز السفن النفطية والغذائية رغم حصولها على تصاريح أممية لدخول الميناء، في مسعى واضح لإيقاف صرف نصف المرتب الذي كانت تسلمه حكومة الإنقاذ الوطني نهاية كل شهرين لكافة موظفي الدولة بالاستفادة من عائدات الميناء.

وبينما نجحت حكومة الإنقاذ، في خلق حالة من الاستقرار الاقتصادي والخدمي، منيت كيانات المرتزقة بالفشل الذريع في إدارة الشأن الاقتصادي والخدمي في المناطق المحتلة نتيجة ما تقوم به من نهب وتهريب لإيرادات البلد الضخمة وإيداعها في حسابات خاصة وبنوك خارجية، بعيدا عن أنظار ملايين المواطنين المحرومين من أبسط الحقوق والخدمات.

يستغل شاغلوا الوظائف العليا في حكومة المرتزقة من وزراء ووكلاء وقيادات عسكرية وحزبية مراكز نفوذهم لجمع الثروات والتمتع بامتيازات ومخصصات مالية كبيرة، مكنتهم من امتلاك الكثير من العقارات في العواصم العربية والأوروبية، بدلا من تسخير تلك المبالغ لصرف مرتبات موظفي الدولة وتقديم أبسط الخدمات للمواطنين في المحافظات المحتلة والخالية من أي مظاهر للدولة.

تشهد المناطق المحتلة منذ سنوات صراعا واسع النطاق بين ما يسمى المجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات وحكومة المرتزقة وتبادل الاتهامات بين الطرفين تنفيذا لسيناريو أعدته الرياض وأبوظبي وظلتا تسعيان لتعميمه في كل مناطق اليمن بعد نجاح التجربة جنوبا، ليتفرغا لما هو أكبر من ذلك، إلا أن حنكة وصمود أحرار اليمن كانت حجر عثرة وحصنا منيعا أمام بلوغ أهدافها الخبيثة.

سبأ