“أحداث القدس” تذكر ببداية الانتفاضة الثانية
السياسية:
تناولت صحف بريطانية تصاعد التوتر في القدس الشرقية وفي غزة بين الفلسطينيين والاسرائيليين على خلفية الصدامات بين محتجين فلسطينيين والشرطة الإسرائيلية في حي الشيخ جراح في القدس الشرقية، وربطت الأحداث الراهنة بتاريخ الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي.
درس من التاريخ
رأت صحيفة التايمز أن “تصعيد العنف في إسرائيل والقدس الشرقية وغزة كان مفاجئا ولكنه كان متوقعا أيضا”.
وقالت الصحيفة في مقال بعنوان “العنف في القدس: درس من التاريخ من عام 2000 يفهمنا الصراع الأخير”، لمراسلها في الشرق الأوسط ريتشارد سبنسر، إن الاحتجاجات الفلسطينية “بلغت ذروتها في مشاهد تفجيرية في أكثر المواقع الدينية إثارة للجدل في القدس، مجمع المسجد الأقصى”.
وقال سبنسر إن أحداث الأمس “ستذكر الكثيرين ببدء الانتفاضة الثانية قبل 20 عاما، وهي فترة دامية بشكل خاص من التفجيرات الانتحارية وعمليات إطلاق النار التي أطلقها الجيش والتي قُتل فيها آلاف اليهود والعرب”.
وأضاف “تعود بدايتها المتفق عليها إلى زيارة استفزازية في سبتمبر 2000 قام بها أرييل شارون، زعيم المعارضة الإسرائيلية اليمينية آنذاك، إلى مجمع المسجد. وأدت الاحتجاجات التي تلت ذلك إلى أعمال شغب ورد عنيف من قبل السلطات”.
وتابع: “لم يدخل شارون المسجد نفسه، بل كان برفقته وفد من حزب الليكود الذي يتزعمه ومئات من رجال الشرطة، وأدت الاحتجاجات التي تلت ذلك إلى أعمال شغب من قبل العرب الفلسطينيين ورد فعل عنيف من قبل السلطات”.
ورأت الصحيفة أن “الأحداث في المجمع مليئة بالرمزية ولكن لها أيضا عواقب بعيدة المدى في جميع أنحاء البلاد والمنطقة”.
وأشار كاتب المقال إلى أنه “مع ركود الوضع الفلسطيني سياسيا واقتصاديا، وطرد الفلسطينيين من منازلهم وأراضيهم من قبل المستوطنين اليهود، تكرر الحديث عن انتفاضة ثالثة مرارا وتكرارا في السنوات القليلة الماضية”.
لكنه أضاف أنه “عادة ما يقلل السياسيون والمعلقون من أهمية هذا الأمر باعتباره يتعارض مع مصالح جميع الأطراف، ولكن بعد عقدين من زيارة شارون، لا توجد مؤشرات تذكر على أي عملية سلام تؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية”.
ورأى سبنسر أن ضم إسرائيل للقدس الشرقية، الذي لا يزال يعارضه الفلسطينيون بشدة وكثير من المجتمع الدولي، “بات لا رجعة عنه أكثر فأكثر”.
وسأل الكاتب: “ماذا لو شعر الشباب الذين يرشقون الحجارة، الذين يواجهون الغاز المسيل للدموع في منازلهم، والذين تحاصرهم قوات الأمن من جميع الجهات، والمقيدين بسبب فيروس كورونا الذي ليس لدى الكثير من فلسطينيي الضفة الغربية أملا في تلقي اللقاح المضاد له في الوقت الحالي، أنهم لا يمتلكون مصالح قليلة على المحك؟”.
ورأت التايمز أيضا أن “هناك أوجه تشابه أخرى مع الأحداث التي وقعت قبل 20 عاما. كانت الولايات المتحدة، التي فشلت لتوها في التوسط في معاهدة سلام في كامب ديفيد، في طور الانتقال من الرئيس كلينتون إلى الرئيس جورج دبليو بوش”.
كما أنه وقتها “في إسرائيل، شعر شارون بالضعف في حكومة حزب العمل وكان يبحث عن فرصة لتسليط الضوء على صورته القومية القوية. نجح الأمر، وأصبح رئيسا للوزراء في فبراير/ شباط التالي”.
وتضيف “الآن، أيضا، تنتظر إسرائيل والفلسطينيون والمنطقة الأوسع ليروا كيف ستعمل السياسة الخارجية لإدارة بايدن معهم. في غضون ذلك، واجهت إسرائيل أزمة سياسية، حيث تمسّك بنيامين نتنياهو، خليفة شارون بصفته حامل لواء اليمين، بمنصب رئيس الوزراء، على الرغم من خسارته في انتخابات متقاربة”.
وقالت الصحيفة إن “الفارق بين الماضي والحاضر، والذي تعتمد عليه المؤسسة الأمنية الإسرائيلية المتوترة بشكل واضح، هو أنه في حين أن تيار التاريخ يبدو في نفس المكان، إلا أنه في الوقت الحالي على الأقل تسير في الاتجاه المعاكس”.
وتابعت “ولّد الرئيس ترامب شعورا بالانتصار اليميني في إسرائيل مع الدعم الثابت الذي قدمه لنتنياهو. لكن بايدن، في حين أنه يتمتع بأوراق اعتماد مؤيدة لإسرائيل من أي مؤسسة ديمقراطية ، أظهر عداءً لتجاوزات نتنياهو المتصورة.”
وقالت إن “أحزاب المعارضة التي تحاول تشكيل تحالف يحل محله، سترغب في تهدئة الوضع وليس تأجيجه. وفي مؤشر على تغير الزمن، التقى نفتالي بينيت، زعيم حزب يمينا القومي اليهودي، أمس، بالإسلامي العربي منصور عباس لمناقشة انضمامهما إلى حكومة مناهضة لنتنياهو يهيمن عليها الوسطيون”.
وختمت بأنه “لذلك هناك أسباب للأمل في أن الدعوات إلى الهدوء من لندن وواشنطن وأماكن أخرى سيتم الاستجابة لها. على الرغم من أن قلة ستكون واثقة من ذلك، بعد أعمال العنف في مجمع المسجد”.
تاريخ حي الشيخ جراح
بالانتقال إلى صحيفة الاندبندنت التي أعطت خلفية لأحداث العنف الأخيرة في القدس، شرحت في مقال لفايزة ساقب بعنوان: “القدس: لماذا تصاعدت حالات التوتر؟” أن “حي الشيخ جراح هو موطن لأحفاد اللاجئين الذين طردوا أو تشردوا خلال حرب عام 1948 فيما أصبح يعرف لدى الفلسطينيين باسم النكبة”.
وأضافت “في عام 1956، منحت 28 عائلة لاجئة وحدات سكنية بموجب اتفاقية بين وكالة الأونروا والحكومة الأردنية، للمساعدة في توفير المأوى للعائلات كجزء من اتفاقية إعادة التوطين”.
وأشارت إلى أن “هذا كان يعني أن العائلات ستحصل على سندات قانونية وملكية للأرض، لكن هذا لم يحدث أبدا وأدى إلى معركة قانونية مستمرة”.
وتابعت أنه “في أعقاب الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية عام 1967، ادعى المستوطنون ملكية الأرض، على الرغم من أن القانون الدولي ينص على أنه ليس لديهم سلطة قانونية على السكان الذين تحتلهم. ومع ذلك، رفعت مجموعات المستوطنين دعاوى قضائية عدة ناجحة لطرد الفلسطينيين بالقوة من الشيخ جراح منذ عام 1972”.
وقالت ساقب إنه “في عام 2002، أُجبر 43 فلسطينيا على إخلاء منازلهم، ما جعل كثيرين مشردين”.
وأضافت: “بعد ست سنوات، أُجبرت عائلتا حنون والغاوي على ترك منازلهم ورائهم، وفي عام 2017 طرد المستوطنون الإسرائيليون عائلة شماسنة من منزلهم”.
بي بي سي