السياسية: مركز البحوث والمعلومات

تحت شعار ” المعلومات كمنفعة عامة” يحتفل صحافيو العالم يوم غدا الاثنين بالذكرى الثلاثين لليوم العالمي لحرية الصحافة الذي يصادف الثالث من مايو من كل عام، والذي يأتي تنفيذا لإعلان ممثلو الصحافة ‏الإفريقية المستقلة في اجتماع عقدوه في مدينة وندهوك في نامبيا في 3 مايو عام 1991م.
ويعد هذا اليوم بمثابة الضمير الذي يذكر الحكومات بضرورة الوفاء بتعهداتها تجاه حرية الصحافة، ويتيح للعاملين في وسائل الإعلام فرصة التوقف على قضايا حرية الصحافة والأخلاقيات المهنية، ودعوة لتأكيد أهمية الاعتزاز بالمعلومات باعتبارها منفعة عامة، والبحث عن ما يمكن القيام به عند إنتاج المحتوى وتوزيعه وتلقيه من أجل تعزيز الصحافة والارتقاء بالشفافية والقدرات المتاحة.
وفي احتفال هذا العام سيتم تسليط الضوء على الخطوات الكفيلة بضمان استمرارية وسائل الإعلام من الناحية الاقتصادية والآليات الكفيلة بضمان شفافية شركات الإنترنت وتعزیز قدرات الدرایة الإعلامیة والمعلوماتیة التي تمكن الناس من الإقرار بالصحافة وتثمينها والدفاع عنها والمطالبة بها كجزء حيوي من المعلومات كمنفعة عامة.
ولموضوع الاحتفال أهمية بالغة بالنسبة إلى جميع البلدان في جميع بقاع الأرض، وفرصة لإحياء ذكرى أولئك الصحفيين الذين قدموا أرواحهم فداءً لرسالة القلم والوقوف إلى جانب وسائل الإعلام الملجومة والمحرومة من حقها بحرية الصحافة ومساندتها.
وفي مؤتمر اليوم العالمي لحرية الصحافة الذي تستضيفه منظمة اليونسكو وحكومة ناميبيا لهذا العام، من 29 أبريل إلى 3 مايو في ويندهوك.. سيتم اليوم تسليم جائزة هذا العام لحرية الصحافة يونسكو، والتي تحمل اسم الصحفي الكولومبي، غيليرمو كانو إيسازا، الذي اغتيل بتاريخ 17 ديسمبر من عام 1986 أمام مقر صحيفته “الإسبكتادور” في بوغوتا الكولومبية.. للصحافية الاستقصائية الفيلبينية ماريا ريسا، بناء على اختيار هيئة تحكيم دولية مكونة من 12 شخصا من العاملين في مجال الإعلام.
وذكرت المنظمة في بيان أصدرته الثلاثاء الماضي بأن التحقيقات التي أجرتها ماريا ريسا مديرة الموقع الإعلامي الالكتروني “رابلر” واجهت في السنوات الأخيرة العديد من المشاكل القضائية والتهديدات والمضايقات عبر الإنترنت.
موضحا أن الصحافية الاستقصائية التي عملت في الماضي مراسلة لشبكة سي إن إن في جنوب شرق آسيا والملتزمة الدفاع عن حرية الصحافة، أوقفت بسبب جنح مفترضة مرتبطة بممارسة مهنتها، بينما تلقت في المتوسط أكثر من تسعين رسالة كراهية في الساعة على فيسبوك.
وقالت رئيسة لجنة التحكيم الدولية للجائزة ماريلو ماستروجوفاني، إن كفاح ماريا ريسا في سبيل حرية التعبير مثالا يحتذى به للعديد من الصحافيين في العالم.
ويتمثل الهدف من الجائزة التي تبلغ قيمتها 25 ألف دولار أمريكي، وتمولها مؤسسة غيليرمو كانو إيسازا الكولومبية، ومؤسسة هِلسينغِن سانومات في فنلندا وصندوق ناميبيا للإعلام.. في تكريم الإسهامات الاستثنائية المبذولة في سبيل الذود عن حرية الصحافة والنهوض بها، ولا سيما في ظل الظروف المحفوفة بالمخاطر.
ومن المفترض أن يتناول مؤتمر اليوم العالمي لحرية الصحافة خلال فترة انعقاده على مدى خمسة أيام نحو أربعين جلسة للوقوف على جملة من القضايا، من بينها شفافية المنصات الإلكترونية وأهمية الدراية الإعلامية والمعلوماتية.
كما سيتم التطرق إلى السبل الكفيلة بتعزيز ودعم وسائل الإعلام المستقلة التي تكافح لتجاوز الأزمة التي تفاقمت بسبب جائحة كوفيد-19، وما تواجه وسائل الإعلام الوطنية والمحلية في جميع أنحاء العالم من معاناة في وضعها المالي وغيره من الضغوط التي تهدد استمراريتها وتضع وظائف الصحافيين الذين يعملون فيها على المحك.
وفي المؤتمر الذي يكون بمثابة تجربة وجاهية ورقمية تجمع بين المشاركة الافتراضية والحضور الفعلي، سيقدم الصحفيون المشاركون جملة من الحلول الكفيلة بتعزيز استمرارية وسائل الإعلام، والارتقاء بمعدل شفافية شركات التواصل الاجتماعي، واتخاذ التدابير اللازمة لتعزيز سلامة الصحفيين ودعم وسائل الإعلام المستقلة.
وفي رسالة كتبها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة لعام 2021، قال فيها “إن التحديات العالمية التي واجهناها خلال جائحة كوفيد-19 تؤكد على الدور الحاسم للمعلومات الموثوقة والمتحقق منها والمتاحة عالميا في إنقاذ الأرواح وبناء مجتمعات قوية وصلبة”.
وذكر أن الصحفيون والعاملون في وسائل الإعلام لهم الدور الكبير في المساعدة أثناء الجائحة وفي الأزمات الأخرى التي تشمل حالة الطوارئ المناخية، على الإبحار في بحر المعلومات السريع التغير، والجارف غالباً، في الوقت الذي يتصدون فيه للمغالطات والأكاذيب الخطيرة، ويتعرضون في بلدان كثيرة جدا، لمخاطر شخصية كبيرة، تشمل فرض قيود جديدة، والرقابة، وسوء المعاملة، والمضايقة، والاحتجاز، وحتى الموت، لمجرد قيامهم بعملهم.
موضحاً أن الآثار الاقتصادية للجائحة ألحقت ضررا بالغا بالعديد من وسائل الإعلام، مما يهدد بقاءها ذاته.. وتقلصت مع تقلص الميزانيات إمكانية الوصول إلى المعلومات الموثوقة، وأخذت الشائعات والأكاذيب والآراء المتطرفة أو المثيرة للانقسام تتصاعد لسد الفجوة.
وحث الأمين العام جميع الحكومات على بذل كل ما في وسعها لدعم وجود وسائل إعلام حرة ومستقلة ومتنوعة.. فالصحافة الحرة والمستقلة هي الحليف الأكبر في مكافحة المعلومات الزائفة والمضللة.
مشيرا إلى أن خطة عمل الأمم المتحدة المتعلقة بسلامة الصحفيين تهدف إلى تهيئة بيئة آمنة للعاملين في وسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم – لأن المعلومات منفعة عامة.
وفي 20 ابريل الماضي كشفت منظمة مراسلون بلا حدود عن التصنيف العالمي لحرية الصحافة للعام 2021، تحت عنوان “العمل الصحفي هو اللقاح الأنجع ضد التضليل”، والذي تعده المنظمة كل عام لتقييم الوضع الإعلامي في 180 بلداً، أن العمل الصحفي يعرقل كلياً أو جزئياً في 73٪ من البلدان التي تم تقييم وضعها.. تذيلتها أريتريا وكوريا الشمالية كأخر الترتيب، بينما احتلت دول النرويج وفلندا والسويد والدنمارك رأس القائمة كأحسن الدول مراعاة واحترام لحرية التعبير والصحافة.
وبين تقرير المنظمة أن ممارسة العمل الصحفي تواجه عراقيل شديدة للتحقيق في المواضيع الحساسة والكشف عنها، خاصة في آسيا والشرق الأوسط.. وتدهوراً صارخاً في مؤشر معوقات العمل الصحفي من خلال بيانات التصنيف التي تقيس كل ما يعترض سبيل التغطية الإخبارية من قيود وعراقيل.. وأصبح الوضع أكثر صعوبة في ظل جائحة كورونا، التي شددت وعززت النزعات القمعية حول العالم.
ومن أصل البلدان الـ 180 التي شملها التصنيف، أصبحت 12 دولة فقط قادرة على توفير بيئة مواتية للعمل الصحفي، وهو ما يمثل 7٪ فقط من إجمالي دول العالم، بدلاً من 8٪ في عام 2020.
وبالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والتي تضم الدول العربية، لم تسجل مراسلون بلا حدود تحسنا يذكر، واحتلت معظم الدول العربية مراتب متأخرة في التصنيف العالمي لحرية الصحافة حسب تقرير المنظمة.
ويشير التقرير إلى أن أفضل وضع لحرية الصحافة في العالم العربي في تونس التي احتلت المرتبة الـ 73 عالميا رغم تراجعها درجة عن عام 2020، وتلتها في التصنيف الكويت، وبعدها لبنان الذي تراجع خمس درجات إلى المرتبة 107 عالميا.
وتعد حرية الصحافة والتعبير من أبرز حقوق الإنسان التي جاء بها العصر الحديث، وكفلتها القوانين الدولية والمحلية، وأدرجت في دساتير البلاد كمواد أساسية باعتبار أن الصحافة ووسائل الإعلام هي السلطة الرابعة بعد السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية.
كما تعرف حرية الصحافة أو حرية وسائل الاتصال، بأنها المبدأ الذي يوجب مراعاة الحق في الممارسة الحرة للنشر والتعبير عن الرأي عبر كافة وسائل الإعلام المتاحة المكتوبة والمسموعة والمرئية بجميع أشكالها، وتتضمن هذه الحرية غياب التدخل المفرط للدول بسياسة تلك الوسائل التحريرية، وحمايتها بالدستور والقانون.
لكن لجنة حماية الصحفيين وهي منظمة غير حكومية تهدف إلى حماية حرية الصحافة والدفاع عن حقوق الصحفيين.. كشفت في تقريرها الصادر منتصف ديسمبر الماضي، أن هناك ما لا يقل عن 274 صحفيا وراء القضبان، وهو أكبر رقم تسجله اللجنة، منذ أن بدأت جمع البيانات في أوائل التسعينيات.
وذكرت المنظمة، أن عدد الاعتقالات في عام 2020 ازداد بشكل كبير بسبب تقييد حكومات الدول التغطية الإخبارية للاضطرابات المدنية ولوباء فيروس كورونا.
وأوضح التقرير أن 34 صحفيا في العالم دخلوا السجن في 2020 بتهمة نشر أخبار كاذبة، مقارنة مع 31 صحفيا العام 2019.
وكشف التقرير أن ثلثي الصحفيين السجناء وجهت لهم اتهامات بارتكاب جرائم مناهضة للدولة مثل الإرهاب أو الانتماء لجماعات محظورة بينما لم يكشف عن أي اتهامات في نحو 20 % من الحالات.
وأشار التقرير إلى أنه رغم عدم وجود أي صحفي في السجن بالولايات المتحدة حتى أول ديسمبر، فإن 110 صحفيين اعتقلوا أو واجهوا اتهامات في البلاد خلال العام الماضي، وبينهم كثيرون تعرضوا لذلك أثناء تغطيتهم للاحتجاجات على عنف الشرطة.
ولفت التقرير إلى تعرض نحو 300 صحفي للاعتداء، أكثرهم على يد موظفي إنفاذ القانون، بينما لا يزال هناك ما لا يقل عن 12 صحفياً يوجهون تهماً جنائية يعاقب على بعضها بالسجن، وأن اثنين على الأقل من الصحفيين توفيا أثناء قضاء عقوبة بالسجن في عام 2020.
وفي دراسة عالمية أجرتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو)، ونشرت نتائجها الجمعة الماضية إلى تعرض ثلاث من كل أربع صحافيات في العالم للعنف عبر الإنترنت، كما أن هذه الآفة تنتقل حتى إلى الحياة الفعلية مع 20 % منهن، وأن العنف عبر الإنترنت في حق الصحافيات يتفاوت بين هجمات على نطاق واسع أو تهديدات قصوى في وقت معين، واعتداءات متواصلة من مستوى أدنى عبر الشبكات الاجتماعية.
وتشمل الدراسة تحقيقا عالميا أجري على 901 صحافية من 125 بلدا و173 لقاء معمقا، إضافة إلى 15 دراسة حالة تبعا للبلدان وتحليل لأكثر من 2,5 مليون رسالة عبر فيسبوك وتويتر تستهدف صحافيتين استقصائيتين، هما البريطانية كارول كادوالادر والأميركية الفيليبينية ماريا ريسا الحائزة جائزة اليونسكو لهذا العام.
وقالت المستشارة الرئيسية لشؤون تطوير التواصل والمعلومات والإعلام في اليونسكو ساورلا ماكابي، إن التمييز ضد النساء يضاف إلى أشكال تمييزية أخرى، إذ إن الصحافيات السوداوات أو المثليات أو المنتميات إلى ديانة معينة على سبيل المثال يواجهن تمييزا أكبر بكثير.
وفيما قالت 64 % من الصحافيات البيضاوات إنهن تعرضن للعنف الإلكتروني، تصل النسبة إلى 81 % لدى الصحافيات السوداوات. والأمر عينه يسري على صعيد الميول الجنسية، إذ إن 72 % من الصحافيات ذوات الميول الجنسية المغايرة يقلن إنهنّ تعرضن لهذا الشكل من العنف في مقابل 88 % من الصحافيات المثليات.
وأشارت ماكابي إلى أن الهجمات التي تتعرض لها الصحافيات تتمحور في أحيان كثيرة على الصفات الشخصية مثل الشكل أو الأصول الإتنية أو الثقافية، أكثر من مضمون عملهن.
ومن الجوائز العالمية للصحافة، جائزة بيوليتزر الاميركية للصحافة، التي بدأت أوائل القرن العشرين بوصية من جوزيف بيوليتزر، وكان من كبار أصحاب دور النشر في ذاك الوقت.. وتمنح لتكريم الإنجازات في مجالي الصحافة والفنون والآداب، وتعتبر أعلى جائزة في الصحافة المطبوعة وتشرف على منحها جامعة كولومبيا في مدينة نيويورك، وتقسم الجائزة على 21 مجالا من مجالات الصحافة المكتوبة، بينما تمنح جائزة مجال الخدمة العامة في العادة للصحف وليس للأشخاص.

سبأ