ربما لا تزال الولايات المتحدة تساعد المملكة العربية السعودية في حرب اليمن بعد كل شيء
سمحت الولايات المتحدة للمتعهدين بخدمة الطائرات الحربية السعودية. بعض تلك الطائرات الحربية تقاتل في حرب اليمن.
بقلم : أليكس وارد
(موقع:”vox” إخباري امريكي، ترجمة: انيسة معيض-سبأ)
في فبراير، أعلن الرئيس جو بايدن أنه سينهى الدعم الأمريكي “العدواني” لحرب المملكة العربية السعودية في اليمن، بعد ست سنوات من الصراع الذي أودى بحياة حوالي 230 ألف شخص وتسبب في نشوء أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
بدلاً من ذلك، اقتصر دور الولايات المتحدة على العمليات “الدفاعية” “لدعم المملكة العربية السعودية ومساعدتها في الدفاع عن سيادتها وسلامة أراضيها وشعبها”.
هناك مشكلة واحدة فقط: الخط الفاصل بين الدعم “العدواني” والدعم “الدفاعي” ويعد غامضاً، ويقول النقاد بأنه حتى الدعم المحدود الذي تقدمه الولايات المتحدة لا يزال يساعد الرياض في تنفيذ حملة القصف الهجومية في اليمن.
ومنذ عام 2015، دعمت الولايات المتحدة التحالف الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن. حتى نوفمبر 2018، وشمل هذا الدعم تزويد الطائرات الحربية السعودية بالوقود تلك الطائرات التي ألقت قنابل على اليمن – وأدت إلى قتل الكثير من المدنيين، بمن فيهم أطفال. وأوقفت إدارة ترامب هذا الدعم بعد زيادة الضغط من النشطاء والمشرعين وذلك لسلوك الرياض الوحشي في الصراع.
لكن الولايات المتحدة واصلت تقديم الدعم اللوجستي والاستخباراتي للجهود الحربية السعودية وخططت لبيع المليارات من الأسلحة المتقدمة للسعوديين مثل الصواريخ الموجهة بدقة.
مع سياسة بايدن الجديدة، ستوقف الولايات المتحدة كل ما سبق وتساعد المملكة العربية السعودية فقط في الدفاع عن أراضيها ضد تهديدات الحوثيين وأماكن أخرى. وكمثال على الخطر الذي تواجهه الرياض، قال متحدث باسم البنتاغون للصحفيين إن السعوديين تلقوا أكثر من 100 هجوم جوي عبر الحدود بالصواريخ والطائرات بدون طيار منذ يناير.
تبدو سياسة بايدن واضحة بما فيه الكفاية. خلال الأشهر القليلة الماضية، قامت الولايات المتحدة بوقف كامل ولم تعد تقدم المساعدة لضربات الرياض المستمرة داخل اليمن، أليس كذلك؟
ليس تماما. وذلك لأن الدعم “الدفاعي” الذي لا تزال الولايات المتحدة تقدمه يتضمن إعطاء الضوء الأخضر لخدمة الطائرات السعودية.
أقر العديد من مسؤولي وخبراء الدفاع الأمريكيين أنه، من خلال عملية حكومية أمريكية، تدفع الحكومة السعودية للمتعهدين التجاريين للحفاظ على طائراتهم وصيانتها، وأن هؤلاء المتعهدين يبقون الطائرات الحربية السعودية في الجو. لكن ما يفعله السعوديون بهذه الطائرات المقاتلة متروك لهم.
يمكن للولايات المتحدة أن تلغي هذه العقود في أي وقت، وبالتالي تعمل بشكل فعال على عدم دعم القوات الجوية السعودية، لكن القيام بذلك قد يخاطر بفقدان الرياض كشريك إقليمي رئيسي.
إذن، فإن حقيقة الموقف مضطربة بما يكفي لدرجة أن الإدارة تقول إنها تتبع توجيهات بايدن وتؤمن مصالحها في الشرق الأوسط، بينما يقول النقاد إن فريق بايدن يدعم بشكل غير مباشر العمليات الهجومية للتحالف بقيادة السعودية داخل اليمن.
القضية ليست حقاً قال / قالت أو من هو على حق ومن على خطأ. إنها مسألة كيف تنظر إلى مجمل دور أمريكا في الحرب.
قال ديفيد دي روشيه، الأستاذ في جامعة الدفاع الوطني في واشنطن العاصمة، وهي مدرسة يمولها البنتاغون: “إنه جدال تعريفي ونوع من الجدال اللاهوتي”.
أوضحت إدارة بايدن أخيراً دعمها للجيش السعودي: لقد استغرق الأمر وقتاً طويلاً للحصول على إجابة مباشرة حول كيفية مساعدة الولايات المتحدة للسعودية بالضبط بعد إعلان بايدن في فبراير.
وسأل المشرعون في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب تيم ليندركينغ، المبعوث الخاص لوزارة الخارجية إلى اليمن، يوم الأربعاء الماضي عن السياسة الجديدة. كان رده قاصرا. قال إنه “لم يكن على دراية كاملة بالموضوع” وإن اللجنة يجب أن تطلب من البنتاغون تفاصيل.
في اليوم التالي، طلب أحد المراسلين من جنرال مشاة البحرية كينيث ماكنزي، الذي يشرف على جميع القوات الأمريكية في الشرق الأوسط ، تقديم بعض التوضيح. ورد أنه، عندما يكون ذلك ممكنا، يقوم الجيش الأمريكي بتحذير السعوديين من أي هجمات قادمة على المملكة العربية السعودية تكتشفها الولايات المتحدة قادمة من اليمن.
وقال: “الشيء الرئيسي الذي أفعله مع السعوديين هو أنني أعطيهم إشعاراً مسبقاً عندما أتمكن من القيام بذلك”، مضيفاً أن الولايات المتحدة لا تقدم أي دعم استخباراتي أو مراقبة أو استطلاع داخل اليمن. “أود أن أصف دعمنا بأنه دفاعي في الأساس بطبيعته.”
أردت أن أعرف على وجه التحديد ما إذا كانت الولايات المتحدة تقدم أي دعم للصيانة أو الدعم اللوجستي أو إعادة التزود بالوقود للطائرات الحربية السعودية، لذلك سألت المتحدث باسم وزارة الدفاع جون كيربي يوم الجمعة هذه الأسئلة خلال عقد لقاء دوري. وعاد موظفوه إليّ بإلاجابة خلال عطلة نهاية الأسبوع.
قالت قائدة البحرية جيسيكا ماكنولتي، المتحدثة باسم البنتاغون، “تواصل الولايات المتحدة تقديم دعم الصيانة للقوات الجوية السعودية بالنظر إلى الدور الحاسم الذي تلعبه في الدفاع الجوي السعودي وشراكتنا الأمنية الطويلة”.
في حين أن هذا البيان أكثر تحديداً مما صرحت به الإدارة حتى الآن، إلا أن هذا البيان مازال غير واضحاً تماماً. هل قدم الجيش الأمريكي هذا الدعم بشكل مباشر؟ وهل تكون الصيانة للطائرات المقاتلة السعودية أم نظام دفاعها الصاروخي أم كليهما؟
لذلك طلبت من مكنولتي توضيح بيانها، وهو ما فعلته يوم الاثنين في رسالة بريد إلكتروني. وكتبت: “تدعم وزارة الدفاع صيانة الطائرات السعودية من خلال المبيعات العسكرية الخارجية إلى المملكة العربية السعودية، والتي تتحمل المملكة العربية السعودية تكاليفها ويتم التنفيذ من قبل متعهدي وزارة الدفاع”.
وهذا يعني أن الرياض، بأموالها الخاصة وبدون تكلفة على دافعي الضرائب الأمريكيين، تستخدم برنامج الحكومة الأمريكية لشراء الصيانة لطائراتها الحربية. و(تم تضمين هذه الخدمة على الأرجح عندما اشترى السعوديون طائرات حربية أمريكية الصنع). قد لا يكون الجيش الأمريكي هو الذي يقدم الدعم المباشر، عندئذ، لكن الخدمة كانت لا تزال تمنح الضوء الأخضر من قبل الولايات المتحدة.
هذا لا يرضي منتقدي الحرب ودور أمريكا فيها. وانتقد أحد مساعدي الكونجرس الديمقراطيين، قائلاً “أوه، عظيم ،” إنه عمل متعهدون مدنيون”، مضيفاً أن الخدمة المعتمدة من الولايات المتحدة لتوفير الصيانة وقطع الغيار للطائرات السعودية تعادل دعم أمريكا لخطط الرياض الهجومية.
وافق آخرون. واخبرني حسن الطيب، المدير التشريعي لسياسة الشرق الأوسط في مجموعة الضغط التابعة للجنة الأصدقاء للتشريعات الوطنية : “الاعتراف الأخير من قبل وزارة الدفاع بأن الشركات الأمريكية لا تزال مخولة بصيانة الطائرات الحربية السعودية … يعني أن حكومتنا ما زالت تمكن العمليات السعودية، بما في ذلك القصف وفرض الحصار على الموانئ اليمنية”. “على الإدارة استخدام سلطتها الحالية لمنع المتعهدين العسكريين الأمريكيين من مساعدة المجهود الحربي السعودي في اليمن”.
في وقت لاحق من يوم الاثنين، طلبت من كيربي، المتحدث باسم البنتاغون، التحدث عن هذه المخاوف.
وقال لي وللمراسلين الآخرين في لقاء دوري: “ما قرره الرئيس هو أن الدعم الذي نقدمه [للمملكة العربية السعودية] سيكون بالدرجة الأولى للدفاع عن النفس، وليس المزيد من المشاركة في العمليات الهجومية للتحالف الذي تقوده السعودية داخل اليمن.”
وتابع: “أفهم إلى أين يتجه السؤال، يمكن استخدام دعم الصيانة للأنظمة لكلا الغرضين” – أي العمليات الهجومية والدفاعية. لكنه قال إن الولايات المتحدة تفعل ما تفعله لأن “لدينا علاقة عسكرية مع المملكة العربية السعودية مهمة للمنطقة ولمصالحنا، ولدينا التزام بمساعدتهم في الدفاع عن أنفسهم ضد ما تعد تهديدات حقيقية”.
حسنًا، ماذا يعني كل هذا؟ هل تشارك الولايات المتحدة في عمليات هجومية بقيادة السعودية في اليمن أم لا؟ الجواب غير المرضي: ربما، ولكن إذا كان الأمر كذلك، فليس بشكل مباشر.
ربما تدعم الولايات المتحدة بعض العمليات الهجومية السعودية. لكن إلغاء عقد الصيانة له عيوبه.
هناك قضيتان رئيسيتان هنا: 1) كيف تحدد العملية الهجومية مقابل العملية الدفاعية؟ و 2) ماذا يعني فعلياً إلغاء الحكومة الأمريكية لعقد الصيانة ؟
يقول الخبراء إن السؤال الأول من الصعب للغاية الإجابة عليه. قال لي دي روشيه من جامعة الدفاع الوطني: “لم أسمع أي شخص يشرح بوضوح الفرق بين العمليات الهجومية والدفاعية”.
هذا أمر منطقي، خاصة عندما تفكر في أن المملكة العربية السعودية ليس لديها قوة جوية هجومية وقوات جوية دفاعية. لديها فقط خدمة جوية واحدة تدعمها الولايات المتحدة.
ولا يزال الجزء الهجومي واضحاً نسبياً: فالسعوديون يجدون هدفاً للحوثيين داخل اليمن يريدون ضربه ، ويقصفونه.
لكن الأمر يصبح أكثر تعقيداً عندما تفكر في ما قد يعنيه مصطلح “دفاعي”. فمثلا استمرار الحوثيين في شن هجمات بالصواريخ والطائرات بدون طيار داخل المملكة العربية السعودية، وقد تقرر الرياض ضرب عدد قليل من نقاط إطلاق الحوثيين لردع المزيد من الهجمات.
هل ستكون مثل هذه الخطوة دفاعية أم هجومية؟ إنه غير واضح.
ما هو واضح هو أنه بدون صيانة المقاتلات السعودية التي وافقت عليها الولايات المتحدة، لن يكون لدى الرياض حقاً خيار إطلاق مثل هذه الردود الانتقامية. قال دي روشيه: “وسيكون بإمكانهم التحليق بطائرتين من كل 10 طائرات”. ومن شأن ذلك أن يمنح الحوثيين القوة للقتال المستمر.
الأمر الذي يقود إلى السؤال الثاني: ماذا لو ألغت الولايات المتحدة عقد الصيانة؟
يقول الخبراء إن إدارة بايدن لها الحق في القيام بذلك، لكن عواقب هذا القرار قد تدفع الرياض إلى عدم اعتبار الولايات المتحدة شريكاً موثوقاً به. وقد تؤدي هذه النتيجة إلى خسارة واشنطن لصديق إقليمي رئيسي، وحصن ضد إيران، ودولة تسمح لأمريكا بوضع قوات في أراضيها.
هل من المحتمل أن تكون خسارة المملكة العربية السعودية كشريك أمراً يستحق بشكل أساسي دعم قوتها الجوية؟ يبدو أن إدارة بايدن قد اخذت ذلك بعين الاعتبار.
كل هذه مجتمعة، يبدو من المرجح أن المتعهدين المصرح لهم من الولايات المتحدة لصيانة الطائرات الحربية السعودية متورطون بشكل غير مباشر في مساعدة السعوديين على تنفيذ عمليات “هجومية”، بغض النظر عن تحديدهم. وقال مساعد الكونغرس الديمقراطي: “إذا كنا نخدم الطائرات التي تخوض الحرب، فنحن ما زلنا ندعم الحرب”. إن بقاء العقد سارياً، بعد كل شيء، يعد قراراً سياسياً. ويمكن للولايات المتحدة أيضاً أن تقرر صيانة معدات أخرى وتقديم التدريب بدلاً من إبقاء الطائرات السعودية في الجو.
لكن أيضاً صحيح أنه بدون دعم الصيانة، ستكون المملكة العربية السعودية أكثر عرضة لجميع أنواع الهجمات من الحوثيين (وغيرهم). وبعد إلغاء العقد، قد لا تتدهور العلاقات بين واشنطن والرياض التي مر عليها عقود فحسب، بل قد تنقطع تماماً.
مسار بايدن النهائي بين الدعم الهجومي والدفاعي ليس واضحاً كما كان يأمل. والسؤال هو ما إذا كان سيفعل أي شيء حيال ذلك.
* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع