بكين تنافس موسكو.. هل تحل منظومة “إتش كيو-9” الصينية للدفاع الجوي محل “إس-300” الروسية؟
السياسية:
تعتبر منظومة HQ-9 (إتش كيو-9) صواريخ أرض-جو الرئيسية بعيدة المدى في الصين. ظاهرياً، تبدو مشابهة لمنظومة إس-300 الروسية، باستخدام رادارات كبيرة ذات وجه مُسطَّح وصاروخ كبير ينطلق عمودياً. ولكن منذ الانقسام الصيني السوفييتي في الخمسينيات من القرن الماضي، لم تتلقَّ الصين هذا القدر من المساعدة في تطوير صواريخ أرض-جو من الاتحاد السوفييتي. السؤال الآن هو هل تمثِّل منظومة إتش كيو-9 الصينية مجرد تطوُّر موازٍ وَصَلَ إلى حالة نهائية مماثلة للمنظومة الروسية؟
الصين تريد مواكبة أمريكا وروسيا في المنظومات الدفاعية الصاروخية
يقول تقرير لمجلة National Interest الأمريكية، إنه في وقت الانقسام الصيني السوفييتي، كان نظام الدفاع الجوي بعيد المدى الحقيقي للصين هو إس-75. استمرَّ العمل على مُختَلَف صواريخ سام متوسِّطة وقصيرة المدى، مثل إتش كيو-6 وإتش كيو-61. ومع ذلك، عندما بدأت الصين في تحديث جيشها بالكامل في التسعينيات، كان هناك نقصٌ في نظام سام طويل المدى المُتنقِّل مثل باتريوت وإس-300، وكلاهما دَخَلَ الخدمة في الولايات المتحدة وروسيا في الثمانينيات.
اتَّخَذَ مجمَّع البحث والتطوير الصيني نهجين من أجل ذلك. بدأت النماذج الأوَّلية المحلية من إتش كيو-9 في التطوير في الثمانينيات، واستمرَّت ببطءٍ خلال التسعينيات. وخلال ذلك العقد، ربما رأت الصين فرصةً لشراء منظومة إس-300 بي إم يو-1 المتقدِّمة في ذلك الوقت من الاتحاد الروسي، وأخذت العرض، وامتلكت بعض المجموعات من تلك المنظومة في عام 1993.
ووفقاً لمصادر روسية، خضعت هذه الصواريخ لهندسةٍ عكسية كبيرة، وطُبِّقَت حلولٌ منها على صاروخ إتش كيو-9 المحلي. تنسب المصادر الصينية الفضل إلى المهندسين الصينيين في تطوير منظومة إتش كيو-9 بأنفسهم. وفي حين أن هذا قد يكون صحيحاً بالنسبة للفترة السابقة، فإن شراء منظومة إس-300 قبل أن تتمتَّع منظومة إتش كيو-9 بقدرةٍ تشغيلية أوَّلية يشير إلى خلاف ذلك.
تميل المصادر الغربية إلى دعم وجهة النظر الروسية، مشيرةً إلى أن “عائلة الصواريخ إتش كيو-9 مستمدَّة بوضوح من منظومة إس-300 بي إم يو الروسية”.
وصلت منظومة إتش كيو-9 إلى القدرة التشغيلية الأوَّلية في وقتٍ لاحق (ذكرت المصادر الصينية أن ذلك كان في عام 1995)، وجرى تحديثها باستمرار منذ ذلك الحين. ووفَّر الحصول على صواريخ إس-300 بي إم يو في عام 2004 موارد إضافية للصين لتطوير إتش كيو-9. ومن المُحتَمَل أن يساهم الاستحواذ الحالي على صواريخ إس-400 في عام 2018 بشكلٍ أكبر في تطوير نسخ صواريخ إتش كيو الحديثة.
إصدارات عديدة طورتها الصين من منظومة إتش كيو-9
ونتيجةً لهذه التطوُّرات، طُوِّرَ عددٌ لا يُحصَى من الإصدارات من صواريخ إتش كيو-9. كان “إتش كيو-9 إيه” أول ترقية رئيسية نُشِرَت بالفعل، وأضافت قدرةً إضافية مضادة للصواريخ الباليستية. ويُقال إن صواريخ “إتش كيو-9 بي” تعمل على تحسين المدى، الذي ربما يصل إلى حوالي 250 أو حتى 300 كيلومتر.
ومن الناحية التشغيلية، يُقال إن إتش كيو-9 قد نُشِرَ في جزرٍ على بحر الصين الجنوبي. لكن الأمر الأكثر إثارةً للقلق هو رغبة الصين في تصدير منظومة إتش كيو9. ويُقدَّر السعر بأنه أرخص مِمَّا تتجه إليه صادرات إس-300، وقد تؤدِّي علاقة الصين مع باكستان إلى وضعٍ مثيرٍ للاهتمام مع امتلاك الهند صواريخ إس-400 وامتلاك باكستان صواريخ إتش كيو-9.
وتتميز أنظمة إتش كيو-9 بأنها عالية الحركة، وقد أكملت وحدات منها إجراء مناورات وتدريبات عسكرية لمسافات طويلة خلال السنوات الماضية، بما في ذلك وحدات في جنوب الصين، وشمال غرب الصين.
وتزعم تقارير أجنبية أن الصين تخطط منظومات لبيع إتش كيو-9 لإيران وفيتنام وأوزبكستان وتركمانستان لتعويض تكلفة شراء الغاز الطبيعي من تلك البلدان. وخلال أوائل عام 2015، أصبحت باكستان أول دولة تبدأ مفاوضات مع الصين بشأن استيراد إتش كيو-9.
هل تقتسم الصين حصة من روسيا في أسواق الأسلحة الدفاعية؟
وبشكلٍ عام، يبدو أن اتِّجاه تطوير صواريخ إتش كيو-9 يتَّبع نفس الاتجاه العام للمتغيِّرات الصينية من مقاتلات فلانكر الصينية. رأت الصين فرصةً لشراء بعض من أفضل الأنظمة المُصمَّمة في الاتحاد السوفييتي السابق في التسعينيات، ثم شرعت في إنتاجها محلياً، واشترت تدريجياً إصداراتٍ أكثر تقدُّماً من روسيا لمواكبة أحدثها. حاولت الصين أيضاً دمج تقنياتٍ أكثر تقدُّماً، ومع ذلك فإن حالة هذه التطوُّرات المتقدِّمة غير مؤكَّدة، بحسب مجلة ناشونال إنترست الأمريكية.
الأمر المثير للدهشة هو أن روسيا تواصل تصدير أحد الصواريخ مثل إس-400 إلى الصين، في حين أنه من المُحتَمَل أن تضخ الصين نسخةً مُحدَّثة من منظومة إتش كيو-9 للتصدير بنفس الميزات في غضون بضع سنوات، مِمَّا قد يؤدِّي إلى اقتسامها من حصة روسيا في السوق.
وعلى عكس مقاتلات فلانكر في الصين، فإن الصناعة الصينية ليس لديها حقاً “عنق زجاجة” أو أيُّ شيءٍ معروف بأنه أدنى من المنتج الروسي. ومع ذلك، فإن عدم شعور روسيا بالقلق بصورةٍ واضحة قد يشير إلى أن إتش كيو-9 أقل قدرةً بما يكفي بالنسبة إلى صواريخ إس-400 أو إس-300 بي إم يو الأصلية حتى لا يكون أمامها منافسةٌ كبيرة حقاً.
عربي بوست