ترحيب فلسطيني واسع بتقرير منظمة “هيومن رايتس ووتش” للدفاع عن حقوق الإنسان
السياسية : مرزاح العسل
يُعد تقرير منظمة “هيومن رايتس ووتش” للدفاع عن حقوق الإنسان، دافع كبير لدى مكتب الادعاء العام بالمحكمة الجنائية الدولية، للنظر والتحقيق بجرائم سلطات الكيان الصهيوني المحتل بحق الشعب الفلسطيني.
فبحسب وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) أصدرت المنظمة الدولية الثلاثاء، تقريرا يدعو المحكمة الدولية إلى التحقيق في ارتكاب سلطات الاحتلال “جريمتين ضد الإنسانية” بحق الفلسطينيين، الأولى سياسة “الفصل العنصري” والثانية “الاضطهاد” بحق فلسطينيي الداخل وسكان الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأكد تقرير المنظمة على ضرورة إعادة تقييم المجتمع الدولي لعمله في “إسرائيل” وفلسطين واعتماد نهج يركز على حقوق الإنسان والمساءلة.. داعياً دول العالم إلى ربط مساعداتها الأمنية والعسكرية إلى الكيان الصهيوني بإنهاء ارتكاب هاتين الجريمتين.
ويعرض التقرير الذي يحمل عنوان (تجاوَزوا الحد: السلطات الإسرائيلية وجريمتي الفصل العنصري والاضطهاد)، معاملة سلطات الاحتلال للفلسطينيين، والواقع الحالي إذ توجد سلطة واحدة (حكومة الاحتلال الإسرائيلية) التي تحكم المنطقة بين نهر الأردن والبحر المتوسط، حيث تسكن مجموعتان متساويتان في الحجم تقريبا، وتمنح هذه السلطة بشكل ممنهج امتيازات لليهود الإسرائيليين بينما تقمع الفلسطينيين، ويمارَس هذا القمع بشكله الأشدّ في الأراضي المحتلة.
وأشار التقرير الصادر في 204 صفحات، إلى أنه بعد أن كان مصطلح “أبارتهايد” أو الفصل العنصري قد صيغ في سياق متصل بجنوب أفريقيا، أصبح اليوم مصطلحا قانونيا عالميا، ويشكل الحظر على التمييز المؤسسي والقمع الشديدين والفصل العنصري مبدأ أساسيا في القانون الدولي.
وأوضح أن الجريمة ضد الإنسانية المتمثلة في الاضطهاد، كما يعرّفها نظام روما الأساسي والقانون الدولي العرفي، تتكون من الحرمان الشديد من الحقوق الأساسية لمجموعة عرقية، أو إثنية، أو غيرها بقصد تمييزي.
وأكدت “هيومن رايتس” في تقريرها أن عناصر الجريمتين اجتمعت في الأراضي الفلسطينية المحتلة، كجزء من سياسة حكومية إسرائيلية واحدة.. وتتمثل هذه السياسة في الإبقاء على هيمنة الإسرائيليين اليهود على الفلسطينيين في جميع أنحاء الكيان الغاصب والأراضي المحتلة، وتقترن في الأراضي المحتلة بقمع ممنهج وأعمال لاإنسانية ضد الفلسطينيين القاطنين هناك.
كما أوضح التقرير أن سلطات الاحتلال في مختلف أنحاء الأراضي المحتلة سعت إلى زيادة الأراضي المتاحة للبلدات اليهودية وتركيز معظم الفلسطينيين في مراكز سكانية مكتظة، وتَبنّت سياسات للتخفيف مما وصفته علنا بأنه “تهديد” ديموغرافي من الفلسطينيين.
وطالبت المنظمة في تقريرها سلطات الاحتلال الإسرائيلية بإنهاء جميع أشكال القمع والتمييز التي تمنح امتيازا لليهود الإسرائيليين على حساب الفلسطينيين، بما في ذلك حرية التنقل، وتخصيص الأراضي والموارد، والحصول على المياه والكهرباء وغيرها من الخدمات، ومنح تصاريح البناء.
كما طالبت مكتب الادعاء في “المحكمة الجنائية الدولية” التحقيق مع الضالعين بشكل موثوق في الجريمتَين ضد الإنسانية المتمثلتين في الفصل العنصري والاضطهاد ومقاضاتهم، وعلى الدول الأخرى أن تفعل ذلك أيضا وفقا لقوانينها المحلية بموجب مبدأ الولاية القضائية العالمية، وأن تفرض عقوبات فردية على المسؤولين عن هاتين الجريمتين، تشمل حظر السفر وتجميد الأصول.
تقرير المنظمة الحقوقية الدولية، لاقى ترحيبا فلسطينياً واسعاً سواء على المستوى الرسمي أو على مستوى فصائل المقاومة أو حتى على المستوى الشعبي.. حيث رحّب الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة بتقرير منظمة “هيومن رايتس ووتش”، واصفا إياه “بالشهادة الدولية القوية والحقّة” على نضال ومعاناة الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال العسكري الإسرائيلي وسياساته الاستعمارية والقمعية.
وأكد ابو ردينة، أن هذا التقرير المُحكم والموثق جيداً يثبت ارتكاب “إسرائيل” لجرائم الفصل العنصري والاضطهاد، الأمر الذي يستدعي تحمل المجتمع الدولي لمسؤولياته الفورية تجاه فلسطين، ومساءلة إسرائيل على جرائمها المتعددة بحق شعبنا.
ودعا أبو ردينة جميع الأطراف الدولية إلى مراجعة هذا التقرير بعناية والنظر في توصياته، وتذكير الدول بالتزاماتها القانونية بموجب القانون الدولي.
الحكومة الفلسطينية بدورها رحبت بالتقرير، وأكدت على ضرورة ترجمة المواقف إلى إجراءات عقابية واضحة وعملية.
وقال رئيس الوزراء محمد اشتية، في بيان له، “لقد سمّى هذا التقرير الدّولي ذو المصداقية العالية الأمور بمسمياتها الحقيقية، وقدّم لها التوصيف القانوني الموضوعي”.
وأضاف: “لم يعد الاكتفاء بالشجب والإدانة من قبل العالم مقبولا”.. مؤكدا على ضرورة أن تراجع الدول المختلفة قاطبة علاقاتها، واتفاقياتها، وتبادلاتها الدبلوماسية، والثقافية، والتجارية، مع إسرائيل”.
من جهتها رحّبت وزارة الخارجية الفلسطينية بالتقرير الهام لمنظمة “هيومن رايتس ووتش” الدولية الذي رصد السياسات والممارسات العنصرية، والتمييز الذي يمارس ضد الشعب الفلسطيني من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي، واعتبرته “توصيفا دقيقا لإسرائيل كدولة “ابرتهايد”.
وقالت الخارجية، في بيان لها، إن “التقرير كشف طبيعة الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي باعتباره نظامًا متكاملاً من القوانين والسياسات لترسيخ هيمنة التفوق اليهودي على شعبنا، ولشرعنة منظومة الاستيطان في الأرض المحتلة لدولة فلسطين، ما يؤثر على جميع جوانب الحياة الفلسطينية”.
وأكدت أن ما ورد من دلائل واثباتات في هذا التقرير المفصل تضع المجتمع الدولي أمام اختبار لإرادته ومدى جديته في عزمه على القضاء على كافة أشكال التمييز والعنصرية.
إلى ذلك اعتبر الأمين العام للهيئة الاسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات حنا عيسى مطالبة منظمة “هيومن رايتس ووتش” للدفاع عن حقوق الإنسان، المحكمة الجنائية الدولية إلى التحقيق في ارتكاب السلطات الإسرائيلية جريمتين ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين، والمتمثلتين في الفصل العنصري والاضطهاد، “خطوة على الطريق الصحيح لفضح انتهاكات الاحتلال، ولجم سياسة التهويد والعنصرية الفاضحة ضد شعبنا الفلسطيني”.
كما رحب عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، رئيس دائرة حقوق الانسان والمجتمع المدني أحمد التميمي بالتقرير.. وقال في بيان له: إن “هذا التقرير يوصّف بشكل دقيق ممارسات الاحتلال العنصرية وجرائم الحرب التي يرتكبها بحق الفلسطينيين بشكل موثق ومدعم بالوقائع، وهو في الوقت ذاته صادر عن مؤسسة دولية متخصصة تعتمد في تقاريرها على معايير القوانين والاتفاقيات الدولية وخاصة المتعلقة بحقوق الإنسان منها والتي وقعت عليها والتزمت بها دول العالم”.
وأضاف التميمي إن “هذا التقرير يجب وحسب الأصول القانونية الدولية، الأخذ به وخاصة من ناحية إدانة الاحتلال بارتكاب جرائم ضد الإنسانية والتي تتطلب محاكمة قادته في المحكمة الجنائية الدولية”.
من جهته.. اعتبر عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، الأمين العام لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني أحمد مجدلاني، التقرير بأنه بمثابة توثيق دولي جديد يؤهل لمحاكمة الاحتلال على جرائمه.
وقال في بيان له: إن التقرير الدولي يعطي وبشكل دقيق وصفا لممارسات وإجراءات الاحتلال العنصرية والفاشية وجرائم الحرب التي ترتكب من قبل قوات الاحتلال بشكل يومي ضد المواطنين العزل، ويجب على العالم أن ينظر له بكل جدية ومسؤولية ويتخذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد دولة الاحتلال باعتبارها جرائم حرب.
حركة المقاومة الإسلامية (حماس) هي الأخرى رحبت بالتقرير.. ورأت أنه يؤكد بالأدلة أن الاحتلال الصهيوني يرتكب على الدوام جرائم ضد الإنسانية عبر سياسة الفصل العنصري والاضطهاد ضد الفلسطينيين.
وقال الناطق باسم الحركة حازم قاسم: إن هذا التقرير الذي يأتي من جهة محايدة ودولية، ويعتمد على جملة من الحقائق والوقائع، يثبت من جديد أن الرواية الفلسطينية التي تتحدث عن جرائم ضد الإنسانية يرتكبها الاحتلال بشكل متواصل ضد الفلسطينيين وانتهاكه الفاضح والمستمر لكل مكونات القانون الدولي.
بدوره.. رحب الاتحاد الديمقراطي الفلسطيني “فدا” وقدر عاليا، التقرير الذي أصدرته منظمة “هيومن رايتس ووتش” الدولية حول الانتهاكات الاسرائيلية لحقوق الانسان الفلسطيني في عموم فلسطين التاريخية.
وقال الاتحاد: إن التقرير فند وبالتفصيل، جملة تلك الانتهاكات الاسرائيلية، وأهم شيء فيه الخلاصة الذي ذهب إليها بأن إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، ترتكب جرائم ضد الانسانية تتمثل بالفصل العنصري والاضطهاد الذين تمارسهما بحق المدنيين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
من جهته أشاد نائب رئيس حركة التحرير الوطني “فتح” محمود العالول، بتقرير منظمة “هيومن رايتس ووتش” الذي ركز على جرائم سلطة الاحتلال الاسرائيلي في فلسطين التاريخية، وتحديدا في ملف الفصل العنصري واضطهاد الفلسطينيين.
ورأى في التقرير محاولة لحث العالم لإيقاف هذه الجرائم بحق الشعب الفلسطيني عندما طالبت المنظمة الجنائية الدولية بفتح تحقيق مع مرتكبيها، مطالبا بضرورة استثماره لأهميته باعتباره نتاج منظمات دولية.
وزير العدل الفلسطيني محمد الشلالدة اعتبر أن التقرير يتمتع بقيمة قانونية مهمة جدا في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان، خاصة أن تقارير المنظمة باتت معتمدة في دول العالم.
وقال: “إن ما ورد في التقرير بالمطالبة بالتحقيق في هاتين الجريمتين اللتين تعتبران انتهاكا صارخا للاتفاقيات الدولية، يؤكد المسؤولية القانونية والدولية على السلطة القائمة بالاحتلال”.. مشيراً إلى أن التقرير يشكل خطة تنفيذية للاستناد إليها والاعتماد عليها كوثيقة ودليل قانوني أمام المحكمة الجنائية الدولية أو أي قضاء دولي آخر.
من ناحيته، قال رئيس الإدارة العامة للأمم المتحدة ومنظماتها المتخصصة وحقوق الإنسان في وزارة الخارجية الفلسطينية عمر عوض الله، إن هذا التقرير لاحق لعدة تقارير دولية بما فيها ما قدمته دولة فلسطين لتوصيف ما تقوم به السلطة القائمة بالاحتلال ضد شعبنا، باعتبارها نظاما استعماريا احتلاليا يمارس جريمة الفصل العنصري في أرض دولة فلسطين.
ودعا عوض الله إلى ضرورة إحياء بعض اللجان الأممية القديمة التي كانت تحظر جريمة الفصل العنصري، فيما أنه على المستوى السياسي والدبلوماسي يجب وضع دول المجتمع الدولي أمام مسؤولياتها الحقيقية في مواجهة نظام الفصل العنصري المقترن بالهيمنة الاسرائيلية وقمعها المنهجي واسع النطاق ضد الشعب الفلسطيني.
ورأى بأن التقرير جاء في وقت تتوغل فيه “إسرائيل” في ممارستها ضد الشعب الفلسطيني، خاصة في مدينة القدس، حيث سيشكل سندا للحراك السياسي والقانوني والدبلوماسي ضد الجرائم الإسرائيلية بحق الفلسطينيين.
من جهته اعتبر المدير العام لمؤسسة “الحق” لحقوق الإنسان شعوان جبارين، أن صدور التقرير من منظمة بثقلها الدولي والقانوني يؤكد وقوع جريمتي الفصل العنصري والاضطهاد، ويدفع بمكتب الادعاء العام عدم إهمال النظر إلى هذا الأمر، حيث إنه في البداية كانت المحكمة الدولية تتعامل مع الموضوع على أن هناك مبالغة عند المؤسسات الحقوقية.
عربيا.. أكدت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية على ضرورة اتخاذ المجتمع الدولي والأطراف الفاعلة خاصة المحكمة الجنائية الدولية، إجراءات عقابية وخطوات عملية لردع ومُحاسبة إسرائيل (القوة القائمة بالاحتلال)، وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، وذلك استنادا على ما ورد في تقرير منظمة “هيومن رايتس ووتش”.
وشددت الأمانة العامة، في بيان لها، على وجوب استمرار تقديم كافة أشكال الدعم والإسناد للشعب الفلسطيني، وصولا إلى استعادة حقوقه المشروعة في الحرية والاستقلال، عبر تجسيد دولته المستقلة ذات السيادة، وعاصمتها القدس الشرقية المحتلة.
سبأ