(السياسية) تقرير/ هناء السقاف

أعدمت السعودية خلال الشهر الجاري ثلاثة جنود بتهمة ما اسمته الخيانة العظمى بعدما قالت إن التحقيق معهم أسفر عن إدانتهم بـ”التعاون مع العدو” بما يخل بكيان المملكة ومصالحها العسكرية” في حين لم توضح المملكة من هي هذه الدولة أو الكيان الذي اتُهم الجنود بالتواصل معه ومانوع ذلك التعاون وبذلك أثارت الرياض عدة تساؤلات وعلامات استفهام حول هذا الحكم وما الذي تسعى إليه وما الهدف منه والرسالة التي تحاول إيصالها لبقية منتسبي الجيش السعودي.

وزعم بيان وزارة الدفاع السعودي أنه بإحالة الجنود الثلاثة إلى المحكمة المختصة مع “توفير كافة الضمانات القضائية المكفولة لهم، ثبت ما نسب إليهم، مما جعلهم في حل من هذه الأمانة العظيمة الموكلة لهم قبل أن يتعدى ضرر فعلهم إلى كيان الوطن وأمنه”.

وعلق حزب التجمع الوطني السعودي المعارض في بيان له بقوله  أن تنفيذ الإعدام تم في غموض تام لملابسات القضية، وفي غياب تام لشروط المحاكمات العادلة وللمحكمة المختصة ولإجراءات التقاضي، ودون أدنى مستوى من الشفافية، وبعد ٦ سنوات منذ بدء حرب اليمن ..موضحا ان إعلان الإعدام وما رافقه من تغطية إعلامية رسمية ضخمة، يأتي ظل تدهور الروح المعنوية لدى الأفراد والضباط المشاركين في هذه الحرب”.

وعبر حزب التجمع الوطني عن مخاوف من إعدامات مقبلة لآخرين، بسبب رفضهم المشاركة في الحرب، أو ممانعتهم لقصف المدنيين أو تدمير البنية التحتية في اليمن أو رفضهم لسياسة الأرض المحروقة التي تنتهج بين فينة وأخرى لأسباب سياسية.. مضيفا “نذكر مجددًا أن هذه الحرب، كسائر القرارات المتسرعة الأخرى، لم يتخذ قرارها الشعب عبر مؤسساته المدنية المنتخبة، ولم تتخذه المؤسسات العسكرية بخبرائها ومسؤوليها، ولم يتم استفتاء الشعب فيها، ولم تتم مراعاة رفضهم للحروب وخاصة مع دول الجوار”.

وتابع “بل تفاجئ الجميع بما فيهم العسكريين بقرار الحرب الذي أتخذه ولي العهد ووالده بشكل منفرد، ولمصالح شخصية متعلقة بسعي ولي العهد إلى إبراز صورته ولعب دور في الإقليم، دون مراعاة لمصالح الوطن، ولا لسلامة ومستقبل المنطقة، ولا لحرمة الدماء وهو ما سبب تدهورًا في الروح المعنوية للعسكريين، وانسحاب الحلفاء الذين قرروا المشاركة في الحرب قبل أن يفهموا الدوافع السعودية على حقيقتها”..منبها  إلى تراجع أغلب المؤيدين للحرب حتى من اليمنيين بعد اتضاح الهدف السعودي الحقيقي “ليقف العسكري السعودي بين أن يخوض المعركة منفردًا ويدفع ثمنها دون أن يؤمن بها، أو أن يواجه عقوبات رفضه التي يبدو أنها قد تصل لحد الإعدام بتهمة الخيانة العظمى”.

وحول ذلك نقلت صحيفة “الأخبار” اللبنانية عن مصادر مطّلعة في صنعاء تأكيدها نقلاً عن معلومات استخبارية، أن وزارة الدفاع السعودية أعدمت 24 ضابطاً وجندياً سعودياً بدعوى التخابر مع «الحوثيين»، موضحة أن بعضاً من هؤلاء كانوا أسرى وأُفرج عنهم أواخر العام الماضي بموجب صفقة تبادُل بين صنعاء والرياض. وأعربت المصادر عن اعتقادها بأن السلطات السعودية تَعمّدت إعدام الثلاثة الأخيرين وسط حشد كبير من الضباط في العاصمة، بهدف بثّ الرعب من نفوسهم، وهو ما يُعبّر عن حقيقة الهواجس التي تسكن حكّام المملكة، خصوصاً في ظلّ تزايُد الهجمات الجوية للجيش و “اللجان»، والتي يتمّ تنفيذها وفقاً لإحداثيات دقيقة في عدد من القواعد العسكرية كـ»قاعدة الملك خالد»، والمطارات التي تُستخدم لأغراض عسكرية كمطارَي أبها وجيزان.

وكانت السعودية اتّخذت، منذ مطلع العام الجاري، سلسلة إجراءات جلّت تخوُّفها من إمكانية اختراق قوّاتها استخبارياً من قِبَل صنعاء، إذ إنها منعت جميع العاملين اليمنيين الفنّيين في شركة «أرامكو» من الدخول إلى حقول النفط والمصافي وخزّانات الشركة وفروع مرافقها كافّة في المملكة، بعد تعرُّض «أرامكو» لعدد من الهجمات الجوّية. كما شدّدت إجراءاتها بحقّ العمالة اليمنية في المملكة. لكنها اصطدمت، أخيراً، باستشهاد أحد منتسبي القوّات البرّية السعودية، وهو عبد العزيز سعد عمر المُكنّى بـ»أبو العز»، في صفوف الجيش واللجان الشعبية اليمنية  في تطوُّر هو الأوّل من نوعه. وكان عبد العزيز، الذي ينحدر من حيّ السليمانية في مكّة، أُسر على يد قوات صنعاء في الحدّ الجنوبي للمملكة أواخر العام 2015، ولكنه رفض العودة مع رفاقه الأسرى السعوديين الذين تمّ الإفراج عنهم، وانضمّ إلى «أنصار الله» ليقاتل في عدد من جبهات القتال بشراسة، ليستشهد في الـ22 من الشهر الماضي وهو يقاتل في جبهة صرواح.

وأثار استشهاد عبد العزيز جدلاً واسعاً في صفوف الناشطين السعوديين، الذين سارع بعضهم إلى تكذيب الخبر، وزعموا أن «أبو العزّ» من أصول يمنية، لكن آخرين احتجّوا في المقابل بأن الجيش السعودي لا يقبل أيّ عنصر غير مولود في السعودية، أو حاصلٍ والده على جنسية المملكة، معتبرين أن انضمام عبد العزيز إلى صفوف «الحوثيين» يدقّ ناقوس الخطر.

كذلك رصد حساب “مجتهد”؛ المشهور عبر “تويتر”، أهم ما يعانيه الجنود السعوديون على جبهة الحد الجنوبي، من خلال رسائل وصلت إليه من ضباط وجنود، وضحوا فيه مهازل وفضائح تعامل النظام السعودي معهم ومع الحرب في اليمن عمومًا..موضحا في سلسلة من التغريدات أن الجنود والضباط بالحد الجنوبي يعيشون وضعًا محبطًا يصل لحد الانهيار النفسي، الناتج عن “سوء معاملتهم من قبل القادة وغياب أو ضعف الدعم اللوجستي وتعريض عوائلهم لمشاكل السكن وإيقاف الخدمات”.

وتابع “مجتهد” قوله: “.. في الميدان يدفع بالمقاتلين للجبهة دون خطة ولا خبرة ولا يبالي القادة بالإصابات، والبركسات الخلفية بدون كهرباء ولا دورات مياه، كما لا توجد وسائل نقل بين خطوط الجبهة والإمداد، ومن المضحك المبكي أنهم يتوسلون بشكل فردي للقوات البرية في الجيش لمساعدتهم في الوصول للجبهة”.مؤكدا أن “القادة يرفضون السماح لهم بالإجازات رغم حقهم فيها طبقا للنظام، وبعض الأحيان يتحايل القادة بإعطائهم إجازة ثم ينسقون مع نقط تفتيش السليل بإعادتهم بحجج واهية، مع أن معظم القادة يرفضون الحضور للجبهة وهم أول الهاربين عند حصول هجوم حوثي”.

وأضاف “مجتهد” أن الجنود “يشتكون كذلك من إنهم معزولون عن العالم وتفرض رقابة صارمة على اتصالاتهم، ومع ذلك هم مستعدون لتحمل هذا العزل لو كان لمصلحة عسكرية لكن لا يطبق شيء من هذا على القادة والضباط الذين هم أولى بذلك لأن المعلومات التي لديهم أكثر تفصيلا من معلومات الأفراد”.

ونشر “مجتهد” وثيقة مسربة توضح كيف قام النظام السعودي بإعادة المفصولين بسبب المخدرات للتعويض عن الشهداء والمصابين.

وفي خضم ما ذكر سيعيش النظام السعودي في أرق دائم وترقب حتى من جيشه الذي بدء يستوعب الجحيم الذي يرسمه حوله الملك وابنه والمهلكه التي يرمونهم فيها.. فهم اليوم أما متعاونين مع احقية شعب ظلمهم نظامهم أو مهزومين نفسيا مظلومين في حقوقهم العسكرية ومسلوبي الارادة أو ينفذون جناح آخر داخل أروقة القصر السعودي بهدف التخلص من الملك وابنه الطائش والمصير مخيف لهم.