السياسية:

رغم أنها تعود للعهد السوفييتي، فما زالت القاذفات الروسية تؤرق الغرب، وتمثل سلاحاً يثير الرعب في نفوس خصومها.

وبالفعل فإن بعض هياكل الطائرات في المخزونات الروسية قديمة جداً، إلا أنها لا تزال قوية بفضل ترقيات هيكل الطائرة والإلكترونيات والرادار، إلى جانب التحسينات في صواريخ المواجهة والذخائر الموجهة بدقة.

وبفضل حمولتها الثقيلة ومداها الطويل (وسرعة بعضها الكبيرة)، تستطيع قاذفات روسيا رغم تقادمها، حمل كميات هائلة من الأسلحة النووية القادرة على إلحاق تدمير كبير بأعدائها وحتى العالم برمته. 

تقرير لمجلة The National Interest الأمريكية عرض أخطر القاذفات الروسية.

أقوى القاذفات الروسيةTu-95 “الدب”: صممها أسرى حرب وحملت أقوى قنبلة في التاريخ

كانت القاذفة توبوليف 95 (Tu-95) نقلة نوعية في القدرات العسكرية الروسية عند تقديمها.

في عام 1950، تم تكليف أندريه توبوليف، مدير المكتب الذي يحمل اسمه، بتصميم قاذفة ثقيلة بعيدة المدى جديدة تابعة للاتحاد السوفييتي، وهي Tu-95.

كان من المفترض أن تكون قادرة على حمل حمولة 24200 رطل، بمدى يصل إلى ما يقرب من 5000 ميل، وبالتالي تهدد أهدافاً مهمة في الولايات المتحدة.

احتاج توبوليف إلى تحقيق التوازن بين السرعة والأداء مع المدى الكبير.

كانت المحركات النفاثة في ذلك الوقت تمنح القاذفة الإستراتيجية بعيدة المدى السرعة المطلوبة، لكنها تستهلك الوقود، مما يحد من المدى.

وعلى الرغم من أن توبوليف كان بالفعل مصمماً ناجحاً للغاية، فقد كلف مجموعة من مهندسي الطائرات الألمان والنمساويين الذين تم أسرهم بعد الحرب العالمية الثانية بالتصميم، حسب المجلة الأمريكية.

لقد صمموا أقوى محرك توربيني تم صنعه على الإطلاق، وهو محرك KN-12.

ودخلت الطائرة الخدمة عام 1956، ولا يزال KN-12 مستخدماً في طراز Tu-95 حتى اليوم.

صورة قديمة للقاذفة السوفيتية العملاقة توبيولف 95/ويكيبيديا

وعلى الرغم من أن محركات الطائرة الأربعة قوية للغاية، فإن صوتها مرتفع بشكل لا يصدَّق، إذ تعتبر Tu-95 واحدة من أكثر الطائرات العسكرية ضجيجاً، خاصةًلأن أطراف شفرات مراوحها تتحرك أسرع من سرعة الصوت.

ومع ذلك، عندما تكون متطلبات المهمة عبارة عن إلقاء حمولة ضخمة، بإمكان الدب القيام بالمهمة، ولكن الطائرة أبعد ما تكون عن التخفي بصوتها الهادر وبصمتها الرادارية الكبيرة، كما أنها تطير أقل من سرعة الصوت.

وأدت الترقيات المتكررة، إلى إطالة عمر خدمة هيكل الطائرة إلى حد كبير، كما حافظت صواريخ كروز المتطورة التي تحملها الطائرة بشكل متزايد، على قدرة Tu-95. 

كانت النسخة Tu-95 RT على وجه الخصوص رمزاً مهماً للحرب الباردة، حيث قامت بمهمة مراقبة بحرية للطائرات والسفن السطحية والغواصات.

وأجرى الاتحاد السوفييتي سلسلة من الاختبارات السطحية النووية من أوائل إلى منتصف الستينيات، باستخدام هذه الطائرة.

في 30 أكتوبر/تشرين الأول 1961، حملت طائرة من طراز Tu-95 المعدلة وأسقطت جهاز AN602 المسمى قنبلة القيصر الهيدروجينية المروعة، والتي كانت أقوى جهاز نووي حراري تم تفجيره على الإطلاق.

كان يُفترض أن تقوم في حال قيام حرب عالمية ثالثة، بقصف الولايات المتحدة عبر الطيران فوق القطب الشمالي للوصول للولايات المتحدة.

في يوليو/تموز 2010، حطمت قاذفتان روسيتان استراتيجيتان من طراز Tu-95MS، رقماً قياسياً عالمياً عبر القيام برحلة دون توقف، لطائرة في هذه الفئة، عندما قضتا أكثر من 43 ساعة في الجو. حلَّقت القاذفتان عبر المحيط الأطلسي والقطب الشمالي والمحيط الهادئ وبحر اليابان، وغطتا في المجموع أكثر من 30 ألف كم، مع أربع عمليات إعادة تزود بالوقود في الجو.

كانت المهمة الرئيسية هي التحقق من أداء الطائرة خلال هذه الرحلة الطويلة، لاسيما مراقبة المحركات والأنظمة الأخرى.

ومن المخطط أن تعمل Tu-95 حتى عام 2040، وهي تعتبر النظير السوفييتي للقاذفة الأمريكية بي 52.

مواصفات القاذفة  Tu-95

السرعة القصوى: 925 كم/ساعة (575 ميلاً)

سرعة التحليق: 710 كم/ساعة (440 ميلاً)

المدى: 15000 كم

الحمولة: حتى 15 طناً من القنابل والصواريخ

Tu-22M “Backfire”: محاولة لإصلاح خطأ فادح

يُطلق عليها أحياناً اسم “Backfire” من قِبل الناتو، تم تطوير Tu-22M لمعالجة أوجه القصور الكبيرة في تصميم  الطائرة Tu-22.

تستخدم Tu-22M تصميم جناح متغير الزاوية يوفر توازناً بين الهبوط والإقلاع مع التحليق الجيد والطيران عالي السرعة.

تحمل الطائرة Tu-22M حمولة قنبلة كبيرة، ويمكنها الطيران بسرعة قصوى تبلغ 1.88 ماخ. ومن المثير للاهتمام، أن لديها مدفعاً مزدوج الماسورة عيار 23 ملم في الذيل، يتم التحكم فيه عن بُعد.

كان إدخال Tu-22M في أوائل سبعينيات القرن العشرين وقتاً غريباً بالنسبة للقاذفات الأسرع من الصوت، حيث أصبحا هناك قناعة على نطاق واسع بتفوق الصواريخ الباليستية العابرة للقارات.

وعلى الرغم من التقادم التقني للطائرة Tu-22M، فإن الترقيات المستمرة للرادار والإلكترونيات، جنباً إلى جنب مع صواريخ جو-أرض المحسنة، جعلت منصة Tu-22M قوية.

استخدم الاتحاد الروسي طراز Tu-22M3 في القتال بالشيشان خلال عام 1995.

في 9 أغسطس/آب 2008، تم إسقاط طائرة استطلاع روسية من طراز Tu-22MR في أوسيتيا الجنوبية من قِبل نظام الدفاع الجوي الجورجي خلال الحرب الروسية الجورجية  

أداء القاذفة Tu-22M3

السرعة القصوى: 2300 كم/ساعة، 1.88 ماخ

المدى: 6.800 كم

نطاق القتال: 2500 كم مع حمولة أسلحة نموذجية تبلغ 10 أطنان.

حمولة الأسلحة: 24 طناً. 

القاذفة Tu-160 “بلاك جاك”: الوحش الطائر

تعتبر Tu-160 حقاً وحشاً طائراً، وسجلت العديد من الأرقام القياسية العالمية، وهي تشبه القاذفة الأمريكية American Rockwell B-1 Lancer، وكانت آخر قاذفة استراتيجية صممها الاتحاد السوفييتي.

وتعد أكبر وأثقل طائرة عسكرية أسرع من الصوت، حيث تطير بسرعة تزيد على ضعف سرعة الصوت.

يتم تشغيل Tu-160 بواسطة أربعة محركات من طراز Kuznetsov NK-32، وهي أقوى محركات على الإطلاق تم تركيبها في طائرة حربية، وهي قادرة على الوصول إلى سرعة  2.05 ماخ (سرعة الصوت).

تمنح سعة الوقود الداخلي للطائرة توبوليف 160 التي تبلغ 130 طناً، الطائرة قدرة تحمُّل تحليق لمدة 15 ساعة تقريباً بسرعة تبلغ نحو 850 كم/ساعة (0.77 ماخ).

دخلت الخدمة في عام 1987، واعتباراً من عام 2016، يمتلك فرع الطيران بعيد المدى التابع لسلاح الجو الروسي، 16 طائرة على الأقل في الخدمة.

والبلاك جاك هي القاذفة السوفييتية الوحيدة المصممة دون أي أسلحة دفاعية.

أدت ترقيات الرادار والاستهداف، جنباً إلى جنب مع إعادة إنتاج هيكل الطائرة في عام 2019، إلى محافظة البلاك جاك على قدراتها وأعطى لها فرصة لاستمرار عملها ربما لسنوات عديدة قادمة.

ورثت أوكرانيا عدداً من هذه القاذفات الهائلة القادرة على حمل أسلحة نووية، من الاتحاد السوفييتي.

Tu-160 تعد أكبر وأثقل طائرة عسكرية أسرع من الصوت/ويكيبيديا

في أبريل/نيسان 1999، مباشرة بعد قصف الناتو ليوغوسلافيا، استأنفت روسيا المحادثات مع أوكرانيا حول القاذفات الاستراتيجية، واقترحت شراء ثماني قاذفات من طراز Tu-160 وثلاث قاذفات من طراز Tu-95MS، وتحقق لها ذلك.

في 11 سبتمبر/أيلول 2007، وفقاً لمصادر حكومية روسية، أطلقت طائرة من طراز توبوليف 160، عبوة ناسفة ضخمة تعمل بالوقود والهواء، تسمى “والد كل القنابل”، في أول اختبار ميداني لها.

أعرب بعض المحللين العسكريين الأمريكيين عن شكوكهم في ذلك الوقت، من أن السلاح تم إطلاقه بالفعل بواسطة القاذفة توبوليف 160.

في 10 يونيو/حزيران 2010 ، نفذت طائرتان من طراز توبوليف 160، دورية قياسية مدتها 23 ساعة مع نطاق طيران مخطط يبلغ 18000 كيلومتر، حيث حلقت القاذفات على طول الحدود الروسية وفوق المياه المحايدة في القطب الشمالي والمحيط الهادئ.

في 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2015، كجزء من التدخل العسكري الروسي في الحرب الأهلية السورية، نفذت عدة قاذفات استراتيجية بعيدة المدى من طراز Tu-160 وTu-95MS التابعة لسلاح الجو الروسي، غارات جوية في محافظتي إدلب وحلب باستخدام صواريخ كروز تُطلَق من الجو من البحر الأبيض المتوسط، كان هذا بمثابة الظهور القتالي الأول للقاذفة Tu-160.

أداء Tu-160

السرعة القصوى: 2220 كم/ساعة، 2.05 ماخ.

سرعة الانطلاق: 960 كم/ساعة، 0.9 ماخ.

المدى: 12300 نطاق عملي دون إعادة التزود بالوقود أثناء الطيران، على سرعة 0.77 ماخ.

نطاق القتال: 2000 كم بسرعة 1.5 ماخ.

حمولة الأسلحة: 45 طناً.

توبوليف باك دا – Tupolev PAK DA: قاذفة خفية

على الرغم من أنها لا تزال قيد التطوير، فإن القاذفة PAK DA ستكون- بلا شك- أكثر القاذفات قوة في تاريخ روسيا، بمجرد إدخالها إلى الميدان.

وستحل PAK DA في النهاية محل القاذفتين Tu-160 وTu-95.

PAK DA هي في الأساس قاذفة خفية بعيدة المدى من الجيل القادم، على غرار قاذفة نورثروب غرومان بي 2 سبيريت، ولا توجد نماذج أولية معروفة حالياً لهذه القاذفة.

تم تأجيل أول رحلة نموذج أولي لـPAK DA من عام 2019 إلى وقت ما، في الإطار الزمني بين 2021-2023.

تتضمن المواصفات المستهدفة لـPAK DA سرعة دون سرعة الصوت (اتجاه حديث في القاذفات التي أصبحت تعتمد على الشبحية بدلاً من السرعة)، ومدىً تشغيلياً 12 ألف كم، والقدرة على البقاء باستمرار في الهواء لمدة تصل إلى 30 ساعة أثناء حمل كل من الحمولات التقليدية والنووية حتى 30 طناً.

ومن المتوقع أن تدخل هذه الطائرة الإنتاج التسلسلي في عام 2027.

مستقبل القاذفات الروسية مرتبط بالنفط

إذا كان بإمكان التاريخ العسكري الروسي أن يعلمنا أي شيء، فمن المحتمل أن يتم الحفاظ على طراز Tu-22M و-95 و-160 وتحديثها لسنوات عديدة قادمة. وعندما تصبح PAK DA جاهزة للعمل، فإنها ستضع سهماً مهماً في جعبة روسيا: قاذفة شبحية ذات قدرة عالية من الناحية النظرية.

ومع ذلك، يظل السؤال: هل تستطيع روسيا إدارة ذلك بتكلفة معقولة؟ فقد يؤدي السعر المنخفض نسبياً للنفط إلى تقييد الإنفاق العسكري الروسي بشدة، خاصةً أن تصميم الطائرات الشبحية لم يعد أمراً سهلاً، وتكلفة صيانتها المرتفعة أوجعت بلداً غنياً مثل أمريكا.

عربي بوست