(السياسية) نصر القريطي :
مائة يومٍ تقريباً مضت على دخول الرئيس الأمريكي الجديد الى البيت الأبيض فما الذي تغير على صعيد الاستراتيجية الأمريكية لإنهاء هذه الحرب العدوانية على اليمن..
ثلاثة أشهرٍ انقضت تقريباً ولم تغادر وعود “بايدن” بشأن إيقاف الحرب على بلادنا خانة التعهدات حتى وان بدأ القادم الجديد عهده بتصريحات نارية بشأن مجرمي الحرب السعوديين والإماراتيين وعلّقت إدارته بعض صفقات الأسلحة للرياض وأبوظبي إلا أن اليمن لا يزال محاصراً والغارات لم تتوقف والعدوان علينا لا يزال على أشده..
يقول كبير المحللين السياسيين في “معهد بروكنجز” الأمريكي أن الفرق بين “ترامب” و”بايدن” أن الأول لم يكن يمتلك سياسة واضحة بشأن اليمن فيما الأخير لديه توجهٌ واضحٌ لإيقاف هذه الحرب الملعونة ومعاقبة مجرمي الحرب فيها لكننا اليوم نجد انفسنا مجبرين على التساؤل “هل هناك فرقٌ بين إدارة بايدن وإدارة ترامب فيما يخص العدوان على اليمن..!”
اليوم بعد انقضاء ربع عامٍ تقريباً على دخول بايدن للبيت الأبيض وبعد ان تعهد في حملته الانتخابية بمعاقبة السعوديين وبعد أن علّق صفقات أسلحة أبرمها سلفه “ترامب” مع الرياض وأبوظبي وبعد أن عيّن مبعوثاً مكوكياً خاصّاً لليمن بغرض دعم جهود المبعوث الاممي للبحث عن فرصٍ للسلام في بلادنا ما الذي تغير على أرض الميدان وما الذي استجد في السياسات الأمريكية تجاه هذه الحرب العدوانية..
في الحقيقة ان اليمن لا يزال محاصراً ولم يستطع المبعوث الأمريكي الخاص أن يدفع حلفاء واشنطن في دول العدوان حتى لإبداء حسن النوايا بشأن انهاء حربهم علينا عبر فك الحصار ولو بصورةٍ جزئية عن موانئنا ومطاراتنا..
كما أن مجموعة الأفكار التي طرحها المبعوث الأمريكي الخاص ليست أكثر من إعادة طرح لاشتراطات قوى العدوان بشأن استسلامنا تحت يافطة السلام المهين على طريقة “جريفيث” ولكن هذه المرة عبر “تيموثي ليندر كينج”..
لو أخضعنا سياسة الرئيسين الأمريكيين الخلف والسلف لأحدث تحركات الإدارة الأمريكية الجديدة والذي مثلت صدمةً بالنسبة للمتفائلين بعهد بايدن الواهمين بانه داعية سلامٍ وليس مسعّرُ حرب لوجدنا أن كليهما يسير في طريقٍ مختلفٍ لتحقيق نفس الهدف..
وفقاً لتقرير حصري لـ”وكالة رويترز” أبلغت إدارة الرئيس الأمريكي الجديد الكونجرس اعتزامها المضي قدماً في تسليم صفقة أسلحة للإمارات كانت علقتها مع الأيام الأولى لتسلمه السلطة من سلفه “ترامب”..
الصفقة الضخمة المثيرة للجدل والتي أبرمتها إدارة المجنون ترامب في الأيام الأخيرة له في البيت الأبيض بعد اكتشاف خسارته للانتخابات الرئاسية وجدت استنكاراً كبيراً من فريق بايدن الانتخابي يومها وقال الفائز الديمقراطي بالانتخابات الرئاسية في حينها أنه سيلغي هذه الصفقة التي طبخت على عجل والتي ستعقد الحرب اليمنية بصورةٍ أكبر مما هي عليه..
فعلاً علقت إدارة بايدن صفقات أسلحة متنوعة للرياض وأبوظبي فما الذي تغير اليوم حتى تمضي واشنطن في الالتزام بتلك الصفقات التي قالت عنها سابقاً أنها ستسهم في إراقة مزيدٍ من دماء الأبرياء وستستخدم في ارتكاب جرائم حربٍ في بلادنا..
التزام واشنطن بالمضي في تسليم صفقة الأسلحة الضخمة للإمارات ليس استثناءً من القاعدة فقد نقلت صحيفة الـ”واشنطن بوست” عن مسئولين أمريكيين بأن البيت الأبيض يدرس مجموعة من صفقات الأسلحة لدعم السعوديين فيما وصفوه بدفاعهم عن أنفسهم في مواجهة الحوثيين..
الأمر لم يقتصر على رفع الحظر الأمريكي عن صفقات الأسلحة التي جمدتها “إدارة بايدن” في أيامها الأولى في البيت الأبيض بل إن الإدارة الأمريكية الجديدة شكلت فريقاً يضم خبراء عسكريين يعرف بـ”فريق النمر” هدفه تعزيز القدرات العسكرية للسعوديين..
هل هذه هي الطريقة التي سيعاقب بها “بايدن” المجرم “محمد ابن سلمان”.. وهل هذه هي الطريقة التي سيجعل بها بايدن السعودية منبوذةً بسبب جرائمها بحق المدنيين كما تعهد في حملته الانتخابية.. وهل هذه هي استراتيجية “بايدن” لانهاء الحرب في اليمن ودعم السلام فيها..!
في الحقيقة أن شعب اليمن لا يزال محاصراً ولا يزال السعوديون والإماراتيون يرتكبون كل يومٍ جرائم حربٍ بحق المدنيين العزّل.. ولا تزال البوارج الامريكية والطائرات الامريكية والخبراء الأمريكيون يساعدون السعودية في حربها على اليمن وحصارها لشعبه.. فكيف يعقل أن نقول ان بايدن لا يشبه ترامب..
لم يقدم مبعوث بايدن الخاص الى اليمن جديداً يذكر بل إنه يسير اليوم على خطى “مارتن جريفيث” في العمل إطالة أمد الحرب على صفيح ماراثون المفاوضات بدلاً من المضي بشجاعةٍ نحو السلام..
إدارة الرئيس الأمريكي الجديد تشكل اليوم فريقاً خاصاً لدعم السعودية عسكرياً وتتعهد بالمضي قدماً في تزويد السعوديين والإماراتيين بصفقات الأسلحة التي علقتها سابقاً ولفترةٍ وجيزة فكيف يعقل نقول أن الرئيس الأمريكي الجديد يختلف عن سابقه..!
بعد مائة يومٍ من دخول “بايدن” الى البيت الأبيض خلفاً لسلفة المجنون أليس من حقنا أن نقول اليوم أن إدارة بايدن وإدارة ترامب هما وجهان مختلفان لعملةٍ أمريكية واحدة..!