السياسية:

بات من الممكن استخدام أسلحة الليزر بالفعل لنسف طائرات الخصم المسيّرة أو الطائرات بدون الطيار، واعتراض الصواريخ، وربما حتى الاستعانة بها لتدمير الصواريخ الباليستية العابرة للقارات. لكن الآن، يبدو أن تكنولوجيا ناشئة أبدت بوادر تشير إلى أن الليزر يمكن استخدامه أيضاً لنقل تحديثات الفيديو المباشرة والبيانات الحساسة للوقت على نحو آمن وفعّال عبر الغلاف الجوي بسرعة الضوء، كما يقول تقرير لمجلة The National Interest الأمريكية.

كيف يمكن أن تستفيد الجيوش من استخدام الاتصالات الليزرية؟

تمكنت الصناعات العسكرية بالفعل من تطوير تقنيات الليزر لإطلاقه بغرض الاستهداف من الطائرات المسيَّرة، حيث يقوم الجيش الأمريكي بتسليح مركبات قتالية نموذجية كبيرة وصغيرة، بأسلحة ليزر مصممة لإحراق أهداف العدو بسرعة الضوء، ما يوفر أبعاداً تكتيكية جديدة لضربات الطائرات بدون طيار، والدفاعات الجوية والهجمات البرية الهجومية الموجّهة بدقة والقابلة للتطوير.

والآن هناك أدلة جديدة على أنه بات من الممكن إرسال تحديثات الفيديو المباشرة الخاصة بالطائرات المسيَّرة، على سبيل المثال، إلى الطائرات المقاتلة وطائرات المراقبة أو مراكز التحكم الأرضية القريبة عن طريق تقنيات الاتصالات الليزرية.

برهنت تجارب ودراسات أولية تُجريها شركة “رايثيون” التكنولوجية Raytheon Intelligence and Space، والتي استعانت فيها باتصالات الليزر وأجهزة استقبال صغيرة، على إمكانية استخدام الليزر لنقل البيانات عبر ظروف جوية صعبة لمسافة 16 كم. وأوضح مطوّرو “رايثيون” أن منظومة الاتصالات الليزرية تجعل الاتصال الآمن من نقطة إلى نقطة أقل “عرضةً للتشويش عليه واعتراضه”، وأقل تأثراً بالاضطرابات الجوية.

وفي مقابلة مع مجلة The National Interest، قالت جينيفر بنسون، كبيرة مهندسي قطاع منتجات الإلكترونيات المتقدمة في شركة “رايثيون”، إن “الليزر القمري التابع لوكالة ناسا تمكَّن في عام 2013 من إرسال بيانات بسرعة 633 ميغابت في الثانية. أي أن التكنولوجيا موجودة، ونحن نعمل باستمرار على توسيع نطاقها وتعزيزها لزيادة النطاق الترددي لنقل البيانات عن طريقها”.

نحو منظومة اتصالات ليزرية في الفضاء الحر

عملت “رايثيون” على تطوير تقنية اتصالات الليزر من خلال البحث والتطوير الداخلي، بهدف الوصول إلى 100 غيغابت في الثانية، مع استخدام التقنيات المتقدمة للبصريات الكهربائية للتخفيف من حدة تأثير الاضطرابات الجوية. وأوضحت بنسون كذلك أن نية شركة “رايثيون” كانت تسخير التقنيات الحالية والبناء عليها ودفعها إلى مستويات جديدة من الأداء، للوصول إلى نطاق ترددي أوسع ونطاقات أطول مدى وأكثر سرعة وأحجام أكبر من البيانات المتدفقة.

ومن المثير للاهتمام، أن المطورين في شركة “رايثيون” يبدو أنهم أثناء طريقهم تمكّنوا من حل بعض التحديات العلمية المرتبطة بالجهود السابقة لإنشاء منظومة اتصالات ليزرية في الفضاء الحر. فقد بدأت قطاع الأبحاث المموَّل من القوات الجوية الأمريكية في جامعة ولاية نيو مكسيكو، منذ أكثر من عقد من الزمان، في إجراء بعض التجارب الرائدة لنقل البيانات عبر أشعة الليزر.

وتشير دراسة علمية صادرة عن جامعة ولاية نيو مكسيكو (NMSU) في عام 2007 إلى اكتشاف الباحثين أن عمليات نقل البيانات عبر الغلاف الجوي أبرزت ما أطلق عليه باحثو الجامعة “نمطاً من البقع التي تخلق مناطق أو نقاطاً معتمة ومناطق أو نقاطاً ساطعة، التي تتعرض للتشوُّش بفعل الاضطرابات”، ويبدو أن هذه الظاهرة تحديداً هي ما أشارت بنسون إلى أنه التحدي الأساسي الذي عملت تصميمات “رايثيون” المستقبلية على مواجهته.

مستويات جديدة من تطوير أنظمة الاتصالات الليزرية

وفي الدراسة التي نشرتها جامعة ولاية نيو مكسيكو، تنقل عن عالم يُدع مايكل غايلز، وهو أستاذ في علوم الهندسة الكهربائية، شرحه للظاهرة قياساً إلى منظور “وميض” النجم، فهو يوضح أن الضوء عندما يمر عبر الغلاف الجوي ويواجه اعتراضاً، فإنه “يتداخل مع نفسه، وهذا هو السبب في أنها تزداد قتامة ويخفت بريقها، ثم تزداد قتامة ويخف بريقها، وهكذا”.

قياساً على المثال السابق، فإنه “لنقل البيانات بسرعة عالية بواسطة شعاع الليزر”، يعني “الوميض” فقدان الإشارة. وقد توصل الباحثون إلى أن شعاع الليزر المتماسك جزئياً يؤدي على نحو أفضل خلال الاضطرابات عن طريق تقليل هذا التداخل معه. لكن الأساليب السابقة لتوليد حزمة ليزرية متماسكة جزئياً كانت تعتريها عيوب خطيرة في نقل البيانات”، بحسب الدراسة التي نشرتها جامعة ولاية نيو مكسيكو.

ومن ثم، يبدو أن مطوري قطاع اتصالات الليزر بشركة “رايثيون” قد وجدوا طرقاً لمعالجة التأثير الناجم عن الاضطرابات الجوية والتخفيف من حدَّته، وبالتالي رفع الآمال المعقودة على هذه التكنولوجيا إلى مستوى جديد.

وحقّق الجيش الأمريكي منذ سنوات عديدة تقدماً في مجال تطوير أسلحة الليزر الثابتة، مثل تلك التي يتم نشرها للحماية أو إطلاق النار من قاعدة عمليات أمامية أو موقع ثابت آخر، حيث يمكن تشغيلها واستدامتها دون مشاكل.

وبغض النظر عن التحديات والقيود، لا تزال تطبيقات أسلحة الليزر تظهر وعوداً هائلة للجيش الأمريكي، لاسيما عندما يتعلق الأمر بعمليات مكافحة الطائرات بدون طيار، حيث يسافر الليزر بسرعة الضوء، وهو قابل للتطوير، ما يعني أنه لا يصل فقط إلى الأهداف ويدمرها بسرعات غير مسبوقة، ولكن يمكن أيضاً تصميمه أو تحجيمه لتحقيق التأثير المطلوب مثل تعطيل الهدف أو تدميره بالكامل.

عربي بوست