“المونيتور”: هل تتدخل تركيا في اليمن لإنقاذ السعودية؟
يجادل الإخوان المسلمون ومصادر مقربة من الحكومة التركية بأن السعودية يمكن أن تجد مخرجاً لحفظ ماء وجهها في الصراع اليمني من خلال التعاون مع تركيا.
السياسية :
كتب الصحافي التركي فهيم تستكين مقالة في موقع “المونيتور” الأميركي قال فيها إن تركيا تسعى إلى تحويل العزلة الدولية المتزايدة للسعودية لصالحها، وذلك في أعقاب سياسات إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن المتغيرة تجاه إيران وقرار واشنطن بتجميد ومراجعة مبيعات الأسلحة إلى السعودية مؤقتاً بسبب الحرب اليمنية.
وأضاف الكاتب أن بعض مصادر المعارضة السورية تزعم أن تركيا قد تنقل مقاتلين سوريين إلى اليمن للقتال إلى جانب التحالف الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين. وقد يكون التفسير الفوري لهذه الادعاءات هو أن تركيا تمدّ غصن زيتون إلى السعودية بعد سنوات من الجمود في العلاقات.
أما التفسير الثاني فقد يكون أن أنقرة تشير إلى استياء تركيا من الأنشطة العسكرية الإيرانية في العراق وسوريا. وتعتقد إيران أن روسيا قدمت الكثير من التنازلات لتركيا بشأن سوريا وأعربت صراحةً عن معارضتها للعمليات العسكرية التركية في العراق، مما أثار مشاحنات دبلوماسية بين أنقرة وطهران.
ورأى الكاتب أن التورط التركي المحتمل في الحرب اليمنية للسعودية قد يوفر مخرجاً من الصراع كانت الرياض تبحث عنه ويحفظ لها ماء وجهها. وبحسب ما ورد، فقد يشمل دعم تركيا كذلك طائرات مسلحة تركية بدون طيار كانت بمثابة تغيير لقواعد اللعبة في النزاعين الليبي والأذري-الأرميني.
ويطالب حزب الإصلاح اليمني – الفرع اليمني للإخوان المسلمين – تركيا بالدخول في المعركة. ومع ذلك، لطالما عارضت الإمارات العربية المتحدة التعاون مع حزب الإصلاح في الحرب ضد “أنصار الله”، بينما قبلت السعودية على مضض التعاون معه حتى الآن.
وأضاف الكاتب أنه ورد أن المسؤولين السعوديين نُصحوا بتحسين العلاقات مع تركيا بعد أن تطورت حالة من النفور من إدارة بايدن نتيجة للرسائل الإيجابية للإدارة بشأن الاتفاق النووي الإيراني، وصدور تقرير لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية يفضح دور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في جريمة قتل جمال خاشقجي وقرار رفع “انصار الله” الحوثيين من القائمة الأميركية للجماعات الإرهابية الأجنبية. كما روجت وسائل الإعلام التركية الموالية للحكومة لرواية مفادها أن الرياض “بحاجة ماسة” إلى تركيا.
وقال الكاتب إنه في حين أن فكرة إرسال مقاتلين سوريين إلى اليمن قد تكون مجرد تكهنات، إلا أن هناك عدداً من المزاعم حول الأمر. فقد نقلت وكالة “نورث برس” عن مصدر من الجماعة المسلحة السورية التي تدعى “سلطان سليمان شاه”، أن “الجيش الوطني السوري”، وهو جماعة معارضة تدعمها تركيا، “يعمل منذ أسابيع لإعداد عشرات المسلحين لإرسالهم إلى اليمن”. وبحسب التقرير، عُرض على المقاتلين رواتب تصل إلى 2500 دولار شهرياً وقيل لهم إنهم سيتمركزون على الحدود اليمنية السعودية ولن يشاركوا في الاشتباكات. ومن الجدير بالذكر أن المقاتلين السوريين الذين تم إرسالهم إلى أذربيجان تم إخبارهم أيضاً أنه ليس عليهم المشاركة في القتال، فقط ليجدوا أنفسهم في الخطوط الأمامية.
بدوره، قال مركز توثيق الانتهاكات في شمال سوريا إن وكالة الاستخبارات التركية كلفت أحد قادة المعارضة بتجنيد مقاتلين لإرسالهم إلى اليمن. وبحسب التقرير، عرض على المقاتلين 2500 دولار شهرياً حيث سيتم خصم 100 دولار من هذا المبلغ لتغطية نفقات المستندات، وسيحصل المقاتلون على 400 دولار نقداً في البداية، وسيتم دفع مبلغ 2000 دولار المتبقي لعائلاتهم بعد الانتقال إلى اليمن.
وشاركت الصحافية ليندسي سنيل تسجيلاً صوتياً يُقال إنه يعود إلى قائد في “كتائب السلطان مراد” السورية الموالية لتركيا يسعى فيه للحصول على وثائق هوية من مقاتليه الذين “يرغبون في الذهاب إلى اليمن”. وقالت سنيل في تغريدة مصاحبة للتسجيل، “حدث هذا في الأسبوعين السابقين لأذربيجان كذلك”. كان هذا في إشارة إلى نقل مقاتلين سوريين إلى الصراع الأذري الأرمني. كما أن وسائل التواصل الاجتماعي تعج بمزاعم مماثلة.
في هذه الأثناء، أسقط اليمنيون طائرة مسيّرة مسلحة تركية في منطقة الجوف، مما زاد من تصاعد المزاعم حول احتمال تورط تركيا في الصراع. وقال المتحدث باسم الجيش اليمني العقيد يحيى سريع إن الطائرة المسيّرة كانت من طراز “فيستل كرايل” تركية الصنع.
واستحوذت السعودية على هذه الطائرات بدون طيار كجزء من عقد بقيمة 200 مليون دولار وقعته شركة “فيستل” مع الرياض العام الماضي. ووفقاً للهيئة العامة للصناعات الدفاعية السعودية، تهدف الرياض إلى تصنيع ما يصل إلى 40 طائرة مسيّرة مسلحة في غضون خمس سنوات، ومن المقرر تصنيع ست طائرات منها في عام 2021.
وعلى الرغم من التكهنات المنتشرة، لا يوجد تأكيد رسمي بأن شركة “بايكار مكينا”، الشركة المصنعة للطائرات بدون طيار المستخدمة في ليبيا وشمال القوقاز، ستلعب دوراً في الصراع اليمني.
وبحسب قناة “دويتشه فيله” الألمانية، ربما لعب حزب الإصلاح اليمني دوراً وسيطاً في التقارب السعودي التركي الأخير. ونقلاً عن تصريحات وزير النقل اليمني السابق صالح اليمني لوسائل إعلام يمنية محلية، ذكرت “دويتشه فيله” بالعربية أن تحالفاً بين تركيا والسعودية في اليمن كان “وشيكاً” بعد ظهور خلافات بين ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد آل نهيان والرياض. في غضون ذلك، يصور الإعلام الإماراتي هذه التقارير الإخبارية على أنها دعاية للإخوان المسلمين.
وبحسب صحيفة العرب، التي تتخذ من لندن مقراً لها، تعوّل تركيا وقطر وشبكة الإخوان المسلمين على مخاوف متزايدة للسعوديين في أعقاب التحول في السياسة الأميركية بشأن الحرب اليمنية وتقدم المتمردين الحوثيين نحو منطقة مأرب الغنية بالنفط والغاز.
وقالت الصحيفة إن الدعوة الأولى للتعاون السعودي التركي في اليمن جاءت من حميد الأحمر، أحد قيادات حزب الإصلاح الذي يعيش في اسطنبول إذ قال إن السعودية لجأت إلى تركيا للحصول على أسلحة متطورة بعد تجميد الأسلحة الأميركية.
ورأى الكاتب أن رغبة جماعات الإخوان المسلمين في جر تركيا إلى الصراع اليمني تبدو واضحة تماماً.
وادعى الصحافي المصري جمال سلطان المقيم في تركيا بأنه تم رصد طائرات بدون طيار تركية الصنع في سماء اليمن.
وسائل الإعلام التركية الموالية للحكومة تردد نغمة مماثلة. فقد زعمت صحيفة “يني شفق”، الناطقة باسم الحكومة، أن السعودية تُركت وحيدة في الصراع اليمني.
وكتبت الصحيفة: “تخلت المملكة العربية السعودية عن خوفها من تركيا، فتركيا هي الدولة الوحيدة التي يمكن أن تنقذ السعودية من الفوضى التي تعيش فيها”.
وجادل برهان الدين دوران – عضو مجلس إدارة السياسة الخارجية الذي يقدم المشورة للرئيس ورئيس مركز الفكر “سيتا” الموالي للحكومة – بأن سياسات الخليج لكبح جماح إيران وتركيا قد فشلت. وقال دوران إن السعوديين “يحتاجون الآن إلى تركيا لمحاربة سياسات إيران التوسعية في المنطقة بما في ذلك اليمن”.
ويبدو أن وسائل الإعلام الإيرانية تأخذ بدورها مزاعم تورط تركيا في الصراع اليمني على محمل الجد. فقد ذكرت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا) أن السلطات السعودية قررت وضع الخلافات مع الأتراك جانباً للتعاون مع أنقرة في ملف اليمن.
وخلص الكاتب إلى أنه على الرغم من أن المصالح السعودية التركية المتبادلة يمكن أن تشكل بداية جديدة في العلاقات بين أنقرة والرياض، فإن عدم وجود أي اعتراف رسمي بذلك هو مؤشر على التردد والحذر من كلا الجانبين. إذ يتطلب نزع فتيل مواجهة دامت نحو سبع سنوات بين تركيا والدول العربية دراسة شاملة لأن “الشكوك العربية” التي أذكتها طموحات تركيا التوسعية في المنطقة لا تزال قائمة ويبدو أنها تشكل مقاربة الدول العربية تجاه تركيا.
* المصدر : الميادين نت- هيثم مزاحم
* المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع