تحليل ــ نصر القريطي ــ إعادة انتشارٍ أم تغطيةٌ للفشل..!
السياسية – نصر القريطي :
إشارات متضاربة يبعث بها البيت الأبيض والبنتاجون تؤكد بأن لا رؤية واضحة للإدارة الأمريكية بشأن التعامل مع السعوديين..
في الوقت الذي تعهد فيه القادم الجديد الى البيت الأبيض بمعاقبة السعودية وإيقاف سلوكها الخبيث في المنطقة والحد من اجرام ابن سلمان وجرائمه المتسلسلة نجد الأمريكان يؤكدون بأنهم مستمرون في الدفاع عن حليفهم السعودي باستماته..
بينما تعهد الرئيس الأمريكي بإيقاف كل صفقات الأسلحة الى السعوديين والإماراتيين بسبب جرائم الحرب التي لا يزالون يرتكبونها في اليمن تأتي تصريحات القادة العسكريين الأمريكان لتؤكد بأن بلادهم ملتزمة بإمداد السعوديين بكل أنواع الأسلحة الدفاعية بما في ذلك انظمةٌ حديثةٌ لتتبع الطائرات المسيرة فكيف يمكن أن يحصل الشيء ونقيضه..!
يحصل ذلك فقط عند غياب الرؤية الواضحة التي تجعل من إدارة بايدن تفتقد الى الاستراتيجية الواضحة التي كانت ملامحها الأولى قد لاحت في الحملة الانتخابية للرئيس الجديد..
في الوقت الذي بات الأمريكان والعالم كله مدركاً لحجم الخطر الذي يشكله النظام السعودي على الأمن والاستقرار العالميين فإنهم لا يزالون مصرين على الابقاء على الشريانات الحيوية التي تمد في عمر هذا النظام وتجعله يتوغل في دماء المدنيين الأبرياء..
مجموعة من الحقائق التي باتت تشكل معادلةً “أمريكيةً عرجاء” تتناقض كليةً مع مزاعم القادم الجديد الى البيت الأبيض الذي تعهد بوضع حدٍّ لكل جرائم السعوديين وأرسل اشاراتٍ بدت في بدايتها واضحةً لكنها اليوم غارقةٌ في ضبابية التصريح وعكسه والتوجه ونقيضه..
هل يمكن اعتبار ضبابية الموقف الأمريكي من السعودية هو الضوء الأخضر الجديد لاستمرار ابن سلمان في جرائم الحرب التي يرتكبها في اليمن..!
هذا التساؤل المشروع يجب ان يجد إجابة عنه لن نجدها في في احدث التسريبات المثيرة للجدل بهذا الشأن..
تقول صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية بأن إدارة بايدن تعتزم تقليص الوجود العسكري الأمريكي بالخليج وتدرس في الوقت ذاته خياراتٍ مطورةٍ لحماية حليفتها السعودية..
العنوان بحد ذاته يظهر تناقضاً واضحاً فكيف يصرح الجيش الأمريكي بأنه بصدد تفعيل عملية إعادة انتشارٍ فوريةٍ له في منطقة الخليج تشمل سحب بطاريات دفاعٍ صاروخيٍ وحاملات طائرات وجنود وفي الوقت ذاته يؤكد ذات التصريح بأن واشنطن تبحث تفعيل المزيد من خيارات حماية السعودية ضد الهجمات التي تتعرض لها لا سيما من اليمن عبر اسراب المسيرات والصواريخ..
في تفاصيل هذا النبأ تقول الصحيفة الأمريكية بأن “بايدن” وجه وزارة دفاعه للبدء بسحب قوات وقدرات عسكرية من منطقة الخليج فيما يعد خطوة أولى لمحاولة إعادة تنظيم الوجود العسكري الأمريكي العالمي بعيدا عن الشرق الأوسط..
منطقٌ قد يبدو معقولاً لو أنه لم يتضمن الحديث عن مزيد من التعاون مع السعوديين لتعزيز قدراتهم الدفاعية فكيف يتأتى أن تنسحب تدريجياً من المشهد الدفاعي في السعودية والخليج فيما تتعهد بالاستمرار في تعزيز قدرات حلفاءك الذين تقول انك ستنسحب من بين ظهرانيهم..
وفقاً للصحيفة الأمريكية فإنه وفي تحركات لم يتم الكشف عنها من قبل سحبت الولايات المتحدة ما لا يقل عن (3 بطاريات باتريوت) مضادة للصواريخ من منطقة الخليج بما في ذلك واحدة كانت موجودة بقاعدة الأمير سلطان الجوية في السعودية والتي استخدمت لحماية القوات الأمريكية في المملكة..
من الزاوية التي نقف فيها فإننا قد يكون لنا تفسيرٌ آخر غير ذاك الذي أوردته تسريبات الـ”وول ستريت جورنال” والذي حاولت أن تسوق له على انه توجهٌ أمريكيٌ لإعادة نشر القدرات الدفاعية الأمريكية في مناطق أخرى من العالم غير منطقة الخليج على سبيل المثال في كوريا الجنوبية وبحر الصين..
بالنسبة لنا فقد أظهرت أسراب الطائرات المسيرة والصواريخ اليمنية التي تضرب السعودية بشكلٍ يوميٍ هذه الأيام عجز وفشل المملكة في الدفاع عن نفسها وأن حرب السنوات الست التي انقضت من عمر هذا العدوان تصب اليوم في غير صالح الرياض..
لكن أيضاً ومن خلف الستار يبدو أن اللاعب الأبرز في هذا العدوان تأثر هو الآخر بهذا الفشل ويحاول اليوم أن يتلافى الفضيحة المحدقة بأنظمته الصاروخية التي تعتبر الأكثر تطوراً في العالم..
سحب الأمريكان لمنظومات الدفاع الصاروخية المسماة بـ”الباتريوت” من السعودية قد يأتي تحت ذريعة إعادة نشر القدرات الدفاعية الأمريكية في مناطق أخرى من العالم غير الخليج لكنه في حقيقته سحبٌ لهذه المنظومات والقدرات الدفاعية الأمريكية من دائرة الإحراج التي وضعتها فيها أسراب الطائرات المسيرة والصواريخ اليمنية التي باتت تخترق المملكة دون اعتراضٍ إلا في حالاتٍ نادرة..
في التسريبات التي أوردتها الصحيفة الأمريكية نقلاً عن مصادر مطلعة في البنتاجون فإن واشنطن ترى بأن السعودية أظهرت تطوراً في القدرة على اعتراض المسيرات والصواريخ القادمة من اليمن..
أكذوبة تسخر من نفسها ومن مطلقها فالعكس هو ما يدور اليوم على أرض المملكة اليوم وفي سماءها..
باتت المسيرات والصواريخ اليمنية تقطع المملكة إلى أطرافها وتصل إلى بنك أهدافها بدقةٍ عالية فيما منظومات الدفاع الأمريكية المنشأ سعودية الوجود تجد ذاتها عاجزةً عن اعتراض تلك الأسراب إلا فيما ندر وهو ما يفسر سحب الأمريكان لمنظومات دفاعهم الصاروخية من ثلاث مناطق في المملكة تحت ذريعة إعادة الانتشار..
تقول “وول ستريت جورنال” بأن البنتاجون خصص على خلفية هذه التقليصات فريقا من الخبراء لدراسة خيارات دعم السعودية التي تتعرض حاليا لهجمات مكثفة من قبل جماعات مرتبطة بإيران في اليمن والعراق وفي مقدمتها جماعة الحوثي..
تضيف الصحيفة بأن الخيارات المطروحة على الطاولة تشمل دعم السعودية بمبيعات أسلحة دفاعية منها منظومات خاصة باعتراض بالإضافة الى توسيع تبادل المعلومات الاستخباراتية، وتدريبات إضافية وبرامج تبادل عسكري.. ووفقاً لهؤلاء الخبراء فإن الفكرة تكمن في نقل العبء الرئيسي لحماية أراضي المملكة من واشنطن إلى الرياض..
ما عجز عنه الأمريكان والباتريوت لن ينجح فيه ابن سلمان وجيش الكبسه.. هذه هي الحقيقة التي صارت واقعاً وليس أمام الأمريكان والسعوديين والعالم أجمع إلا أن يتعامل معها إن أراد السلام الحقيقي في المنطقة..!