بوابة الشرق الجديد.. لماذا اليمن؟
6 سنوات على العدوان السعودي على اليمن، بدعم أميركي وتشجيع إسرائيلي، وكل له مصالحه ولديه مخاوفه. فلماذا كانت هذه الحرب؟
حسن عطية*
على مر العصور اختلفت الحروب والنزاعات ووسائلها، وتغيّرت معها الاستراتيجيات، الهدف كان واحداً تغيير خارطة القوى في المنطقة وخلق “شرق أوسط جديد”، تكون الكلمة العليا فيه لأميركا و”إسرائيل” وحلفائهما، ويضع خيرات ومقدرات المنطقة تحت سيطرتها.
وفي الطريق نحو تحقيق هذا الهدف، تدخلت أميركا واعتدت مع حليفتها “إسرائيل” على عدد من الدول، من اجتياح العراق في العام 2003، إلى عدوان تموز 2006 على لبنان لإضعاف المقاومة، إلى ما سمي بـ “الربيع العربي” ومحاولة قلب الأنظمة عن طريق القوة الناعمة، وتدمير الشعوب العربية وجعلها تتلهى بمشاكلها الداخلية، إلى الحرب على سوريا التي دمرت هذا البلد وأعادته سنيناً إلى الوراء، وعندما فشلت بالتدخل العسكري المباشر وغير المباشر، استلت سيف العقوبات والحصار الاقتصادي.
آخر هذه التدخلات دعم العدوان السعودي على اليمن، الذي أكمل عامه السادس. والتي كان عنوانها “إعادة الشرعية” ولكن في باطنها تحقيق مصالح السعودية في السيطرة على اليمن، وجعله حديقة خلفية لها، وتحويله إلى مسار الخنوع لأميركا.
لماذا اليمن؟
تدرك الدول الاستعمارية أهمية السيطرة على البحر في الحروب الاستراتيجية، وقيمة هذا الأمر في تضييق الخناق في صراع المحاور. ما يميز اليمن موقعه في جنوب شرق آسيا، وإذا عدنا إلى الخريطة ونظرنا إليها قليلاً، يتضح لنا أن اليمن يعتبر من بوابات هذا الشرق، لأنه بوابة المنطقة الجنوبية للشرق الأوسط، بالإضافة إلى ذلك فهو يملك واحداً من أهم المضائق في العالم وهو مضيق باب المندب الذي يعتبر الفاصل بين القارتين الآسيوية والأفريقية من ناحية الغرب، ويربط المحيط الهندي وبحر العرب بالبحر الأبيض المتوسط، وما يعزز سلطته في هذا الموقع امتداد جزره في المياه الإقليمية على امتداد بحرب العرب وخليج عدن والبحر الأحمر.
اليمن بوابة للبحر الأحمر، حيث يوازي مضيق باب المندب مضيق هُرمز في الخليج، لذا فإن السيطرة على المضيقين يمنح القدرة على السيطرة أكثر بمقدرات المنطقة ويجعل الطرف المسيطر لاعباً ذو مكانة دولية أقوى.
يستمد اليمن أيضاً أهمية موقعه الاستراتيجي من أهمية البحر الأحمر الذي يطل عليه، حيث يتميز الأخير بأنه ملتقى عدة مناطق هي: الشرق الأوسط والقرن الأفريقي والمحيط الهندي ومنطقة الخليج. وتطل عليه 8 دول منها 7 دول عربية هي: السعودية ومصر والسودان والأردن واليمن وجيبوتي وفلسطين المحتلة، ودولة غير عربية هي إريتريا. وتقع 4 دول منها في أفريقيا، والأربع الأخرى في آسيا.
يوفر البحر الأحمر أيضاً إمكانية الوصول إلى المحيطين الهندي والأطلسي، وزادت هذه الأهمية بعد اكتشاف النفط في دول الخليج العربية.
تهديد ناقلات النفط الخليجية
موقع اليمن يمثل تهديداً لناقلات النفط الخليجية المتوجهة إلى أوروبا، وفي حال أي تصعيد وتوقيف لهذه الناقلات يعني خسائر بمليارات الدولارات لهذه الدول.
السعودية تدّعي أنها تقاتل من أجل ما تسميه “الشرعية” في اليمن “وإنقاذه من إيران”، لكن في الحقيقة فإن التحالف السعودي هدفه “السيطرة على ممرات النفط”، واليمن يشكل جوهرة “جيوسياسية” لتوجيه النفط في العالم، عن طريق باب المندب، خصوصاً وأن السعودية ترى بأن إيران هي المسيطرة على مضيق هرمز، وهو ما يدفعها للبحث عن بديل.
“ابحثوا عن إسرائيل”
الدول المحيطة باليمن والتي تطل على البحر الأحمر ليست على خلاف مع “إسرائيل”، لكن حضور محور معادٍ في اليمن يعد مشكلة تهدد أمنها. في العام 2019 تحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن تهديد اليمن، يومها وبعد اجتماعه مع مسؤولين أميركيين، تطرق في حديثه إلى اليمن، وتحدث عن تهديد إيران لأمن واستقرار “إسرائيل” ومنطقة الشرق الأوسط، وعرّج في حديثه على تعاظم القوة في الجنوب، أي في اليمن، خصوصاً في ظل امتلاك أنصار الله “لصواريخ باليستية دقيقة مع هامش خطأ لا يتعدّى 5 أمتار”، باستطاعتها أن تطال أيّ هدف في المنطقة.
تقارير عديدة إسرائيلية تتحدث أيضاً عن المخاوف من تعاظم القدرات لدى المقاومة اليمنية، وفي كل مرة يذكر فيه “أنصار الله” يذكر الدعم الإيراني.
الإسرائليون يتحدثون عن أن اليمن يفتح المجال أمام إيران لنقل السلاح بسبب موقعه الجغرافي، كما “وترسل إليه خبراء عسكريين لتحسين تكنولوجيا إنتاج صواريخ بعيدة المدى ودقيقة، وأيضاً مسيّرات دقيقة”.
ويرى الإسرائيليون أن السلاح الموجه إلى السعودية ودول التحالف قد يطالهم يوماً ما، خصوصاً أن شعار (الموت لإسرائيل) حاضر دوماً في مسيرات “أنصار الله” وفي خطابات قادتها.
أميركا تخشى موقع اليمن الإستراتيجي، لحماية مصالحها، وتخشى وصول الصين وروسيا وإيران إلى اليمن، لأن عينها على المنافسة العالمية والسيطرة على العالم القديم المليء بالثروات ومصادر الطاقة، وهي لا تريد أن يكون لمحور المقاومة موطئ قدم في اليمن، كوسيلة لمنع القوى الأخرى من الإطلال على خليج عدن وباب المندب، لذلك انغمست في تلك الحرب لكنها بحثت عن التواجد فيها بأقل الخسائر، والنتيجة كانت البحث عن تهدئة بعد الصمود اليمني.
* المصدر : الميادين نت
* المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع