خطة الولايات المتحدة للتعامل مع الصعود الصيني.. إسقاط الحزب الشيوعي أم تخفيف عدوانيته؟
السياسية:
أصبحت المنافسة بين أمريكا والصين هي العنوان الأبرز للقرن الحادي والعشرين والشاغل الأساسي لصانع القرار الأمريكي، وكيف ينظر المسؤولون الأمريكيون لشكل الصراع بين البلدين، وكيف ستنتهي هذه المنافسة؟
في السنوات القليلة الماضية أصبحت ثوابت السياسة والإعلام في واشنطن أن الوضع الراهن لسياسة الولايات المتحدة تجاه الصين لا يمكن أن يستمر، وأن صعود الصين قد وصل إلى نقطة تحول بحيث أصبح مزيج الاحتواء والتجارة الذي ميز السياسة الأمريكية لعقود من الزمان محكوماً عليه بالفشل.
احتمالات الحرب
وبينما بدأ يُطلق القادة الأمريكيون للتوّ حربهم الباردة مع بكين، فإن الصين تستعد لحرب مع أمريكا منذ نحو 30 عاماً.
ومع استبعاد احتمال الحرب بين القوتين النوويتينن، فإن هناك إجماعاً من الحزبين الديمقراطي والجمهوري الأمريكيين على أن العلاقات الصينية الأمريكية سيُحدِّدُها في المقام الأول التنافس عبر مناطق متعددة في العالم وأبعاد الكفاية السياسية وقدرات النخبة الحاكمة على إدارة شؤون البلاد في كلا البلدين لسنوات قادمة.
ومع ذلك، هناك القليل من الوضوح بشأن ما يأمل قادة الولايات المتحدة في حدوثه بعد انطلاق سباق المنافسة بين أمريكا والصين، حسبما ورد في تقرير لمجلة Foreign policy الأمريكية.
فقد قبلت واشنطن واقع المنافسة بين أمريكا والصين دون تحديد “نظرية الانتصار” في تلك المنافسة واستراتيجيتها. وليس المقصد أن هناك نقصاً في الاقتراحات، بل إن القادة الأمريكيين لم يوضحوا بعد كيف ستؤدي هذه المنافسة إلى أي شيء آخر غير توترات ومخاطر لا نهاية لها.
الرأي السائد في واشنطن أن المنافسة بين أمريكا والصين سببها الحزب الشيوعي
في مناسبات عدة، جادلت إدارة ترامب بأن التنافس مع الصين ناتج عن طبيعة الحزب الشيوعي الحاكم نفسه، ما يعني أن المنافسة بين أمريكا والصين تستمر ما دام هذا النظام قائماً. ومع ذلك فقد شددت الإدارة نفسها، على نحو مربك، على أن نهجها لم يرتكز على “محاولة تغيير نظام الحكم المحلي القائم في جمهورية الصين الشعبية”.
وبالمثل أقرت إدارة بايدن بوجود منافسة استراتيجية مع الصين- فهي “منافسة شرسة”، على حد تعبير الرئيس الأمريكي- لكن دون أن يوضح علناً كيف يمكن حسم هذه المنافسة في نهاية المطاف.
النتائج المحتملة للمنافسة الصينية الأمريكية
تتنوع النتائج المحتملة عن المنافسة بين أمريكا والصين وتتأرجح بين مآلات عدة: من تنازل الولايات المتحدة عن نفوذها للصين، أو توافق متبادل، ومن انهيار صيني، إلى صراع عالمي مدمر.
ومع ذلك إذا كان الهدف من المنافسة بين أمريكا والصين هو تأمين سلام يقوم على أسس أرسخ بوسائل غير الحرب، فإن السؤال المحوري في هذا السياق، هو ما إذا كانت الولايات المتحدة تستطيع بلوغ هذه النتيجة عن طريق تغيير تصورات القادة الصينيين- إقناعهم بأن التوسع وتعظيم النفوذ على هذا النحو أمرٌ لا طائل من ورائه- أو ما إذا كان الأمر سيتطلب العمل على انهيار القوة الصينية أو إسقاط الحزب الشيوعي الصيني.
باختصار يمكن أن تؤول التوترات الصينية الأمريكية إلى نوعٍ من التعايش التنافسي بين القوتين.
ولكن يتساءل كاتب تقرير Foreign policy أم أن الواقع يشير إلى أن المنافسة بين أمريكا والصين لا سبيل إلى حسمها من جانب الولايات المتحدة إلا بإسقاط النظام الصيني عن طريق العمل على إضعافه أو تغييره عبر الضغط من أجل تحول سياسي داخل الصين؟ يجب أن يأمل المسؤولون الأمريكيون بالتأكيد في المسار الأول، لكن ربما يجدر بهم الاستعداد للمسار الثاني أيضاً، حسب تعبير كاتب التقرير.
هل يمكن دفع القادة الصينيين لوقف مساعي الهيمنة؟
يعتقد المدافعون عن مسار التعايش التنافسي أن الولايات المتحدة يمكنها في نهاية المطاف تغيير تصورات القادة الصينيين، وإقناعهم بعدم السعي وراء الهيمنة الإقليمية وتبديد النظام الدولي الذي تقود الولايات المتحدة الحفاظ عليه في آسيا وخارجها.
الأمل في هذا السيناريو يقوم على أنه إذا ما أظهرت الولايات المتحدة، على مدار السنوات القادمة، أنها تستطيع الحفاظ على توازن مناسب للقوى في غرب المحيط الهادئ، والإبقاء على نقاط تفوقها الاقتصادية والتكنولوجية الرئيسية، وحشد تحالفات الدول المعنية من أجل دعم القواعد والمعايير الأساسية لتصور الولايات المتحدة لهذا التنافس ونظامها الدولي.
وبناء على هذا السيناريو الافتراضي فإن بكين ستضطر إلى الميل نحو سياسات أقل نزوعاً إلى الصراع (وتهزم نفسها بنفسها).
في كلتا الحالتين لن تصبح العلاقات الأمريكية الصينية بطبيعة الحال علاقات متوافقة، إذ ستظل هناك هناك عناصر قائمة من منافسة عسكرية وجيوسياسية واقتصادية وتكنولوجية ودبلوماسية بين القوتين. لكن المقصد لهذا السيناريو أن بكين ستقلص من حدة التحدي الذي ترفعه في وجه الولايات المتحدة، خاصةً في قضايا مثل تايوان وهيكل التحالف الأمريكي في شرق آسيا، حيث تكون المصالح الحيوية للولايات المتحدة على المحك.
والهدف سواء أكان الوصول إليه من خلال تسوية دبلوماسية واضحة أو بتفاهم ضمني مضمر، سيكون علاقة أكثر استقراراً تقل فيها حدَّة الصراع، ويُحافظ فيها على المصالح الاستراتيجية الرئيسية للولايات المتحدة، وتشهد توسعاً في مجالات التعاون المحتمل على نحو تدريجي.
تستند نظرية التعايش التنافسي هذه إلى تحديث منطق السياسة الأمريكية تجاه الصين ليناسب حقبة ما بعد الحرب الباردة.
وهي تذهب إلى أن واشنطن لا تزال قادرة على تشكيل سلوك بكين بفاعلية، من خلال المزيج الصحيح من الحوافز، ومع ذلك فإنها ستضطر في الوضع الحالي، إلى الاعتماد بدرجة أكبر على الضغط الجماعي وبدرجةٍ أقل على الحوافز الإيجابية.
الأمل في خلفاء الرئيس الصيني، ولكن ما رأي بقية قادة الحزب في العلاقة مع أمريكا؟
تحتفظ هذه النظرية بنوع من الأمل في أن الحزب الشيوعي الصيني قد يضعف بمرور الوقت؛ إذ حتى لو اختار الرئيس الصيني شي جين بينغ المواجهة، فربما يكون خلفاؤه أكثر اعتدالاً. ومن ثم يعتمد هذا النهج على دبلوماسية صينية أمريكية فعالة، ليس فقط لتجنب الحرب وتعيين إمكانيات التعاون على المدى القريب، لكن أيضاً لاستكشاف إمكانية التأسيس لنمط تعايش طويل المدى بين القوتين.
هذا النهج جذاب لأنه يطرح إمكانية النجاح الاستراتيجي دون سقوط لإحدى القوتين. ومع ذلك، فإن الدفع إليه يثير سلسلة من الأسئلة، أبرزها: هل واقع أن بكين أصبحت تبدو عازمة بلا هوادة على بلوغ أهدافها، ليس فقط على الصعيد الإقليمي ولكن على الصعيد العالمي أيضاً، تشير إلى أن أي تخفيفٍ لحدَّة سياسات الصين قد يستغرق الوصول إليه سنوات عديدة في المستقبل؟
في الواقع إذا احتفظ شي بالسلطة كما فعل الرئيس ماو تسي تونغ- حتى سن 82- فلن تظهر قيادة تخلف الرئيس الحالي شي حتى عام 2035 على أقرب تقدير، حسب تقرير مجلة Foreign policy الأمريكية.
بالإضافة إلى ذلك كيف ستعرف الولايات المتحدة ما إذا كان الحزب الشيوعي الصيني قد اتخذ قراراً استراتيجياً بتقليص العمل على توسيع نطاقه الجيوسياسي وليس مجرد قرار تكتيكي بتقليل التوترات مؤقتاً على أمل تفرقة خصومه؟
ثم إن هناك مشكلة أكبر في هذا النهج: وهي أنه قد لا يعكس حقيقة الصراع الذي تخوضه الولايات المتحدة. فنظرية التعايش التنافسي ترى أن التنافس بين الولايات المتحدة، وإن كان مرّاً، فإنه حقيقة واقعة ولا مفر منها. بعبارة أخرى، سيظل هذا التنافس قائماً وإن انتهى الأمر بتصالح الصين القوية وقيادة الحزب الشيوعي مع نظام عالمي تظل فيه الولايات المتحدة وحلفاؤها وشركاؤها وقيمها الديمقراطية هي المهيمنة.
المشكلة أن الحزب الشيوعي يرى في الديمقراطية خطراً عليه
ومع ذلك ماذا لو كان هذه الاعتقاد وهمياً، لأن حقيقة التنافس المضمرة هي الواقع الأكثر جوهرية؟ ماذا لو كان الحزب الشيوعي يرغب حقاً في مراجعة أكثر شمولاً للنظام الدولي، لأنه في جانب منه يرى أن نظاماً قائماً على قيادة قوة عظمى ديمقراطية ويرتكز على قيم ديمقراطية هو نظام يشكّل تهديداً وجودياً لبقائه؟
بالإضافة إلى ذلك، وعلى الرغم من أن التوترات الصينية الأمريكية قد بلغت ذروتها في عهد شي، فإن خبراء، مثل راش دوشي، مدير مبادرة الشؤون الاستراتيجية للصين في معهد “بروكنغز”، يذهبون إلى أن هذه التوترات تعكس شيئاً أعمق بكثير من مجرد طموحات متضخمة لرجل دولةٍ واحد (الرئيس الصيني الحالي). إذ لطالما أكد كبار المسؤولين الصينيين علناً وجهة النظر القائمة داخل الحزب بأن الولايات المتحدة دائماً ما كانت متمسكة برؤية تسعى إلى تقويض النظام الشيوعي.
كما تشير ناديغي رولاند، الباحثة في “المكتب القومي الأمريكي للبحوث الآسيوية”، إلى أن الحزب سيواجه مشقَّةً هائلة في التصالح مع نظام دولي تتعارض مبادئه الليبرالية مباشرة مع النظام غير الليبرالي القائم في الصين.
الرد على نظرية التعايش التنافسي يأتي من الإيغور وجائحة كورونا
وبغض النظر عن الخطاب الذي يعمل على تلطيف الأجواء بزعم أن الطرفين يمكن أن يخرجا رابحين من هذه المنافسة، فإن واقع الأمر أن الحزب الشيوعي محكوم في الأصل بعقلية حدَّية لا ترى التنافس إلا فوزاً أو خسارة. وهذا لا يبشر بالخير حيال أي احتمال لتسوية استراتيجية طويلة الأجل، حسب Foreign policy.
علاوة على ذلك فإن منحى السياسات القهرية التي لا ينفك الحزب الشيوعي يعمد إليه أكثر فأكثر على مدى السنوات القليلة الماضية، وجرائمه المروعة ضد المسلمين الإيغور، وسلوكه الذي يفتقر إلى تحلٍّ بالمسؤولية في بداية جائحة كورونا، يقطع بمدى الاختلاف الجوهري في مفهوم المصلحة الذاتية للنظام عن أي شيء يمكن القبول به من جانب الولايات المتحدة والديمقراطيات الليبرالية الأخرى.
باختصار، على الولايات المتحدة التفكير في احتمال استمرار العداء الصيني الأمريكي الحاد ما دامت منافستها دولة صينية قوية ويحكمها الحزب الشيوعي الصيني.
ما نتيجة محاولة جعل الصين تلاقي مصيراً مشابهاً للاتحاد السوفييتي؟
إذا كان الحال كذلك، فقد يكون من السذاجة الاعتقاد بأن حتى المسارات التي تلتزم الولايات المتحدة فيها فترةً طويلة من المنافسة القوية ستُفضي إلى كسر حدَّة الصراع مع الحزب الشيوعي الصيني، حسب تعبير المجلة الأمريكية.
أما المسار البديل عن ذلك، فهو استمرار المنافسة بين أمريكا والصين بدرجة مكثفة إلى حد ما حتى يفقد الحزب قدرته على التباري. وساعتها قد يحدث ذلك إما بسبب تراجع القوة الصينية، أو تغيير جذري في طبيعة النظام الحاكم. وفي هذا السيناريو، تبدو نظرية انتصار الولايات المتحدة مشابهة لنظرية الاحتواء التي انتهجتها في مواجهة الاتحاد السوفييتي خلال الحرب الباردة.
وفي هذه الحالة، لن تكون المنافسة بين أمريكا والصين جسراً قصيراً يصل إلى علاقة أكثر استقراراً وأقل عدائية، بل جسراً طويلاً لا ينتهي إلا بانهيار القوة الصينية أو تغيير جذري لنظامها.
ووفقاً لـنظرية إسقاط النظام هذه، فإن ما سيُنهي المنافسة الصينية الأمريكية حقاً هو التأثير المتراكم لضغوط داخلية عميقة تواجهها الصين جنباً إلى جنب مع صعوبات خارجية مستمرة. والمقصود هنا أن الولايات المتحدة وحلفاءها وشركاءها إذا نجحوا في كبح جماح التمدد الصيني خارجياً، فإن الجمع بين ذلك وبين تباطؤ وتيرة نموها الاقتصادي وتزايد فقاعة الديون وكارثة ديموغرافية لا تنفك تتشكل وغيرها من الضغوط المحلية الداخلية، يمكن أن يؤدي في النهاية إلى تراجع حاد في قدرات الصين على تحدي النظام الدولي، وفي عالم كهذا، قد يصبح عداء بكين تجاه واشنطن أقل إشكالية للولايات المتحدة من الناحية الاستراتيجية، حتى لو ظل قائماً.
ولكن النظام الصيني قد يرد بمزيد من العدوانية والاستبداد
من جهة أخرى فإن هذه الضغوط نفسها قد تؤدي في النهاية إلى نوعٍ من التحول في نظام الحكم الصيني، إما نحو الديمقراطية أو ببساطة إلى نظام يلتزم درجة أقل عدوانية في استبداده. وقد تعمل الولايات المتحدة على تسريع عملية إسقاط الحزب بدرجةٍ ما، وذلك عن طريق إبراز عيوبه أو الحد من وصوله إلى بعض القطاعات التكنولوجية الرئيسية، ما قد يعوق النمو الاقتصادي ويعقِّد توطيد دولة أمنية صينية تتمتع بتقنيات عالية وسبل أكثر قدرة على السيطرة.
ومع ذلك فإن هذه الوصفات تنطوي على مآلات قاتمة، على وجه التحديد، يذكرنا إسقاط النظام الصيني بما حدث بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، وهي تجربة لا يريد أحد تقريباً أن يعيشها من جديد. كما أن هناك آراء تشير إلى أن الحزب الشيوعي الصيني إذا خشي تسرب السلطة من بين يديه أو تراجع سيطرته، فإن ذلك قد يجعله أشد عدوانية على المدى القريب.
علاوة على أنه من غير الواضح ما إذا كان الجمع بين خلق الصعوبات خارجياً للنظام الصيني والضغوط الداخلية عليه سيعجّل حقاً بانحلال الحزب الشيوعي، أم قد يساعده- عن غير قصد- في الحفاظ على سيطرته من خلال تأجيج القومية الصينية، حسب المجلة الأمريكية.
قد يقول آخرون: لماذا يجب على الولايات المتحدة أن تمضي أي وقت في التفكير في نظرية طويلة المدى للانتصار في منافسة لم يكد يمضي شيء على انطلاقها؟
إذا استدعينا مدى ضعف المنافسة بين أمريكا والصين في بعض المجالات الأساسية، فقد يكون من المغري انصراف التركيز إلى اكتشاف كيفية التعامل مع الصين في الوقت الحاضر وتأجيل المناقشات الفكرية حول المستقبل البعيد إلى حينها.
لكن الرأي الحصيف يقول إن عدم تحديد التوازن المرغوب فيه للمنافسة بين الولايات المتحدة والصين يكون خطأ. والرؤية الاستراتيجية تتضمن تعيين الكيفية التي ستُساهم بها الإجراءات المتخذة اليوم في تحقيق أهداف أبعد، حسب التقرير.
من الصعب القول على وجه اليقين ما هي نظرية الانتصار الأفضل من الناحية التحليلية، لكن ميزان الأدلة يدعم النظرية الأكثر تشاؤماً التي نُوقشت هنا، وهي أن المنافسة يجب النظر إليها على أنها جسر لتغييرات طويلة الأجل في القوة الصينية (بالعمل على انهيار هذه القوة أو تراجعها) أو بالطريقة التي تُحكم بها الصين (بالعمل على إسقاط الحزب الشيوعي أو كسر حدّته)، وفقاً لما يراه كاتب التقرير.
وقد تكون هذه النظرة قاتمة أكثر من اللازم، لكن إذا كان التنافس جوهرياً كما يعتقد قادة الحزب الشيوعي الصيني، وإذا كانت الطموحات الصينية واسعة النطاق كما وثّق عديد من الخبراء في الشؤون الصينية، فإن هذا الرأي قد يصبح الأكثر واقعية.
الحلفاء لن يقبلوا التورط بمعركة شاملة مع الصين
مع ذلك تبرز هنا مشكلة أخيرة، وهي أن النظرية الأكثر تماسكاً من الناحية التحليلية قد لا تكون الأكثر جاذبية لحلفاء الولايات المتحدة للتعاون معها في سبيل تحالف دبلوماسي مضاد للصين. إذ إن استراتيجية الضغط الجماعي متعدد الأطراف ضرورية لإظهار مدى الصبر والحزم الذي ستواجهه الصين. وهذا يتطلب حشد تحالفات متمايزة، لكنها متداخلة في الوقت نفسه، لموازنة قوة بكين عسكرياً واقتصادياً وتكنولوجياً وأيديولوجياً.
حتى الآن تواجه مهمة حشد هذه التحالفات تعقيدات كثيرة بسبب أن العديد من حلفاء الولايات المتحدة وشركائها في في آسيا وأوروبا وغيرهما ما زالوا يسعون لتجنب خيار حدي محصلته صفرية بين واشنطن وبكين. وقلة من هذه الدول سترحب باستراتيجية أمريكية تعوّل صراحةً على إسقاط النظام الصيني، وواقع الأمر أن مجرد الحديث عن هذا النهج علناً قد يجعل من الصعب حشد أي تحالفات لمواجهة التحدي الصيني.
لا يوجد حل سهل لهذه المعضلة. حسب كاتب التقرير، لكن في نهاية المطاف، يجب أن تكون الحكومة الأمريكية صريحة بشأن استراتيجيتها الخاصة بالصين، بمعنى أنه لا توجد طريقة لحشد الالتزام المحلي والموارد اللازمة إذا قام المسؤولون الأمريكيون بالتخفيف من المشكلة الأساسية. كما أنه من الصعب أن تنتصر الولايات المتحدة في هذه المنافسة دون أن تكون واضحة بشأن ما تحاول تحقيقه.
عربي بوست