مخاض عسير وجديد في الشرق الأوسط
بسام أبو شريف*
– المخاض الجديد بدأ مع اعلان بايدن استراتيجية العمل الدبلوماسي لحل الأزمات في العالم .
– اتفاق اميركي روسي للتحرك السياسي لايجاد حل للحرب الدائرة في سوريا والحرب الدائرة في اليمن .
– اتفاق اميركي اوروبي مصري اردني لتحريك المفاوضات على الجبهة الفلسطينية الاسرائيلية .
– تحرك اميركي لضبط الايقاع الاسرائيلي والابتعاد عن التصعيد مقابل الدفع باتفاق اميركي روسي لاخراج الايرانيين من سوريا .
– ادخال تركيا من خلال ليبيا ومصر والسعودية للعمل على انهاء الحروب مقابل مكاسب اقليمية لتركيا .
انتهى البحث الاستراتيجي بين موسكو ، وواشنطن حول تهدئة بؤر الصراع الى نتائج عملية يتم بناء عليها تحرك روسي واسع النطاق لايجاد مخرج للأزمة السورية من خلال دول الخليج ( التي ترى واشنطن ضرورة اشراكها لتغطية تكاليف اعادة الحياة لسوريا)، وخصت النتائج قطر باهتمام كبير كونها الدولة الممولة للنصرة ، ولتركيا على الأرض السورية ، والأرض الليبية ، وجاءت نتائج جولة لافروف واضحة : فالسعودية ، والامارات أكدتا ضرورة عودة سوريا للاطار العربي ، وان لديهما الرغبة بالدعم المادي ، لكن قانون قيصر يشكل عقبة (بمعنى أنهم يريدون قرارا اميركيا ) ، أما قطر فكانت الوحيدة التي اشترطت انجاز الدستور وهذا يعني اشراك النصرة ، والجولاني في التسوية السياسية ، ولقد بدأ الجولاني بالتهيئة لذلك باعتقال قيادات ” القاعدة ” ، والحزب التركستاني ، وتنظيمات صغيرة اخرى أجنبية ، وسورية ، وذلك بناء على اتفاق وتنسيق مع أجهزة المخابرات الفرنسية والالمانية ” برعاية اميركية ” ، وذلك لتصبح النصرة والجولاني الجهة الوحيدة في المعارضة ، وتتمتع بثقل عسكري ، وعليه يصبح من الضروري اشراكها ، وملفت للنظر أن اعتقال قيادات القاعدة والآخرين تمت بعد اتفاق لافروف ، ووزير خارجية قطر على اعلان محاربتهما للارهاب ! .
الجولة الواسعة المتفق عليها بين واشنطن ، وموسكو أدت الى نتائج ، هي توصيات للادارة الاميركية لتوافق عليها ان أريد لها الحياة !! وبطبيعة الحال بحث الخليجيون مع لافروف موضوع الحرب في اليمن ، وموضوع النووي الايراني، وأعلن لافروف أن موسكو ستبذل كل ما تستطيع لايجاد حل سياسي في سوريا ، ووقف الحرب في اليمن ، والحفاظ على الاتفاق النووي ، وخرج اجتماع الدول الأربع: المانيا وفرنسا ومصروالاردن بتوصيات “اعلان” ينتظر موافقة واشنطن ، وعلى طاولة الرئيس بايدن الآن تقرير مبعوث ” مدير الأمن القومي ” الى اسرائيل ، وتقرير اللقاء الرباعي …. وقرار بايدن ، هو الحاسم كما هو في الموضوع السوري.
أعلن بايدن أكثر من مرة أن واشنطن لن تتخذ قرارات أحادية الجانب ، بل ستشرك “حلفاءها وربما أيضا أعداءها ” ، في رسم الطريق الدبلوماسية ، أجل نتنياهو زيارته للامارات ، ولقاءه مع ابن سلمان لأن الرسالة الاميركية كانت واضحة : لا للتصعيد … نعم للدبلوماسية وأضيف لها حسب مصادرنا الموثوقة كلمة ” الحازمة ” ، أي الدبلوماسية الحازمة لذلك أعلنت وزارة الخارجية الاميركية انها لن تتخذ خطوات أحادية فيما يتصل برفع العقوبات قبل عودة ايران للاتفاق النووي ، وكذلك حدث التسريب الهام لصحيفة وال ستريت جورنال حول عمليات (أكثر من واحدة ) ،عسكرية استهدفت ناقلات نفط ايرانية كانت متوجهة لسوريا ( دون أن تعلن ايران ، أو اسرائيل عن ذلك ) ، بايدن وعد نتنياهو من خلال مبعوثه ” مدير الأمن القومي ” ، ان واشنطن سوف ( تخرج الايرانيين من سوريا !! ) ، ويبدو أن حديثا دار حول ذلك بين موسكو ، وواشنطن هذا لغم موقوت قد ينفجر في أي لحظة ، وهو شديد الحساسية ويضع القيادة السورية أمام حرج شديد وتخوف من امساك موسكو بكافة أوراق الوضع في سوريا يتضح من هذا أن بايدن اختار توزيع دور اميركا على حلفائها للقيام بما يريد هو أن يقوم به ، ويستهدف في هذه المرحلة فضفضة أجنحة ايران في سوريا ، واليمن ، ولبنان وفلسطين ليصبح الضغط على ايران أفعل .
الموضوع الشامل لكل المنطقة شائك ، ومعقد ، وكافة التحركات تتم بناء على اتفاقات موقعة بالتزام الأطراف بها طوال الوقت ، فواشنطن تبحث عن مصلحتها ، وتجد أن مصالحها ستكون بأفضل حال ان انتصر حلف اسرائيل ، والأنظمة الدائرة في فلكها ، ولذلك تتبع سياسة تقليل الخسائر ، والسماح ببعض المكاسب للأطراف الاخرى لتضمن الهيمنة النهائية ، وكذلك موسكو تبحث عن مصالحها ، وترى أن مصالحها هي في اسناد ، ودعم الأطراف التي تعاديها الولايات المتحدة ( سوريا وايران والمقاومة الفلسطينية ) ، لكنها تتبع سياسة الشريك المتواضع ، أو الشريك الذي يقبل 10% ، وضعف شركاء موسكو نابع من خشية موسكو اغضاب واشنطن ان هي زودت هذه الأطراف بوسائل القوة ، التي تمكنها من التحدي والتصدي استنادا لحقها ، وقانونية مواقفها ، فهنالك حسابات اخرى في أكثر من مكان ، وكمثل على ذلك : في الوقت الذي باركت فيه واشنطن جولة لافروف قامت بنشر صواريخ متوسطة المدى في المحيط الهندي وآىسيا ، وهذا استدعى أن ترد وزارة الدفاع الروسية باعلان الرد على ذلك …هذه هي لعبة الأقوياء .
طلبت واشنطن علنا من أنصار الله وقف هجومهم على مأرب ، ووقف هجماتهم على أهداف في السعودية كما أعلنت أن هنالك تقدما في الاتصالات ، التي تجري في عمان في الوقت الذي وعد فيه لافروف ببذل الجهد لوقف الحرب ، وهذا يعني التحدث مع ايران حول هذا الهدف لكن لمعسكر المقاومة حساباته ، فهو لايثق بالولايات المتحدة ، أو بالتزاماتها ، وايران لن تقبل أن تجتمع الا بعد رفع العقوبات ، وكما أعلنت ” لم يعد الاتفاق مهما لايران ، ولذلك سينتهي ان لم ترفع العقوبات ” ، ولايران علاقات استراتيجية مع سوريا ، وفصائل المقاومة لذلك لانتوقع أن ينجح بايدن ( وان تنازلت موسكو ) ، في التقدم في الشرق الأوسط ، طبعا قد يؤدي هذا الوضع الى التركيز على مفاوضات السلطة مع اسرائيل لاجهاض ” فلسطين ” ، كقوة دافعة لمحور المقاومة اذ أن العودة للمفاوضات سوف تحدث شرخا جديدا في الساحة الفلسطينية ، وهذه المرة ستحدث شرخا داخل صفوف حركة فتح التي تهيمن على السلطة.
مرة اخرى نقول ان بايدن يعلن عن دبلوماسية التحرك ، لكنه يخضع لما يرافقها من مؤامرات وعمليات عسكرية سرية ، واغتيالات وهذا ما سنشاهده ، وال ستريت جورنال كشفت النقاب عن موافقة البيت الأبيض على ضرب اسرائيل لناقلات نفط ايرانية متوجهة الى سوريا ، فهل هذه تشكل خطوة دبلوماسية ؟؟ اسرائيل قصفت حدود العراق سوريا بموافقة اميركية ، فهل هذه هي الدبلوماسية ؟
مالم يتحرك بايدن لرفع العقوبات عن سوريا ، وايران ، واليمن ، ولبنان ، فانه سيخسر .
* المصدر : رأي اليوم
* المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع