السياسية:

كشفت صحيفة The Washington Post الأمريكية عن خطة إدارة الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن، لإنهاء الحرب في أفغانستان، وتسوية الصراع السياسي بالبلاد، وهي الخطة التي تحيطها واشنطن بكثير من السرية، وذلك بعد أن أعلنت عن حصولها على وثيقة مسربة من وزارة الخارجية، تمهد الطريق للمضي قدماً في الانسحاب الكامل للقوات الأمريكية من البلاد.

حسب تقرير للصحيفة الأمريكية، الخميس 11 مارس/آذار 2021، فإنه جاء في الوثيقة المسربة، أن واشنطن تدعو إلى الاستعانة بقادة مؤقتين بدلاً من الحكومة الأفغانية الحالية، وصياغة دستور جديد، ووقف لإطلاق النار يجري التوسط خلاله، كما تضمنت هذه المقترحات نقاطاً وصفها كلا الجانبين بأنها غير قابلة للتفاوض، لذلك من غير المرجح أن يتم تنفيذ الخطة في  وضعها الحالي.

تسريبٌ كشف عن سياسة أمريكية سرية 

إذ سلَّمت الولايات المتحدة الوثيقةَ إلى كل من طالبان والحكومة الأفغانية، الأسبوع الماضي، بالتزامن مع تزايد الإحباط في واشنطن، بسبب توقف المحادثات منذ فترة طويلة، بين الطرفين الأفغانيين، وأيضاً تصاعد العنف في جميع أنحاء البلاد.

يأتي ذلك في وقت تجري فيه إدارة بايدن مراجعة لسياسات الولايات المتحدة بشأن أفغانستان والاتفاق بين الولايات المتحدة وطالبان، والذي ينص على الانسحاب الكامل للقوات الأمريكية بحلول الأول من مايو/أيار، إذا استوفت الحركة شروطاً محددة.

صحيفة The Washington Post حصلت على الوثيقة المقترحة المكونة من ثماني صفحات، وتوثَّقت منها بعد عرضها على اثنين من كبار المسؤولين الأفغان، تحدثا بشرط عدم الكشف عن هويتهما.

من جانبها، لم ترد وزارة الخارجية الأمريكية، على الفور، للتعليق على الوثيقة.

وكانت الاستراتيجية الدبلوماسية التي عمدت إليها الولايات المتحدة لإنهاء الصراع في أفغانستان طيلة سنوات، محاطةً بالسرية إلى حد كبير، وفي عهد إدارة ترامب، صدر ملخص من 4 صفحات فقط، بعد أن توصلت الولايات وطالبان إلى اتفاق سلام في فبراير/شباط 2020.

في المقابل، تطرقت أجزاء من مسودة اتفاقية السلام المقترحة إلى تفاصيل أخرى، خاصةً الهيكلية المقترحة لإدارة أفغانستان المستقبلية. وفي بعض المواضع، تحدد الوثيقة عدد الأشخاص المقترح في المجالس واللجان القوية. ونشرت قناة “طلوع” الأفغانية الوثيقة لأول مرة يوم الأحد 7 فبراير/شباط.

وفيما يلي، بعض أهم القضايا التي أثار الاقتراح التساؤل بشأنها:

من سيحكم أفغانستان؟

تتمثل إحدى العقبات الرئيسة في المحادثات بين الحكومة الأفغانية وطالبان في ادعاء الجماعة المسلحة أن حكومة أشرف غني غير شرعية، وهي إحدى القضايا التي يجري التعامل معها في المقترح الأمريكي الأخير بالدعوة إلى تشكيل حكومة مؤقتة.

وكان أشرف غني قد رفض مراراً التنحي عن منصبه، على الرغم من عدم رغبة طالبان في التفاوض معه أو مع إدارته، وذلك بعد تحقيقه انتصاراً بفارض ضئيل في الانتخابات لولاية ثانية.

بينما أعربت حكومة “غني” عن انفتاحها على تعديل الدستور الأفغاني، عارضت إعادة كتابته، وتُعيّن مسودة الخطة الأمريكية معايير لكيفية إعادة كتابة الدستور، مشيرة إلى أن “دستور أفغانستان لعام 2004 سيكون النموذجَ الأوَّلي”.

ويخشى مسؤولو الحكومة الأفغانية ومؤيدو الهياكل الديمقراطية أن يمهد الدستور الجديد الطريق أمام طالبان لتأمين سلطة كبيرة لها في أي حكومة مستقبلية.

دور الإسلام ومسألة الانتخابات

يبدو أن مسودة الاتفاقية المقترحة تحاول إيجاد نقطة توازن بين مطالبة طالبان بأن تُحكم أفغانستان بالشريعة الإسلامية، ومطالبة الحكومة الأفغانية بأن تُحكم البلاد ديمقراطياً.

من جهته، يدعو الاقتراح الأمريكي إلى إجراء الانتخابات بعد تشكيل حكومة مؤقتة، وفي حين أن المسودة لا تحدد موعداً على وجه التحديد، فإن هذا المقترح يمكن اعتباره حلاً وسطاً للقادة في كابول، لأن طالبان وصفت الانتخابات بأنها خط أحمر في الماضي، وتنظر إليها على أنها ترتيب يفرضه الغرب.

كما يحظى الإسلام بدور بارز في مسودة خطة السلام، بحسب الصحيفة الأمريكية. ووفقاً للوثيقة، فإن مؤسسة تحمل اسم “المجلس الأعلى للفقه الإسلامي” سيكون منوطاً بها توفير التوجيه والمشورة الدينية لجميع الهياكل الحكومية الوطنية والمحلية. “ولكن في الحالات التي يختلف فيها القضاء في البلاد، يكون الاحتكام إلى موقف المحكمة العليا التي يصبح موقفها نهائياً وملزماً”.

خطوات العمل على إنهاء القتال

الاقتراح الأمريكي يدعو إلى وقف لإطلاق النار، يبدأ خلال ساعات من توقيع الصفقة. ومن المفترض أن تتحول هذه الخطوة بمرور الوقت واطمئنان الطرفين، إلى واقع “دائم وشامل”.

كما تحث مسودة الخطة الأمريكية أيضاً طالبان على “إزالة هياكلها العسكرية وإغلاق مكاتبها بالدول المجاورة”، في إشارة إلى باكستان.

من جانبها، تنكر طالبان وجود ملاذات من هذا النوع لها خارج أفغانستان، وربما ترفض الموافقة على وثيقة تدعو إلى القضاء على تلك المكاتب. لكن تقارير مختلفة، ومنها تقارير لوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، تزعم أن باكستان تستضيف منذ زمن طويل، قادة طالبان وعائلاتهم، وقدمت العلاج الطبي لمقاتلي الحركة. ومن ثم، سيكون تفكيك تلك العلاقة طويلة الأمد أمراً معقداً، خاصةً أن باكستان أيضاً تنفي دعمها طالبان على هذا النحو.

عربي بوست