ماذا يحدث في أرمينيا؟ تعرف على تطورات “محاولة الانقلاب العسكري” التي يقودها الجيش
السياسية:
على وقع تجاذبات سياسية واتهامات من المعارضة للحكومة بالفشل، طالبت القوات المسلحة بأرمينيا، في بيان لها، باستقالة رئيس الوزراء نيكول باشينيان وحكومته، فيما ردَّ باشينيان على طلب القوات المسلحة، بالقول إنه يصل إلى حد “محاولة انقلاب عسكري”، معلناً إقالة رئيس أركان الجيش الجنرال أونيك غاسباريان، وداعياً أنصاره إلى التجمع في وسط العاصمة يريفان؛ لمنع ذلك. فماذا يحدث في أرمينيا؟
ماذا يحدث في الشارع الأرميني الآن؟
بعد إعلان الجيش المفاجئ وتحميله رئيس الوزراء المسؤولية عن “الإدارة غير الفعالة والأخطاء الجسيمة في مجال السياسة الخارجية والتي أودت بالبلاد إلى حافة الهاوية”، ظهر رئيس الوزراء الأرميني، باشينيان، في شوارع العاصمة يريفان، حاملاً مكبر صوت، يتحدث عبره إلى أنصاره، ويطالبهم بمواجهة محاولة الانقلاب العسكري. والتقى باشينيان أنصاره المحتشدين أمام مقر الحكومة، بعدما أصدر رئيس هيئة الأركان الأرميني أونيك غاسباريان، وقادة كبار في الجيش، بياناً يطالبونه فيه بالاستقالة.
وانتقد باشينيان قادة الجيش، في كلمة أمام أنصاره، قائلاً إن “الجيش تابع للشعب ورئاسة الحكومة، الوضع صعب في أرمينيا، لكن علينا أن نتفق حول عدم نشوب مواجهات”.
في الوقت ذاته، أعرب رئيس الوزراء عن استعداده للحوار مع الأطراف كافة، واصفاً قادة الجيش الذين عزلهم في وقت سابق من اليوم، بأنهم “إخوة”، مضيفاً أنه لا يخطط لمغادرة البلاد. كما عبَّر عن بالغ شكره لأنصاره المحتشدين، مطالباً إياهم بمواصلة الدعم في مواجهة ما وصفه بـ”محاولة انقلاب عسكري”.
ما التطورات التي أدت إلى هذا الحدث وما علاقة أذربيجان به؟
تشهد أرمينيا توترات منذ عدة أشهر، حيث تنظم المعارضة مظاهرات شعبية مطالِبة برحيل باشينيان، محمّلةً إياه المسؤولية عن فقدان أرمينيا السيطرة على أجزاء واسعة من إقليم “قره باغ” خلال الجولة الأخيرة من الحرب مع أذربيجان.
وواجه باشينيان، في الأشهر الماضية، دعوات متكررة إلى التنحي، من بينها دعوات من رئيس البلاد، منذ التوقيع في العاشر من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، على اتفاق لوقف إطلاق النار تم التوصل إليه بوساطة روسية، ليُنهي حرباً استمرت 44 يوماً مع أذربيجان، خسرت فيها بلاده آلافاُ من الأرواح، فضلاً عن خسارة الأراضي.
وفي 27 سبتمبر/أيلول 2020، أطلق الجيش الأذربيجاني عملية لتحرير أراضيه بإقليم “قره باغ” والتي تسيطر عليها أرمينيا منذ عام 1992. وبعد معارك استمرت 44 يوماً، أعلنت روسيا وتركيا، في 10 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، توصل أذربيجان وأرمينيا إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، ينص على استعادة باكو السيطرة على محافظات محتلة.
وفي السياق ذاته، وصف الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، إعلان الجيش، اليوم، في أرمينيا بأنه “أزمة”. ونقلت الخدمة الصحفية للرئاسة الأذرية عن علييف، قوله: “فيما يتعلق بفترة ما بعد الحرب، بإمكان الجميع الآن أن يروا أن أذربيجان تتطور، وأن أعمال إعادة الإعمار قد بدأت في قره باغ، وهناك أزمة بأرمينيا، فهم يلومون بعضهم البعض، ويهاجمون بعضهم البعض. الممثلون الأجانب لطالما أخبرونا بأن المجتمع الأرميني يُظهر الوحدة وأن هناك وحدة وطنية في المجتمع الأرميني. والآن نرى أين توجد هذه الوحدة الوطنية”، على حد تعبيره.
تعرضت أرمينيا لخسارة فادحة خلال المواجهة الأخيرة مع أذربيجان في إقليم قره باغ/ الأناضولكيف علقت روسيا على بيان الجيش الأرميني و”محاولة الانقلاب”؟
في أول تعليق على التطورات الحاصلة بأرمينيا، قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، إنهم يتابعون بقلق كبيرٍ الأحداث الأخيرة بأرمينيا، وأفاد بيسكوف في تصريحات أدلى بها للصحفيين، بأن ما تشهده أرمينيا “شأن داخلي”.
ودعا المسؤول الروسي الأطراف كافة إلى ضبط النفس، مؤكداً ثقته بأن “الوضع سيبقى ضمن الإطار الدستوري”، على حد تعبيره.
وفي وقت لاحق، أعرب وزير خارجية روسيا، سيرغي لافروف، لنظيره الأرمني آرا أيفازيان، عن “أمل موسكو في حل الأزمة السياسية المتصاعدة ببلده”.
وأكدت وزارة الخارجية الروسية في بيان مقتضب، أن أيفازيان أطلع لافروف، خلال مكالمة هاتفية جرت بينهما الخميس، على آخر تطورات الأحداث في بلده، مشيراً إلى أن الجانب الروسي بدوره “شدد على أنه يعتبر هذا الوضع شأناً داخلياً لأرمينيا، ويأمل تسويته بطرق سلمية”.
ماذا بعد؟
يقف رئيس الوزراء الأرميني، الآن، شبه وحيد في مواجهة “محاولة الانقلاب” عليه، بعد تأكيد موسكو عدم تدخُّلها في الشأن الداخلي الأرميني، فيما دعا الرئيس الأرميني الأسبق، روبرت كوتشاريان، المواطنين في بلاده إلى دعم مطالب الجيش والمعارضة باستقالة رئيس الوزراء نيكول باشينيان.
ونقلت وكالة “سبوتنيك أرمينيا” عن كوتشاريان، قوله إن “السلطة، التي خسرت الحرب وسلمت الأرض، يجب أن ترحل”، مشيراً إلى أن “هذا هو الثمن الضروري لنهضتنا الوطنية في المقام الأول”.
من جانبه، تحدث زعيم المعارضة في أرمينيا، فاغين مانوكيان، الخميس، شارحاً ما يحدث بالبلاد، قائلاً: “هذا ليس انقلاباً، للجيش حق دستوري في الإشارة إلى العدو الرئيسي الذي يهدد أمن أرمينيا، وقد أشار إلى أنه نيكول باشينيان”.
وحتى وقت كتابة هذا التقرير، لم تعلق واشنطن أو الحكومات الأوروبية المطلعة على الأزمة الأرمينية، على بيان الجيش الأخير، فيما أفادت تقارير بتحليق مكثف مقاتلات في سماء العاصمة الأرمينية، ووقوع احتكاكات بين أنصار رئيس الوزراء ومعارضيه المؤيدين لبيان الجيش.
أخيراً، وعد الرئيس الأرميني، ساركيسيان، باتخاذ إجراءات عاجلة لتهدئة الوضع، داعياً إلى عدم الانصياع للاستفزازات وتجنُّب دعوات التعصب. وقال: “شعبنا لا يمكنه السماح بالانقسام، يجب علينا رفض أي محاولة لزعزعة استقرار الدولة”.
عربي بوست