السياسية:

تتصاعد نبرة الخلافات داخل حركة فتح في ضوء حالة التباين والانقسام التي تشهدها الحركة، على خلفية التوافق على مرشحيها لخوض الانتخابات التشريعية القادمة.

آخر الخلافات تركزت فيما إن كانت قائمة فتح ستشمل رموزاً وقيادات محسوبة على تيارات رافضة لسياسات الرئيس محمود عباس وهي تيارات الحرس القديم الذي يقوده ناصر القدوة.

أيضاً بات ناصر القدوة يقود تياراً موازياً لحركة فتح، ويجد قبولاً وتأييداً من قواعد الحركة التنظيمية، بما فيها قيادات كبيرة تعرضت للتهميش والإقصاء في ولاية الرئيس محمود عباس.

وتحدث ناصر القدوة، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، في أول ظهور إعلامي بعد أشهر طويلة من الغياب عن أنه “يجب تغيير النظام السياسي الفلسطيني لأنه لم يعد هنالك مجال لإصلاحه، وأنه من الصعب إصلاح جزء بمعزل عن الأجزاء الأخرى، بل يجب أن تكون ضمن رؤية متكاملة لهذه العملية”.

القدوة تحدث في ندوة سياسية نظمها معهد إبراهيم أبولغد للدراسات الدولية بجامعة بيرزيت تحت عنوان “السياسات الفلسطينية وتغيير الإدارة الأمريكية”، بكلمات تشير إلى اتساع فجوة الخلافات بينه وبين الرئيس أبومازن وقيادات اللجنة المركزية في الحركة.

ترتيب البيت الفتحاوي

أشار ناصر القدوة، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، بوضوح إلى أن “مسألة ضرورة إحداث تغييرات جذرية في النظام السياسي الحالي، وحركة فتح بإمكانها إحداث هذا التغيير لتحقيق هدفين: الأول إعادة الاعتبار للنظام السياسي الحالي ليتلاءم مع الظرف السياسي الراهن، والثاني يتعلق بإعادة حركة فتح لمسارها الطبيعي من خلال إطلاق برنامج سياسي محترم ومفهوم ومقبول من الشارع، والانفتاح على القوى السياسية الحية من مستقلين ويسار سابق ورجال أعمال وطنيين ومنظمات المجتمع المدني، فضلاً عن ترميم البيت الفتحاوي”.

وأوضح القدوة في حديثه أن “لديه تحفظات على مسار المصالحة الحالي بين حماس وفتح، القائم على مبدأ الدعوة لانتخابات شاملة، ثم البحث لاحقاً في مسألة القضايا العالقة، ومحاولة الاتفاق فيما بعد على برنامج سياسي سواء للحكومة التي ستتشكل بعد الانتخابات التشريعية، ومسألة إعادة بناء منظمة التحرير”.

سيناريو خسارة الانتخابات

نبيل عمرو، وزير الإعلام الفلسطيني السابق وأحد القيادات الفتحاوية المحسوبة على تيار القدوة، قال لـ”عربي بوست” إن “مشهد التفكك داخل حركة فتح، ليس بالجديد بل هو سمة الحركة في كل المواسم الانتخابية البرلمانية أو المحلية، إذ تظهر اجتهادات عديدة، ما يتسبب في حيرة لدى القيادة الرسمية التي تجد صعوبة في التعامل مع هذا الكم الهائل من الخلافات الداخلية”.

وأضاف المتحدث أنه “رغم هذه الخلافات الكبيرة، أرى أن هنالك أملاً بتدارك قيادة الحركة لهذه الخلافات، لأنها تُدرك أن أي خسارة في الانتخابات تتوقف على وضعها الداخلي، فإذا لم تحسن إدارة هذا الوضع، واختيار أسماء جيدة لاستقطاب الجمهور، فقد يتكرر سيناريو 2006 حينما منيت بخسارة كبيرة أمام حماس، وباعتقادي حديث القدوة مرتبط بشعوره باحتمالية تعرض الحركة لهذه الانتكاسة من جديد”.

وتابع المتحدث أن “الخلافات الفتحاوية في هذا التوقيت تشير إلى أن المغردين خارج السرب يشكلون الأغلبية، وهذا لم يكن بحسبان الرئيس عباس، الذي لا يزال في حيرة في كيفية التعامل مع حالة الانقسام هذه، خصوصاً في ظل ضيق الوقت المتبقي لحسم مسألة المرشحين النهائيين الذين سيخوضون الانتخابات باسم الحركة”.

وأكد المتحدث أنه “تجري الآن محاولات خلف الكواليس تقودها قيادات الحركة لتوحيد مروان البرغوثي ضمن القائمة الرسمية للحركة، ومن ضمن الخيارات المناسبة ترؤس البرغوثي قائمة الحركة”.

من جهته أشار ناصر القدوة إلى “ضرورة مشاركة البرغوثي في عملية الإصلاح الداخلية لحركة فتح، ويجب أن يتخذ موقفاً حاسماً في المشاركة بمسار الإصلاح الداخلي، وألا يبقى على موقفه المعلن بالترشح للرئاسة، ففي كلتا الحالتين سيجد دعمنا في سباق الانتخابات الرئاسية، ولكن مطلوب منه إظهار موقف واضح وصريح من مسألة الإصلاح الداخلي كي نستطيع العمل معاً”.

وبالتزامن مع حديث القدوة، خرجت تسريبات جديدة تحدثت عن فشل مفاوضات البرغوثي وحسين الشيخ القيادي الفتحاوي الذي زاره في سجنه الإسرائيلي مبعوثاً عن عباس، بشأن عدوله عن منافسة الحركة الأم في الانتخابات التشريعية والرئاسية، وأن الشروط التي كشفت عنها “عربي بوست” في تقرير سابق بأن البرغوثي حدد بعض الشروط المتمثلة بمنحه صلاحيات حق النقض (الفيتو) على الأسماء التي ستختارها اللجنة المركزية لاختيار المرشحين، واختيار كوتا من 20 مرشحاً يختارها لتكون ضمن قائمة الحركة النهائية، تضم أسماء مقربة منه.

مسألة فتحاوية داخلية

عبدالله عبدالله، نائب مفوض العلاقات الدولية في حركة فتح، وعضو مجلسها الثوري، قال لـ”عربي بوست” إن ما “أشار إليه ناصر القدوة، مسألة يتم معالجتها في قواعد ومؤسسات فتح الرسمية، وهي منفتحة على كافة وجهات النظر من قواعدها التنظيمية، لذلك فإن حديث القدوة لا يعبر بالضرورة عن انشقاق وتفكك الحركة، بقدر ما يعكس مسألة وزنها وتمثيلها في النظام السياسي الفلسطيني”.

وأضاف المتحدث أن “التحفظات التي أبداها القدوة لا تتعلق بموقف الحركة من الانتخابات التي باتت أولوية قصوى في هذه الفترة، ولا يمكن التراجع عنها، لكنها متعلقة بأن القدوة لديه تحفظات وعتاب على النهج الذي قادته الحركة من مسار المصالحة بإعطاء الأولوية للانتخابات ثم إنهاء ملفات الانقسام، لكن هذه المسألة تم حسمها بالتوافق مع الفصائل”.

أما بشأن الأسماء المرشحة لخوض الانتخابات فأشار المتحدث إلى أن “فتح حددت بعض المعايير التي سيتم من خلالها تحديد مرشحيها، وهم من الشخصيات الأكاديمية والاعتبارية التي لها حضور وطني، ومنح الشباب والنساء أولوية فيها، كما أن القواعد التنظيمية للحركة بدأت بمشاوراتها الداخلية لرفع الأسماء من كل الأقاليم لتقديمها أمام اللجنة المركزية التي ستكون لها الكلمة النهائية في اختيار المرشحين”.

وتطرق القدوة إلى مسألة التحالف مع دحلان التي يروج لها التيار الإصلاحي، حيث شن هجوماً على دحلان، قاطعاً بذلك أي محاولات للتحالف معه في الانتخابات التشريعية القادمة، متهماً دحلان وتياره بأنهم “لا يستطيعون تشكيل حالة مقبولة ومحترمة لدى الشعب الفلسطيني، رغم المساعدات التي يقدمونها لغزة، ويرفض بشكل قاطع وجود أسماء في قائمته تضم رموزاً تابعين لدحلان”.

نواف العامر الكاتب الصحفي الفلسطيني من الضفة الغربية قال لـ”عربي بوست” إن “هنالك حالة عدم الرضا الداخلي بين قيادات الصف الأول لحركة فتح وقواعدها على أداء قيادتها، لذلك باتت مشاكلها تطفو على السطح وبقوة مع اقتراب الانتخابات التشريعية”.

وتابع المتحدث أن “الخلافات مرتبطة بشكل أو بآخر بنوايا بعض القيادات أن تصل لمقاعد المجلسين التشريعي والوطني، لذلك يحاولون الضغط على الرئيس لإظهار هذه الخلافات لمنحهم مواقع متقدمة في صفوفها”.

وعن خيارات الرئيس لحسم هذه المسألة أشار العامر إلى أن “الخيارات باتت ضيقة في وجه الرئيس، فإما أن يستجيب للضغوط التي يتعرض لها من تيار القدوة – البرغوثي، أو يعمل على تأجيل الانتخابات إلى حين ترتيب البيت الفتحاوي، منعاً لأي مفاجآت في المستقبل، ومن بينها خسارة فتح لهذا السباق من الانتخابات”.

عربي بوست