السياسية:

نفت مصر وجود أية تأثيرات سلبية كبيرة قد تواجهها قناة السويس، بسبب خطوط ملاحة إسرائيلية تمتد بين البحر الأحمر والبحر المتوسط الواقعين جنوب إسرائيل وغربها، فيما بات يعرف بخط إيلات-عسقلان.

إذ ذكرت “هيئة قناة السويس” في بيان، الثلاثاء 2 فبراير/شباط 2021، أن مسار القناة سيظل الأقصر والأكثر أمناً للربط بين الشرق والغرب، حيث تتمكن حاويات النقل البحري عبر القناة من نقل كميات أكبر من البضائع، وبتكلفة أقل من أية مسارات برية.

يأتي النفي بعد أن أوردت وسائل إعلام عربية، ووكالات أنباء، تقارير عن تأثيرات سلبية ستتعرض لها القناة بسبب خطوط برية تتجهز إسرائيل لاستئناف تشغيلها، خاصة في نقل النفط ومشتقاته من ميناء إيلات على البحر الأحمر، وصولاً إلى ميناء عسقلان على البحر المتوسط.

الخط الإسرائيلي لن يؤثر على قناة السويس

قالت الهيئة المصرية، إن حركة الملاحة بالقناة تسير وفق المعدلات الطبيعية، مشيرةً أنه “بلغت الإيرادات خلال 2020 نحو 5.61 مليار دولار، وسجلت القناة عبور 18829 سفينة بحمولات صافية 1.17 مليار طن، وهي ثاني أعلى حمولة سنوية صافية في تاريخ القناة”.

كما أوضحت أنه من المتوقع ألا تتعدى نسبة تأثير الخط عند تشغيله 12-16%، من حجم تجارة البترول الخام المتجهة شمالاً، وليس من إجمالي حركة التجارة العابرة للقناة.

فيما أوردت أن دول الخليج تُصدر البترول الخام بشكل كبير إلى السوق الآسيوي، خاصة (الصين والهند وكوريا الجنوبية واليابان)، بنسبة تزيد عن 85% من الصادرات البترولية لمنطقة الخليج.

مع العلم أن إسرائيل تملك خط أنابيب يربط بين إيلات وعسقلان، وتوقف نشاطه منذ أكثر من 20 عاماً، مع تغير خارطة تزود تل أبيب بالنفط، ليكون ميناء حيفا على البحر المتوسط هو الأبرز لتسلّم الخام.

مشروع للربط بين إسرائيل والإمارات

في الربع الأخير من العام الماضي، وقعت شركة “خطوط أوروبا- آسيا” الإسرائيلية، وشركة “أم إي دي- ريد لاند بريدج ليمتد” الإماراتية، مذكرة تفاهم للتعاون في مجال نقل النفط الخام بين دول الخليج.

يهدف الاتفاق إلى تطوير بنية تحتية قائمة وجديدة، لنقل النفط من دول الخليج إلى أسواق الاستهلاك في أوروبا، والذي يمر معظمه حالياً عبر قناة السويس.

كما أن أنبوب “إيلات- عسقلان” طوله 254 كيلومتراً، ويشمل خطين أحدهما للنفط وآخر للغاز؛ إذ يصل طول الأنبوب إلى 254 كيلومتراً، وقطره 42 إنشاً لنقل الغاز.

بينما يوازي خط النفط آخر بقطر 16 بوصة لنقل المنتجات البترولية مثل البنزين والديزل، وتصل طاقته التصديرية إلى 1.2 مليون برميل يومياً، وتم تجهيزه بمضخات عكسية، تسمح بنقل النفط بين ميناءي إيلات وعسقلان في الاتجاهين.

يضم ميناء عسقلان خزانات للنفط بسعة 2.3 مليون برميل، ويستقبل ناقلات للخام بحجم 300 ألف طن، بما يفوق قدرة قناة السويس على استيعاب هذا النوع من الناقلات.

حلم إسرائيل للسيطرة على المتوسط

منذ قيام إسرائيل في 1948، لم تنقطع عن التفكير في بدائل لقناة السويس، التي تشكل إحدى أهم الممرات في العالم لنقل النفط إلى أوروبا، بدلاً من دوران السفن حول إفريقيا، وهي ثاني أكبر مصدر للعملة الأجنبية لمصر بعد السياحة.

وفقاً لمجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، فإن حركة التجارة في قناة السويس مرشحة للتناقص بأكثر من 17%، مع تشغيل أنبوب “إيلات-عسقلان” بموجب الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي.

تعوِّل إسرائيل كثيراً على هذا الخط الناقل الجديد للنفط إيلات-عسقلان، لأنه قد يغير قواعد اللعبة في الشرق الأوسط، ويعيد للأذهان العلاقات النفطية الإيرانية الإسرائيلية بين منتصف الخمسينيات والسبعينيات، حين شكلت إيران الشاه بئر النفط الذي لا ينضب لإسرائيل.

تم افتتاح هذا الخط عملياً عقب أزمة الطاقة عام 1956 بعد العدوان الثلاثي على مصر، وقرار الاتحاد السوفييتي وقف تزويد إسرائيل بالنفط، ما دفعها للبحث العاجل عن مصادر نفطية جديدة، حينها تم مد أنبوب بطول 254 كم بين ميناءي إيلات وعسقلان.

السيطرة على طرق التجارة الدولية

نشأ اتصال بري بين البحرين الأحمر والمتوسط، يستفيد من الموقع الاستراتيجي لإسرائيل عند تقاطع ثلاث قارات، الواصلة بين طرق التجارة البحرية الدولية لإفريقيا والشرق الأقصى وأوروبا.

يحمل مشروع خط النقل النفطي الجديد العديد من المؤشرات اللافتة للتطبيع الخليجي الإسرائيلي، ويفتح أمام إسرائيل شراكة استراتيجية، وفرصاً غير مسبوقة، ومنها تقصير مدة نقل النفط من السعودية ودول الخليج في طريقه لأوروبا والغرب، والانفتاح على إسرائيل ودول الخليج كمصدر لاستيراد النفط وتخزينه.

كما سيجعل إسرائيل ملجأً آمناً للدول المطبعة معها، لأنها ستكون أقل ضعفاً أمام إيران لتراجع اعتمادها الكبير على مضيق هرمز، المتأثر بالتوتر الخليجي الإيراني، واستمرار حرب اليمن، والصراع الأمريكي الإيراني في الخليج.

*موقع “عربي بوست”